تتعدّد مسائل الهجر في حكمها تبعاً للغايات والمقاصد، وصِلتها بالنّص الشرعي، ومن هنا فقد فصّل أهل الفقه في المسألة على وجوه، ويمكن إجمالها فيما يأتي.
بعد أنْ اتّضح الحكم الشرعي للهجر، وأنّ الهجر المباح أنْ لا يتجاوز ثلاثة ليالٍ كما تقدّم تفصيل ذلك بالدّليل الشرعي؛ فإنّ هناك حالاتٌ تستثنى من عموم هذا الحكم، وقد أبان عنها العلماء، وكشفوا عن مسائلها، وبيان ذلك فيما يأتي:
استشرف أهل الدراية في مقاصد الشريعة والأحكام أنّ الحكمة الشرعية المُرادة من جواز هجر المسلم أخاه ثلاث ليالٍ هي أنّ يسكنَ الغضب، وتهدأ النّفس من دواعي الشحناء، ذلك أنّ الأمر الذي حمل على الهجر يزول بانقضاء هذه المدّة، لذا حرّم الشّرع الزّيادة فيها وفق ما تمّ بيانه، وقد تجاوز الشّرع عن الهجر في الثلاث ليالٍ مراعاةً لحال الإنسان عند نشاط غضبه، وربّما كان للإنسان حين غضبه حظّاً لنفسه، أو عقد أمره على أنْ لا يعفو عن أخيه؛ فسومِح في تلك الفترة لزوال أثر تلك الانفعالات عنه.
لا ريب أنّ الهجر صفةً تستجلب سخط الله سبحانه، وعقابه على الهاجر والقاطع، وهي كذلك سببٌ في منع وتأخير مغفرة الله لعباده، والهجر حبلٌ من حبائل الشيطان الكثيرة، إذ ينفذ من خلالها لإغواء النّاس وإفسادهم، ويعرّضهم لدخول جهنّم، ومعلوم أنّ الهجر إذا تعدّى الحدود الشرعيّة بطبيعته ومدّته؛ فإنه يسبّب مشكلاتٍ اجتماعيةٍ متعدّدةٍ، ومن أهمّها تّفكّك روابط العقد الاجتماعية بين أبناء المجتمع الواحد.
موسوعة موضوع