هو محمد متولي الشعراوي، ولد في 15 نيسان عام 1911 في قرية دقادوس في الدقهلية في مصر، وكان من عائلة بسيطة مقبلة على القرآن الكريم فحفظه وهو في الحادية عشرة، وظهر اهتمامه بحفظ الشعر ودراسة الأدب منذ صغره، حتى اختير رئيساً لجمعية الأدباء بالزقازيق، كما كان من مناهضي الاستعمار الإنجليزي حين كان رئيساً لاتحاد الطلبة في الأزهر عام 1934، وشغل الشعراوي في حياته مناصب تدريسيّة عديدة، إذ بدأ مدرساً بالمعاهد الأزهرية في الزقازيق وطنطا والإسكندرية، ثم انتقل إلى السعودية عام 1950 في كلية الشريعة في مكة المكرمة، وهي جامعة أمّ القرى حاليّاً. ثم عاد الشعراوي إلى مصر عام 1960 ليصبح وكيلاً في معهد طنطا الثانوي، ثم شغل منصب مدير الدعوة الإسلامية في وزارة الأوقاف المصرية عام 1961، ثم أصبح مفتشاً للعلوم العربية عام 1962، وتوالت الأحداث والتنقلات في حياة الشيخ الشعراوي حتى أصبح وزيراً للأوقاف عام 1976، لكنّه لم يُطل المكوث فيها حتى قدّم استقالته من الوزراة بعد عامين تقريباً، ليدخل في عضوية في مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر.
جاءت منيّة الشيخ الشعراوي في 17 حزيران عام 1998 ودفن في قرية دقادوس حيث مسقط رأسه، وقد وافته المنيّة بعد حياة مليئة بالإنجازات والأعمال الدعوية، فقد ظهر الشيخ الشعراوي داعياً إسلامياً عام 1973 عندما بدأ تقديم برنامج (نور على نور) وكان ضيفاً فيه مدة عشر سنوات يفسّر فيه القرآن الكريم، ثمّ نُقل له برنامجٌ آخر على التلفاز هو (خواطر إيمانية) يفسّر فيه القرآن الكريم أيضاً، وقد كان من أعماله أن سافر وحاضر وألقى خُطباً في أمريكا والعديد من الدول الأوروبية، وكان سبباً في إقناع العديد من الفنانات المصريات بالاعتزال وارتداء الحجاب، كما ساهم في إنشاء البنوك الإسلامية في مصر.
وقد ترك الشيخ الشعراوي العديد من المؤلفات معظمها حول القرآن الكريم وأحكام الفقه الإسلامي، ومنها المنتخب في تفسير القرآن الكريم، ونظرات في القرآن الكريم، والإسلام والفكر المعاصر، ومئة سؤال وجواب في الفقه الإسلامي، كما حصل على العديد من الجوائز ومنها وسام الاستحقاق بمناسبة تقاعده عام 1976، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من الأزهر عام 1983، ووسام الجمهورية وجائزة الدولة التقديرية عام 1988، كما صوّرت حياته على شكل حلقات مسلسل تلفزيوني عام 2003 بعنوان إمام الدعاة، وأخرجت عن حياته قناة الجزيرة الإخبارية برنامجاً وثائقياً بعنوان الشعراوي الذي فسّر ورأى.
من أهمّ العلوم التي قد يتعلّمها المسلم فينتفع بها في الدنيا والآخرة علوم تفسير القرآن الكريم، وهي متعدّدة يُذكر منها ما ياتي:
يعدّ العلم والتعلّم من أهم ركائز الإيمان في القلوب، فكلما زاد علم الإنسان زاد إيمانه، ولقد ذكر الله تعالى فضل أهل العلم في القرآن مراراً، من بينها قوله سبحانه: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )، ولقد ورد في تفسير ابن كثير أنّ هذه خصوصية اختصها العلماء عن من سواهم، فالله تعالى قرن شهادتهم بشهادته وشهادة الملائكة عليهم السلام. وقال السعديّ رحمه الله: (وفي هذا دليل على أنَّ أشرف الأمور علم التوحيد؛ لأنَّ الله سبحانه شهِد به بنفسه، وأشهد عليه خواصَّ خلقه)، وإنّ لتعلّم القرآن وتدبّره فضائل عظيمة، وأجور رفيعة، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله مبيّناً الفضل لتعلم ولو آية واحدة: (أيكم يحبُّ أن يغدو كلَّ يومٍ إلى بطحانَ أو إلى العقيقِ فيأتي منهُ بناقتيْنِ كوماويْنِ في غيرِ إثمٍ ولا قطعِ رحمٍ؟ فقلنا: يا رسولَ اللهِ، نحبُّ ذلك. قال: أفلا يغدو أحدكم إلى المسجدِ فيُعَلِّمَ أو يقرأَ آيتيْنِ من كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ خيرٌ لهُ من ناقتيْنِ، وثلاثٌ خيرٌ لهُ من ثلاثٍ، وأربعٌ خيرٌ لهُ من أربعٍ، ومن أعدادهنَّ من الإبلِ).
وإنّ تعلّم القرآن ليوصل إلى تعليمه للناس، وإيصال الشروح والتفسير إليهم بيسر، فيوصل به الناس إلى خالقهم، وحسن تدبّر كلامه، وفضل هذا عند الله عظيم بثّه بين سائر مخلوقاته، فقد قال رسول الله عليه السلام: (فضلُ العالمِ على العابِدِ، كفَضْلِي علَى أدناكم، إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وملائِكتَهُ، وأهلَ السمواتِ والأرضِ، حتى النملةَ في جُحْرِها، وحتى الحوتَ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ)، فكلّ من علّم الناس الخير ألهم الله تعالى مخلوقاته أن يصلّوا عليه فينال من الأجر والثواب الشيء العظيم.
موسوعة موضوع