خصائص عناصر المناخ في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
خصائص عناصر المناخ في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

خصائص عناصر المناخ في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 
عناصر المناخ التي تؤثر في منطقة تبوك متعددة تختلف من فصل إلى آخر، وهي:
 
أ - الضغط الجوي:
 
لا توجد اختلافات واضحة في معدلات الضغط الجوي بين أجزاء المنطقة عدا الاختلافات البسيطة الناتجة من التباين في مظاهر السطح في المنطقة، فمعدل الضغط الجوي السطحي في أغلب أجزاء المنطقة خلال شهر يناير يبلغ تقريبًا 1017 مليبارًا وفي شهر يوليو يبلغ تقريبًا 1007 مليبارات. أيضًا لا توجد اختلافات واضحة في الضغط الجوي بين أجزاء المنطقة خلال الفصلين الانتقاليين، الخريف والربيع. ويعود ذلك التقارب في قيم الضغط بين أجزاء المنطقة إلى أن المنطقة كلها واقعة - خلال فصل الشتاء ومعظم أيام الفصلين الانتقاليين - تحت تأثير أنظمة ضغط جوي مرتفعة، أهمها: الضغط الجوي المرتفع شبه المداري (Subtropical High Pressure) والضغط المرتفع الأزوري (Azure High Pressure System). وتؤدي أنظمة الضغط المرتفع إلى سيطرة حالة من الاستقرار الجوي ناجمة عن هبوط هوائي علوي يحد من نشوء حالات عدم الاستقرار الجوي  .  أما صيفًا فتسود المنطقة أنظمة ضغط جوي منخفضة حرارية متشابهة في خصائصها، أهمها: منخفض الهند الموسمي الحراري، والمنخفضات الحرارية المحلية، وتؤدي هذه المنخفضات الحرارية إلى ارتفاع واضح في درجة الحرارة؛ لجلبها رياحًا قادمة من مصادر حارة وجافة. ويؤثر مرتفع الأزر على المنطقة في بعض أيام الصيف؛ مما يؤدي إلى هبوب رياح غربية وشمالية غربية تكون معتدلة نسبيًا؛ وبخاصة على الأجزاء الساحلية من المنطقة. ويوصف الفصلان الانتقاليان الربيع والخريف بالتذبذب الواضح في أنظمة الضغط الجوي المسيطرة على المنطقة؛ وهذا يعود إلى ضعف أنظمة الضغط المنخفض الحرارية في فصل الخريف؛ مما يسمح لأنظمة الضغط المرتفع، وأنظمة الضغط المنخفض الحركية بالتقدم إلى المنطقة في كثير من أيام ذلك الفصل. أما في فصل الربيع فتبدأ أنظمة الضغط المرتفع بالضعف؛ مما يسمح بتكرارية أكبر لأنظمة الضغط المنخفض الحركية في بعض الأيام، ونشوء منخفضات حرارية محلية غير حركية في أيام أخرى، خصوصًا آخر فصل الربيع.
 
ب - الرياح:
 
تؤثر أنظمة الضغط الجوي المهيمنة بشكل واضح ومباشر في اتجاه الرياح وسرعتها، لذلك فإن التشابه في أنظمة الضغط الجوي في أجزاء المنطقة يؤدي أيضًا إلى تشابه في اتجاه الرياح وسرعتها. فتسود الرياح الشمالية والشمالية الغربية بشكل عام على المنطقة. وترجع سيطرة الرياح الشمالية والشمالية الغربية على المنطقة إلى سيادة أنظمة الضغط الجوي المرتفع على كل أجزاء المنطقة شتاءً. أما صيفًا فتسود أغلب المنطقة رياح شمالية شرقية إلى جنوبية شرقية؛ بسبب سيطرة أنظمة الضغط الجوي المنخفض الحرارية، خصوصًا منخفض الهند الموسمي الحراري، في حين تسود السواحل رياح شمالية إلى شمالية غربية. يلاحظ في الفصلين الانتقاليين (الربيع والخريف) تذبذب واضح في اتجاه الرياح على أجزاء المنطقة إلا أن الرياح الشمالية والجنوبية أكثر من بقية الاتجاهات، ويرجع ذلك إلى التذبذب في أنظمة الضغط الجوي المؤثرة على المنطقة في هذين الفصلين.
 
