تعرف على نمط المساكن بمنطقة نجران في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
تعرف على نمط المساكن بمنطقة نجران في المملكة العربية السعودية

تعرف على نمط المساكن بمنطقة نجران في المملكة العربية السعودية.

 
كانت بيوت نجران في السابق كلها من الطين، ويُعد بيت الطين  البيت الشعبي الذي تنفرد به منطقة نجران عن كثير من المناطق الأخرى، وتتميز هذه البيوت الطينية بالقوة والمتانة، والتحصين الجيد، والارتفاع الشاهق في كثير منها، كما أن لها مظهرًا خارجيًا مميزًا يدل على هندسة معمارية فنية يصعب إتقانها ما لم تُمارَس هذه المهنة (بناء البيوت الطينية) مدة من الزمن. ويبدأ الشخص في هذه المهنة عاملاً، ويأخذ أسرارها وأساليبها من المعلم، ولا بد أن يمارس هذا العمل تحت إشراف المعلم مدة من الزمن حتى يمكن أن يتحول من عامل إلى معلم؛ إذ تحتاج مهارة البناء وإتقان فنونه إلى ذكاء وفطنة، ومعرفة بالمقاييس والمقادير والأبعاد.
 
"تعتبر البيوت الشعبية في نجران من أجمل وأدق المعمار الشعبي في العالم؛ وذلك لاحتوائها على مجموعة من الأسس المعمارية التي ترتبط ارتباطًا أساسيًا بالعمارة الشعبية، وخاصة الأسس الأصيلة التي ابتكرها الخيال الشعبي التلقائي لخدمة البيئة والحياة، والتي يأتي من أهمها ارتباط العمارة الشعبية بخامات البيئة والاستفادة الكاملة من موفورها. وتحمل العمارة الشعبية تبعات السنين لمرونتها مع البيئة المحيطة بها، وتأكيد الخدمات الإنسانية وتوزيعها بشكل دقيق لمواجهة مصاعب البيئات المختلفة، والاكتساء بمظاهر الفتنة والجمال ذات المذاق التلقائي النابع من صدق وبساطة العمارة الشعبية، وإظهارها الشخصية المتميزة لكل بيئة، بالإضافة إلى السمة التاريخية التي تربط البيوت الشعبية بتجارب وعادات وحياة الإنسان في كل العصور" 
وتنقسم البيوت الشعبية القديمة في نجران إلى نوعين يشتركان في السمات العامة وفي مواد البناء:
 
الأول مستطيل ذو ارتفاع شاهق يشبه المسلة حيث يضيق من جوانبه كلما ارتفع إلى أعلى بحيث تكون قاعدته أعرض من قمته، وهذا النوع ذو خط رأسي مستقيم ولا تتخلله - في الغالب - انكسارات، ويتكون من طوابق متعددة قد يصل عددها إلى تسعة، وقد كان هذا النوع شائعًا بكثرة في الماضي، وقد أُنشئ بعضها قبل نحو 300 سنة، ولا يزال شامخًا إلى اليوم. ولهذا النوع درج يُصعد فيه من وسطه، ويُصنع من القوائم الخشبية الصلبة المغطاة بطبقة من القش والطين، ويصل الدرج إلى جميع غرف البيت وحجراته. وهذا النوع يمثل البيوت الأثرية القديمة ذات التاريخ العريق، ويعكس جزءًا من تاريخ بعض الأسر البارزة في منطقة نجران 
 
والنوع الثاني له شكل قريب من شكل النوع الأول، مع اختلاف بسيط في الشكل الخارجي، إذ إنه يتكون من دورين يستقيم أحدهما - تقريبًا - على الآخر، أما ما بعدهما فيقوم على جزء من الدور الثاني، وتُترك أمام ذلك الجزء منطقة مفتوحة. وهذا النوع من البيوت لا تتعدد طوابقه كثيرًا، ويتميز بإدخال بعض التطبيقات الصحية التي كانت تنقص الطراز الأول، مع إدخال نماذج وأنماط جديدة من الزخارف والأشكال الإسلامية والشعبية مثل (الشراريف) وهي أشكال مثلثة متكررة على أطراف السطوح بطريقة مفرغة، وكذلك (الصروف) التي تُخط على أطراف الجدران من أعلى بشكل مستطيلات متجاورة، وغير ذلك من أنواع الزينة مثل نحت ما يشبه الزنبقة، واستخدام النورة.
 
وتنقسم البيوت في نجران إلى ثلاثة أنواع حسب عدد الغرف، وهي (أبو خمس) وهو الأكبر، وفيه خمس غرف، و (أبو ثلاث) وهو الأوسط، وفيه ثلاث غرف، و (أبو اثنين) وهو الأصغر، وفيه غرفتان.
 
ومن حيث الأضلاع تنقسم إلى: مربع ومستطيل ومشولق (وهو الذي يشبه حرف L باللغة الإنجليزية).
 
وكان أهل نجران قديمًا يحاولون تقليل مساحة المسقط كيلا يأخذ المنـزل مساحة كبيرة من الأرض الزراعية، ويشمل الطابق الأرضي عادةً: المدخل، وقريبًا منه يوجد مستودع لتخزين الأعلاف، وأما الطابق الأول فتوجد فيه مخازن الأطعمة، وأما بقية الطوابق الأخرى فتشمل غرف الجلوس  ، وغرف النوم، وغالبًا ما توجه الفتحات والنوافذ إلى الشمال الشرقي لكثرة هبوب الرياح، مما يساعد على تهوية البيت. وبعض البيوت تكثر فيها الفتحات الصغيرة لغرض التهوية، ولأغراض دفاعية؛ فمن خلالها يمكن رؤية المهاجمين وتوجيه نيران البنادق ضدهم. وغالبًا ما يكون توجيه المنازل طوليًا من الشرق إلى الغرب؛ ليسمح بدخول الهواء بقدر الحاجة ولتقليل الحرارة التي يسببها التعرض للشمس، فالضلعان الطويلان للبيت يكونان إلى جهتَي الشمال والجنوب، وفي ذلك تجنيب له من التعرض لحرارة الشمس، وغالبًا ما تكون الفتحات التي تواجه الشمس صغيرة تسمح بدخول الهواء، وبدخول القدر الكافي من ضوء الشمس.
 
وتُعد البيوت الشعبية في نجران عاملاً من عوامل الجذب السياحي، لما يحمله البيت الشعبي المبني من الطين من السمات الآتية:
 
 تعلوه مظاهر الجمال التي تجعل له شخصية خاصة.
 
 وله جلال تاريخي وجذور تعكس الواقع التاريخي للمنطقة.
 
 وهو قوي ضد مؤثرات الطبيعة وعاديات الزمن.
 
 وهو مناسب لمتطلبات البيئة الجغرافية.
 
 وتتداخل الخامات المحلية في بنائه بطريقة تجعل إنشاءه وتشييده ميسرًا  
 
ويُعد قصر الإمارة التاريخي  في (أبا السعود) من أشهر المباني القديمة والمشهورة في منطقة نجران  ،  وقد أُنشئ في عام 1381هـ/1961م ليكون مقرًا لإمارة المنطقة والمحكمة واللاسلكي، وخُصص جزء منه لسكن الأمير وعائلته، وجزء لسكن (الأخوياء)، وقد قام بتخطيطه والإشراف على تنفيذه أمير نجران آنذاك تركي بن محمد الماضي، ويُعد القصر قلعة متكاملة مكتفية ذاتيًا، ويبلغ عدد غرفه 60 غرفة  ،  وفي فنائه بئر كانت تكفي لتأمين احتياجات القصر من المياه.
 
ويُسمى بيت الطين في نجران (الدرب) وجمعه (دروب)، والبيوت القديمة والمشهورة في منطقة نجران كثيرة، ولبعضها أسماء وبعضها الآخر يُعرف باسم صاحبه، ومن أشهر البيوت الطينية في نجران:  
 
 المستور: وهو لآل سلطان من آل منيف في بئر الأثلة.
 
 الصعيبان: لآل نصيب في الشبهان.
 
 الكحيلان: لآل أبو ساق في صاغر.
 
 الشحمان: لآل جابر في صاغر.
 
 السعدان: للمكارمة في العان  .
 
 درب سعيدة: لآل حيدر في الحضن.
 
 درب رويكة: لآل كزمان في القابل.
 
 الحريكان: لآل عطوة في القابل.
 
 الواسط: لآل أحسن من آل منيف في بئر الأثلة.
 
 الواسط: لآل دويس في الجربة.
 
 الصميدع: لآل دوحان في صاغر.
 
 درب ابن خزيم: في المشكاة بالعوكلة.
 
ويوجد كثير من البيوت الطينية القديمة والحديثة التي بُنيت في السبعينيات والثمانينيات من القرن الرابع عشر الهجري/الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين الميلادي، ويعتز أصحابها بها لكونها تمثل الأصالة وفيها عبق الماضي، كما أن بيوت الطين تتميز عن البيوت الحديثة، فهي دافئة في أيام البرد، وباردة في أيام الحر، فجدرانها عازلة بدرجة عالية لعوامل المناخ الخارجية، وهي تحتفظ بدفئها إذا أُوقدت النار فيها لفترة طويلة.
 
شارك المقالة:
147 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook