حركة التأليف والنشر في منطقة جازان في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
حركة التأليف والنشر في منطقة جازان في المملكة العربية السعودية

حركة التأليف والنشر في منطقة جازان في المملكة العربية السعودية.

 
أولاً: النثر الأدبي
 
حركة التأليف قديمة في جازان قِدَم الحركة العلميّة والأدبيّة فيها، ومخطوطات الأدب - بشعره ونثره - والتاريخ والشريعة شواهد على ذلك. أمّا في العصر الحديث فقد تجلّت هذه الحركة بصورٍ لافتة، ففي ميدان النثر الأدبي برز روّاد المترسّلين، مثل عبدالله بن علي العمودي المتوفَّى سنة 1398هـ / 1978م، وهو صاحب كتابَي (اللامع اليماني في تاريخ المخلاف السليماني)، و (المداد الذهبي بشرح منظومة الأديب الهبي) وهما مخطوطان؛ وكذلك علي بن محمّد السنوسي المتوفَّى سنة 1363هـ / 1944م، وهو صاحب كتاب (السِّماط الممدود في رباط المحبة والعهود)، وغيرهما. وكذلك عُرف في فنّ المقامة الأدبيّة كتّابٌ مثل الشيخ عبدالله العمودي، في مثل مقامته (فَيْفَاء الريح)  .  إلاّ أن أساليب الكتابة في فنَّي الرسالة والمقامة ظلّت ترسف في أغلال البديع والغريب ومحاكاة الأساليب الإنشائيّة العتيقة، شأنَ أسلوب الكتابة العربية الغالبَ في عهودها الأُوَل. وقد صاحبت حركةَ النشر بزوغُ شمس الصحافة في المملكة، وكان للجيل الصاعد من مثقفي جازان - منذ السبعينيّات من القرن الرابع عشر الهجري/خمسينيات القرن العشرين الميلادي على وجه الخصوص - شأن في الصحافة والإعلام، ورَأَسَ بعضهم تحرير عدد من الصحف والمجلاّت. وإبّان ذلك كانت لفن المقالة مكانتها المرموقة عند المشتغلين بالصحافة من الكتَّاب وسواهم، وكان من أوائل كُتاب المقالة الصحفيّة - تاريخيّة، واجتماعيّة، ونقديّة، وسياسيّة - يومئذٍ: ناصر مصطفى هندي، وحسن بن أحمد بن عبدالرحمن البهكلي المتوفَّى سنة 1411هـ / 1990م، ومحمّد زارع عقيل، ومحمّد العقيلي، ومحمّد السنوسي. ثم تلاهم جيل آخر، من أعلامه: علي العمير، وهاشم عَبْدُه هاشم، وعلوي طه الصافي، وعلي رفاعي، وناصر قاسم.. وتوالت أسماء كثيرة بعدهم. ولعلّ أوّل عمل روائي نُشر لكاتب من منطقة جازان هو رواية (ليلة في الظلام) لمحمّد بن زارع عقيل المتوفَّى سنة 1408هـ / 1988م، ودارت أحداثها حول بعض الأعراف الاجتماعية والتقاليد في منطقة جازان. ثم تلته رواية أخرى للمؤلف نفسه هي: (أمير الحُبّ)  ،  وقد عُدّت أول رواية تاريخيّة في المملكة  .  وهي في حقيقة الأمر عمل تعليميّ تاريخيّ على نمط الأعمال التاريخيّة في عهدها، تدور أحداثها في العصر الأموي، بطلاها: خالد بن يزيد، ورملة بنت الزبير، ولمّا كان باعث الرواية تعليميًّا في الأساس فقد رجع الكاتب إلى عشرة كتب تاريخيّة كان يوثّقها في حواشيه، وأثبتها في آخر النصّ. وكغيرها من روايات عصرها - ومنها أعمال المؤلف الأخرى - ولطبيعة البيئة التاريخيّة التي سيقت فيها الأحداث فقد جاءت الرواية تصطنع لغةً أدبيّةً جزلةً، وأسلوبًا بيانيًّا فخمًا؛ إذ لم يكن الأسلوب عهدئذٍ وسيلة تعبيرٍ عن الحياة والناس فحسب، بل هو قبل ذلك غاية فنّيّة في ذاته، وهو ما جنى فنّيًّا على ما كان ينبغي في لغة الحوار القصصي من مواءمةٍ لمن تُلقى على ألسنتهم من الشخوص. على أن ذلك قد بقي ملحوظًا على لغة الحوار في أعمال روائيّين لاحقين، مثل هادي أبو عامرية في روايته (الأشباح) - على سبيل المثال - التي نشرها سنة 1409هـ / 1989م  .  وتأخَّرَ ظهور عمل روائي آخر - بعد (أمير الحُبّ) - إلى سنة 1395هـ / 1975م، حينما أصدر عُمَر طاهر زيلع نصًّا روائيًا بعنوان (القشور). ثم في سنة 1401هـ / 1981م نشر نادي جازان الأدبي (الصندوق المدفون) لطاهر عوض سلام، و (بين جيلين) لمحمّد بن زارع عقيل. وفي 1403هـ / 1983م نشر نادي الطائف الأدبي رواية (الحُبّ الكبير) لحسن بن ناصر المجرشي. وفي 1405هـ / 1985م نشر نادي جازان الأدبي رواية (دموع الندم) لأحمد بن علي حمود حبيبي. ويُمكن للدارس أن يلحظ من خلال أعمال طاهر عوض سلام - إذا أُخذت نموذجًا - تطوّرًا فنّيًّا يردفه تطوّر اجتماعي؛ ذلك أن الشخصية الروائية في عمله الأول (الصندوق المدفون) عام 1401هـ / 1981م كانت ثابتة غير نامية. أمّا بيئة الأحداث فمع أنها كانت جازانيّة إلا أنها كانت تَرِد غير محدّدة، ولا حتى مسمّاة. وأغلب التفسير للعموميّة في وصف المكان هاهنا يرجع إلى ما كان يستشعره الكاتب من حَرَج اجتماعي في مرحلته تلك، بدليل أنه في أعماله التالية - (فلتشرق من جديد) سنة 1403هـ / 1983م، و (عواطف محترقة) سنة 1406هـ / 1986م، وإنْ لم يكن الفاصل الزمني بين تجاربه تلك طويلاً - قد جعل يشير إلى المواطن التي تدور فيها الأحداث، غير أن ذلك قد ظلّ في حدود الإشارة لا أكثر. والعموميّة الوصفيّة - على كل حال - ظاهرة فنّيّة سادت روايات سلام وغيره من معاصريه، حتى في وصفهم الشخصيات الروائيّة؛ ذلك أن السرد في تلك المرحلة كان - على غرار الحكايات الشعبيّة - غايته العِظة والعبرة، والتوجيه الأخلاقي، والتربية والتعليم، متأثرًا - فضلاً عن التراث العربي - بأقاصيص المنفلوطي وجرجي زيدان وأمثالهما  .  إلا أن روايات سلام - على الرغم من عموميّة التعامل فيها مع المكان والشخصيّات - قد جاءت صورة ثقافية جازانية خالصة، نقل الكاتب من خلالها جملة من خصائص البيئة الطبيعيّة والظروف الاجتماعية، مثل: تصويره الحياة الزراعية التي كان يعيشها الناس، والوضع الاجتماعي السائد، من حيث مشاركة المرأةِ الرجلَ في العمل خارج المنـزل مثلاً، أو ما كان معهودًا من الثقافة الشعبيّة، والأفكار الأسطورية الخرافية  .  وجاء من بعد ذلك جيلٌ روائي حديث، حاول الأخذ بتقنيات حديثة في السرد، أول أسمائه اليوم: عَبْدُه خال، الذي يُلحظ في روايته الأخيرة (نباح) سنة 1425هـ / 2004م سعيٌ حثيث إلى التجريب والمزاوجة بين الأجناس، والأخذ بالآليّات الشعريّة السرديّة، من مثل تبدّيها - على سبيل المثال - في أسلوب اليوناني نيكوس كازانتزاكي، كما في عمله (زوربا). إضافة إلى مراودة عَبْدُه خال حساسية روائيّة تتسم لديه بضرب ممّا يُعرف - نقديًّا - بالواقعيّة السحريّة (Magic Realism)  ،  على غرار تجلّيها - عالميًّا - في أعمال الكولمبي غابرييل غارسيا ماركيز. أما في مجال القصة القصيرة فإن النصّ الأول ظهر منشورًا في جريدة (عكاظ) في محرم 1366هـ / 1947م بعنوان (إبحار في الليل)   لسهلي بن سهلي عُمَر. ثم نشر محمّد زارع عقيل قصصًا قصيرة في مجلة (المنهل) منذ ربيع الأول 1375هـ / 1956م، مثل: (قلب الأسد والفارس الملثّم)، و (عائشة بنت المعلّم)، و (الوفاء)، و (مناجاة هدهد)، و (جهاد امرأة)  .  ثم نشر أحمد عبدالله با هادون العطّاس نصًّا بعنوان (بهيسة وجائزة السلام) في مجلة (المنهل) سنة 1387هـ / 1967م. وتتابعت قصص ومجموعات قصصيّة كثيرة، لعبدالعزيز الهويدي، وعلوي طه الصافي، وحجاب الحازمي، ونجوى محمّد هاشم، وعَبْدُه خال، وأحمد إبراهيم بن أحمد يوسف، وعمرو محمّد العامري، ومحمّد منصور المدخلي، ومحمّد عبدالله المنقري.
 

الشعر

 
وإبّان اتصال المنطقة بالصحافة في الحجاز بدأت تنشر لشاعر جازان المعروف إذ ذاك علي السنوسي، فنُشرت له سنة 1356هـ / 1937م قصيدة في جريدة (أُمّ القُرَى)، ثم في سنة 1359هـ / 1940م نُشرت له ثلاث قصائد له في مجلة (المنهل)  
 
وكانت أوّل مجموعة شعريّة تظهر من منطقة جازان ديوان (شعراء الجنوب) لكلٍّ من علي بن محمّد السنوسي، ومحمّد بن أحمد العقيلي، ومحمّد بن علي السنوسي، وأحمد بن علي بن عبدالفتاح الحازمي، عام 1372 - 1373هـ / 1953 - 1954م؛ بيد أنها لم تُطبع في جازان، بل في (دار الكمال) في عَدَن  .  وقبل ذلك لم يكن الشعر في جازان يعدو مجالُه حفلَي عيد الفطر والأضحى  .  يقول السنوسي   عن تلك التجربة:
 
" قال لي صديقي العقيلي: ألا ترى يا أخي أن نجمع قصائدنا وننشرها في كتاب؟، ولم يكن في ذلك الوقت في جازان مطابع ولا حركة أدبيّة، وكانت ثقافتنا قائمة على الجرائد، وعلى الكتب التي نجدها عند الوالد، وعند الشيخ عقيل بن أحمد، قلت: بلى. فقمتُ واعتكفتُ في بيتي شهرًا، وهو اعتكف في بيته شهرًا، لنجمع القصائد الصالحة للنشر. طبعنا القصائد هذه في عَدَن. تمّ هذا على يده، إذ أرسل قصائدي وقصائده، واخترنا للوالد بعض القصائد، كما طلبتُ من الشاعر أحمد الحازمي إعطاءنا ما عنده. وطُبع الكتاب، فخَرَج أول كتاب عن شعراء الجنوب، تأليف محمّد السنوسي ومحمّد العقيلي. فيه ترجمة لوالدي (رحمه الله)، وترجمة للأستاذ العقيلي، وترجمة لي، وترجمة لأحمد الحازمي. وهو المصدر الأساس لانطلاق الشعر والأدب في جازان "
 
