تتنوّع العلوم والمعارف الشرعية وتتّسع، وهذا يدلُّ على شموليّة الإسلام، ومن هذه العلوم علم الفقه، وعلم التفسير، وعلم الحديث، ويُعدّ علمُ الحديثِ أحدَ أبرزِ العلومِ الشرعيّةِ التي أسّسَ لها العلماءُ قديماً وحديثاً؛ فهو من العلومِ ذاتِ الأهميةِ البالغةِ في معرفةِ بعضِ تفاصيلِ الشريعةِ الإسلاميةِ؛ كتفاصيلِ بعض مسائلِ العقيدةِ الإسلاميةِ، وتفاصيل بعضِ العباداتِ، وهو أيضاً طريقٌ للوصولِ إلى بعضِ الأحكامِ الشرعيّةِ، وفي هذه المقالة سيكون بيانُ أهميّة هذا العلم.
قال العلّامة ابنُ الصّلاح: (وَإِنَّ عِلمَ الحَدِيثِ مِن أَفضَلِ العُلُومِ الفَاضِلَةِ، وَأَنفَعِ الفُنُونِ النَّافِعَةِ، يُحِبُّهُ ذُكُورُ الرِّجَالِ وَفُحُولَتُهُم، وَيُعنَى بِهِ مُحَقِّقُو العُلَمَاءِ وَكَمَلَتُهُم، وَلَا يَكرَهُهُ مِنَ النَّاسِ إِلَّا رُذَالَتُهُمْ وَسَفَلَتُهُم؛ وَهُوَ مِنْ أَكْثَرِ الْعُلُومِ تَوَلُّجاً فِي فُنُونِهَا، لَا سِيَّمَا الفِقهُ الَّذِي هُوَ إِنسَانُ عُيُونِهَا)، ويقول الإمام الحافظ بنُ حجر العسقلاني: (وَإِنَّمَا صَارَ أَكثَرَ، لِاحتِيَاجِ كُلٍّ مِنَ العُلُومِ الثَّلَاثَةِ إِلَيهِ، أَمَّا الحَدِيثُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا التَّفسِيرُ، فَإِنَّ أَولَى مَا فُسِّرَ بِهِ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى مَا ثَبَتَ عَن نَبِيِّهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَيَحتَاجُ النَّاظِرُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَعرِفَةِ مَا ثَبَتَ مِمَّا لَم يَثبُت)، كما نُقِل عن الإمام الحافظ العراقيّ رحمه الله، أنّه قال: (فَعِلمُ الحَدِيثِ خَطِيرٌ وَقعُهُ، كَثِيرٌ نَفعُهُ، عَلَيهِ مَدَارُ أَكثَرِ الأحكَامِ، وَبِهِ يُعرَفُ الحَلَالُ وَالحَرَامُ، وَلِأَهلِهِ اصطِلَاحٌ لَا بُدَّ لِلطَّالِبِ مِن فَهمِهِ، فَلِهَذَا نُدِبَ إِلَى تَقدِيمِ العِنَايَةِ بِكِتَابٍ فِي عِلمِهِ).
وبهذا فإنّ أهمية دراسة الحديث كأحد العلوم الشرعيّة تظهر من خلال ما يأتي:
قسَّم علماء الحديث علم الحديث إلى قسمين رئيسين، هما: علم الحديث من حيث الرّواية، وعلم الحديث من حيث الدّراية، وفيما يأتي بيان المقصود بهما:
يظهر من التعريفاتِ السابقةِ أنَّ علمَ الحديثِ دِراية يوصِل الباحث في العلمِ الشرعيِّ إلى معرفةِ الأحاديثِ المقبولةِ من الأحاديثِ المردودةِ بشكلٍ عامٍ، ويكون ذلك عن طريق وضعِ قواعد عامّةٍ؛ لمعرفةِ الحديثِ المقبولِ من الحديثِ المردودِ، أمّا علمُ الروايةِ فيَبحث في حديثٍ معيّنٍ؛ بتطبيقِ قواعدِ علم الدِّرايةِ عليه.
موسوعة موضوع