دور الانحلال والسقوط في العصر العباسي بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
دور الانحلال والسقوط في العصر العباسي بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

دور الانحلال والسقوط في العصر العباسي بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 

علاقة العيونيين ببني عامر

 
أخذت حالة التمزق تهدد إمارة العيونيين منذ مطلع القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي  .  وكان أحد الأسباب الرئيسة لهذا التمزق هو تدخل قبيلة بني عامر في شؤون البيت العيوني. وبالعودة إلى فترة قيام الإمارة العيونية نجد أن قبيلة بني عامر قد وقفت إلى جانب القرامطة، بل ساندتهم ضد الأمير العيوني عبد الله بن علي عندما قام بحركته ضد القرامطة؛ ما دفع بعبد الله العيوني بعد توليه السلطة في بلاد البحرين إلى أن يقطع عن زعماء بني عامر العوائد التي كانت تؤدى لهم في عهد القرامطة، كما حاربهم وأضعف شوكتهم  
 
إن ضعف نفوذ بني عامر في المدن، قابله ازدياد سطوتهم في البادية الممتدة بين بلاد البحرين والبصرة، فابن الأثير يتحدث عن هجوم قام به زعيم بني عامر سنة 480هـ / 1087م على البصرة ونهبها، وأحرق عدة مواضع فيها
 
أخذ نشاط بني عامر في التضاؤل طوال فترة حكم عبد الله بن علي العيوني غير أنهم استغلوا الصراعات بين أفراد البيت العيوني وتدخلوا فيها وقاموا بمحاولات للحصول على امتيازات اقتصادية، وكثير من الأمراء العيونيين خضعوا لمطالب زعماء بني عامر فأقطعوهم البساتين، ومنحوهم الأموال مقابل قيام هؤلاء بحماية طرق القوافل والحجاج، وحماية القرى والأرياف
ارتبط بنو عامر بالأسرة العيونية - كما مر سابقًا - بمصاهرات أدت إلى ازدياد نفوذهم السياسي والاقتصادي؛ ما دفع راشد بن عميرة وهو أحد زعماء بني عامر إلى دعم أحد الأمراء العيونيين ضد أمير آخر طمعًا في الحصول على امتيازات سياسية واقتصادية  
 
لقد صور ابن المقرب   مدى تدخل القبيلة بقوله:
 
أخذوا  من الأحسا الكثيب إلى محا     ديث العيـون إلـى نقـا حـلوان
والخـط مـن صفواء حازوها فما     أبقـوا  بهـا شـبرًا إلى الظهران
والبحـر  فاستولوا على ما فيه من     صيـدٍ إلــى دُرٍّ إلـى مرجـان
ومنازل العظمـاء منكـم أصبحت     دورًا  لهــم تكـرى بلا أثمـان
 

الأوضاع السياسية في الأحساء بعد وفاة محمد بن أحمد العيوني

 
أدى اغتيال الأمير محمد بن أحمد بن الفضل العيوني سنة 605هـ / 1208م إلى انقسام الإمارة العيونية إلى سلطتين إحداهما في الأحساء، والأخرى في القطيف وأوال. ففي سنة 605هـ / 1208م استقل محمد بن ماجد العيوني بالأحساء، واستمر حكمه قرابة عشر سنوات  .  وفي سنة 615هـ / 1218م قام عمه أبو القاسم مسعود بقتله والاستيلاء على الحكم  ،  غير أنه لم يستمر في السلطة طويلاً، إذ تولى إمارة الأحساء من بعده ابن أخيه علي بن ماجد الذي وصف حكمه بأنه كان عادلاً، فقد قضى على الجرائم في البلاد فساد الأمن والاستقرار  .  وقد دبرت مؤامرة من جانب بعض زعماء عبد القيس لقتله، لكنه علم بها قبل وقوعها فخرج من الأحساء، فاتفق أعيان البلاد وزعماء بني عامر على تعيين مقدم بن غرير بن الحسن، وبهذا زالت سلطة العيونيين من الأحساء في عهد مقدم، في حدود العقد الثاني من القرن السابع الهجري بعد أن اتفق أعيان الأحساء على تسليم السلطة لزعيم بني عامر الشيخ عصفور بن راشد بن عميرة  
 

الأوضاع السياسية في القطيف وأوال بعد وفاة محمد بن أحمد العيوني

 
أدى اغتيال الأمير محمد بن أحمد العيوني إلى تولي غرير بن الحسن بن شكر السلطة مدة عام، ثم انتزعها منه الفضل بن محمد العيوني بدعم من الخلافة العباسية  .  عمد الفضل بعد توليه الحكم في القطيف وأوال إلى تقريب قسم من بني عامر، فأقطعهم أراضي ومزارع؛ ما أدى إلى تعاظم نفوذهم السياسي والاقتصادي، وتمكنوا في نهاية الأمر من إخراج الفضل من القطيف وإنهاء سلطته سنة 616هـ / 1219م  ،  وعينوا مكانه عمه مقدم بن ماجد الذي استمرت سلطته على القطيف وأوال حتى وفاته سنة 620هـ / 1223م  .  وخلفه فاضل بن معن حتى سنة 623هـ / 1226م  ،  ثم أعقبه أخوه جعفر  .  وبعد وفاته خلفه ابن عمه محمد بن مسعود، وشاركه في الحكم أخواه حسن وحسين  .  في هذه الأثناء قام منصور بن علي بن ماجد أحد أفراد البيت العيوني، بانتزاع السلطة من محمد بن مسعود وإخوته سنة 626هـ / 1229م، حيث سيطر محمد بن محمد بن ماجد على القطيف سنة 627هـ / 1230م، فيما استمر منصور بن علي بن ماجد يحكم جزيرة أوال حتى سنة 630هـ / 1233م حيث انتزعها منه محمد بن محمد بن ماجد، وفي عهده انتهت الإمارة العيونية  

علاقة العيونيين بحكام جزيرة قيس

 
إن أي باحث في تاريخ المنطقة والإمارة العيونية لا بد له أن يتعرض لعلاقة تلك الإمارة بحكام قيس، فقد أدى اغتيال محمد بن أحمد العيوني إلى انقسام الإمارة إلى مركزين رئيسين: أحدهما في الأحساء، والآخر في القطيف، وبعد أن تمكن الفضل بن محمد بن أحمد العيوني من بسط سيطرته على القطيف، وجزيرة أوال، عقد اتفاقًا بينه وبين ملك جزيرة قيس غياث الدين شاه سنة 606هـ / 1209م لمنع مهاجمتهم جزيرة أوال؛ وقد كان الاتفاق بينهما على حصول صاحب جزيرة قيس على بعض الجزر الصغيرة في الخليج التابعة للإمارة العيونية، وبعض الأموال والبساتين في القطيف وتاروت والأحساء  .  ويشير ياقوت الحموي إلى أبعاد السيطرة الاقتصادية هذه بقوله: "وله؛ أي حاكم قيس، ثلث دخل البحرين"  .  أما ابن المجاور فيقول: "وله؛ أي حاكم قيس، مراكب تسمى بالنوبية، ويؤدي العرب الذين هم ملاك في البحرين كل عام عشرين ألفًا لضرب تلك النوبة في بلادهم  .  ويظهر من النص السابق أن الأمراء العيونيين كانوا يؤدون إلى حكام قيس رسومًا كل عام مقابل وجود تلك السفن في بلادهم.
 

سقوط الإمارة العيونية

 
شكل التنافس التجاري بين إمارة هرمز في مدخل الخليج وجزيرة قيس مظهرًا من مظاهر النفوذ السياسي والعسكري في المنطقة في النصف الأول من القرن السابع الهجري، وكان كل منهما يمتلك أسطولاً كبيرًا من سفن التجارة والصيد والغوص. استطاع حكام هرمز القضاء على سيادة جزيرة قيس حين استولى أمير هرمز سيف الدين أبو النظر على جزيرة قيس سنة 626هـ / 1229م، وقتل حاكمها السلطان قوام الدين آخر ملوك بني قيصر، فأنهى بذلك حكم هذه الأسرة في الجزيرة  .  أرسل حاكم هرمز إلى أمير البحرين منصور بن علي بن ماجد يطلب منه العوائد التي كانت تدفع إلى حكام قيس بموجب المعاهدة التي عقدها الفضل بن محمد العيوني سنة 606هـ / 1219م، فاضطر الأمير العيوني للاستجابة لمطالب حاكم هرمز  ،  ثم دخلت هرمز في صراع على النفوذ في الخليج مع الأتابكية السلغرية بقيادة أبو بكر السلغري ابتداءً من سنة 628هـ / 1230م  
 
انتهت السلطة العيونية في القطيف في حدود سنة 630هـ / 1231م   حين استولى عليها أبو عاصم بن سرحان بن محمد بن عميرة بن سنان أحد شيوخ بني عامر، وكان الحاكم الجديد للقطيف قريب الصلة بحاكم الأحساء عصفور بن راشد الذي ما لبث أن مد نفوذه فيما بعد إلى القطيف وعُمان واليمامة  
 
بعد أن فقد الأمير العيوني محمد بن ماجد السيطرة على القطيف، غادرها متجهًا نحو جزيرة أوال وسيطر عليها بعد أن طرد منها ابن عمه منصور بن علي، واستعان لهذا الغرض بالخلافة العباسية، كما تلقى دعمًا من الخلافة العباسية للوقوف في وجه الأتابكية السلغرية، حيث يتضح ذلك من اتصالاته وزياراته لبغداد  
 
استمر محمد بن محمد بن ماجد في حكم جزيرة أوال حتى سنة 636هـ / 1238م، تعرضت خلاله الجزيرة لحملتين بحريتين قادهما الأتابك السلغري أبو بكر: الأولى سنة 630هـ / 1232م، والثانية سنة 633هـ / 1235م، غير أن الأمير العيوني تمكن ببسالة من صد هاتين الحملتين  
 
أخذت الإمارة العيونية في التدهور والسقوط التدريجي بعد أن فقدت القطيف التي تشكل مركزًا مهمًا للدعم العسكري والاقتصادي، ولوجود أنصار العيونيين فيها.
 
وفي سنة 636هـ / 1238م قام الأتابك السلغري أبو بكر بن سعد بن زنكي بإعداد حملة بحرية ثالثة شارك فيها عدد كبير من العرب المتحالفين معه، وربما كان لبني عامر دور في هذه الحملة هاجم فيها جزيرة أوال، حيث تمكن من الاستيلاء عليها بعد أن قتل الأمير العيوني محمد بن محمد بن ماجد، ونهب أمواله وأموال أسرته، ونكل بهم تنكيلاً شديدًا  
 
وهكذا سقطت الإمارة العيونية بعد انهيار آخر مركز لها؛ وهو جزيرة أوال، بعد أن حكمت بلاد البحرين زهاء 167 عامًا، وقد حاول الأتابك السلغري أبو بكر بن زنكي بعد استيلائه على جزيرة أوال انتزاع القطيف من بني عامر، غير أن مناعة تحصيناتها وقوة زعمائها، وكثرة عدد المدافعين عنها جعلته يؤجل خطة الغزو  
 
شارك المقالة:
48 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook