لم يرَ العالم قطّ زماناً انتشر فيه العدل كزمن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وزمن حُكم الصحابةِ الكِرام ، ويسمّى زمن الحكم الإسلامي الذي كان على عهد الرعيل الأول من الصحابة الكبار عهدُ الخلافة الراشدة ، وبالفعل فهيَ خِلافةٌ راشدةٌ مهديّة وهيَ على منهاج النبوّة ، وكان أول الخلفاء الراشدين هوَ أبو بكرٍ الصدّيق ، صاحب النبيّ صلّى الله عليهِ وسلّم في الغار ، وتولّى بعدَهُ الفاروق عمر بن الخطّاب الذي لُقّبَ بلقب أمير المؤمنين ، وحكمَ من بعده الصحابيّ الجليل عُثمان بن عفّان، ثمّ عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه ، وكانت خاتمةُ الخلافة الراشدة بالحسن بن عليّ رضيّ الله عنه وقد تحقّق قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في هذهِ الخلافة الراشدة أنّها ستكون 30 سنة ، فكانت كذلك بنهاية عهد الحسن بن عليّ رضيَ الله عنه.
وسنتحدّث في هذا المقال بإذن الله تعالى عن الصحابيّ الجليل وثالث الخلفاء الراشدين عُثمان بن عفّان رضيّ الله عنه ، والمُلقّب بذي النورين ؛ لأنّ الله أكرمه بزواج ابنتي النبيّ صلّى الله عليه وسّلم ، وكانت خلافة سيّدنا عُثمان بن عفّان رضيَ الله عنه بعدَ مَقتل واستشهاد الخليفة العادل الفاروق عُمر بن الخطّاب رضيَ الله عنه على يدِ اللعين أبي لؤلؤة المجوسيّ ، وكانت الخلافة تنعقد للخليفة على أمر أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضيَ الله عنه بأن يتشكّل مجلسُ للشورى من أهل الحلّ والعقد ، ويَكونُ مُناطاً بهم مسؤولية اختيار خليفةٍ للمسلمين ، فكان رضيّ الله عنه أن اختار ستّة من كِبار الصحابة حتّى يكون أهلاً للشورى وبما يسمّى بانتخاب الخليفة القادم وهؤلاء الستّة هم : عليّ بن أبي طالب ، عثمان بن عفان ، عبد الرحمن بن عوف ، الزبير بن العوام ، سعد بن ابي وقاص ، طلحة بن عبيد الله ، وأمرهم أن يجتمعوا ومعهم عبد الله بن عمر رضيَ الله عنه ، وقد أوضح الخليفة عُمر بن الخطّاب رضيّ الله عنه وهو في نزعهِ الأخير ، أن يحضر ابنه عبد الله التحكيم وليسّ له من أمر الخلافة من شيء ، فكانت الشورى تدور بين هؤلاء الستّة حتّى وقع الإختيار على خليفةٍ للمسلمين وهوَ ذو النورين عُثمان بن عفّان رضيَ الله عنُ وأرضاه.
كانت خلافة عُثمان رضيَ الله عنهُ خلافةً شاقّة ، تكالبت عليه فيها الفتن والأزمات ، وكانت المدينة المنوّرة بعد فترةٍ من حُكمه تسودها الاضطرابات والقلاقل حتّى حدثت الفتنة العظيمة التي أدّت إلى مقتل خليفة المسلمين عُثمان رضيّ الله وهو يقرأ القرآن في فناء بيته ، فكانت بشارة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لهُ قد تحقّقت حينَ دخلَ عليه عُثمان وبشَّره بالجنّة على بلوى تُصيبه ، وتولّى من بعده الخلافة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه.
موسوعة موضوع