وفي عام 1380هـ / 1960م نشر محمّد السنوسي ديوانه الأوّل (القلائد). تلاه في عام 1384هـ / 1964م علي بن حسين الفَيْفي بنشر ديوانه الأول (أصداء الذكريات)، ثم ديوانه الثاني (أجراس) عام 1391هـ / 1971م. وفي العام نفسه نشر محمّد بن أحمد العقيلي ديوانه الأول (الأنغام المضيئة). وعقب إنشاء نادي جازان الأدبي جاء في رأس إصداراته ديوان محمّد السنوسي (الينابيع)، في 1397 - 1398هـ / 1977 - 1978م. وبهذا تشكّل جيل البدايات الشعريّة الحديثة في جازان بعد مخاض من الأسماء الشعريّة - مثل: علي بن حسن الضَّمَدي، ومحمّد حيدر القبي النعمي، وعلي إبراهيم عطيف النعمي، وعلي بن محمّد السنوسي، وعبدالرحمن المعلمي، وعبدالله العمودي... وغيرهم   ممّن لم يتحقّق لهم من التألّق وذيوع الصيت ما تحقّق للجيل التالي الذي واكب النهضة الحديثة ووسائل النشر والثقافة. وفيما يأتي وقفات مقتضبة حول مسيرة الإنتاج الشعري في جازان، وتدور حول محطات مهمّة، منها ما يأتي: تبدأ هذه الوقفات بمؤرخ جازان: العقيلي المتوفى سنة 1423هـ / 2002م، الذي ألَّف في التاريخ والآثار، ثم في الأدب. والحديث عن العقيلي شاعرًا لا ينبغي أن يغفل عنه مؤلّفًا في ضروب المعرفة المختلفة، بل إن هذه الاهتمامات العلميّة كانت تسهم في تشكيل شاعريّته ولا ريب. ويُعدّ العقيليّ من شعراء المنطقة الروّاد في نشر شعره عبر الصحف والمجلاّت المحلّيّة، وقد تُرجم بعض نصوصه الشعرية إلى الفرنسية، وحصل على جوائز داخلية وخارجية على جهوده العلمية والأدبيّة. وكانت تتقاسمه الاهتمامات العلمية والأدبيّة، فيؤلّف في اللغة، والأدب، والتراث الشعبي، والتحقيق، والتاريخ، والجغرافيا، والآثار. ففي اللغة ألّف عن (اللهجات المحلّيّة)، و (أسماء النبات). وفي الدرس الأدبي وتاريخ الأدب ألّف عن الأدب والأدباء في منطقة جازان، وجنوب الجزيرة، ومنطقة تهامة. وفي التراث الشعبي ألّف عن (الأدب الشعبي في الجنوب). وفي التحقيق قدّم دواوين عدد من شعراء المنطقة القدماء مثل: ابن هُتَيْمِل، وابن شاجر. وفي التاريخ كتب في تاريخ المخلاف السليماني، وفي تاريخ عسير، وتاريخ نجران، وأضواء على تاريخ الجزيرة، كما حقّق عددًا من الكتب التاريخيّة. وفي الفِرَق والمذاهب كان له كتاب (التصوف في تهامة). وفي الآثار وضع كتيّبه الوثائقي: (الآثار التاريخية في منطقة جازان)  . وفي الجغرافيا شارك في مشروع الشيخ حمد الجاسر الجغرافي وهو كتابه (المعجم الجغرافي لمنطقة جازان). إن ما سبق يشكل - بمجمله - مكتبة كاملة، خدم فيها العقيلي تراث المنطقة والجزيرة العربيّة بعامة، حتى قال عنه حمد الجاسر: " ما قرأت بحثًا أو كتابًا لأخي الأستاذ العقيلي إلا وذكرتُ علاّمة العرب الهمداني صاحب المؤلّفات في كل جانب من جوانب المعرفة، وأعُجَب بما يتصف به الهمداني من صبر وجَلَد ودأب في مواصلة الدراسة والتأليف في موضوعات ندر من تصدّى لها من أهل زمنه، فأجد العقيليّ سائرًا على نهج ذلك العَلَم، يؤلّف مختلف التآليف عن النبات، والتصوّف، واللهجات وغيرها، بالإضافة إلى مؤلفاته في التاريخ، والجغرافيا، والأدب، والشعر "  .  وكان العقيلي - بعقليته التاريخيّة التوثيقيّة - لا يُهمل شيئًا من نتاجاته الثقافية دون توثيق، فقد جمع مثلاً كتابًا بمحاضراته بعنوان: (محاضرات في الجامعات والمؤتمرات)، وآخر بمراسلاته بعنوان: (العقيلي في رسائل معاصريه). وذلك كله سوّغ أن يُنعت العقيلي بـ (العالم الموسوعي) كما جاء في كتاب محمّد الصادق عفيفي، بعنوان: (محمّد بن أحمد العقيلي: العالم الموسوعي والأديب والباحث الموضوعي) الذي ضَمّنه عشرة أبواب عن: حياة العقيلي، العقيلي المؤرخ، العقيلي الشاعر، العقيلي المحقّق، العقيلي المؤرّخ الأدبي، العقيلي دارسًا للتصوّف، العقيلي المعجميّ، العقيلي باحثًا في الأدب الشعبي، العقيلي ناقدًا، والعقيلي كاتبًا للتراجم. وفيما يخص الشعر فقد مرَّ بنا أنه - مع زميليه محمّد بن علي السنوسي وأحمد بن علي بن عبدالفتاح - شارك في طباعة أول ديوان شعريّ لشعراء من منطقة جازان في العصر الحديث، وهو ديوان (شعراء الجنوب)، ثم أتبعه بدواوينه: (الأنغام المضيئة)، و (أفاويق الغمام)، و (رأد الضحى). وفي دراسة أجراها خالد بن ربيع الشافعي عن العقيلي، يخلص إلى أن شعريّة العقيلي لا تكاد تختلف عن علميّته؛ " فقد غلبتْ عليه الصفة العلميّة فالبحثيّة، وطغتْ على إبداعاته الأدبيّة وعلى رؤيته المعرفيّة العميقة "  .  وهو ما سبقه إلى تقريره عمر الطيب الساسي حينما أشار إلى أن العقيلي " تنعكس صرامته العلميّة على شعره الجاد الذي كان فيه أيضًا (ابن بلَد) شديد الإخلاص لمنطقته التي تغنّى بها، وافتخر بخدمة تراثها "  .  وكان هذا الحسّ العلميّ يتدخّل في بناء العقيلي لقصيدته، من نسيجها الفنّي، وتكوينها الموضوعي، ولغتها التعبيريّة، وقد سادت أسلوبَه نبرةٌ تقريريّة، حافلة بـ (حيث، ولمّا، وإنّ).. ونحوها، وغلبتْ المباشرة على الخيال، والحقيقة على انـزياحات المجاز  .  غير أن من الحقّ هاهنا عدم عَزْو هذا الطابع العام لشعر العقيلي إلى تأثّره بالممارسة العلميّة وحدها، بل كذلك إلى استعداده الفطريّ من جهة، وثقافته التراثية التقليديّة الغالبة من جهة أخرى، وهو ما تبدّى على بناء القصيدة لديه واقتفائها آثار الأقدمين. ويمكن أن يُضاف إلى هذا ما يلحظه القارئ في نتاج العقيلي - عمومًا - من أن المعلومة قد استغرقته عن الكلمة، والتاريخ قد طغى لديه على تجويد الأسلوب، بل حتى على سلامة اللّغة والنحو أحيانًا، وذلك ظاهر في كتاباته النثرية قبل الشعريّة. ومن عرف لديه هذا المستوى التمس أحد أوجه العلّة في فقدان التوازن بين الكفّتين: التاريخ والأدب. ومع هذا فإن الباحث (الشافعي) قد توقف أمام بعض الإشراقات الفنّيّة في شعر العقيلي، سواء تواردت إليه عن ثقافته التراثية، أو عن قراءاته في شعر المهجريين، وجماعة أبولّو، والديوان، أو من خلال رحلاته في العالم، ولا سيما في أوربا وأمريكا التي حاول - شِعْرًا - وصف مشاهداته فيها، ورصد انفعالاته الإنسانيّة بها، كما في نصّه الذي أسماه: (ملحمة جازانيّة المنشأ باريسيّة الموضوع والمولد)  .  بيد أنه ظلّ - حسب المصطلح الذي استخدمه الدارس - " في دائرة الشعراء الاتباعيين "  .  ثم يأتي رفيق درب العقيلي الشاعر محمّد بن علي السنوسي المتوفى سنة 1407هـ / 1987م، ويقول عنه العقيلي في اعتداد: " إن العقيلي والسنوسي لا يُذْكر أحدهما إلا مع الآخر، ربطتنا صداقة العمر وزمالة العلم والأدب "  .  وبين الرجلين حقًّا من تشابه السيرة ما يلفت النظر، غير أن السنوسي قد منح الشعر من نفسه مثلما منح العقيليُّ البحثَ والتأليف من نفسه، مع ما بين الرجلين - بالطبع - من تمايُزٍ في الموهبة والتمكّن اللغويّ، وقد أصدر السنوسي خمس مجموعات شعريّة هي: (القلائد)، و (الأغاريد)، و (الأزاهير)، و (الينابيع)، و (نفحات الجنوب). وكتاب نثري بعنوان: (مع الشعراء). عُرف السنوسي بلقب (شاعر الجنوب)، ويُعدّ من الرعيل الأول من شعراء المملكة، وقد تُرجم بعض قصائده إلى الإيطالية، ونال التكريم داخليًّا وخارجيًّا عن شعره. وهو شاعر - كما يقول أحد الباحثين - " مزج في شعره بين القديم والحديث، مع الميل الشديد إلى التجديد المحافظ، ممّا أكسب شعره رونقًا وبهاءً "  .  وقد عُدَّ " في مقدّمة الشعراء الوصّافين المبدعين "  .  وعن شعر السنوسي كُتب عدد من الدراسات، منها دراسة بعنوان: (الاتجاه الإسلامي في شعر السنوسي) للباحث مفرح إدريس، وأخرى بعنوان: (السنوسي: حياته وشعره) للباحث محمّد القسومي، ومن الكتب عن شعره أيضًا كتاب بعنوان: (دراسات في شعر محمّد بن علي السنوسي) تضمّن أربع دراسات: (دراسة في عناصر التشكيل الجمالي) لربيع محمّد عبدالعزيز، و (المحور الروحي في شعر السنوسي) لخالد محمود دياب، و (لغة الشعر عند الشاعر) لمحمود دياب محمود، و (العروبة في شعر السنوسي) لأحمد مختار مكّي. ومع هذا فإن عُمَر طاهر زيلع - وهو يستهلّ هذا الكتاب - قد أخذ على الحركة النقدية عدم مواكبتها حركة الشعر في جازان إبان المرحلة السنوسيّة أو مراجعة تلك الحركة، إذ يقول: " أستطيع هنا أن أقول بملء الفم إنَّ أيًا من شعرائها - وهم كثيرون - وموهوبيها الفاعلين لم يحظَ بدراسة عميقة متخصّصة شاملة، لا السنوسي ولا غيره، باستثناء أعمال نقديّة نادرة جاء بعضها مؤسَّسًا على الرغبة في تطبيق نظريات بعينها، كما جاء الآخر مفتقرًا إلى مراجع البحث في السمات الثقافيّة العامة المتشكلة مع معطياتها "  .  ولعلّ زيلع كان يومئ بهذا الصنف الأخير إلى تلك الدراسات الأربع نفسها التي حامت حول شعر السنوسي ولم تتعمق فيه، باستثناء الدراسة الأولى التي سنكتفي هنا بإضاءتها. تألفتْ تلك الدراسة من مباحث ثلاثة: جاء الأول عن (دور الألفاظ في التشكيل الجمالي)، تناول الدارس فيه روافد المعجم السنوسي الشعريّ التي وجدها تتمثل في أربعة روافد: رافد تراثي، ورافد إسلاميّ دينيّ، ورافد لغوي حديث يقبس من اللغة الثقافية للقرن العشرين، ورافد ليس بعربي، فيه الدخيل والمعرّب. ليخلص من ذلك إلى ثلاث نتائج تتعلّق بالمعجم الشعري لدى السنوسي: 1- تلوُّن لغته بحسب سياق القول، تُغرِب تارة وترقّ أخرى. 2- البراعة في استحياء مفردات عربية مهجورة، ونفحها أنفاسَه العصريّة كي يوظّفها في مواطنها الملائمة من نصّه الشعريّ. 3- جاء معجمه الشعري يعكس تنوّع ثقافته من جهة، واحتفاءه باللغة في مستوياتها العربية العريقة من جهة أخرى  .  كما درس الباحث بواعث التكرار في شعر السنوسي وأنماطه. أمّا المبحث الثاني فكان حول (الصورة الشعرية)، وقد درس فيه الباحث تأثيرات البيئة الثقافيّة على الصورة، وتأثير الخيال والحواسّ، والنـزعة التشخيصيّة في شعر السنوسي، وتراسل الحواس، ومزج المتناقضات، وعيوب الصورة الشعرية. وقد أظهرتْ الدراسة أن شعر السنوسي كان متأثرًا بتجديدات الرومانسيين والرمزيين في بلاغيات الصورة، ولا سيما في تشكيلها عن تراسل الحواس  .  ولا غرو؛ فتأثر السنوسي ظاهرٌ بمعاصريه من شعراء الحجاز، ومصر، والشام، والمهجر  .  وقد كان على صلة ببعض معاصريه من الأدباء في مصر، والشام، والعراق.. وغيرها  .  أمّا المبحث الثالث فكان حول (موسيقى الشعر عند السنوسي)، شمل - أولاً: الموسيقى الداخلية: التصريع، وتكرار الحروف، والتقفية الداخليّة. وثانيًا: الموسيقى الخارجية؛ فتطرَّقَ إلى تَرَاوُحِ إنتاج السنوسي بين المطوّلات الشعرية والقصائد القصار، ثم أنواع القوافي لديه. ثم ظهر في مسيرة المنتج الشعريّ في جازان جيلٌ وسيط، كان أكثر انفتاحًا على الجديد من جيل العقيليّ والسنوسيّ، وإن ظلّ - بحكم تأسيسه الثقافي وبنائه الفكريّ - متشبّثًا بأشرعة التراث. حتى لتراه - بالنظر إلى الجانب الشكليّ من القصيدة، بوصفه مؤشرًا دالاًّ - يراوح بين البيت الشعريّ والتفعيلة، وهو ما لم يكن فيه مرتع للجيل السابق. ولعل النموذج الأول من هذا الجيل يتمثّل في تجربة الشاعر أحمد بن يحيى البهكلي الذي يُعَدّ من شعراء الموجة التجديدية الأولى، لا في منطقة جازان وحدها بل في المملكة كلها  .  وقد طَبَع مجموعته الأولى: (الأرض والحُبّ) التي نشرها نادي جازان الأدبي 1398 - 1399هـ / 1979م، وأتبعها بمجموعته الثانية: (طيفان على نقطة الصِّفْر) التي نشرها نادي جازان الأدبي 1400 - 1401هـ / 1980 - 1981م، ثم الثالثة: (أول الغيث) وقد نشرها نادي الرياض الأدبي عام 1412هـ / 1991م. وقد كان لثقافة البهكلي اللغوية المتخصصة - فقد درس اللغة العربيّة، وتخصص في (اللغويات) من جامعة إنديانا في الولايات المتحدة الأمريكية - أثرها في شعره، ما دفع حجاب الحازمي   إلى أن يذهب إلى أن ثقافة البهكلي اللغويّة تقف وراء ما يشفّ عنه شعره من اكتمال أداة، وما يتّصف به نسجه من شدة تركيز، وما يسود أسلوبه من جزالة لفظٍ. ومع الغنائيّة الدفّاقة التي تغلِّف النصّ البهكليّ، فإنه يظلّ طمّاحًا إلى الرؤية الأعمق، والصورة الأنأى، والفكرة الأبعد، ما يجعل " الوصول إلى عالمه الشعري، والغوص في عمق تجاربه الشعريّة، لا يتأتّى دون إعمال شيء من الفِكر، ومحاولة إعطاء الذهن فسحة للتأمّل الواعي "  .  وتلك مرحلة شعريّة مثّلها البهكلي، كانت قد اجتازت - بثقافتها وتفاعلاتها، ووعيها بطبيعة الشعر ووظيفته - قالب التراث العتيق، وعتبة الرومانسية الخالصة، إلى صعيد الخصب الشاعريّ في تفاعل الإنسان، حيث يعتنق تيارُ الوجدان تيّارَ الفكر. وهذا ما يلفت نظر الراصد في مثل قول الحازمي   - وهو يتحدث عن تفرّد البهكلي بين شعراء جيله -: إن " تذوّق شعره يستحيل إلى تفاعل تضطرب معه الأحاسيس، وهذا ما يحرص الشاعر على تحقّقه ". وقد كُتب حول شاعريّة البهكلي بضع دراسات نقديّة، ورسالة علميّة بعنوان: (شعر أحمد بن يحيى البهكلي: دراسة وتحليل) للباحث حزام بن سعد الغامدي. وخَلَف من بعد جيل البهكلي جيلٌ أشدّ توقًا إلى التحديث، وتطلّعًا إلى نقش اسمه في لوحة الحداثة، ووعيًا بمسؤوليته الفنّيّة، منه مَن ظلّ محافظًا على الموسيقى الإيقاعية للشعر من خلال التفعيلة، ومنه من انـزاح صوب قصيدة النثر. من نماذج الفريق الأول على - سبيل التمثيل -: علي محمّد الحازمي، وهو في تأسيسه كالبهكلي، فقد درس اللغة العربيّة متخصصًا في البلاغة والنقد. أصدر مجموعته الشعريّة الأولى (بوابة للجسد) عام 1415هـ / 1994م، ثم (خسران) عام 1420هـ / 1999م، ومؤخّرًا: (الغزالة تشرب صورتها) عام 1425هـ / 2004م. وقد أُدرج ضمن فئة الشباب التي انحازت إلى الاتجاه التجديدي، " وإن كانت له - كما يقول - تجارب شعريّة تنحو منحى التجديد المحافظ "  .  وقد عبَّرت شاعرية علي الحازمي عن حساسيّة شعريّة أحدث في مسيرة الشعر في جازان، يميّزها - على مستوى الصورة - الانصراف إلى بلاغيّات اليوميّ البسيط والإنساني المعاش، مترسّمًا - في غضون ذلك - آثار تيار عربيّ إنسانيّ معاصر، وبصماتُ التمثّل الشديد لتجارب بعض رموزه ماثلة في نسجه. وهو - على مستوى اللغة الشعريّة - يمتلك مقدرة على المعادلة الجماليّة بين الغموض النسبيّ الناجم عن تكثيف اللغة، وبين شفافية يصل بها النصّ إلى متوسطي الثقافة من قُرَّاء الشعر، وهو يمارس هذا عن قصديّة ووعي نقديّ، كما يدلّ على ذلك قوله: " أنا أهتم كثيرًا بالمتلقّي ولا أُجلسه مقعدًا بعيدًا، وإنما أحاول أن أجد له مكانًا... وهذه المسألة تنبع من إيماني الكبير بالابتعاد عن الفوقيّة التي يمارسها بعضٌ؛ لأن القصيدة في النهاية إليه. لو أن الشاعر كان واعيًا بدور المتلقّي لما حدثت مثل هذه القطيعة... "  .  والشاعر علي الحازمي إلى جانب وعيه النقديّ الملحوظ يتكئ على تأسيس لغويّ ظاهر، وتمكّن فنيّ لافت؛ ذلك أنه - فضلاً على تخصّصه في اللغة والنقد - صاحب تجربة انطلاقيّة في القصيدة العربية، وفق شكلها التراثي  .  وهو يرى - في أحد الحوارات معه - أن " التجارب الحديثة التي تنطلق من التراث هي التي سيُكتب لها النجاح؛ لأنها لا تترك فجوة أو هُوّة كبيرة بينها وبين المتلقّي العربي... "  .  وهذا إذًا ما هيّأ له الإمساك بأدواته الأصيلة وتطويرها، على سويّةٍ تبدو عالية التميّز والنضج، مقارنةً بأترابه. وقد كُتب حول تجربة الحازمي عدد من المتابعات النقديّة والتحليلات الصحفيّة احتفاءً بصدور مجموعاته الشعريّة، وقد تضمّنها موقعه الشخصي على شبكة (الإنترنت). أمّا قصيدة النثر؛ فمن نماذج كاتبيها اليوم: الشاعر موسى العزّي معافَى، وهو يكتب قصيدة التفعيلة أيضًا. وتحمل تجربة العزّي المزيج الأجدّ، سواء في ثقافتها أو في اشتمالها على أجناس فنّية متنوّعة، وقد أفرزت طلْعًا إبداعيًّا مختلفًا عن نتاجات الأجيال الثلاثة السابقة؛ فهو درس الأدب الإنكليزي، وعَمِل معلِّمًا للُّغة الإنكليزية. وقد بدأ طريقه في النثر الفني من خلال كتاب بعنوان (الغياب) عام 1422هـ / 2001م، وحصل به على جائزة نادي جازان الأدبي في العام نفسه. إلى جانب أنه من هواة الفن التشكيلي، وشارك في بعض المعارض التشكيلية. من هنا جاء نتاجه الشعريّ ذا مزاج خاص ونكهة مغايرة، فمنه ما يأخذ من قصيدة النثر اختزالها، لكنه يحافظ على التفعيلة، في مثل قوله: نهرٌ ينام بساعدي
يغفو بليل الأوردةْ
وإذا تنـزّتْ أحرفي
بهوى الكتابةِ
سالتْ محاجر مائهِ
نهرًا بسطح الطاولةْ  
ومنه ما يظهر أثر التقنية التشكيلية فيه، مثل نصّه: أرسم دائرةً على عينٍ
وأفقأ الأخرى
بسهمٍ قوسُه القلبُ
ونَبلُه الذكرى  
فمثل هذا النصّ يتكشّف عن نثرية تعتمد الرسم، في وقتٍ لا تفارقها فيه التقفية. وتلك ثمرة الموهبة متعدّدة المشارب. وقد طرح العزّي أولى مجموعاته الشعرية بعنوان (ثقب الذاكرة) عام 1423هـ / 2002م، وثنّى بـ (مُتعب لأكتمل)، وهي قصائد نثر وتفعيلة، عام 1425هـ / 2004م. وفي موقعه على شبكة (الإنترنت) جملة من نصوصه، مع بعض لوحاته الفنّية. هكذا كانت رحلة النثر الأدبيّ والشعر في جازان، في تحوّلات خطواتها الفنّيّة ووتيرتها التجديديّة.
 