وبالنسبة إلى سرعة الرياح نجد أن معدل سرعة الرياح في الأجزاء الساحلية من المنطقة أكبر من بقية الأجزاء الأخرى منها، وفي جميع أجزاء المنطقة تكون الرياح أسرع في فصلي الربيع والصيف. ومعدل سرعة الرياح في هذين الفصلين يبلغ تقريبًا 7كم في الساعة في الأجزاء الداخلية، ونحو 10كم في الساعة في الأجزاء الساحلية من المنطقة في حين يبلغ معدل سرعة الرياح في فصلي الشتاء والخريف نحو 5كم في الساعة في المناطق الداخلية، ونحو 9كم في الساعة في الأجزاء الساحلية، (جدول 8) ، (خريطة 6) .
 
وتتأثر منطقة تبوك في أيام كثيرة من العام بهبوب عواصف ترابية ورملية؛ بسبب الرياح وانكشاف السطح. فالسطح في المنطقة يخلو من غطاء نباتي كثيف، ويغلب على مظهره الغطاء الترابي والرملي؛ مما يؤدي إلى إثارة الأتربة والرمال في حالة هبوب رياح نشطة، ويقتصر وجود النبات على أمكنة محدودة، وفي كثير من تلك الأمكنة يظهر الغطاء النباتي في وقت محدود عدا الأراضي الزراعية التي تعد محدودة المساحة بالنسبة إلى المساحة الكلية للمنطقة. وتنشط العواصف الترابية والرملية في منطقة تبوك؛ بسبب عوامل ديناميكية مختلفة، أهمها: الجبهات الهوائية، والرياح الهابطة، ورياح تدرج الضغط الجوي السطحي. فالعواصف الترابية والرملية المصاحبة للجبهات الهوائية تبرز في الفصلين الانتقاليين الربيع والخريف، وفي بعض الأحيان في فصل الشتاء حيث تصاحب هذه الجبهات رياح نشطة على طول خط الجبهة (Frontal Line)، تكون في الغالب شمالية إلى شمالية شرقية، وأحيانًا شمالية غربية ونشطة تثير الأتربة والرمال. أما العواصف الترابية والرملية المصاحبة للرياح الهابطة النشطة فتحدث أحيانًا قبيل سقوط الأمطار المصاحبة للعواصف الرعدية عندما يصاحب العواصف الرعدية هبوط شديد في الهواء (Down Draft)، وهذا النوع من العواصف الترابية والرملية يتكرر أكثر في الفصلين الانتقاليين عندما تنشط العواصف الرعدية؛ وبخاصة عندما يكون السطح جافًا وخاليًا من الغطاء النباتي، ولكنه عندما يحدث فهو يغطي مساحة صغيرة، ولا يستمر فترة زمنية طويلة، بل ينتهي مع تلاشي العاصفة الرعدية، وعندما تحدث العواصف الترابية والرملية المصاحبة لرياح تدرج الضغط الجوي السطحية فإنها تغطي أغلب المنطقة. والمقصود برياح تدرج الضغط الجوي السطحية تلك الرياح السطحية الأفقية التي تهب من منطقة إلى أخرى؛ بسبب الاختلاف الأفقي الواضح في قيم الضغط الجوي السطحي. وهذا النوع من العواصف الترابية يمكن أن يحدث في أي وقت، وخصوصًا في بدايات فصل الصيف عندما تنشط الرياح التجارية الشمالية الشرقية؛ بسبب التباين القوي في قيم الضغط الجوي بين المناطق الاستوائية والمناطق المدارية.
 
ج - الحرارة:
 
هناك تباين واضح في معدلات درجة الحرارة بين الأجزاء الداخلية والمرتفعات والأجزاء الساحلية من المنطقة، حيث يسود الأجزاء الداخلية والمرتفعات نمط قاري بارد شتاءً، وحار صيفًا، في حين يسود السواحل نمط بحري دافئٌ شتاءً، ومعتدل نسبيًا صيفًا. فمتوسط درجة الحرارة في الأجزاء الداخلية والمرتفعات في شهر يناير الذي يمثل فصل الشتاء يبلغ نحو 10 ْ في حين يبلغ في الأجزاء الساحلية نحو 19 ْ، (جدول 9) (خريطة 7) . ومتوسط درجة الحرارة العظمى في شهر يناير في الأجزاء الداخلية والمرتفعات يبلغ نحو 17 ْ أما متوسط درجة الحرارة الصغرى فيبلغ نحو 4 ْ، في حين يبلغ نحو 25 و 13 على التوالي في الأجزاء الساحلية، كما يوضح (جدول 9) (خريطة 8) . ولذلك يسود المنطقة شتاءً بشكل عام مدى حراري يومي كبير يبلغ تقريبًا 13 ْ. وتتعرض الأجزاء الداخلية والمرتفعات في بعض أيام الشتاء لموجات برد شديدة، فتنخفض فيها درجات الحرارة بشكل ملموس تصل إلى ما دون الصفر المئوي في بعض الليالي.
 
أما في فصل الصيف فتسود الأجزاء الداخلية من المنطقة درجات حرارة مرتفعة، في حين تسود المرتفعات والسواحل درجات حرارة معتدلة نسبيًا. هذه الفوارق في درجة الحرارة بين أجزاء المنطقة تكون أكثر وضوحًا نهارًا. فمتوسط درجة الحرارة العظمى في شهر يوليو في محطة تبوك يبلغ نحو 39 ْ، في حين يبلغ في محطة الوجه نحو 33 ْ، (جدول 9) (خريطة 9) . ومتوسط درجة الحرارة الصغرى يراوح بين 23 ْ مئوية في الأجزاء الداخلية ونحو 34 ْ في السواحل، لذلك يسود الأجزاء الداخلية من المنطقة مدى حراري يومي كبير يبلغ نحو 19 ْ. ويدل الفرق الواضح في متوسط درجة الحرارة بين شهري يناير ويوليو على أن الأجزاء الداخلية من المنطقة ذات مدى حراري فصلي كبير يزيد على 19 ْ. أثناء الفصلين الانتقاليين، الربيع والخريف، ويسود المنطقة خصوصًا في الأجزاء الداخلية تذبذب واضح في درجات الحرارة سواء العظمى أو الصغرى. ففي بعض أيام فصلي الربيع والخريف ترتفع درجات الحرارة بشكل واضح، ولكنها ما تلبث أن تنخفض بعد يوم أو يومين بشكل كبير، ويرجع هذا التذبذب الكبير في درجات الحرارة اليومية أثناء الفصلين الانتقاليين، وخصوصًا فصل الربيع، إلى التذبذب في أنظمة الضغط الجوي المؤثر على المنطقة في هذين الفصلين. وعمومًا تكون قيم متوسطات درجة الحرارة في أشهر الخريف والربيع في المنطقة وسطًا بين قيم أشهر الشتاء، وأشهر الصيف.
 
ولمعدلات الحرارة العالية في المنطقة صيفًا أثر سلبي في عدد من المجالات وخصوصًا الزراعة والرعي والمياه. حيث تؤدي درجات الحرارة العالية إلى حدوث معدل تبخر نتح كبير؛ مما يؤثر سلبًا في المحصولات الزراعية والنباتات الرعوية، ويؤدي إلى فقد كمية كبيرة من المياه  .  وقد يؤدي الانخفاض الكبير في درجات الحرارة في بعض ليالي الشتاء، - خصوصًا في شمال المنطقة - إلى ذبول النباتات الرعوية الحولية؛ وبخاصة إذا صاحَبَ ذلك قلة في الأمطار الساقطة على المنطقةد - الرطوبة:
 
تعد الأجزاء الداخلية من منطقة تبوك قارية تسودها رطوبة نسبية منخفضة في أغلب أيام السنة، ففي شهر يوليو الممثل لفصل الصيف يبلغ متوسط الرطوبة النسبية في محطة تبوك نحو 22%، في حين يبلغ نحو 72% في محطة الوجه، (جدول 10) (خريطة 10) . أما شتاءً فيتقلص الفرق في الرطوبة النسبية بين الأجزاء الداخلية والسواحل، فمتوسط الرطوبة النسبية في شهر يناير في محطة تبوك يبلغ نحو 49%، في حين يبلغ نحو 52% في محطة الوجه، ويعود ارتفاع الرطوبة النسبية شتاءً في الأجزاء الداخلية إلى انخفاض درجة الحرارة شتاءً، وليس إلى زيادة في كمية بخار الماء في الجو فقط، وتكون قيم متوسطات الرطوبة النسبية في الفصلين الانتقاليين (الربيع والخريف) وسطًا بين قيم الشتاء والصيف. وعلى العكس من بقية سواحل المملكة، لا تكون الرطوبة النسبية مزعجة صيفًا في سواحل منطقة تبوك؛ وذلك للانخفاض الملموس في درجة حرارتها في ذلك الفصل. والرطوبة النسبية المنخفضة في الأجزاء الداخلية من المنطقة؛ وبخاصة في الصيف، حيث تزيد من معدلات التبخر نتح مما يضيف عبئًا آخر على المحصولات الزراعية، والنباتات الطبيعية، والموارد المائية في المنطقة.
 
هـ - الأمطار:
 
على الرغم من أن فصل سقوط الأمطار في منطقة تبوك يمتد بين شهر أكتوبر إلى أول شهر مايو، إلا أن المنطقة تُعَدُّ من أقل مناطق المملكة مطرًا. فمعدل كمية الأمطار السنوية في أغلب أجزاء المنطقة يبلغ نحو 43مم فقط. ويرجع ذلك إلى أن الرياح الجنوبية الرطبة التي تمد أنظمة الضغط المنخفض الحركية العابرة بكميات من بخار الماء أحيانًا، قليلة التكرار على المنطقة، حتى في حال وصولها إلى المنطقة تكون قد استنفدت أغلب ما بها من بخار الماء. وهناك مساحات محدودة من المرتفعات، مثل: جبل اللوز تستلم كميات لا بأس بها من الأمطار؛ وذلك لتأثير عامل الرفع الميكانيكي في تلك الأجزاء. كما أن التساقط قد يأتي في بعض أيام الشتاء على هيئة ثلوج، وخصوصًا على المرتفعات، وفصلا الشتاء والخريف هما أكثر فصول السنة أمطارًا في الأجزاء الداخلية من المنطقة حيث يناهز متوسط الأمطار في شهر يناير نحو 6مم و 11مم في شهر أكتوبر، (جدول 11) (خريطة 11) . وتوصف الأمطار في المنطقة بشكل عام بالتذبذب السنوي الكبير؛ حيث تسقط في بعض السنين كميات جيدة من الأمطار، في حين لا تسقط كميات أمطار تذكر في سنين أخرى، كما أن أغلب الأمطار تسقط على المنطقة؛ نتيجة لتكون سحب ركامية؛ وبخاصة في الفصلين الانتقاليين، وقد تصاحبها رياح عاتية وعواصف رعدية، وسقوط حبات من البرد، وكميات كبيرة من الأمطار ينتج منها في بعض الحالات سيول جارفة، قد تخلِّف بعض الآثار السلبية على كثير من القطاعات، خصوصًا قطاع الزراعة والرعي.
 
وتحد قلة الأمطار وتذبذبها الكبير من فاعليتها في خدمة المجال الزراعي والرعوي في المنطقة. فنمط الزراعة التقليدية الذي يعتمد بشكل رئيس على الري من الآبار السطحية في المنطقة يتأثر كثيرًا بالتذبذب السنوي الكبير في كميات الأمطار. كما يتأثر الرعي كثيرًا بهذا التذبذب، فقد تنبت في بعض السنين نباتات رعوية كثيفة نسبيًا، في حين لا ينمو شيء منها في سنين أخرى؛ وهذا يسبب أضرارًا كبيرة في قطاع الرعي. كما يحد معدل التبخر العالي جدًا في المنطقة من فاعلية الأمطار الساقطة فيها خصوصًا في الفصلين الانتقاليين.
 
 
شارك المقالة:
42 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook