تعرف على شاعرات منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
تعرف على شاعرات منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

تعرف على شاعرات منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 
تأتي على رأس شاعرات المنطقة: الدكتورة فاطمة بنت محمد بن محسن القرني التي تعد أشهر الأسماء الأدبية في المنطقة، ومن الشاعرات المبدعات في المملكة، ومن الكاتبات المعدودات على النطاق المحلي والعربي، وهي أكثر شعراء المنطقة استمرارًا في العطاء الشعري والثقافي.
 
تعلقت الدكتورة فاطمة القرني بكتابة الشعر منذ مرحلة الدراسة المتوسطة، وبدأت في نشر قصائدها في الصحف والمجلات السعودية، خصوصًا في جريدتَي: الرياض والجزيرة، وفي مجلة اليمامة وذلك في أواخر مرحلة الدراسة الثانوية عام 1405هـ / 1985م، وكانت تكتب باسم مستعار هو (وفاء السعودية)، وبدأت منذ عام 1411هـ / 1991م تكتب باسمها الصريح.
 
ونطالع لها قصيدة في مجلة اليمامة بعنوان (لو)  ،  ردّت فيها على قصيدة للدكتور غازي القصيبي حملت العنوان نفسه  
 
وتحققت شهرة الدكتورة فاطمة القرني على مستوى المملكة بكتاباتها المبدعة التي تنثرها في زاويتها الأسبوعية بمجلة (اليمامة) بعنوان (إذا قلتُ ما بي)  ،  وكانت قد بدأت في كتابة هذه الزاوية منذ عام 1411هـ / 1991م  .  وتظهر في كتاباتها الأولى أنها كاتبة متمرسة، ومرتبة الأفكار، وتكتب بأسلوب تملك ناصيته، وقد وجدت إقبالاً من القراء والأدباء، فقال عنها الدكتور فهد العرابي الحارثي رئيس تحرير مجلة اليمامة آنذاك: "أنا من متابعي شعرها ونثرها، وقليلات من هنّ في مثل قامة فاطمة"  .  ولقد شجعها على الكتابة عدد من الأسماء البارزة، وفي مقدمتهم الدكتور فهد العرابي الحارثي الذي منحها زاوية خاصة بها، ومن المعلوم أن الالتزام بكتابة زاوية أسبوعية أمر مرهق، ولايواصل هذا الالتزام إلا من كانت له قدرة وطاقة على خلق الأفكار التي يخاطب قرّاءه بها كل أسبوع.
 
وليس من السهل تعقُّب كل ما نشرته الدكتورة فاطمة القرني، ولكن يمكن القول إن الموضوعات التي تتطرق إليها في زاويتها الأسبوعية تدور حول المسائل الثقافية والأدبية والاجتماعية، وموضوع المرأة والتعليم، والتعلق بالوطن، ومقالات آنية تدور حول أحداث وقتية. والدكتورة فاطمة القرني تنطلق في زاويتها من فكرة بسيطة أحيانًا، وتجعل منها شيئًا ذا قيمة.
 
أما شعرها فقد نظمت أغلبه - كما هي حال الشعراء الشباب - في قصيدة التفعيلة، وقليل منه كتبته بالوزن العمودي، وهي متمكنة من الطريقة التي تتبعها في نظم شعرها. وقد انتهجت التيار الشعري الحديث، مستخدمة الرمز والإيحاء باقتدار، دونما إغراق في الغموض. وهي تبذل عناية خاصة بألفاظها، وصورها، وموسيقى شعرها، يدعمها في ذلك تعمقها في كتب التراث العربي من خلال تخصصها في اللغة العربية وآدابها.
 
وقد تطرقت في قصائدها إلى كل المشاعر التي تجتاح الإنسان من حب، وفراق، وشعور بالغربة، وتذكار. وغنّت لشمال الوطن الذي ترعرعت فيه، ولجنوبه الذي تنتمي إليه، ولنجده الذي تحنّ إليه بعد أن أحبته في أثناء إقامتها خلال الدراسات العليا. وتقول عن نفسها إنها:
 
"جَنُوبيَّـــةُ الإقبــال", تنهــلُّ جملــةً     ولـو حـاولتْ صَـدًّا.. فَعَـنْ طـالب الصَّدِّ
"شــماليةُ السُّــكنى".. مُحــالٌ سُـكُونُها     تُحـاديكَ  مـا امتـدَّ الطـريقُ.. ولا تَهـدِي
إذا  أنْجَـدَتْ أبكــى "الســراةَ" حنينهــا     وإن  أتْهَمَتْ - لا ريب - كان الهوى نجدي  
وقد صورت الشاعرة فاطمة القرني الصعوبة التي تواجه الشاعرة في الظهور في مجتمع محاط بالتقاليد، فتقول:
أحــــلى  قصيـــدي ليس للنشـــر     فـي  نشــره "نشــري", أمــا تـدري؟
أحـــلى  قصيـــدي كـــان قافيــةً     غنيتهـــا مـــا جــاوزت صــدري
مــاتت, ومــا رفَّــت علــى شـفتي     مــاتت  ومــا رقصــت علـى سـطر
أشـــقى  بوأْديهـــا ومـــا بيــدي     للبــوح  إلا الـــوأد يـــا شــعري  
وكما بدأت كتابة الشعر في وقت مبكر فقد اهتم النقاد أيضًا بشعرها في وقت مبكر جدًا، فكتب عنها كل من: الأستاذ عزيز ضياء في جريدة (الرياض) عام 1409هـ / 1989م  ،  والأستاذ راشد عيسى في (المجلة العربية)، والدكتور علي صالح الخبتي في مجلة (اليمامة) عام 1413هـ / 1992م  ،  والدكتور الناقد محمد الشنطي  ،  والأستاذ حسين الهنداوي  ،  والأستاذ مشعل السديري  ،  والدكتور مسعد العطوي، والدكتور سعد البازعي... وغيرهم كثير. وقد ترجمت لها مجموعتان شعريتان: شعرية ونثرية إلى اللغة الألمانية بإشراف الشاعر والأديب العراقي الدكتور عدنان جواد الطعمة، وترجمت لها مجموعة شعرية أخرى إلى الإنجليزية ضمن موسوعة الشعر العربي الحديث التي أشرفت عليها الدكتور سلمى الخضراء الجيوسي.
وقالت عنها الناقدة الليبية الدكتورة فوزية بريون الأستاذة في قسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود: "فاطمة القرني اسم شعري حفر وجوده منذ سنوات بساحة الشعر السعودي، كما أن الساحة الأدبية العربية تعتز بانتمائها لها، وبخاصة أنها تجمع بين المقدرة اللغوية والقدرة على استنباط العبارات والصور الجديدة على الشعر العربي، خصوصًا في قصائدها التي أطلقت عليها اسم "قصائد قصيرة"، إذ تميزت بالجمع بين الهجاء والفكاهة، هذا الجمع الذي حمل عددًا من المفارقات البلاغية"   
 
ويقول الأستاذ سعود عبدالكريم الفرج: "إن الشاعرة فاطمة القرني تمتلك إحساسًا إنسانيًا عميقًا، أطلق لها العنان كي تتفاعل مع الهمّ البشري أيًّا كان مصدره، فلا تمر قصيدة إلا وترى المعاناة الإنسانية ظاهرة بارزة. "   ويقول: "إن معظم قصائد هذه الشاعرة المتألقة توحي بقدرتها الفائقة على التعبير المؤثر الذي سرعان ما يلقى تجاوبًا وصدىً في نفس المتلقي، فلا يسعه إلا أن يشاركها هذا الموقف الشعوري"  .
 
وهذا نموذج من شعرها:
 
مفارقة  
 
أتوق إليك..
إلى روعة الحلم..
حين تمد يديك
تحطم أسوار خوفي وخوفك..
قيد السنين على معصميك!!
***
أتوق إليك
تكاد تطير يدايَ..
لتشرب دفء يديك!
يكاد خفيُّ الهوى في عيوني..
يغالب خوفي..
يفرُّ إليك
ويهمس ملء عيونك..
قصة وجدٍ عظيمٍ
يبدد فيها غيوم التوجس..
يرسم معنى السكينة..
في ناظريك
فتشرق أمنًا
وتنثال لحنًا..
ويهفو الربيع..
إليَّ.... إليك!!
***
أتوق إليك
إلى هذه الـ"أنتَ".. لا غير..
فأهزأ بتلك الظنون!
لماذا..
..إذا قلت.. نمقت لي الكلمات؟!
..وإن خلت عيني..
تعانق خطوك..
وقّعت في سيرك الخطوات؟!
.. وإن ذكر العمر.. واريت شيبك..
جابهت بالخوف تلك الغضون؟!
بربّك قل لي:
لماذا تكابد هذا الشقاء؟!
وقد قلتها لك ألفًا وألفًا:
أحبك حبًا.. أخالف فيه جميع النساء
تحب النساءُ..جنونَ الشباب..
وأعشق فيك.. وقار السنين!!
وتهوى النساء.. اللسون المغني..
وأعشق فيك اختناق الحروف..
ارتباك المعاني..
وخوف المكابد ألا يبين!
وتهوى النساء جَسُور العيون..
وأعشق في ناظريك الوداعة..
والحزن.. والهاجس المسكين!
وتهوى النساء اقتياد الرجال....
دلالاً غبيًا..
وأعشق فيك شموخ الرجولة..
سطوة ذاك الإباء الحنون!!
***
عجوزي الوقور الشقي اللحون..
....أعيد القصيدة:
إني أحبك.. حبًا يخالف كل النساء..
فمِمَّ التهيب.... ممَّ العناء؟!
أتوق إليك....
لأنك أنت.. عجوزي الوقور الشقي اللحون!!
ولو كنت غيرك..
لو صرت غيرك..
مات الهوى.. ومات الحنين
وما كان شعريَ..
ما كان هذا القصيدُ..
..الحريقُ.. الجنونْ!!!
 
ومن شاعرات تبوك نذكر الشاعرة هيام بنت عودة بن حماد العطوي التي بدأت تكتب الشعر في وقت مبكر في مسقط رأسها وهو مدينة الزرقاء في الأردن، ونشرت شعرها في الصحف السعودية مثل: الرياض، والجزيرة، والندوة، والمدينة، والشرق الأوسط  ،  ثم انقطعت الشاعرة عن النشر منذ فترة طويلة، ولم يعد يظهر لها إنتاج شعري.
 
تقول الشاعرة هيام العطوي عن علاقتها بالشعر إنها كعلاقة الطفل بأمه، فتشعر بالدفء في أحضان القصيدة   
 
وغلبت على بدايات إنتاجها الشعري النـزعة الوطنية العربية، فكتبت قصائدها في الحنين إلى وطنها المملكة العربية السعودية التي اغتربت عنها عشرين عامًا، وكتبت عن فلسطين جرح العرب الدامي، وعن لبنان ومآسي الحرب الأهلية فيه. وبعد ذلك تغلب الجانب الوجداني الغنائي والجانب العاطفي على شعرها متأثرة بأبي القاسم الشابي. وتعلو هذا الشعر العاطفي مسحة الحزن والكآبة والقتامة، وانتظار الحبيب الذي لن يعود، واليأس من اللقاء، والخوف من الرحيل والسفر. تقول الشاعرة في مقدمة إهداء ديوانها تخاطب وطنها المملكة العربية السعودية، وتشرح بعض معاناتها في الغربة بعيدة عنه: " إلى وطني الحبيب - المملكة العربية السعودية - الذي عشت وهو معي غريبَين، حيث نوح الوالد ولمّا تتفتح عيناي، لترى أرض الغربة وتلمس ثراها قدماي. كنتَ دائم التجوال في دروب نفسي، أحلم في اليقظة، وأستيقظ في الأحلام. تُسائلني نفسي مرة، وأُسائلها مرارًا: كيف ابتعدت عن تربة أَنبَتت الآباء والأجداد ومن قبلهم أجيال؟ فأنكفئُ على نفسي عندما لم تحر جوابًا. وفي فترات أخرى كان يخيّل إليَّ أن أنسى ما يخالجني، وأعود لأفرح مع صديقاتي وألهو معهنّ، ولكن كان هناك شيء ما، يعاودني فيلتطم في طيّات نفسي، حتى صار ينغص عليّ بعضًا من فرحتي بهذه الحياة. ومضت الأيام والأعوام، فألفيتُ نفسي غريبة، وأني لست من هذا الوسط الذي أعيشه، وليس بوسعي الاندماج فيه، فتطلعتُ إليكَ، يا وطني الحبيب، تُقتُ إلى سمائك بلهفة، وتشوّقتُ إلى نخلاتك بحماس ورغبة، ونسيت أني قد حلمت من قبل، وأن أحلامي ذهبت هباءً، فتوجهت إلى حيث أنت، إلى حيث الحياة بإيناس، إلى حيث اللحن العبقري الساحر، إلى حيث الطيوف، الرقيقة الملامح والقسمات، إلى حيث هناك تغيّرت النفس التي أضحت تكره ما كانت تحبه، وتحيا بما كانت تكره بالأمس.
 
فبدأ نور القمر الفضي يتراءى من خلال سعف النخيل، فحلق الخيال وسما في سمائه الرحب، في أمن ودعة وسلام واستقرار، ليهدي وطنه الحبيب هذه الأصداء"  .
 
وهذه قصيدة من ديوان (لحن في أعماق البحر):
 
سيعود  
حين قالوا لن يعودْ
لفَّني صمتٌ كئيب
ضاع حلمي بين أنقاضِ الزوايا كغريبْ
لو يقولون جفاءْ
يا حبيبي لن أضيعْ
فوق أحزان المساءْ
أختك الصغرى تمر الدرب قربي
تتلوى في نفاقْ
ثم تدلي بالخفاء...
لن يعودْ...
ذلك الطائرُ ولَّى لن يعودْ
ثم يطويني السكونْ
تصرخ الآهات في قلبي الحزينْ
وتنادي في جنونْ
لا تقولوا لن يعودْ
لا تقولوا لن يعودْ
هو في القلبِ وجودْ
في مسائي كالدعاءْ
في صباحي كالضياءْ
هو في الأمسِ وفاءْ
لو يسافرْ
ألف ألفٍ سيعودْ
يا حبيبي ستعود...
أنت في فجري أماني وغزلْ
أنت إن عادَ المساءْ
قطراتٌ أستقيها بالمقلْ
أنت صوتٌ يتغنى ويسامرْ
في خيالي وحيُ شاعرْ
يا حبيبي أنت شاعرْ
 
ومن الشاعرات الواعدات في تبوك: الشاعرة فاطمة بنت محمد البارقي، وقد تعلقت بالمنتديات الأدبية التي تهتم بالإبداع الأدبي على شبكة (الإنترنت)، فأشرفت على بعضها، مثل: منتديات الحلم، منتديات مدار، منتدى شظايا أدبية، ومنتدى الراسية. نشرت بعض خواطرها في صحيفة عكاظ في عام 1423هـ / 2002م. وهذا نموذج من شعرها:
 
مسافات الحنين
إني لأعلنك بالجوى
وبمن أَحَبّ ومن هوى
سأنال حبك طائعًا
أو مرغما..
فيمَ انتظارك والقلوب تعانقت
والعين باحت
والحنين تكلما
كن رافضًا
ومعاندًا
كن منكرًا
ومكابرًا
فغدًا.. ستأتي بالحنين مكبّلاً
وصراخ همسك ضارعًا مستسلما
فوق احتمالي..
أن أراك بجانبي حجرًا صموتًا أعجما
وأنا رياحٌ تستبيح القنص
فاحذر من رياح لا تطيق طلاسما
إن كان قلبك سرمديًا جاهلاً..
فاترك لي القلب الذي علَّمته..
لأعلِّمه
كبَّلته
لأحرره
أحتلُّه
يحتلني
أغتاله
يغتالني
وأذيبه
فيذيبني
فلعلَّه
ولعلَّني
فلربما يغدو الحديث مترجما
أين الفرار..
وأنت تسكن في دمي
وأنا بقلبك بلبلٌ
أَلِفَ الغناء.. وعلى يديك تعلما
فن التوحد في الهوى
لغة الجنون وسحرها
ما كان منها خافيًا
أو مبهما
 
شارك المقالة:
78 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook