دور الانقسام والصراع بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
دور الانقسام والصراع بالمنطقة الشرقية  في المملكة العربية السعودية

دور الانقسام والصراع بالمنطقة الشرقية  في المملكة العربية السعودية.

 

الأوضاع السياسية في القطيف وأوال 538 - 580هـ / 1143 - 1184م

 
شَكَّلَ مقتل محمد بن الفضل مؤشرًا على ضعف الإمارة العيونية وتمزقها وانقسامها؛ فقد أصبحت سلطة الأحساء بيد الأمير أبي منصور علي بن عبد الله العيوني  ،  وسيطر أخوه الحسن على جزيرة أوال  .  أما القطيف فقد خضعت لغرير بن الفضل بن عبد الله العيوني  .  حاول غرير سنة 538هـ / 1143م غزو الأحساء للاستيلاء عليها، وللانتقام لمقتل أخيه محمد  ،  حيث هاجمها ودخل في قتال مع جيش عمه علي نتج منه مقتل عدد كبير من الزعماء العيونيين في الأحساء، كما قتل من أفراد جيش علي قرابة الثمانين، وعلى الرغم من فرض غرير الحصار على الأحساء إلا أنه آثر فك الحصار والعودة إلى القطيف بعد أن رأى صعوبة اقتحامها.
 
لم يستمر غرير في الحكم طويلاً، إذ توفي سنة 539هـ / 1144م وفي هذه الأثناء تمكن الحسن بن عبد الله العيوني حاكم أوال من الاستيلاء على القطيف  ،  وفي هذا الوقت تعرضت جزيرة أوال لهجمات عدة من جانب حاكم جزيرة قيس باكرزاز بن سعد بن قيصر الواقعة في جنوب شرق الخليج العربي؛ الذي قاد حملة بحرية هاجم بها الجزيرة، غير أن الحسن العيوني الذي كان مقيمًا في القطيف أرسل جيشًا بقيادة أخيه شكر بن علي، تمكن من إلحاق الهزيمة بجيش حاكم قيس وقتل من جيشه أعدادًا كبيرة، وأسر أخاه نام سار، لكن الحسن أطلق سراحه وأرسله إلى جزيرة قيس  .  توفي أمير القطيف وأوال الحسن العيوني في حدود سنة 549هـ / 1154م بعد أن حكم القطيف وأوال مدة تقارب إحدى عشرة سنة، وترك أبناءً صغارًا  انتهز الفرصة أحد أبناء البيت العيوني الطامعين في السلطة ويدعى غرير بن منصور بن علي العيوني، فاستولى على القطيف وأوال وحكمهما مدة سبع سنوات حتى قتل سنة 556هـ / 1160م على يد ابن عمه هجرس بن محمد بن الفضل الذي خلفه في الإمارة  .  لم تدم سلطة هجرس في القطيف وأوال سوى عام واحد، إذ توفي سنة 557هـ / 1161م، واستولى على السلطة شكر بن الحسن بمساعدة إخوته، وفي هذا الوقت تعرضت جزيرة أوال مرة أخرى للهجوم من قِبل حاكم قيس، الذي حاول الاستيلاء عليها غير أن محاولته هذه باءت بالفشل  .  استمر حكم شكر ثمانية عشر عامًا، إذ توفي سنة 575هـ / 1179م، وخلفه أخوه علي الذي واجه حملة بحرية من قِبل حاكم قيس هاجم بها جزيرة أوال، وفي هذا الوقت قام الزير أخو علي باغتياله، وسيطر على الأوضاع مدة عامين حتى تمكن محمد بن أحمد بن الفضل العيوني من اغتياله في جزيرة أوال، واستولى على السلطة سنة 577هـ / 1181م، وقد استمر فيها عامًا واحدًا، ثم تعاقب على السلطة في القطيف وأوال عدة أمراء بينهم الحسن بن شكر الذي اغتيل سنة 580هـ / 1184م  
 

 الأوضاع السياسية في الأحساء 538 - 599هـ / 1143 - 1202م

 
تولى الحكم في الأحساء بعد اغتيال محمد بن الفضل سنة 538هـ / 1143م علي بن عبد الله العيوني، واستمر في السلطة إلى أن قتل على يد حاكم القطيف عزيز بن مقلد  .  وخلفه على إمارة الأحساء أبو مقدم شكر بن علي الذي وصف بأنه كان "عالمًا ورعًا وشاعرًا مجيدًا وفارسًا شجاعًا، وقد وضع المكوس عن جميع رعيته"  .  خرج عليه في فترة حكمه رجل يدعى حماد النائلي بدعم من بعض الزعامات القبلية فأغروه بالملك والسلطان، فزحف بهم إلى الأحساء، وحاصروها ثلاثين يومًا ثم اقتحموها، لكن شجاعة الأمير العيوني أدت إلى تراجعهم وهزيمتهم  .  توفي شكر سنة 556هـ / 1160م  ،  فخلفه ابن أخيه محمد بن منصور، الذي شهد عهده محاولات من قبيلة بني عامر لدعم نفوذها، لكن أهدافها لم تتحقق، وتوفي محمد بن منصور سنة 580هـ / 1184م  
 
تولى السلطة في الأحساء بعد وفاة محمد بن منصور أخوه شكر الذي اتصف بالعدل والكرم وحب الإصلاح، فقد وضع الضرائب التي كانت مفروضة على أهل الأحساء نتيجة للأزمة الاقتصادية التي حلت بالمنطقة في أعقاب مهاجمة القبائل مزارع النخيل، وتدمير مزارع الحنطة والشعير  .  وأرسل شكر أخاه عبد الله على رأس جيش إلى القطيف سنة 580هـ / 1184م، حيث تمكن من قتل ابن عمه الحسن بن شكر حاكم القطيف وأوال واستولى عليها، ثم هاجم بعد ذلك جزيرة أوال وتمكن من السيطرة عليها، وبهذا تم لشكر بن منصور توحيد بلاد البحرين تحت سلطة واحدة لفترة بسيطة، بعد فترة من الانقسام امتدت من 538هـ -580هـ / 1143 - 1184م، ثم اتخذ شكر بن منصور العيوني الأحساء عاصمة له  
 

دور الانتعاش 587 - 605هـ / 1191 - 1208م

 
كانت الأوضاع مضطربة في الإمارة العيونية خلال هذه الفترة، إذ كان الصراع على أشده بين أفراد البيت العيوني، في ظل هذا الصراع برزت إلى ساحة الأحداث السياسية في المنطقة شخصية من البيت العيوني هي محمد بن أحمد بن محمد بن الفضل بن عبد الله العيوني، تمكن من إعادة الوحدة والاستقرار إلى بلاد البحرين، ومحمد هذا كان له دور سابق في الصراع على السلطة، حين استولى على القطيف وأوال سنة 577هـ / 1181م، وحكمهما مدة أقل من عام  .  رأى الأمير العيوني سوء الأوضاع في بلاد البحرين، فقرر انتزاعها من سلالة علي بن عبد الله العيوني، فهاجم القطيف سنة 587هـ / 1191م، وأخرج منها عبد الله بن منصور بن علي العيوني الذي اتجه إلى أخيه في الأحساء، وأعقب ذلك سيطرته على جزيرة أوال  .  أما الأحساء فلم ينتزعها من أيدي شكر وعبد الله ابني منصور بن علي العيوني إلا سنة 599هـ / 1202م، وبذلك استطاع أن يعيد إلى الإمارة العيونية وحدتها وهيبتها  
 
وصل نفوذ الإمارة العيونية في عهده إلى نجد، وأطراف عمان والشام والعراق  ،  كما اتخذ عليًا بن الفارس الكازروني   وزيرًا له. ارتبط الأمير العيوني بعلاقات طيبة مع الخلافة العباسية ممثلة في الخليفة العباسي الناصر لدين الله 575 - 622هـ / 1180 - 1225م، وشجع الخليفة العباسي الأمير العيوني على تأديب بعض القبائل العربية القاطنة في بلاد البحرين التي شكلت خطرًا على طريق القوافل الممتدة من الطرق عبر الجزيرة العربية، وعهد إليه حماية أرياف البصرة وخفارة الحاج  .  كما قام أمير البحرين بإخضاع بعض القبائل القاطنة في أطراف الفرات التي شكلت مصدر قلق وإزعاج للخلافة العباسية، كما حدث في سنة 599هـ / 1202م عندما أغار الأمير العيوني على قبيلة بني مالك من طيئ.
 
امتد حكم محمد بن أحمد العيوني فترة تقارب ثماني عشرة سنة عمَّ خلالها الاستقرار بلاد البحرين، كما نعمت البلاد بالازدهار الاقتصادي، غير أن الخلافات بين أفراد البيت العيوني بدأت تظهر إلى السطح في أواخر حكمه؛ بسبب تدخل زعماء قبيلة بني عامر   الذين كانت تربطهم بالأسرة العيونية علاقة مصاهرة، حيث أخذوا يتدخلون في النـزاعات الجارية بين أمراء البيت العيوني رغبة في الإيقاع بينهم، وفي الحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية من وراء ذلك.
 
لقد كانت لشيخ عقيل راشد بن عميرة بن سنان بن غفيلة في المنطقة مطامح سياسية واقتصادية دفعته إلى التخلص من الأمير العيوني محمد، ولأجل تحقيق هذا الغرض قام بالاتصال بأحد الأمراء الطامحين إلى السلطة من البيت العيوني وهو غرير بن الحسن بن شكر، حيث اتفق الاثنان معًا على التخلص من الأمير محمد، وقد كان الاتفاق بينهما على مساعدة راشد لغرير للتخلص من الأمير العيوني، وأن يتولى غرير السلطة مكانه في كلٍّ من القطيف وأوال، مقابل أن تكون ممتلكات الأمير محمد من أموال وأراضٍ ونخيل في القطيف وجزيرة أوال كلها ملكًا لراشد، وأن تسلم له عدة مراكب للسفر والغوص، وأن يعطى آلاف الدنانير كل عام، وأن تصرف له ملابس سنويًا، ويعطى بعض النقود الفضية، وتمنح قبيلته كل عام بعض المال  
 
نفذت المؤامرة واغتيل الأمير العيوني محمد بن أحمد بن محمد بن الفضل سنة 605هـ / 1208م، وتولى الإمارة في القطيف وجزيرة أوال حسب الاتفاق، غرير بن الحسن بن شكر  .  وبمقتل محمد بن أحمد العيوني كانت بداية النهاية للإمارة العيونية.
 
شارك المقالة:
47 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook