توسعات المسجد الحرام بعد عهد الملك عبدالعزيز بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
توسعات المسجد الحرام بعد عهد الملك عبدالعزيز بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

توسعات المسجد الحرام بعد عهد الملك عبدالعزيز بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
 
بلغ عدد الحجاج في بداية عهد الملك سعود بن عبدالعزيز عام 1374هـ / 1955م 232.971 حاجًا قدموا من خارج المملكة  ،  ومثلهم تقريبًا من داخلها، وقد كانت القدرة الاستيعابية للمسجد الحرام في تلك الفترة لا تزيد على خمسين ألف حاج  ،  فأدى ذلك إلى اشتداد الزحام داخل المسجد الحرام والشوارع المحيطة به، وكان ذلك دافعًا للملك سعود في أن يحقق رغبة والده في توسعة المسجد الحرام بعد أن تمت توسعة المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، وتهدف هذه التوسعة إلى ما يأتي
زيادة الطاقة الاستيعابية للمصلين بالمسجد الحرام بتوسعة مساحته
 تحسين أحوال الساعين بدمج المسعى بمباني المسجد الحرام، وإزالة المباني والأسوا
المحيطة به
 إزالة أخطاء غمر مياه السيول للمسجد التي تُحدث أضرارًا خطيرة للمسجد والكعبة المشرفة
 توفير الخدمات المطلوبة في مباني المسجد الحديثة والقديمة
 تسهيل حركة المواصلات المؤدية إلى المسجد الحرام بفتح طرق جديدة
وبعد أن تم عرض المخططات والتصميمات على الملك سعود وولي عهده الأمير فيصل؛ أعلن في الخامس من المحرم عام 1375هـ / 22 أغسطس 1955م بداية تنفيذ مشروع توسعة المسجد الحرام وعمارته
وكانت بداية المشروع من الناحية الشرقية من جهة الصفا، وامتدت إلى الناحيتين الشرقية الشمالية والشرقية الجنوبية حتى شملت جميع الجهات المحيطة بالعمارة العثمانية القديمة للمسجد، وذلك بإزالة الدور والأسواق المحيطة بالمسجد حسب خطة محكمة، تبدأ بتحديد مسارات التوسعة، وتثمين العقارات بما يرضي أصحابها، ثم إزالتها بخطوات تدريجية، ثم حفر الأساسات بأعماق كبيرة ووضع القواعد، وإنشاء مجرى تصريف السيول من الناحية الجنوبية الشرقية، ثم تشييد القبو عليه، وبناء أروقة الدور الأرضي للمسجد والمسعى، ثم بناء أروقة الدور الأول والمسعى بدايةً من الناحية الجنوبية الشرقية والمسعى وامتدادًا إلى جهات المسجد كلها، مع تحديد أمكنة المنارات التي تَطَلَّبت إقامتها غرس أساسات حديدية وخرسانية بأعماق بعيدة، وحُدِّد ارتفاع كل منارة بنحو 100م من سطح الأرض، كما حُدِّد ارتفاع القبو بـ3م. أما الدور الأرضي للمسجد والمسعى فبلغ ارتفاعه 12م، وبلغ ارتفاع الدور الأول للمسجد والمسعى 9م. وأما عرض المسعى فبلغ 20م، وطوله 395م، مع عمل حاجز في الدور الأرضي يقسم المسعى إلى قسمين بارتفاع 75م لتسهيل حركة الساعين ذهابًا وإيابًا
وقد تم عمل نوافذ واسعة على كامل جهتَي المسعى، وكذلك في جميع واجهات المسجد الخارجية. أما الواجهات الداخلية لأروقة المسجد في الدورين فإنها صُمِّمت جميعها مفتوحةً على الساحات الداخلية للمسجد، مع ربط العمارة الجديدة بالعمارة العثمانية القديمة بطريقة هندسية محكمة. كما شُقَّت الممرات المظلَّلة من خلال مناطق العمل من جهات عدة؛ وذلك لتسهيل عبور المصلين إلى داخل المسجد والخروج منه بسلام وأمان 
ونظرًا إلى ازدياد عدد الحجاج عامًا بعد آخر فقد أُزيلت قبة بئر زمزم؛ وذلك لتوسعة المطاف، فتم عمل تصميم هندسي جعل بئر زمزم في قبو تحت صحن المطاف، وخُفضت فوهة البئر إلى القبو، ورُكِّبت عليها مضخات تدفع الماء للمبرِّدات لتبريده ثم ضخه إلى صنابير الماء ليشرب منه الناس، وخُصِّص للقبو مدخلان؛ أحدهما للرجال والآخر للنساء يُنْزَل منهما بدرج، وتم تكييف القبو وتهويته تجنبًا للاختناق
وقد بلغت مساحة المسجد الحرام بعد التوسعة الأولى أكثر من 160 ألف متر مربع، بعد أن كانت قبل التوسعة السعودية نحو 29 ألف متر مربع
وفي عهد الملك سعود تم تغيير سقف الكعبة المشرفة وترميم جدرانها من الداخل والخارج في عام 1377هـ / 1957م، وتأسست في عهده رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، والتي أخذت على عاتقها خدمة القضايا الإسلامية، ورعاية مصالح الأقليات الإسلامية ومساعدتهم في جميع بلدان العالم.
كما كان من نتائج المؤتمرات الإسلامية التي عُقدت في مكة المكرمة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي في عهد الملك فيصل، ومقرها جدة؛ للنظر في القضايا الإسلامية والعمل على حلها
وخلال عهد الملك خالد لاحظ أثناء غسله الكعبة المشرفة أن بابها  قد أصابه بعض الخلل، فأمر
بصنع باب جديد لها مغطى بصفائح الذهب مع صنع قفل جديد له، وتم تركيبه في نهاية عام 1398هـ / 1978م، وبلغت كلفته أكثر من ثلاثة عشر مليون ريال سعودي
وأُسِّس في عهد الملك خالد مجمع الفقه الإسلامي في جدة، الذي يضم نخبة من علماء المسلمين لدراسة القضايا المستجدة بمفهوم إسلامي، وإيجاد الحلول لها بما يتماشى مع متطلبات العصر الحديث
وقد قام الملك فهد بن عبدالعزيز بتوسعة جديدة للمسجد الحرام  من الناحيتين الغربية والجنوبية الغربية. وقد بدأت أعمال التوسعة من شهر صفر عام 1409هـ / سبتمبر عام 1988م، وانتهت في ذي القعدة عام 1413هـ / 1993م، وبلغت المساحة الجديدة لهذه التوسعة 75.000م  ، موزعة على القبو والدورين الأرضي والأول. كما جرى تجهيز سطح المسجد الحرام والمسعى في التوسعة السعودية الأولى وتوسعة الملك فهد لتستوعب أعدادًا إضافية للمصلين بمساحة بلغت 61 ألف متر مربع، وتم ربط التوسعة السعودية الأولى بتوسعة الملك فهد بطريقة هندسية محكمة، مع المحافظة على العناصر الإنشائية الأساسية للتوسعة الأولى
تميزت توسعة الملك فهد بأنها مكيفة بالكامل بطريقة فنية، حيث وُضعت فوهات خروج الهواء المكيَّف في قواعد الأعمدة.  وقد كُسيت جميع الأرضيات والأعمدة والساحات الداخلية والخارجية بالرخام الممتاز، وكُسيت تيجان الأعمدة والأقواس والسقوف بأحجار الجرانيت الصناعي والموازييك المزخرف زخرفة فنية إسلامية متعددة الألوان بطريقة تتوافق مع ما تم عمله في التوسعة السعودية الأولى، كما فُرش المسجد كاملاً بالسجاد الفاخر
كما جرت توسعة الشوارع والميادين المحيطة بالمسجد، وبذلك أصبحت مساحة المسجد الحرام بعد التوسعة السعودية الأولى وتوسعة الملك فهد وبإضافة مساحات الميادين والشوارع المحيطة بالمسجد الحرام نحو 400 ألف متر مربع، بحيث يمكن أن تستوعب نحو مليون مصلٍّ
وتمت إقامة مبانٍ خاصة في بعض أطراف الواجهات الخارجية للمسجد، رُكِّب فيها 15 سلمًا كهربائيًا متحركًا وعدد من المصاعد الكهربائية؛ ليستخدمها رواد المسجد في صعودهم ونـزولهم إلى الطابق الأول والسطح بكل يسر وسهولة، إلى جانب إنشاء 13 وحدة من السلالم الثابتة (الأدراج)
وبلغ عدد أبواب المسجد الحرام بعد التوسعتين السعوديتين نحو 90 بابًا، كلها ذات تصميم موحد من حيث الارتفاع، ومصنوعة من خشب ممتاز، ومحلاة بالزخارف والأحزمة والمقابض النحاسية المطلية بماء الذهب. كما بلغ عدد المآذن في التوسعة السعودية الأولى 6 مآذن زيدت عليها في توسعة الملك فهد 3 مآذن أخرى، فأصبح عددها 9 مآذن، ارتفاع كل واحدة منها 96م، وفي أعلاها وُضع هلال من البرونـز الفاخر بارتفاع 6.40م
وتم تركيب مصابيح وثريات مختلفة الأحجام وبتقنية عالية تنخفض فيها الحرارة وتزداد الإضاءة، وهي موزعة بطريقة هندسية شملت أرجاء المسجد الحرام كلها، مع وضع كشافات عالية الإضاءة موزعة في جهات متعددة من سطح المسجد لإضاءة الساحات الداخلية وصحن الطواف، وكذلك إضاءة الساحات الخارجية للمسجد. أما المآذن فقد وُضعت في شرفاتها كشافات عالية الإضاءة تتجه إضاءتها إلى عنان السماء وتُظهِر روعة البناء، ويمكن بوساطتها الاستدلال على موقع المسجد الحرام من مسافات بعيدة في مكة المكرمة. ورُبطت جميع الوحدات الكهربائية بمحطة كهرباء خاصة بالمسجد الحرام ترتبط مباشرةً بمحطة الكهرباء الرئيسة بمكة المكرمة؛ وذلك لتزويد المسجد الحرام والساحات والشوارع المحيطة به بالإضاءة المطلوبة. كما أُنشئت محطة تبريد خاصة لتكييف التوسعة، ومحطة أخرى لتعقيم ماء زمزم وتبريده، كما غُطِّيت منطقة قبو بئر زمزم، وتم سحب ماء زمزم من البئر إلى محطات التنقية والتبريد، ومنها إلى وحدات توزيع رُكِّبت عليها مجموعة من الصنابير وُضعت في أمكنة متعددة من المسجد الحرام والمسعى ليشرب منها الناس، بالإضافة إلى وضع ترامس كبيرة تُملأ بماء زمزم المبرد موزعة في الأروقة والساحات الداخلية والخارجية للمسجد الحرام
كما تم تغيير سقف الكعبة المشرفة وترميم جدرانها من الداخل والخارج في عام 1415هـ / 1995م
وتم توفير شبكات مياه نقية للشرب عن طريق بناء محطات تنقية المياه المالحة في منطقة الشعيبة على البحر الأحمر، وضخها بكميات كبيرة عبر أنابيب ضخمة إلى مكة المكرمة. ونظرًا إلى الطبيعة الجبلية لمكة المكرمة فإن ذلك تَطَلَّبَ من الدولة أيضًا بناء عدد كبير من خزانات المياه على تخوم الجبال المحيطة بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة لتسهيل اندفاعها إلى خزانات المنازل بكل سهولة ويسر
وزُوِّدت مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بأحدث الشبكات من الاتصالات الحديثة التي عمت جميع أرجاء المملكة، وأُقيمت المجمعات السكنية والفندقية، والأسواق التجارية، والمستشفيات الحديثة،  ومراكز الخدمات المختلفة، بمواصفات بناء عالمية وبأحدث التجهيزات حول المسجد الحرام وفي الأحياء السكنية، كما أُزيلت جميع المباني العشوائية والأحواش في مشعر منى، وأُقيمت مكانها مخيمات حديثة مكيفة تتوافر فيها جميع الخدمات التي يحتاجها الحاج وتتخللها الشوارع الفسيحة. وتمت أيضًا إقامة مجمعات ضخمة لذبح المواشي في منطقة المعيصم الملاصقة لمشعر منى للاستفادة من لحوم الهدي والأضاحي، ثم حفظها في ثلاجات كبيرة؛ ليتم توزيعها فيما بعد على المحتاجين داخل المملكة وخارجها
ولقد أصبح عدد الحجاج يزداد عامًا بعد آخر حتى تجاوز مليوني حاج من خارج المملكة وداخلها في حج عام 1425هـ / 2004م
وقد تم بث بعض البرامج الإذاعية والأذان والصلاة من مرسلات إذاعية أُقيمت خصيصًا لهذا الغرض في مكة المكرمة، كما أصبح التلفزيون السعودي يبث الأذان وبعض فروض الصلاة والتراويح ومشاعر الحج عبر قنواته الأرضية، ثم عبر الأقمار الصناعية فيما بعد ليشاهدها كل مسلمي العالم
وقد سار الملك عبدالله على نهج والده الملك عبدالعزيز وأبنائه الملوك من بعده من حيث الاهتمام بشؤون المسجد الحرام وخدمة الحجاج، وجهوده في ذلك واضحة وجلية تظهر في التطورات التي حدثت في هذا المجال في عهده  ،  وقد قال في إحدى كلماته
ولقد يسَّر الله لنا - ولله الحمد والمنَّة - القيام بخدمة هذه الديار، وأعاننا على تسهيل شؤون الحج، وتيسير السبل للحجيج، والسهر على راحتهم، والقيام بخدمتهم، ونحن - بحول الله - ساعون في ذلك جهدنا، عاملون له طاقتنا، باذلون فيه الغالي والنفيس. ولن نتوانى - إن شاء اللهـ - في القيام بمسؤولية هذه الرعاية قدر الإمكان. واللهَ نسأل أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
وقد أمر الملك عبدالله بتوسعة المسعى في المسجد الحرام لكي يستوعب الزيادة الكبيرة في أعداد الحجاج والمعتمرين؛ ويُعد هذا المشروع من أهم المشروعات التي أمر بها الملك عبدالله، فباكتمال مشروع توسعة المسعى يؤدي الحجاج والمعتمرون مناسكهم بكل سهولة ويسر
كما أمر الملك عبدالله في عام 1428هـ / 2007م ببدء مشروع توسعة الساحات الشمالية للحرم المكي بامتداد 380م، وإقامة أنفاق للمشاة والمحطات، ليستوعب المشروع نحو نصف مليون مصلٍّ بعد اكتماله، وبناءً على ذلك بُدِئ في نـزع ملكيات ألف عقار موجودة في المنطقتين الشمالية والشمالية الغربية للحرم بمساحة 300 ألف متر مربع تقريبًا وبتكلفة إجمالية قُدِّرت بنحو 25 مليار ريال  
 

 الأمراء الذين تولوا إمارة منطقة مكة المكرمة منذ عهد الملك عبدالعزيز

 
1- خالد بن منصور بن لؤي (13 / 3 / 1343هـ - 15 / 5 / 1343هـ)
2- الأمير محمد بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود (1343 - 1344هـ)
3- الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود؛ بوصفه نائب الملك ورئيس مجلس الوكلاء وبوصف مكة المكرمة مقر النيابة العامة (1344 - 1373هـ)
4- الأمير عبدالله الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود؛ بوصفه وزير الداخلية ووكيل نائب الملك (1373هـ - 1378هـ)
5- الأمير متعب بن عبدالعزيز آل سعود (16 / 11 / 1378هـ - 30 / 1 / 1380هـ)
6- الأمير عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود (19 / 8 / 1380هـ - 22 / 5 / 1382هـ)
7- الأمير مشعل بن عبدالعزيز آل سعود (11 / 9 / 1382هـ)
8- الأمير فواز بن عبدالعزيز آل سعود  . 
9- الأمير ماجد بن عبدالعزيز آل سعود (2 / 5 / 1400هـ)
10- الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز آل سعود
11- الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز (29 / 4 / 1428هـ؛ وحتى تاريخه). 
 
شارك المقالة:
55 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook