الشك في وجود الله سبحانه وتعالى كفر، إن كان صاحبه متيقناً به، وكان هذا اليقين مستقراً في قلبه الغافل، ولا يَجدّ حرجاً في أن يتحدّث به أمام الناس، أمّا إن راود هذا الشكُّ الإنسانَ فجأةً، وحاول جاهداً التخلصَ منه، فهذا الإنسان مؤمن، ولا تُؤثّر هذه الشكوك في صحّة إيمانه، وعليه عندما تَغزو هذه الأفكار عقله، أن يُحاربَها، ويَطردَها، ويستعيذَ بالله عزّ وجلّ منها،فالشكّ في وجود الخالق جلّ جلاله كفر، ويُعدّ صاحبه مُرتدّاً عن الإسلام، إن كان هذا الشكُّ قائماً على اليقين به، كما تمّ ذكره في الأعلى، ولو راجع هذا المُرتدّ نفسه، ورجع عن شكّه، وتاب إلى الله سبحانه وتعالى، فالله جلّ في عُلاه يقبل التوبة عن عباده التائبين، ويَغفر خطاياهم، حيث قال تعالى في كتابه العزيز: (وَإِنّي لَغَفّارٌ لِمَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا ثُمَّ اهتَدى).
كلّ ما يَضمّه هذا الكون الواسع دلائل كبرى على وجود الله عزّ وجلّ، وأوّلها ما هو ظاهر للعيان، وهو صُنع الله المُتقن، وإبداعه في وضع نظام لهذا الكون، وجعْلِ جميع المخلوقات تعيش فيه بانسجام دون خلل، أو اضطراب، وهذا الإتقان لا يُمكن أن ينشأَ وحدَه، فلا بُدّ من خالق عظيم قد أوجده، ومن هذه الدلائل السماوات، والأرض، والليل، والنهار، والغيث الذي يُعيد الحياة للأرض، والرياح التي يتحكّم بها خالقها، وبما تحمله حسب ما يحتاجه عباده، والسُّفن التي تجري في البحر بأمره، وبما فيها من منافعَ، والسحاب الذي يُسخّره لبلد دون بلد، حسب مشيئته وإرادته، وكل هذا الإبداع لا يَقدر عليه سواه سبحانه، فهذه دلائل كونيّة على وجود الخالق جلّ في عُلاه، وعظمته، قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
من دلائل وجوده أيضاً، الكواكب، والمجرّات، والأنهار، والبحار، والأشجار، والزرع، والجبال الرّاسيات التي تُرشد الناس في طريقهم، والحيوانات، كالإبل وما تعود به على العباد من منافعَ من لحم ولبن، وكذا الإنسان، وكيف خلقه الله وأبدعه في أحسن تقويم، وخلق فيه الخلايا، والأجهزة التي تعمل بإتقان، فهو آية عظيمة على وجود الله عزّ وجلّ، وقدرته، قال تعالى: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ).
ثمّةَ أسباب على الإنسان أن يأخذَ بها، ليتيقّن بوجود خالقه سبحانه، ومنها:
موسوعة عين