إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد سمّى بعض سور القرآن الكريم كسورة البقرة، والفاتحة، والكهف، وآل عمران، وقد اختلف أهل العلم في إن كانت كلّ أسماء سور القرآن الكريم توقيفيّة عن النبي عليه الصلاة والسلام، أو إن بعضها ثبت اجتهاداً عن الصحابة رضي الله عنهم؟ ولكن أغلب العلماء يرون أن أسماء سور القرآن جميعها ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الامام ابن جرير الطبري رحمه الله: "لِسوَر القرآن أسماءٌ سمّاها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم".
سورة الأعراف سورةٌ مكيّةٌ ما عدا الآية 163، والآية 170 فمدنيّة، وتعدّ من طوال السور، وقد نزلت بعد سورة ص، وترتيبها في المصحف السابعة، ويبلغ عدد آياتها مئتين وستة آيات، وقد سمّاها الله -تعالى- بسورة الاعراف، وعُرفت بين الصحابة -رضي الله عنهم- بهذا الاسم، والأعراف جمع عُرف، والعُرف هو كلّ شيءٍ عالٍ ورفيعٍ، ومنها عُرْف الديك وهو ما فوق رأسه، ويمكن القول أن العرف مجموعةٌ من العادات والسلوكيّات التي تحكم حياة الناس الاجتماعية، وقد وردت كلمة العُرف في السورة الكريمة، حيث قال تعالى: (خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ). ولكن سبب تسمية سورة الأعراف بهذا الاسم يرجع إلى ذكر كلمة الأعراف فيها، حيث قال تعالى: (وَبَينَهُما حِجابٌ وَعَلَى الأَعرافِ رِجالٌ يَعرِفونَ كُلًّا بِسيماهُم)،
والأعراف: هو سورٌ يفصل بين الجنة والنار، يقف عليه أقوامٌ استوَت حسناتهم وسيئاتهم، حيث دفعتهم حسناتهم لتجاوز النار بسلام، ولكن لم يتبقّى لهم حسنات ليبلغوا الجنة، فيقفون بين الجنة والنار، مصداقاً لما رُوي عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنه قال عن أصحاب الأعراف: "هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقعدت بهم سيئاتهم عن دخول الجنة وتخلفت بهم حسناتهم عن دخول النار فوقفوا هنالك على السور حتى يقضي الله بينهم"، ويبقى أصحاب الأعراف بين الجنة والنار إلى أن يحكم الله -تعالى- بين العباد، ثم يدخلهم الجنة برحمته، وقيل إن الأعراف هو السور الذي يفصل بين المؤمنين والمنافقين يوم القيامة.
تُعد سورة الأعراف من السور السبع الطوال في القرآن الكريم، فهي ثالث أطول سورةٍ بعد سورتيّ البقرة والنساء، وقد ورد في فضل سورة الأعراف عددٌ من الأحاديث، حيث رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئين، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ)، ورُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن أخَذَ السَّبعَ فهو حَبرٌ)، يعني: بذلك السَّبعَ الطُّوَالَ منَ القُرْآنِ.
ورد في كتب التفسير العديد من أسباب النزول لسورة الأعراف، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:
اختلف أهل العلم في تعريف القرآن لغةً، حيث قال بعضهم إن أصل التسمية مُشتقّةٌ من القرء، وهو الجمع؛ لأنه جمع ثمرات الكتب السماوية السابقة، وقيل إن أصل التسمية من القراءة، ثم نُقل من هذا المعنى المصدريّ وجُعل اسماً لكتاب الله، كما قال تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)، وذهب الإمام الشافعي -رحمه الله- إلى أن القرآن اسم علمٍ يعود على كتاب الله تعالى، وليس مشتقاً ولا مهموزاً، كما إن التوراة أسم علمٍ لكتاب الله الذي أُنزل على موسى عليه السلام، والإنجيل اسم علمٍ لكتاب الله الذي أُنزل على عيسى عليه السلام، والقرآن بالاصطلاح هو أنه كلام الله -عز وجل- المنزل على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- عن طريق الوحي بواسطة جبريل عليه السلام، المحفوظ بالصدور، والمكتوب في المصاحف، والمتعبّد بتلاوته، والمقسم إلى ثلاثين جزءاً، وهو المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي، ويبلغ عدد آياته مئة وأربعة عشر آية.
موسوعة موضوع