تعرف على طرق الحج في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
تعرف على طرق الحج في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

تعرف على طرق الحج في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية.

 
تَعْبُر أراضي منطقة الباحة عدة مسارات من دروب الحج التي تصل حجاج جنوب شبه الجزيرة العربية بالأمكنة المقدسة. وقد أدى مرور قوافل الحجيج في ذهابها وإيابها عبر أراضي المنطقة منذ العصور الإسلامية المبكرة إلى بروز حركة تجارية انعكست، بطبيعة الحال، على نمو الاقتصاد المحلي وتوسع السكان في أنشطتهم العمرانية وتطور قرى المنطقة ومدنها وتخطيطها. وتشير المعلومات المصدرية المبكرة إلى وجود ثلاثة مسارات على الأقل لطرق الحج على أراضي منطقة الباحة، من أبرزها:
 
أ - طريق الحج اليمني الأعلى (النجدي):  
 
يخترق مسار طريق الحج اليمني الأعلى (النجدي) - الذي يصل مدينة صنعاء بمكة المكرمة - الجزء الشرقي والشمالي الشرقي من أراضي منطقة الباحة وهو ما يسمى في الوقت الحاضر ببادية غامد؛ بدءًا من وصول مسار الطريق إلى ريع القريحاء، وانتهاءً بخروج مسار الطريق من وادي بيدة (أبيدة) ثم وادي تربة، مرورًا بعدد من المواضع الواقعة في المنطقة، منها: أجرب (جرب)، وحرة نجد (حرة البقوم).
 
ويمتد مسار الطريق بشكل متعرج، ويراوح عرضه بين 3 و 8م تقريبًا؛ وتظهر آثاره تارة وتختفي تارة أخرى. أما وضوح مسار الطريق وبيانه فيوجد خلال اختراق الطريق أراضي حرة نجد (حرة البقوم)، ويُعَدُّ فيها نموذجًا مثاليًا لعمارة الدروب القديمة في الجزيرة العربية؛ فمسار الطريق في هذه المنطقة يظهر مرصوفًا بالكامل مع وجود تحديد لضفتيه بجدران غير مرتفعة (أكتاف جانبية)، وقد عملت جميع هذه الأعمال البنائية الهندسية على الطريق باستخدام الأحجار البركانية المحلية.
 
وتوجد آثار وبقايا لمسار الطريق المرصوف رصفًا جيدًا خصوصًا في المنطقة التي تتسم بوعورة تضاريسها، وصعوبة السفر والترحال خلالها، وتتصل بالطريق في هذه المنطقة معالم جغرافية قديمة لم تزل تحتفظ بأسمائها التاريخية إلى الوقت الحاضر، من أبرزها - حسب تسلسلها الجغرافي (من الشرق - الشمال الشرقي باتجاه الشمال الغربي) -: وادي ذراع (كراع الجنوبي)، وشعيب الثنية، والرفضة (الرفغة)، ووادي يراح، ووادي كرا، ومنطقة الشريانة، ووادي كركر، وكراع الشمالي، ووادي بيدة (أبيدة)، ووادي تربة. وعلى امتداد مسار الطريق اكتشفت مواقع أثرية، منها: محطة القريحاء ومحطة جرب ومحطة كرا؛ وبعض البقايا الأثرية المعمارية، مثل: الدوائر الحجرية وبقايا لمبانٍ، وميل حجري في وادي (شعيب) السليم بالقرب من منطقة الدحلة  
 
ب - طريق الحج اليمني السروي:
 
يتفرع درب الحج اليمني السروي من المسار الرئيس لطريق الحج اليمني الأعلى (النجدي) عند وصول الدرب الأخير إلى مدينة صعدة اليمنية؛ ويصل الطريق السروي مدينة صعدة بمكة المكرمة مرورًا بالطائف عن طريق مرور مسار الدرب عبر أعالي سلسلة جبال السروات، ومن ضمنها ما يقع في أراضي منطقة الباحة (سلسلة سراة منطقة الباحة). ومن أهم قرى منطقة الباحة التي كانت تمثل محطات تجارية حيوية على الدرب السروي في القرن السابع الهجري/الثالث عشر للميلاد قريتان: الأولى قرية الكِبَسَة، الواقعة تحت قمة جبل شدا الأعلى بتهامة غامد، المشهورة بزراعة البن. أما القرية (أو المحطة) الثانية فهي مَدَر الواقعة في وادي الشعب اليماني جنوب شرقي الرميضة على مسافة تصل نحو 20كم  
 
ويذكر أحد الرحالة   - زار مكة المكرمة عام 1229هـ/1814م - القرى الآتية: مَشْنِيَّة والأزاهرة   ورغدان، بوصفها محطات على طريق الحج السروي؛ وفقًا للمعلومات التي تلقاها من بعض حجاج اليمن أنفسهم.
 
ويبدو أن هذا الطريق نفسه كان مستخدمًا في بداية القرن العشرين الميلادي وسُمّي آنذاك (بالسكة السلطانية). وتظهر بعض محطات مسار الطريق ومنازله في القائمة التي وضعها أحد المؤرخين   لأسماء المواضع الواقعة على الطريق رقم 5 الذي يربط أبها بالطائف، ومنها: عقبة الظفير، والباحة، والرمادة، ورهوة البرة، وشبرقة، والمندق، وعقبة عصيدان  
 
وعلى الرغم من اختراق مسار الدرب ومروره من خلال تضاريس جبلية وعرة المسلك، إلا أن المصادر الجغرافية المبكرة تشير إلى خصوبة هذه الأراضي ووفرة مياهها ووفرة الأطعمة في المخازن الأرضية التي تحفر في الأرض، ويطلق عليها محليًا اسم (المدافن) المليئة بالحبوب للاستهلاك في الحياة اليومية. ومن أبرز الجغرافيين والرحالة المسلمين المبكرين الذين تحدثوا عن هذا الدرب - وربما يكون الوحيد من بينهم - ابن المجاور (نهاية القرن السابع الهجري/القرن الثالث عشر الميلادي)  ؛  في حين يعد (بوركهارت)   الرحالة الغربي الوحيد الذي وصف محطات الطريق السروي وحددها ووصف منازلها معتمدًا على معلومات شخصية حصل عليها من حجاج بلاد اليمن الذين سلكوا هذا الدرب في رحلة ذهابهم إلى مكة المكرمة وإيابهم منها. ويأتي بعده (السير كنهان كورنويلس)   الذي حدد في وقته تقريبًا جميع مسارات الطرق ومحطاتها العاملة في جنوب المملكة وغربيها.
 
ج - طريق الحج اليمني القديم (درب الصُّدور):
 
يطلق على طريق الحج اليمني القديم الذي كان يربط مدينة صنعاء بمكة المكرمة عن طريق مرور مساره بحلي العليا (حَلْيَة)، اسم درب الصدور بسبب مسايرة مساره سفوح (شعاف) جبال السروات الغربية المطلة على القسم التهامي للمنطقة وخبتها.
 
فبعد مغادرة مسار الطريق مدينة صنعاء مرورًا بمدينة ريدة ورأس الشروة والبطنة الواقعة كلها في مناطق قبيلة همدان  ،  يصل إلى محطة عشم المشهورة الواقعة في الأطراف الشرقية للقسم التهامي بالقرب من قرية ناوان؛ وبعد مغادرة الطريق هذه المنطقة يساير الأطراف الشرقية من وادي حلي العليا (حَلْيَة) ليتجه بعد ذلك غربًا نحو اللّيْث حيث يندمج مع مسار الطريق الساحلي المتجه نحو مكة المكرمة  .  ويعد الهمداني من الجغرافيين المبكرين، وربما كان الجغرافي الوحيد الذي تحدث باختصار شديد عن مسار هذا الطريق ومحطاته  
 
إضافة إلى ما ذكر من طُرق قوافل الحجيج التي تعبر القطاع الشرقي (الهضبة) والقطاع الأوسط (السراة) والقطاع الغربي (السفوح الجبلية/الشعاف) لأراضي منطقة الباحة، فلا يستبعد أن تكون مسارات الدروب الساحلية (التهامية) التي تصل بلاد اليمن بمكة المكرمة وتحاذي الشريط الغربي للحدود الإدارية للمنطقة مرتفعة عن مساراتها الأصلية باتجاه الشرق لبعض الظروف السياسية والأمنية لتعبر بذلك أواسط بطون أودية الأحسبة ودوقة وغيرهما 
 
شارك المقالة:
44 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook