صلاة الفجر

الكاتب: مروى قويدر -
صلاة الفجر

صلاة الفجر.

 

 

مكانة صلاة الفجر في الإسلام:

 

للصلاة في الإسلام منزلةٌ عظيمةٌ؛ فهي عمود الدين، والطريق المُوصل إلى الجنة، وأول عملٍ يُحاسَب عليه العبد يوم القيامة؛ فإن صَلُحت صلُح سائر عمله، وبالصّلاة يتميّز المُتّقون عن غيرهم، قال -تعالى-: (ۛهُدًى لِّلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ)، وهذه المكانة تتعلّق بالصلاة بشكلٍ عام، أمّا صلاة الفجر على وجه التّحديد، ولعِظم مكانتها، فقد وردت بخصوصها العديد من الفضائل التي تميّزها عن غيرها من الصلوات، وهذه المميزات الخاصّة بصلاة الفجر إنّما هي لميزة وقتها؛ إذ إنّ وقتها يأتي أثناء سكون النّاس ونومهم، وبالقيام لأدائها تظهر الهمّة والعزيمة، والمبادرة؛ ولذلك قِيل عن صلاة الفجر إنّها الفاضحة؛ لأنّها تميّز المؤمنين الحريصين الذين ينالون فضل المحافظة عليها، عن أولئك الذين يتثاقلون عن أدائها،وتسمّى صلاة الفجر بصلاة الصبح، فهُما فريضةٌ واحدةٌ.

 

كيفيّة أداء صلاة الفجر:

 

صفة فريضة الفجر

 

يُؤدّي المسلم صلاة الفجر في المسجد جماعةً، أو في البيت، ويجوز لمن يُؤدّيها في البيت أن يُؤدّيها بمُجرّد قول المُؤذّن: "الله أكبر"؛ فهي إعلامٌ بدخول الوقت، ولا يُشترط انتظار انتهاء المؤذّن، إلّا أنّ من السنّة أن يُردّد المسلم عقب المؤذّن، ويدعو بالدعاء المأثور: (اللَّهُمَّ رَبَّ هذِه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، والصَّلاةِ القائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ، وابْعَثْهُ مَقامًا مَحْمُودًا الذي وعَدْتَهُ)، وإن صلّاها في جماعةٍ وكانت الصلاة قائمةً، فلا يشتغل عنها بصلاة تحيّة المسجد، أو السنّة القبليّة لصلاة الفجر؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فلا صَلَاةَ إلَّا المَكْتُوبَةُ)، وإن شاء قضى السنّة بعد الفرض.


وصلاة الفجر المفروضة ركعتان؛ يبدأهما بتكبيرة الإحرام، وذلك بقول: "الله أكبر"، ثمّ يقرأ سورة الفاتحة، ويُسَنّ أن يقرأ بعدها بطِوال المُفصَّل من سور القرآن؛ من سورة الحُجرات إلى آخر سورة البروج، أو ما بين الستّين آيةً إلى المئة؛ لِما ثبت في صحيح البخاري عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ وأَحَدُنا يَعْرِفُ جَلِيسَهُ، ويَقْرَأُ فيها ما بيْنَ السِّتِّينَ إلى المِائَةِ)، وذلك في حال الحضر، أمّا في السفر، فيقرأ المُصلّي ما شاء من القرآن بعد الفاتحة؛ فقد ثبت أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- صلّى الصبح بالمُعوَّذتَين في سفره. ثمّ يُكبّر للركوع رافعاً يديه، ويُسبّح في ركوعه قائلاً: "سبحان ربّي العظيم" ثلاثاً على الأقلّ، ثمّ يُكبّر رافعاً يديه، مُعتدلاً من الركوع، قائلاً: "سمع الله لمن حَمِده، ربّنا لك الحمد"، ثمّ ينتقل إلى السجود، ويُسبّح قائلاً: "سبحان ربّي الأعلى" ثلاثاً، وهكذا في الركعة الثانية، ثمّ يجلس في نهايتها للتشهُّد، والصلاة الإبراهيميّة، ثمّ يُسلّم عن يمينه وشِماله.

 

صفة سنّة الفجر

 

سُنّة الفجر ركعتان يركعهما المسلم قبل الفريضة، وقد وردت عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عدّة أحاديث ترغّب فيهما، منها قول رسول الله: (رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا)، وهما سبب لدخول الجنة إن أدّاهما المسلم مع بقية النوافل، وذلك كما ورد في الحديث: (من ثابرَ على اثنتي عشرةَ رَكعةً في اليومِ واللَّيلةِ دخلَ الجنَّةَ أربعًا قبلَ الظُّهرِ، ورَكعتينِ بعدَها، ورَكعتينِ بعدَ المغربِ، ورَكعتينِ بعدَ العشاءِ، ورَكعتينِ قبلَ الفجرِ)، ويُسَنّ للمُصلّي أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة قوله -تعالى-: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) وفي الثانية قوله -تعالى-: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّـهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)، وله أن يقرأ في الأولى بسورة الشرح، وفي الثانية بسورة الفيل، أو بسورتَي الكافرون والإخلاص.

 

الجهر في صلاة الفجر

 

تُعَدّ صلاة الفجر من مواطن الجهر بالصلاة؛ فقد اتّفق الفقهاء على أنّه يُسَنّ الجهر بالقراءة في الفجر للإمام، أمّا المنفرد في صلاته فيُخيّر بين الجهر والإسرار في الصلاة الجهرّية، والجهر أفضل؛ سواءً كان يُصلّيها أداءً، أو قضاءً، في وقتها، أو في غيره، وللعلماء في ضبطِ حدّ الجهر والإسرار فيها أقوال عدّة، بيانها فيما يأتي:

  • القول الأول: قال الحنفيّة بأنّ أقل الجهر إسماعُ المصلّي غيره ممّن ليسوا بقُربه، كإسماع الصفّ الأول، وأقلّ الإسرار إسماع النفس، أو ممّن بالقرب، كرجلٍ، أو رجلين.
  • القول الثاني: قال المالكيّة بأنّ أقلّ الجهر بالنسبة للرجل إسماع مَن يليه، وأقلّ إسراره تحريك لسانه، أمّا المرأة فالجهر عندها يتمثّل بأن تُسمع نفسها.
  • القول الثالث: قال كلٌّ من الشافعيّة والحنابلة بأنّ أقلّ الجهر للمُصلّي إسماع من يليه، وأقلّ الإسرار إسماع النفس، ولا يجوز للمرأة أن تجهر بالصلاة بوجود أجنبيٍّ عنها.


أمّا بالنسبة للجهر والإسرار حال القضاء؛ فإن قُضِيت الفجر ليلاً فيُجهَر بها، واختلف العلماء في أقوالهم إن قُضِيت نهاراً؛ فقِيل إنّها تُقضى سرّاً؛ بالنظر إلى وقت القضاء، وقِيل تُقضى جهراً؛ بالنظر إلى الأصل فيها.

 

قنوت الفجر

 

تعريف القنوت

للقنوت في اللغة عدّة معانٍ، منها: الطاعة، والصلاة، وطول القيام، والسكوت أثناء الصلاة، وأشهرها الدعاء، فالقانت هو الداعي، أمّا القنوت في الشرع، فهو: الدعاء في الصلاة بموضعٍ مخصوصٍ، وينحصر في صلاة الصبح، وصلاة الوتر، وحين النوازل.

 

حكم قنوت الفجر

قنوت صلاة الفجر عند أهل العلم موضع اختلاف في الآراء تبعاً لأدلة كلّ منهم، وخلاصة أقوالهم في المسألة كما يأتي:

  • القول الأول: قال الحنفيّة والحنابلة بعدم مشروعيّة القنوت في الفجر، وهو كذلك قول عددٍ من الصحابة والتابعين، منهم: ابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود، والثوري.
  • القول الثاني: قال المالكيّة باستحباب القنوت في الفجر، وهو إمّا أن يكون قبل ركوع الركعة الثانية، أو بعده، والأفضل أن يكون قبل الركوع، دون التكبير قبله، ولا يترتّب على تركه شيئاً.
  • القول الثالث: قال الشافعيّة بأنّ القنوت سُنّةٌ، وأكّد الإمام النووي عليها، ولا تبطل الصلاة بتركه، إلّا أنّ تركَه عمداً أو سهواً يترتّب عليه سجود السهو، وقالوا بأنّه يكون بعد الرفع من ركوع الركعة الثانية، ولا يصحّ قبله، وإن فعله فيُعيده بعد الركوع، ثمّ يسجد للسهو.

 

صيغة القنوت

وردت عدّة صِيغٍ لدعاء القنوت، وفيما يأتي ذكرٌ لبعضها:

  • (اللَّهمَّ اهدِني فيمَن هدَيتَ، وعافِني فيمَن عافَيتَ، وتوَلَّني فيمَن توَلَّيتَ، وبارِكْ لي فيما أعطَيتَ، وقِني شَرَّ ما قضَيتَ، إنَّكَ تَقضي، ولا يُقضى عليكَ، إنَّهُ لا يَذِلُّ مَن والَيتَ تبارَكتَ رَبَّنا وتَعالَيتَ).
  • (اللهمَّ إنَّا نستعينُكَ ونستغفرُكَ ونُثْنِي عليكَ الخيرَ كلَّهُ ونشكرُكَ ولا نَكْفُرُكَ ونخلَعُ ونترُكُ من يفجرُكَ اللهمَّ إيَّاكَ نعبُدُ ولكَ نُصلِّي ونسجُدُ وإليكَ نسعى ونَحْفِدُ نرجو رحمتَكَ ونخشَى عذابَكَ إنَّ عذابَكَ بالكفارِ مُلْحِقٌ).

 

وقت صلاة الفجر

صلاة الفجر أو صلاة الصُّبح، والصُّبح في اللغة يُراد به: أوّل النهار، كما يُطلَق عليها صلاة البرد، ولها خمسة أوقاتٍ؛ بالنظر إلى حُكمها، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • وقت الفضيلة: وهو أوّل الوقت؛ أي بطلوع الفجر الثاني.
  • وقت الاختيار: وهو من أوّل وقتها؛ من طلوع الفجر الثاني، إلى آخره، ويُعرَف بالإِسفار؛ أي الإضاءة والظهور.
  • وقت الجواز دون كراهةٍ: إلى طلوع الحُمرة؛ أي الحُمرة التي تظهر قبل طلوع الشمس.
  • وقت الجواز مع الكراهة: ويكون إلى طلوع الشمس.
  • وقت التحريم: وهو تأخير صلاة الفجر إلى الوقت الذي لا يسع أداء الصلاة كاملةً.

 

أول وقت صلاة الفجر

يبدأ وقت صلاة الفجر بطلوع الفجر الثاني، ويُسمّى الفجر الصادق، وذلك كما ورد في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث قال: (إنَّ للصلاةِ أولًا و آخرًا، وإنَّ أولَ وقتِ الفجرِ حين يطلعُ الفجرُ، وإنَّ آخرَ وقتِها حين تطلعُ الشمسُ)، وهو الوقت ذاته الذي يُمسك فيه الصائم، ويُفرَّق بين الفجر الأول والثاني بثلاثة أمورٍ، هي:

  • الفرق الأول: الامتداد والاعتراض؛ فالفجر الأول يمتدّ من الشرق إلى الغرب، والثاني مُعترضٌ من الشمال إلى الجنوب.
  • الفرق الثاني: مدّة الإضاءة؛ فالأول يضيء ثمّ يذهب نوره، أمّا الثاني فيضيء، ثمّ تزداد الإضاءة إلى أن تطلع الشمس.
  • الفرق الثالث: الاتّصال والانقطاع بالأُفق؛ فالأول منقطعٌ عن الأفق، أمّا الثاني فمتّصلٌ.

 

آخر وقت صلاة الفجر

يمتدّ وقت صلاة الفجر إلى ما قبل طلوع الشمس؛ وذلك لِما ثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (ووَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِن طُلُوعِ الفَجْرِ ما لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ)، وتُكرَه الصلاة بعد صلاة الصبح وطلوع الشمس من جهة الفعل والزمان، وتنتهي الكراهة بتمام طلوع الشمس، وكماله

شارك المقالة:
50 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook