لكي يعمل القلب كمضخة للدم، عليه الانقباض والانبساط بانتظام وبشكل دائم. يتم التحكم بانتظام القلب، بواسطة اشارة كهربائية تنتقل في القلب، وتؤدي لتقلص عضلة القلب وانقباضها. يملك القلب القدرة على انتاج الاشارة الكهربائية وارسالها لجميع أنحاء القلب.
تبدأ الاشارة الكهربائية في القلب بنقطة تسمى العقدة الجيبية الأذينية (SA node- sinoatrial node)، وهي عبارة عن مجموعة خلايا تنتج الاشارة الكهربائية في القلب ومسؤولة عن نظم القلب. تتقدم الاشارة الكهربائية من العقدة الجيبية الأذينية، لتنتقل للقلب كله:
انتقال الاشارة الكهربائية، يتعلق بسلامة جميع الأجزاء. اذا ما تضرر أحد الأجزاء، ممكن أن يحدث اضطراب نظم القلب. كل اشارة تبدأ وتنتهي، تؤدي لانقباض القلب، محدثةً بذلك دقة قلب واحدة.
في الوضع الطبيعي، فان وتيرة دقات القلب التي تنتجها العقدة الجيبية الأذينية هي 60-100 دقة في الدقيقة.
كما أن لكل جزء من الأجزاء المذكورة، القدرة على انتاج نظم قلب. معنى هذا أن ضرر أحد الأجزاء، يؤدي لعمل الجزء الذي يليه لكي يحافظ على نظم القلب. الا أنه كلما تقدمنا في المسار الكهربائي، قلت وتيرة دقات القلب التي يمكن انتاجها. على سبيل المثال اذا ما تضررت العقدة الجيبية الأذينية فان العقدة الاذينية البطينية، هي التي تنتج دقات القلب، وتكون الوتيرة عندها 40-60 دقة في الدقيقة.
هناك أمور عديدة قد تؤثر على وتيرة دقات القلب وقد تسرعه أو تبطئه، كالهرمونات، الأدوية، المخدرات، المشروبات وأمراض عديدة أخرى. الجهاز العصبي المستقل (autonomic nervous system)، هو الجهاز المسؤول عن تحديد دقات القلب، حيث أن:
كل دقة من دقات القلب، تضخ الدم لجميع أنحاء الجسم. يمكن فحص نبض القلب جسدياً، ومعرفة وتيرة دقات القلب. كما يمكن الملاحظة اذا ما كان النبض منتظماً.
يتم فحص النبض بواسطة وضع الأصابع على شريان محيطي. عند كل دقة قلب، يتحرك الشريان قليلاً، حيث يمكن جس النبض من خلاله. عادةً فان الشريان الكعبري (radial artery)، هو الشريان الأفضل لجس النبض. يتواجد الشريان الكعبري حوالي 2-3 سم قبل باطن كف اليد، في الذراع، في الجانب الخارجي منه. يتم الفحص، بواسطة وضع الأصابع السبابة، الوسطى والبنصر على الشريان وجس النبض. تُقاس وتيرة النبض وانتظامه لمدة دقيقة.
اضطراب نظم القلب هو مجموعة من الأمراض التي تؤدي لدقات قلب غير منتظمة أو لتغيير وتيرتها.
ويمكن أن يكون الاضطراب بطيني (ventricular) أو فوق البطيني (supraventricular).
اذا ما كانت حالة المريض حرجة وتتطلب العلاج الفوري، فيجب تقديم العلاج الفوري وادخاله المستشفى.
ليست جميع حالات اضطراب نظم القلب، تعالج في المستشفى. غالباً ما يتم التشخيص والعلاج في عيادة خارج المستشفى، الا في الحالات الحرجة.
يعتمد التشخيص على وصف الأعراض وقياس النبض، كما أن لفحص تخطيط كهربية القلب (ECG- electrocardiogram) أهمية بالغة في تشخيص الاضطراب، نوعه ويساعد في تحديد العلاج. في الحالات الحادة والمستعجلة، يجب التشخيص بسرعة، لتقديم العلاج المطلوب فوراً. على الطبيب النتباه الى الأمور التالية:
هناك العديد من الأجهزة الأخرى، والتي تعمل على نفس المبدأ لعمل الأجهزة أعلاه. تُستخدم هذه الأجهزة اذا ما كان ظهور الأعراض غير ثابت، ولم يساعد تخطيط كهربية القلب العادي في تشخيص اضطراب النظم. أو اذا كانت الأعراض متكررة بدون وجود سبب واضح (مثل خفقان القلب دون سبب واضح).
اذا ما لاحظ الطبيب اضطراب نظم القلب في تخطيط كهربية القلب، لدى مريض لا يشكو من أية أعراض، نادراً ما يجب القيام بشيء أو بعلاج. عادةً ما تكون هذه الحالات بسيطة ولا تتطلب العلاج، الا أن الأمر يتغير حسب نوع الاضطراب ومن حالة لأخرى. في حال عدم وجود أعراض، يمكن للمريض أن يتوجه لطبيب مختص في القلب.
اذا ما وجدت أعراض ملائمة لاضطراب نظم القلب، يتغير أسلوب التعامل حسب الأعراض، نوع الاضطراب وحالة المريض. من المفضل النقل الى المستشفى والعلاج في الحالات التالية:
اضطراب النظم التسرعي (tachyarrhythmia) هو تسرع دقات القلب لأكثر من 100 في الدقيقة ويمكن أن يكون منتظماً أو لا.
تسبب أمور عديدة اضطراب النظم التسرعي، المرضي منها والغير مرضي.
الأسباب الغير مرضية لا تعتبر مرضاً في القلب، انما هي حالات يتطلب فيها تسرع القلب، كجزء من استجابة الجسم لاحتياجاته. أهم الحالات هي:
الأسباب المرضية التي تسبب تسرع القلب، هي أمراض تؤثر على القلب، لتؤدي لتسرعه. أهم الأمراض هي:
غالباً ما يكون تسرع نظم القلب عديم الأعراض. اذا ما نبض القلب سريعاً جداً، فقد لا يملك الوقت الكافي لاتمام النقباض والانبساط كما يجب، مما يؤدي لعدم امتلائه بالدم، وعدم ضخ الدم الكافي. قد توجد الأعراض التالية:
تتغير الأعراض حسب نوع الاضطراب، وقد تكون حادة جداً. تسبب بعض أنواع الاضطرابات كالرجفان، ضغط الدم المنخفض وتشكل خطراً على الحياة. والبعض الخر من الأنواع، أقل خطراً وقد لا تؤدي لأعراض أبداً.
سيتم ذكر أهم الأنواع المختلفة وطرق علاجها.
وهي اضطرابات النظم التسرعي التي تبدأ من فوق البطين. أي يمكن أن يكون أصلها في العقدة الجيبية الأذينية، الأذين أو العقدة الاذينية البطينية. أهم أنواعها:
وهو عبارة عن تقلص زائد للأذين، لا يسبب هذا الاضطراب عادةً أية أعراض ولا يشكل خطراً. في بعض الأحيان يمكن وجود الخفقان. لا يتطلب التقلص الأذيني المبكر العلاج.
وهو عبارة عن تسرع يبدأ في الجيب، ويكون منتظماً. لا يشكل الأمر خطراً، انما يدل على تسرع القلب بشكل طبيعي نتيجةً لسبب ما. من الأسباب التي قد تؤدي لتسرع القلب الجيبي:
يتميز تسرع القلب الجيبي بازدياد دقات القلب، وتبقى منتظمة كما هي. للعلاج، يجب تشخيص سبب التسرع وعلاجه.
وهو اضطراب يبدأ في الأذين. يحدث لدى مرضى أمراض القلب المختلفة، وذلك بسبب ضرر لخلايا الأذين. يؤدي الضرر الى تشكيل دوائر كهربائية داخل الأذين لا تستطيع التقدم للبطين، مما يجعل الاشارة الكهربائية تستمر في دورانها داخل الأذين فيؤدي الأمر لتسرع الأذين. قد يصل الأذين الى وتيرة 260-300 في الدقيقة، لكن لا ينبض البطين بهذه الوتيرة، لأن العقدة الاذينية البطينية لا تسمح بمرور جميع الاشارات الكهربائية. عادةً فان الرفرفة الأذينية يسبب خفقان القلب، وقد يؤدي لأعراض حادة ويشكل خطراً على الحياة. يستطيع الرفرفة الأذينية أن يتحول لرجفان أذيني وهو أكثر خطراً.
هو نوع الاضطراب الأكثر شيوعاً. تزداد نسبة حدوث الرجفان الأذيني عند كبار السن، ومرضى فشل القلب وأمراض القلب التاجية.
يحدث الرجفان الأذيني، نتيجة وجود عدة أماكن في الأذين تبدأ منها الاشارة الكهربائية بالمقابل، مما يجعل الاشارة الكهربائية تنتقل في دوائر كهربائية مختلفة غير منتظمة. يؤدي الأمر لنبض قلب غير منتظم ومتسرع، قد يصل لأكثر من 300 نبضة أذينية في الدقيقة. الا أن العقدة الاذينية البطينية لا تسمح بمرور جميع الاشارات الكهربائية للبطين، والناتج هو تقريباً 150 نبضة بطينية. يكفي الأمر لاحداث الأعراض. قد يكون الرجفان الأذيني عديم الأعراض تذكر.
يمكن تشخيص الرجفان الأذيني بواسطة الفحوصات التالية:
علاج الرجفان الأذيني مهم جداً. يجب علاج الرجفان الأذيني دائماً، حتى ان لم يسبب الأعراض، فان الرجفان الأذيني يجب علاجه لكي يتم منع مضاعفته. أهداف علاج الرجفان الأذيني هي كالتالي:
وأدوية عديدة أخرى. أهم الأعراض الجانبية لجميع هذه الأدوية أنها ممكن أن تزيد من احتمال الاصابة باضطراب نظم القلب، لذا يجب الانتباه أثناء تناولها. اذا لم تنجح الأدوية في تقويم نظم القلب، عادةً ما تستخدم الصدمة الكهربائية لتقويم نظم القلب.
هدف هذه الأدوية هي ابطاء تسرع القلب، وبالتالي تجنب الأعراض الناتجة من ذلك. تعمل جميع الأدوية على القلب لتبطئه وبطرق مختلفة. أهم هذه الأدوية:
اذا ما لم ينجح علاج الرجفان الأذيني بالأدوية، وخصوصاً في الحالات المستعجلة المُتطلبة للعلاج الفوري، فيوجد عدة امكانيات للعلاج:
· الصدمة الكهربائية (cardioversion): وهو جهاز يمكن بواسطته توجيه صدمة كهربائية للقلب. تؤدي الصدمة الكهربائية الى تقويم واعادة نظم القلب لوضعه الطبيعي. عادةً ما تُستخدم الصدمة الكهربائية في الحالات الخطرة التي تتطلب العلاج الفوري أو عند فشل الأدوية في علاج الرجفان الأذيني. نسبة نجاح الصدمة الكهربائية، تقترب ل 90-95%.
· الاجتثاث (ablation): الاجتثاث عبارة عن اجراء يتم فيه حرق الدوائر الكهربائية التي تسبب الرجفان الأذيني، ويتم اجراءه عادةً خلال القسطرة بواسطة أجهزة خاصة كأشعة الراديو أو الليزر. يُستخدم هذا الاجراء عند فشل العلاج بالأدوية، واستمرار الأعراض. يُنفذ الاجتثاث في منطقة الأوردة الرئوية لأن الدوائر الكهربائية توجد عادةً هناك. هناك طرق عديدة أخرى لتنفيذ الاجتثاث، أبرزها الاجتثاث الجراحي.
· اجتثاث العقدة الاذينية البطينية (AV node ablation): الهدف من اجتثاث العقدة الاذينية البطينية هو الغاء وظيفتها، ومن ثم زرع جهاز ناظمة قلبية (pacemaker) يتحكم بنظم القلب.
· الجراحة: وتدعى العملية بعملية ميز (Maze procedure). ويتم اجرائها في الحالات التي لا تستجيب لطرق العلاج الأخرى، بالذات اذا ما مر المريض بعملية قلبية لسبب اخر. خلال العملية يتم اجراء تقطيع سطحي للدوائر الكهربائية.
وهو تسرع منتظم للقلب لأكثر من 100 في الدقيقة، مصدره من الأذين. غالباً يؤدي لأعراض ويبدأ وينتهي تلقائياً. في حالات معينة هناك حاجة للعلاج لانهاء تسرع القلب فوق البطيني.
يبدأ العلاج بتغيير الوضعية، مثل وضعية فاسالفا (valsalva)، وهي الوضعية التي يتم فيها الضغط في البطن (مُشابهة للوضعية التي يتخذها الانسان خلال الخروج).
اذا لم يُجدي الأمر نفعاً يجب العلاج بالأدوية، ويشمل:
اذا لم تُساعد الأدوية في العلاج، يتم العلاج بواسطة الصدمة الكهربائية. كما أنها تُستعمل في الحالات الخطرة.
وهي مجموعة اضطراب نظم القلب التسرعي، التي مصدرها في البطين. قد تكون الاضطرابات خطرة جداً. أبرز الأنواع:
هو تقلص مبكر لأوانه، مصدره من البطين. لا يسبب التقلص البطيني المبكر، الأعراض عادةً. في أحيان معينة قد يسبب الخفقان. اذا ما استمر التقلص البطيني المبكر لأكثر من ثلاثة تقلصات متتالية، فقد يتحول الى تسرع بطيني. لا يتطلب التقلص البطيني المبكر العلاج، الا اذا ما سبب الأعراض المستمرة، وعندها يكون العلاج بأدوية تبطئ القلب. الدواء الأكثر استعمالاً هو محصر مستقبلات البيتا (beta blockers).
وهو تسرع منتظم مصدره في البطين لأكثر من 100 وأقل من 250 في الدقيقة. عادةً ما يعتبر خطراً ويسبب الأعراض وقد يتحول للرجفان البطيني. التسرع يمنع القلب من الامتلاء بالدم الكافي مما يؤدي لعدم ضخ حجم دم كافي ولضغط الدم المنخفض. التسرع البطيني، أكثر شيوعاً لدى مرضى القلب، كأمراض القلب التاجية واحتشاء القلب الحاد.
يتغير العلاج حسب خطورة الموقف:
هو تسرع منتظم للقلب مصدره من البطين لأكثر من 250 في الدقيقة. أعراضه، خطورته وعلاجه مشابهة للتسرع البطيني.
هو تسرع غير منتظم مصدره في البطين. يعتبر الأكثر خطورة وقد يسبب الوفاة الفورية أو الموت المفاجئ القلبي. قد يحدث كمضاعفة لحالة تسرع أو رفرفة بطينية. نجد الرجفان البطيني أكثر حدوثاً لدى مرضى احتشاء القلب الحاد، أمراض القلب التاجية، وفشل القلب الاحتقاني. التعامل مع الرجفان البطيني وعلاجه يشبه علاج التسرع البطيني.
كما ذكر فان هذه الاضطرابات تحدث لمرضى أمراض القلب التاجية، احتشاء القلب الحاد، وفشل القلب الاحتقاني. يمكن الوقاية من تكرار التسرع وأو الرجفان البطيني بعد حدوثه مرة، بواسطة زراعة مقوم نظم القلب المزيل للرجفان (ICD- implantable cardioverter defibrillator).
لدى المرضى اللذين لا يشكون من أمراض القلب وحدث لديهم تسرع أو رجفان بطيني،أو لمن يشكو من أمراض القلب الوراثية كالمتلازمات، يمكن الوقاية من تكرار الاضطراب بالعلاج بالاجتثاث بالقسطرة.
هو اضطراب لنظم القلب عند بطء دقات القلب لأقل من 60 في الدقيقة. ممكن أن ينتج نظم القلب البطئي لسببين:
يعتبر اضطراب نظم القلب البطئي أكثر شيوعاً لدى كبار السن. الا أنه قد يكون أمراً طبيعياً لدى صغار السن والرياضيين.
عادةً ما يحدث اضطراب نظم القلب البطئي لمرضى أمراض القلب التاجية وفشل القلب، لذا نجد أن عوامل الخطورة لكلا الأمرين مشتركة. أبرز الأسباب لاضطراب نظم القلب البطئي:
عادةً فان اضطراب نظم القلب البطئي لا يسبب أعراضاً، واذا وجدت فغالباً ما تكون محتملة. الا أن بعض الأعراض قد تحدث. يؤدي اضطراب نظم القلب البطئي لانخفاض حجم الدم التي يضخها القلب، مما يؤدي لانخفاض ضغط الدم وللأعراض الناتجة من ذلك. أبرز الأعراض هي:
يمكن رؤية جميع أنواع اضطراب نظم القلب البطئي عند تسجيل تخطيط كهربية القلب، الا أن بعض الأنواع تحتاج للهولتر أو للجهاز المسجل للتخطيط عند ظهور الأعراض فقط.
هناك أنواع عديدة لاضطراب نظم القلب البطئي. تقسم الأنواع حسب مكان المرض، سواء في العقدة الجيبية الأذينية أو العقدة الأذينية البطينية.
عبارة عن جهاز يزرع تحت الجلد في أسفل الكتف. تخرج أسلاك من الجهاز وتتجه للقلب. يعمل الجهاز على ايصال اشارة كهربائية منه الى القلب، وبالتالي فان تحديد نظم القلب أمر ممكن. عادةً يتم التحكم بالنظم المطلوب للقلب ويعمل الجهاز على الحفاظ على هذا النظم. يستخدم جهاز ناظمة القلب لعلاج اضطراب القلب البطئي.
"