تشتمل هذه الرتبة على عائلة واحدة في المملكة هي العائلة البقرية التي تضم خمسة أنواع، مثل المها العربي، وثلاثة أنواع من الظباء والوعول، وهناك أنواع أخرى انقرضت منذ زمن، مثل الكبش البري والماعز البري، وقد تمت إعادة توطين المها والظباء في المحميات الطبيعية في المملكة، ويعد الوعل النوع الوحيد الذي ما زال موجودًا بأعداد لا بأس بها في بيئاته الطبيعية.

 

- المها العربية (Oryxleucoryx): 

 

يعد المها العربي  أو الوضيحي من أكثر حيوانات الجزيرة العربية شهرة في التراث العربي، وهذا النوع هو الوحيد من جنس المها من العائلة البقرية (Bovidae) الموجود في الجزيرة العربية، وهو أصغر حجمًا، رشيق القوام، إذ يصل وزنه إلى 130كجم، وطوله نحو 170سم.

 

يميل لون الجسم إلى البياض، ومنه اشتق الاسم، وهناك علامات فارقة للمها مثل: البقعة البنية في الوجه، وتمتد لتغطي العين، وكذلك وجود منطقة بيضاء فوق الأظلاف السوداء. يمتاز المها بقرنين طويلين؛ يصل طول الواحد منهما إلى 70سم، وهي حادة النهاية، وتكون في الذكور أكبر، وتستخدم في العراك مع الحيوانات المفترسة.

 

كانت قطعان المها منتشرة في عدة أجزاء من المملكة، حيث توجد في الربع الخالي والدهناء وصحراء النفود والمناطق الوسطى والشمالية، ولكن أعداده بدأت تتناقص منذ أكثر من قرن نتيجة للصيد المستمر وتطور وسائل الصيد والطرد عند الصيادين، وقد انقرضت أعداده في بيئاته الطبيعية بعيد منتصف الستينيات من القرن العشرين. لكن اهتمام بعض الهيئات العالمية، ومساندة الحكومة ودعمها في المنطقة أدى إلى تكوين قطيع من تسع مهوات؛ تبرعت المملكة بأربع منها؛ ذكرين وانثيين)، وأنثى من الكويت، وثانية من عمان، وثالثة صيدت في حديقة لندن، وثلاث؛ ذكرين وأنثى) تم صيدها بوساطة فريق أرسلته المنظمات العالمية إلى الربع الخالي عام 1381هـ / 1962م  . 

 

أرسل القطيع إلى حديقة حيوان فيونكس في ولاية أريزونا في أمريكا لتشابه المناخ مع البيئة الطبيعية للمهاة في الجزيرة العربية.

 

تكاثر القطيع بشكل جيد، ووصل عدده إلى 150 رأسًا في عام 1403هـ / 1983م، وقد أسهم هذا القطيع في إعادة توطين المهاة في بيئاتها الأصلية في الأردن وعمان والمملكة فيما بعد.

 

إن دور حديقة مدينة الرياض التي تأسست عام 1377هـ / 1957م كان واضحًا في المحافظة على الحياة الفطرية وإنمائها، فقد ضمت مجموعة كبيرة من المهوات، بلغت ثلاث عشرة مهاة، أهديت أربع منها لتكوين القطيع العالمي. وقد تلقت هذه المجموعة عناية جيدة، وتكاثرت بصورة ممتازة إلى أن تم نقلها إلى مزرعة الملك خالد بالثمامة عام 1401هـ / 1981م لإعادة بناء الحديقة، حيث نما القطيع إلى أن وصل عدده إلى 72 رأسًا عام 1406هـ / 1986م.

 

اهتمت الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها حال إنشائها بالقطيع، وقد بدأت في إكثاره تحت الأسر في مركز أبحاث الحياة الفطرية بالطائف، ونجحت في إعادة بناء القطيع وإكثاره وكانت أول ثمرة لهذا الجهد إطلاق أول مجموعة في بيئاتها الطبيعية في محمية محازة الصيد عام 1410هـ / 1989م، إذ وصل عدد المهوات في المحمية إلى أكثر من 600 رأس، كما يوجد نحو 300 رأس في محمية عروق بني معارض.

 

تعيش المها في قطعان تتكون من ذكر وعدد من الإناث وبعض الصغار متنقلة بين المناطق الرعوية، فتقضي الشتاء في المناطق الرملية الداخلية، وتلجأ إلى الوديان ذات الأشجار خلال الصيف لاتقاء حرارة الشمس.

 

تتغذى المهاة على عدة أنواع من النباتات الحولية خلال الشتاء، وتفضل النباتات التي تحتوي على كمية من الماء خلال الصيف لتعوض النقص في الماء؛ لذلك فهي لا تحتاج إلى شرب الماء. تستطيع المهاة أن تعيش على ما يعادل 1% من وزنها من الغذاء مقارنة بالمواشي الأخرى التي تحتاج إلى أكثر من 2.5% من وزنها لكي تبقى حية.

 

تتكاثر المها خلال العام، وتراوح فترة الحمل بين 8 و 9 أشهر، وتضع الأنثى صغيرًا واحدًا في مكان منعزل لتوفر الحماية لصغيرها.

 

يبقى الصغير من دون حركة مدة ثلاثة أسابيع، حيث تتردد عليه الأم لإرضاعه، بعدها يتغذى على النباتات، وتبلغ الإناث عن عمر سنتين ونصف السنة تقريبًا.

 

- غزال الريم (Gazella subgutturosa): 

 

ويسمى غزال الرمال، وهو من العائلة البقرية، ومن أكبر أنواع الغزلان في المملكة وأجملها شكلاً، لونه شاحب ولا تظهر خطوط واضحة على الوجه أو البطن، وتمتاز الذكور بقرون قيثارية الشكل ولكنها في الإناث صغيرة أو غير موجودة، كما أن للذكور انتفاخًا واضحًا في منتصف الرقبة يزداد حجمه في وقت التزاوج، وتوجد على الوجه غدد يستخدمها الذكر لتحديد مقاطعته وبخاصة وقت التكاثر.

 

يعيش غزال الريم في الصحارى المفتوحة الرملية مثل النفود والدهناء في مجموعات أو قطعان (قبل انقراضها)، وتتحرك في مساحات واسعة بحثًا عن النباتات الموسمية والأعشاب، وتنشط خلال فترة الصباح والمساء، وقد تكون ليلية خلال فترة اشتداد حرارة الجو، ولا يشرب الغزال الماء ولكنه يعتمد في الحصول على احتياجاته من النباتات التي يتغذى عليها.

 

يتكاثر الغزال خلال الشتاء وغالبًا ما يتزامن ذلك مع بداية هطلان الأمطار ووفرة الغذاء، وتحدث الولادات في فصل الربيع بعد فترة حمل تستمر خمسة أشهر. تعتني الأم بصغارها حتى تعتمد على أنفسها في البحث عن الغذاء أو اتقاء الأعداء. وكانت الظباء ومنها الريم تعيش بأعداد كبيرة على هيئة قطعان يصل عددها إلى 50 أو 100 فرد تتجول في مناطق انتشارها، ولكن الصيد الجائر منذ بداية القرن الماضي نتج عنه تناقص أعدادها بشكل أدى إلى انقراضها من بيئاتها الطبيعية، وقد عملت الهيئة الوطنية على إعادة توطين الريم في المحميات الطبيعية في محازة الصيد وعروق بني معارض وغيرها من المحميات.

 

- غزال الأدمي (Gazella gazella): 

 

يسمى الغزال الجبلي، وهو أحد أفراد العائلة البقرية، وهو ظبي صغير الحجم لا يتجاوز طوله المتر تقريبًا، ويميل لونه إلى البني الداكن، وتوجد علامات واضحة على الوجه وهي خطوط بنية على امتداد الوجه، ويوجد خط بني داكن على الخاصرة يفصل لون الظهر عن لون البطن، وللذكور والإناث قرون طويلة يصل طولها في الذكور إلى 27سم، ويعيش هذا الغزال قرب المرتفعات والوديان. يوجد غزال الأدمي في عدة مناطق من المملكة وبخاصة المناطق الغربية والشمالية من المملكة، كما يوجد في المنطقة الوسطى على امتداد سلسلة جبال طويق.

 

تعيش ظباء الأدمي في قطعان صغيرة، وقد تكون وحيدة، ويعتقد أنه ما زالت هناك مجموعات صغيرة منها تعيش بصورة طبيعية في بعض مناطق شمال المملكة وغربها والمناطق الجنوبية، أما الظباء التي في بقية مناطق المملكة فقد تعرضت للزوال بسبب الصيد المستمر لها، وهو متكيف بشكل كبير مع البيئة التي يعيش فيها، فلون الجسم يساعده على التخفي في الوديان وسفوح الجبال، وهو كبقية الظباء حذر في حركته ويسمع الأصوات الخافتة، ويعتمد على الإبصار بشكل كبير. يتغذى الأدمي على الأعشاب وأوراق الشجر ويتحمل العطش لفترات كبيرة ولكنه يحتاج إلى الماء كل 7 أو 10 أيام وبخاصة خلال الصيف. وعلى الرغم من وجود أعداد قليلة من ظبي الأدمي في مناطق متفرقة من المملكة إلا أنه يُعد في حكم المنقرض من البيئات الطبيعية، وقد تمت إعادة توطينه في محمية محازة الصيد ومحمية الوعول بحوطة بني تميم.

 

- الغزال العفري (Gazella dorcas): 

 

ظبي من العائلة البقرية، وهو صغير الحجم ولون الجسم رملي، وهناك خطوط طولية على الوجه وكذلك خط فاصل خفيف بين الجسم والبطن، وتوجد على الرأس قرون متوسطة الحجم متجهة نحو الخلف. كان انتشار غزال العفري في عدد من مناطق المملكة وبخاصة الوسط والشمال قبل انقراضه  . 

 

تعيش ظباء العفري على هيئة قطعان صغيرة، وتفضل التغذية في المساء أو فترة الصباح الباكر، وتعتمد على الأشجار والعشب في الحصول على ما تحتاجه من غذاء. وكبقية الظباء تستطيع البقاء فترة طويلة من دون شرب الماء، إذ تحصل على احتياجاتها المائية من النباتات التي تتغذى عليها.

 

تتكاثر ظباء العفري في فصل الشتاء وتحدث الولادات خلال الربيع، وقد تحدث ولادات أخرى في بداية الصيف، ولم تبق أعداد تذكر من ظباء العفري في البيئات الطبيعية، إذ تم القضاء عليها بالصيد الجائر، وهناك بعض الأعداد في مراكز الإكثار التابعة للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية تمهيدًا لإعادة توطينها في بيئاتها الطبيعية السابقة.

 

- وعل (Capra lbex): 

 

ويسمى الوعل بـ (البدن)، وهو حيوان جبلي من العائلة البقرية يشبه الماعز في مظهره العام. يمتاز الحيوان بقرنين معقوفين للخلف يصل طولهما إلى 45سم تقريبًا، وتوجد خصلة شعرية تحت الذقن تشبه اللحية، وللذكر عرف من الشعر على منتصف الظهر. لون الشعر بني داكن والأطراف قوية وقصيرة، ويوجد في المنطقة الوسطى على امتداد جبال طويق، كما يوجد على امتداد سلسلة جبال مدين والحجاز والسروات.

 

يعيش الوعل في قطعان يتزعمها ذكر مسيطر، وتسير لمسافات طويلة في المناطق الجبلية العالية وتتردد على مناطق تجمعات المياه للشرب مما يعرضها لخطر الصيد والافتراس، وعادة ما تنشط خلال فترات الصباح الباكر والمساء تجنبًا للتعرض لأشعة الشمس الحارة.

 

تتكاثر الوعول خلال فصل الخريف، إذ تتنافس الذكور على الإناث، ولذلك تكون الذكور نشطة كثيرة الحركة بحثًا عن الإناث، فيؤدي ذلك إلى تدهور حالتها الصحية. تولد الصغار خلال فترة الربيع بعد فترة حمل تستمر خمسة أشهر، تضع الإناث صغيرًا واحدًا وبعضها تضع صغيرين وعادة ما تبتعد الإناث عن القطيع أثناء الولادة، وقد تعمر الوعول إلى 15 سنة تقريبًا.

 

والوعول طريدة تراثية فريدة، وتشكل تحديًا للصيادين، فهي تحتمي في البيئات الجبلية العالية التي توفر لها الحماية الجيدة لوعورتها وصعوبة استمرار ملاحقة الصيادين لها، ولذا فقد وفرت هذه البيئات حماية طبيعية لهذه الحيوانات وأبقتها بعيدة عن خطر الانقراض إلى حد ما.