تاريخ منطقة الجوف خلال العصور الحجرية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
تاريخ منطقة الجوف خلال العصور الحجرية في المملكة العربية السعودية

تاريخ منطقة الجوف خلال العصور الحجرية في المملكة العربية السعودية.

 
تعد منطقة الجوف من أقدم مواطن الاستيطان في الجزيرة العربية، حيث تضم موقع الشويحطية الذي يعد من أهم مواقع العصر الحجري القديم حتى الآن في المملكة العربية السعودية، وأحد أقدم المواقع المعروفة بالاستيطان البشري، ويقع شمالي مدينة سكاكا، وقد عثر فيه على أدوات حجرية   متنوعة الصنع ذات أشكال مختلفة  من بينها:
 
 الأدوات الحجرية المشحوذة.
 
 النوى والرقائق والكتل الحجرية.
 
 القواطع والسواطير، والقطع الحجرية ذات الأسطح المتعددة، والأشكال القرصية وشبه القرصية.
 
 الأدوات المشظية من وجهين، مثل الفؤوس والمفارم والمعاول.
 
 المكاشط الجانبية والطرفية، والمثاقب والسكاكين والمناقيش.
 
وقد بيَّنَت الدراسة المقارنة للمجاميع الحجرية في موقع الشويحطية  أن ثمة تطابقًا في خصائصها وتقنية صناعتها مع تلك المصنوعات الحجرية التي كُشف النقاب عنها في موقع أولدفاي في تنـزانيا شرقي إفريقية، وفي موقع العبيدية جنوبي فلسطين، الأمر الذي يعني أن أدوات موقع الشويحطية يعود تاريخها إلى أكثر من مليون سنة مضت  
 
ونتيجة لهذا الاكتشاف الأثري المهم لا يزال النقاش مطردًا بين المختصين في تاريخ السلالات البشرية المبكرة، إذ لا تزال هناك تساؤلات، مثل: هل موقع الشويحطية هو أقدم مواقع الاستيطان المبكر في الجزيرة العربية  ،  أم أن ثمة مواقع أخرى تعود إلى فترة زمنية أقدم من تاريخ الإنسان في الشويحطية؟ الواقع أن ثمة مواقع أخرى في نجران جنوبي الجزيرة العربية تعود إلى الفترة الزمنية نفسها، إلا أن مؤشرات موقع الشويحطية الأثرية تضع أراضي الجزيرة العربية ضمن دائرة الاهتمام في تاريخ السلالات البشرية المبكرة في العالم، فضلاً عن كونها تطرح تساؤلات، مثل: هل إنسان الشويحطية مهاجر من مواقع أخرى في الجزيرة العربية، أم أنه هاجر إليها من مواقع السلالات البشرية المبكرة في آسيا وإفريقية؟
 
ثمة أدلة أثرية تؤكد تواصل الاستيطان في المنطقة كشف عنها في مواضع تقع إلى الغرب من دومة الجندل، وعلى حافة صحراء النفود الكبير، وفي وادي باير، وفي بلدتي كاف وإثرة، وفي جبل ماقل في القريات، ففي هذه المواقع عثر على مجموعة من الأدوات الحجرية ذات خصائص تقانية   نفذت بوساطة إنسان العصر الحجري القديم الأوسط (الموستيري)  . 
 
أما خلال فترة العصر الحجري الحديث، فعلى الرغم من قلة المواقع المكتشفة حتى الآن في المنطقة، إلا أن ثمة مؤشرات أثرية عُثِرَ عليها في موقع صفان جنوبي غرب دومة الجندل، وفي شمال غرب سكاكا تتمثل في مجموعة من النّصَال المشحوذة الوجه والظهر، ورؤوس السهام، والمناقيش، وجميعها تعود إلى العصر الحجري الحديث  ،  ما يؤكد تواصل استيطان الإنسان خلال تلك الحقبة الزمنية في المنطقة، وتطور تقنيات صناعته.
 
تاريخ المنطقة منذ الألف الرابع قبل الميلاد
 
تتميز تلك الفترة بنقلة نوعية في حياة الإنسان وأنماط معيشته، ففيها تمكن الإنسان من توظيف معادن الحديد، والنحاس، والبرونـز بالإضافة إلى الأدوات الحجرية في الصناعات اللازمة لحياته اليومية آنذاك، كما تمكن أيضًا من التوصُّل إلى صناعة الفخار، ونمط عمارة الدوائر الحجرية والحلقية.
 
ومن أبرز مواقع هذا العصر في منطقة الجوف موقع الرجاجيل  جنوب مدينة سكاكا الذي كشف فيه عن منشآت معمارية على هيئة أعمدة منتصبة بانتظام نحو شروق الشمس، وقد أسفر التحري الذي تم في الموقع عن أنه لم يكن يخدم وظائف دنيوية، كأن يكون مسكنًا، أو مدفنًا، ما يرجح كونه مرتبطًا بطقوس دينية كان الإنسان يمارسها آنذاك. كما تؤكد مجموعة الأدوات الحجرية، والكسر الفخارية التي كشف عنها في الموقع   أنماط الصناعات التي كان الإنسان يستخدمها في حياته اليومية  
 
وتشير المنشآت المعمارية المنتشرة في أرجاء متفرقة من منطقة الجوف التي تعود بناءً على ما عثر بداخلها من أدوات حجرية، وكسر فخارية إلى نهاية الألف الرابع وبداية الألف الثالث قبل الميلاد إلى تطور جديد في حياة الإنسان، فهي تحمل مؤشرات تدل على استقراره لفترات طويلة في تلك المواقع، ما جعله يلجأ إلى إنشاء تلك الدوائر الحجرية التي شكلت فيما بعد مستوطنات قروية كبيرة.
 
وعلى الرغم من قلة وجود أدلة واضحة حتى الآن للاستيطان الحضاري بمنطقة الجوف؛ بما في ذلك وادي السرحان خلال الألفين: الثالث والثاني قبل الميلاد، إلا أن ما تمّ العثور عليه - على الرغم من محدودية المسوحات الأثرية بالمنطقة، وغياب أعمال التنقيب الموسعة في المواقع الأثرية - يحمل مؤشرات لوجود الإنسان في المنطقة آنذاك. ولعل ما يؤكد ذلك هو أن منطقة الجوف شهدت - حسبما تشير إليه رواية المصادر التاريخية - أحداثًا تاريخية خلال مطلع الألف الأول قبل الميلاد، تعزز أن ثمة تجمعات قبلية وعشائرية استوطنت في وادي السرحان خلال الألف الثاني قبل الميلاد، ليس ذلك فحسب، بل إن تلك التجمعات القبلية كانت على درجة عالية من التنظيم، ما أهلها منذ مطلع الألف الأول قبل الميلاد لتشكل تهديدًا واضحًا لجنوبي الإمبراطورية الآشورية  
شارك المقالة:
48 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook