اختلف في تقدير عدد جيش المسلمين في غزوة الخندق؛ فقال ابن اسحق إنّ النبي عليه الصلاة والسلام خرج مع ثلاثة آلاف من المسلمين حينما جعلوا ظهورهم إلى سلع، وتابعه في ذلك الرأي الطبري، وابن سعد، وابن الأثير، وابن عبد البر، والبيهقي وابن سيد الناس، وابن كثير، والديار بكري، وصاحب المواهب اللدنية، وعند ابن حزم أنّ عددهم كان تسعمئة قائلاً إنّ هذا هو الصحيح، وذكر الديار بكري قولاً بإنّهم كانوا ألف مقاتل، ولعلّ من تبنى هذا الرأي استند إلى حديث جابر رضي الله عنه وفيه: (وجاء رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقدم الناس... إلى أن قال وهم ألف)، ولعل المقصود من هذا العدد من حضر مأدبة جابر مع النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنّه كان هناك مسلمون آخرون يستأذنون الرسول ليتناوبوا في حفر الخندق، وذكر ابن القيم أنّ العدد هو ثلاثة آلاف ثمّ ذكر قول ابن اسحق إنّ النبي عليه الصلاة والسلام خرج مع سبعمئة، وهذا الرأي غلط؛ لأنّ ذلك العدد كان يوم أحد، وذكر القسطلاني كذلك أنّهم كانوا ثلاثة آلاف، وعلى هذا يكون الرأي القائل إنّهم ثلاثة آلاف هو الأولى لكثرة من يقول به، أما عدد جيش الكفار فيذكر الإمام ابن القيم أنّ قريشاً خرجت في أربعة آلاف مقاتل يقودهم أبو سفيان، ووافاتهم بنو سليم بمر الظهران، ثمّ خرجت بنو أسد وفزارة وبنو مرة وأشجع، وجاءت غطفان بقيادة عيينة بن الحصن فكان من وافي الخندق عشرة آلاف من الكفار.
كان سبب معركة الخندق أنّ زعماء بني النضير حينما تم إجلاؤهم من المدينة وذهبوا إلى خيبر، جاؤوا إلى قريش ليدعوهم إلى حرب الرسول عليه الصلاة والسلام، وعرف من هؤلاء الزعماء كنانة بن الربيع، وحيي بن أخطب، وسلام والربيع ابنا أبي الحقيق، وقد تكلموا مع قريش وبينوا لهم أنّ دينهم خير من دين محمد حتى يألبوهم ويحزبوهم على المسلمين، ثمّ جاءوا إلى غطفان فأقنعوهم بحرب النبي والمسلمين فخرجت قريش بقيادة أبي سفيان، وخرجت بنو مرة وقائدها الحارث بن عوف، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن الحصن، حينما علم النبي بخروجهم أمر المسلمين بحفر خندق حول المدينة
نصر الله نبيه والمسلمون في هذه المعركة حينما عاد حذيفة بن اليمان بالخبر السعيد للمسلمين بما أحدثته الريح التي أرسلها الله على جيش المشركين في الأحزاب، وأثر الفرقة التي أحدثها نعيم بن مسعود، حيث رحل المشركون جميعاً وانتهت المعركة بدون قتال، قال تعالى: (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا)