التغسيل مصدر الفعل غسَّل، ويعني لغةً: إزالة الأوساخ عن الشيء بإفاضة الماء عليه، والميّت: ضد الحيّ، وهو الذي قد فارق الحياة، أما شرعاً: فهو إفاضة الماء على جسد الميّت وتعميمه على أعضائه بصفة مخصوصة، أما حكم تغسيل الميّت فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه فرض كفاية، أي إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
والسنة عند موت المسلم تغميض عينيه، ففي الحديث: (دَخَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ، فأغْمَضَهُ، ثُمَّ قالَ: إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَرُ)، ومن السنة كذلك شدُّ لحييه حتى لا يدخل في فمه شيء، وتليين مفاصله حتى يسهل غسله؛ وذلك بثني ذراعيه ثم ردّهما إلى جنبه، وثني ساقيه إلى فخذيه وفخذيه إلى بطنه ثم إرجاعهما ممدودتين، وخلع ثيابه حتى لا يفسد جسده بالحرارة، ويجب ستر بدنه بثوب حتى لا تنكشف عورته، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ ببُرْدٍ حِبَرَةٍ)، ومن السنة وضع شيءٍ على بطنه حتى لا ينتفخ، ووضعه على سريرِ غسله متوجهاً نحو القبلة على جنبه الأيمن، ويكون رأسه أعلى من رجليه؛ ليسهل نزول الماء وما يخرج من بدنه، وتُنفّذ وصيته، ويُقضى دينه لقوله صلى الله عليه وسلم: (نفس المؤمن مُعَلّقة بدَيْنِه حتى يُقْضى عنه).
يجب على المُغسِّل ومن يحضر تغسيل الميّت إذا رأى من الميّت ما يُكره، أوما يحب الميّت ستره، أن يستره ولا يذكر شيئاً مما رأى، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ومَن ستَرَ عَورَةَ مُسلِمٍ في الدُّنيا؛ ستَرَ اللهُ عَورَتَه في الآخِرَةِ)، وإن رأى من علامات حسن الخاتمة علي الميت فيُستحب ذكرها؛ حتى يكثر الترحّم عليه، ثم يأخذ في غسله كالآتي:
ينبغي أن يكون المُغسِّل مسلماً عاقلاً، والأفضل أن يكون ثقةً عارفاً بأحكام الغُسل، ويصح من مميزٍ فلا يُشترط البلوغ؛ لأن المميز يصح غَسله لنفسه، فكذلك يصح لغيره، والأولى بغسل الميّت الذكَر من أوصى إليه الميّت بغسله إن كان عدلاً، ثم والد المتوفى إن لم يكن أوصى، ثم جدُّ المتوفى وإن علا، ثم الأقرب فالأقرب من عصبة نسبه؛ فيُقدَّم الابن، ثم ابن الابن وإن نزل، ثم أخوه لأبويه، ثم أخوه لأبيه، وهكذا حسب ترتيب الميراث، أما الأنثى فتعتبر وصيّتها في ذلك، ثم أمها، ثم أم أمها وهكذا، ثم بنتها، ثم بنت بنتها، ثم الأقرب فالأقرب حسب ترتيب الميراث، ويجوز لكلٍ من الزوجين غسل الآخر، فعن عائشةَ قالت: (لوِ استَقبَلتُ من أمري ما استَدبَرتُ ما غسَّل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا نِساؤُه)، وليس لرجل غسل من لها سبع سنين فأكثر سوى زوجته، ولا لامرأة غسل من له سبع سنين فأكثر سوى زوجها.
اتفق الفقهاء على أن المسلم إذا لم يمت في حربٍ مع الكفار يجب غسله، واختلفوا في غُسل الشهيد، وغُسل المشرك، وفيما يأتي بيان ذلك:
موسوعة موضوع