المطابع
 
كان محمّد بن أحمد العقيلي قد أنشأ شركة مطابع في مدينة جيزان، إلا أن معظم ما نشرته الشركة كان من نتاج العقيلي نفسه، بل كان العقيلي يستعين بمطابع في جُدّة أو الرياض لإتمام بعض الجوانب الفنّيّة فيما طبعه من الكُتب في مطبعته. ولا توجد في منطقة جازان الآن سوى مطبعتين في مدينتَي جيزان وصَبْيا، وكلتاهما لا تملك الإمكانات الكاملة لطباعة الكُتُب، ولذلك فإن إصدارات الكُتب من المنطقة إنما تُطبع خارجها  .  وإذا كانت جهات النشر قد تعدّدت في منطقة جازان فإن نادي جازان الأدبي - بما يمثّله من مؤسسة ثقافيّة كُبرى في المنطقة - ظلّ يضطلع بنصيب الأسد في حركة النشر، ليس لأبناء جازان فحسب، بل لباحثين ومبدعين من داخل المملكة وخارجها. كما يصدر عنه ملفّ دوريّ سنويّ يُعنى بالثقافة والإبداع بعنوان (مرافئ)، صدر العدد الأول منه في شوال 1419هـ / يناير 1999م. إلى جانب نشرة فصلية ثقافيّة أدبيّة بعنوان (أصوات). وبتحليل حركة النشر في نادي جازان الأدبي يظهر أن أول إصدار له لم يكن شِعْرًا - كما هو المتوقع؛ لمنـزلة الشعر في الثقافة الأدبيّة العربية - بل كان كتابًا بعنوان (قصص من الجنوب)، لمجموعة من الكُتَّاب الشباب، في عام 1397هـ / 1977م. وإن كان قد تلاه من العام نفسه ومستهل العام الذي يليه إصدار مجموعة محمّد بن علي السنوسي الشعرية (الينابيع)، ثم كتاب (الأدب الشعبي) لمحمّد بن أحمد العقيلي عام 1398هـ / 1978م. وقد كانت أولى إصدارات النادي في مجال القصّة ثلاثة أعمال، هي: (الصندوق المدفون) لطاهر عوض سلام، و (وجوه من الريف) لحجاب بن يحيى الحازمي، و (بين جيلين) لمحمّد زارع عقيل، وكلها نُشِر عام 1401هـ / 1981م. ثم تعاقبت الإصدارات الأدبية في مراوحة بين المجموعات الشعرية والقصصيّة، تردفها إصدارات أخرى في الفكر والثقافة والمعارف. وجاء من خطوات النادي الأخيرة في مجال النشر مشروعُه المهمّ لنشر الرسائل الجامعيّة التي أُعدت لنيل درجتَي الماجستير والدكتوراه، وذلك أخْذًا بتوصيات مؤتمرات الأندية الأدبية بإخراج الرسائل العلميّة المحكّمة إلى النور، وجعلها في أيدي جمهرة القُرّاء. وقد أصدر من سلسلة الرسائل الجامعيّة ما يأتي:
 
 " شعر ابن مقبل (قلق الخَضْرَمَة بين الجاهليّ والإسلاميّ: دراسة تحليليّة نقديّة) "، جزءان، رسالة ماجستير، لعبدالله بن أحمد الفَيْفي، 1420هـ / 1999م.
 
 " شعر قبيلة مَذحِج في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي سنة 132هـ / 750م: جمعًا وتحقيقًا ودراسة "، 3 أجزاء، رسالة ماجستير، لمحمّد بن عبدالله منور، 1420هـ / 1999م.
 
 " البطل في الرواية السعوديّة حتى نهاية 1412هـ / 1991م: دراسة نقدية "، رسالة دكتوراه، لحسن حجاب الحازمي، 1421هـ / 2000م.
 
 " الحسن بن أحمد عاكش الضَّمَدي: حياته، وشعره، وتحقيق ديوانه "، رسالة ماجستير، لحسن بن أحمد النعمي، 1423هـ / 2002م.
 
 " شعر محمّد بن أحمد العقيلي: دراسة تحليليّة "، رسالة ماجستير، لخالد بن ربيع الشافعي، 1425هـ / 2004م.
 
ويتبيّن من إحصاء أُجري   حول (إصدارات الأندية الأدبيّة في المملكة) أن نادي جازان الأدبي يحتلّ المرتبة الثانية في إصداراته في مجال الشعر والدراسات المخصّصة له بعد نادي المدينة المنورة، والمرتبة الثانية في إصداراته في مجال القصة القصيرة بعد نادي الطائف، بينما يتساوى ونادي الطائف في مقدمة النوادي في إصداراتهما في مجال أدب الأطفال والدراسات حوله.
 
أمّا بالنظر إلى تقريبٍ إحصائيّ حول المؤلَّفات المنشورة عمومًا لأبناء منطقة جازان في العصر الحديث؛ فإنه يتبيّن تجاوز عدد الدواوين الشعريّة، والمجاميع القصصيّة، والروايات، والدراسات الثقافيّة والأدبيّة، خلال العقدين الماضيين فقط مئتين وخمسين إصدارًا  ،  بلغت منها إصدارات النادي الأدبي وَحْدَه خلال تلك الفترة أكثر من مئة كتاب، منها ثمانية وسبعون كتابًا من تأليف أبناء المنطقة، ما بين دراسة، وتحقيق مخطوط، ومجموعة شعريّة، وقصصيّة، ورواية.
 
يُضاف إلى هذا ما نشره أبناء المنطقة خلال تلك الفترة من كتب علميّة وأعمال أدبيّة في جهات ثقافيّة مختلفة. ويذكر حجاب الحازمي أن ما وقع تحت يده من ذلك كان أكثر من مئة وسبعة وسبعين كتابًا، وقد أعدّ رصدًا ببليوجرافيًّا مفصّلاً بذلك، يُعَدّ مؤشّرًا دالاًّ على ما تشهده حركة التأليف والنشر في منطقة جازان من نشاط، سواء ما كان منها من قِبَل المؤسسات الثقافية في المنطقة، أو من قِبَل مؤسسات ثقافيّة أخرى نشرتْ نتاج أبناء المنطقة، أو نشروه هم بجهود فرديّة.
 
من خلال ما تقدم يتجلّى ما كان للحركة الثقافيّة والفكرية في منطقة جازان من دور طليعيّ، تاريخيّ وحديث. على أن البيئات الثقافيّة الجازانية تظل مترامية الأطراف، بين الجبال، والوهاد، والتهائم، والشواطئ، والجزر، والمدن، والقُرَى، والبوادي، والأرياف، وكلها حافلة بالأسماء والأعمال المندرجة تحت المفهوم العام لمصطلح (ثقافة)، وكلها ما فتئت خصبة ولودًا متجدّدة، ولقد كان إسهام مثقفيها مشهودًا منذ وقت مبكّر من تاريخ المملكة العربيّة السعوديّة، وفي شتى المؤسّسات التعليميّة، والمراكز الثقافيّة، والإعلاميّة، والفنّية.
 
ولعلّ فيما تقدّم من تعريف بالمنتج الثقافي لأبناء منطقة جازان ما يكشف ملامح عامّة عن المكانة المتميّزة التي تحتلها الحركة الثقافية في جازان، ضمن حركة الثقافة عبر خارطة الوطن
شارك المقالة:
107 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook