هي مدينة الألف عامود، ورد ذكرها في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ*إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ*الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} وذكر بعض الباحثين أنّها مدينة، في حين قال البعض الآخر مثل الطّبريّ: إنّها قبيلةٌ من بني عاد، أمّا قومُ عادٍ ومدينتهم فقد ورد ذكرهم في سورتين كريمتين، إحداهما سُمّيت باسم نبيّهم هود، والثّانية هي سورة الأحقاف، التي سمّيت نسبةً إلى موطنهم، قال تعالى :{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ}[٢]، وسيتناول المقال الحديث عن إرم ذات العماد وقوم عادٍ المرتبط ذكرهم فيها.
أين تقع إرم ذات العماد
لم يُكتشف موقع هذه المدينة أو القبيلة بعدُ على وجه التحديد، لكنّ بعض الباحثين رجّح أن تكون إرم ذات العماد هي دمشقُ أو الإسكندرية، وذهب آخرون إلى أنّها جبل رام بالأردن، وهناك طائفةٌ من الباحثين قالوا: إنّها مدينة أوبار في سلطنة عمان، إلا أنّ أبحاثاً حديثةً عام 2002م تحدثت عن عدم صحة هذا التّوجه؛ إذ لم يُعثر على كتاباتٍ ونقوشٍ لقوم عادٍ تُعين على معرفة موقعها على وجه التّحقيق، فهناك أقوالٌ تقول بأنّها مدينةٌ عربيةٌ توجد في القسم الجنوبيّ لشبه الجزيرة العربية وتحديداً في اليمن، لكن الثّابت لدى الباحثين أنّها كانت مدينةً غنيّة، وكانت تشكّل مكاناً تجارياً ذا أهميّةٍِ في منطقة الشّرق القديم، ثم جاءت الكشوف الأثريّة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين بالكشف عن (مدينة إرم) في ظفار التي تبعد 150 كيلو مترٍ شمال مدينة صلالة جنوبَ سلطنة عُمان، و80 كيلو مترٍ من مدينة ثمريت، وتالياً سيتم تفنيد أهمّ الأقوال مجيبةً عن التساؤل الآتي: أين تقع إرم ذات العماد؟
أورد ياقوتٌ الحمويّ في معجمه ( البلدان) خبراً حول إرم ذات العماد، وخلاصته أنّه كان هناك ملكٌ جبّارٌ يسمّى شدّاد بن عاد، بنى مدينةً باليمن بين حضرموت وصنعاء، يضاهي بها الجنّة بعد أن سمع بما أعدّه الله لأوليائه من قصورٍ تجري من تحتها الأنهار، فأمر أتباعه ببناء مدينةٍ لا نظير لها؛ حيث جعل فيها الأعمدة الطوال وأجرى فيها الأنهار، وجمع ما في البلاد من ذهبٍ وفضةٍ وأحجارٍ كريمةٍ لبنائها حتى صارت مدينةً لا مثيل لها، فأرسل الله إِليه هوداً -عليه السّلام- فلم يستجب لدعوته، وازداد في طغيانه وكفره، فأخذه الله بالصيحة، وأورد ابن خلدونَ أنّ بني عادٍ بن عوصٍ بن إِرم بن سامٍ هم قوم عادٍ الذي كان أوّل من ملكَ العرب الذين قطنوا أحقاف اليمن من عُمانَ إِلى حضرموت والشحر.
من هم قوم عاد
هؤلاء عادٌ الأولى وهم ولد عادٍ بن إرم بن عوصٍ بن سامٍ بن نوح، وقد كانوا أشدّ النّاس في زمانهم خلقة، وأقواهم بطشًا، ولهذا ذكّرهم هودٌ -عليه السلام- بتلك النّعمة، وأرشدهم إلى أن يستعملوها في طاعة ربّهم الذي خلقهم، فقال: {أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[٦]، فعدا عن إشراكهم وكفرهم إلا أنّهم بغوَا في الأرض، فأرسل الله لهم نبياً منهم ليهديَهم ويرشدهم إلى السبيل الصّحيح، فأبَوا حتّى لحق فيهم العذاب، قال تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.