تحمَل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم مع المسلمين أذى المشركين واستهزائهم، وذاقوا أصنافاً من العذاب، حتّى اضطرهم الأمر إلى الهجرة وترك بلادهم وديارهم، واستمر بهم الحال هذا ثلاث عشرة سنة من عمر الدّعوة أمضوها في صبرٍ وثبات، إلى أن جاء الأمر الإلهي وتنزّلت أولى آيات الجهاد قال تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)فتجهّز المسلمون للقتال وخاضوا معارك عديدة ضد المشركين قادهم فيها وتقدّمهم خير البشر وسيّد الأوّلين والآخرين، فكان عدد الغزوات التي خرج فيها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم سبعً وعشرين غزوة، شارك بنفسه صلّى الله عليه وسلّم في القتال في تسع منها: بدر، وَأحد، وَقُرَيْظَة، والمريسيع، وَالْخَنْدَق، وخيبر، وحنين، وَفتح مَكَّة، والطائف. كما ابْتَعَُ ما بين سبعٍ وأربعين إلى ستين بعثاً وسريّة. أبْلى الرّسول وصحابته بلاءً حسناً في تلك الغزوات حتّى دخل النّاس أفواجاً في دين الله.
استخدم الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في غزواته التي قادها شتّى أنواع الفنون القتاليّة والأساليب الحربيّة، فقد تنوّعت غزواته بين معارك غلب عليها طابع الدّفاع كغزوة بدر الكبرى والخندق وأُحد، ومعارك غلب عليها أسلوب المُطاردة والملاحقة لأعدائه كحمراء الأسد وذي قرد والسّويق، أمّا المعارك التي تميّزت بأسلوب الحصار فكانت بني قريظة وخيبر وبني قينقاع وبني النضير والطائف، واعتمد صلّى الله عليه وسلّم أسلوب الإغارة في غزوات ودان وبني سليم وذي أمر وبواط والعشيرة وبدر الأولى وبحران وبني المصطلق وبني لحيان والحديبية وذات الرقاع وبدر الآخرة ودومة الجندل، أمّا أسلوب الهجوم فقد اتّبعه في فتح مكة وغزوة حنين وتبوك.
سجّل القرآن الكريم أحداث وأسماء عدد من الغزوات السّبعة وعشرين التي قادها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فبعضها ذُكرت أسماؤها بشكل صريح ومنها: