بماذا لقب لقمان ولماذا.

الكاتب: حنان حوشان -
بماذا لقب لقمان ولماذا.

بماذا لقب لقمان ولماذا.

 

لقمان

 
هو لقمان بن عنقاء بن سدون، ويُقال له كما قال السهليّ عن ابن جرير والقتيبيّ: لقمان بن ثاران، وقال السهيليّ أيضاً: كان لقمان نوبيّاً من أهل أيلة، وكان رجلاً صالحاً ذا عبادة وعبارة، وقيل: إنّه كان قاضياً في زمن داود عليه السّلام، وقد اشتُهر أنّه حكيم وليّ ولم يكن نبيّاً، ويُقال: إنّه كان عبداً حبشيّاً أسوداً من أهل سودان مصر، وقد عَمِل راعياً للغنم، ثمّ بلغ مبالغ في مُجالسة النّاس وحبّهم له، ورغبتهم في سماع كلامه، وحينما سُئل عن ذلك قال: (إنّما بلغت ذلك بغضي بصري، وكفّي لساني، وعفّة مطعمي، وحفظي فرجي، وقيامي بعدّتي، ووفائي بعهدي، وإكرامي ضيفي، وحفظي جاري، وتركي ما لا يعنيني؛ فذاك الذي صيّرني).[]
 
 
 

لقب لقمان وسبب اللقب

 
لًقّب لقمان بالحكيم؛ وقد ظهرت الحِكْمة في أقواله وأفعاله حتى ذكرها الله -تعالى- في القرآن الكريم، فقال: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ)،[٢] كما أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- استدلّ بقول لقمان ذات مرّة، فقال لأصحابه رضي الله عنهم: (إنّ لقمانَ الحكيمَ كان يقولُ: إنّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- إذا استُودِعَ شيئاً حفِظَه).[] وقد لُقّب لقمان الحكيم بهذا اللقب؛ لِما ظهر عليه من الحِكْمة والصّلاح، والعلم النافع والعمل بهذا العلم، وأبرز هذه المظاهر هي الوصايا التي أوصاها لابنه، وقد فصّلها القرآن الكريم كاملة في سورة حملت اسمه أيضاً؛ وهي سورة لقمان،[] وتعريف الحِكمة والحكيم في اللغة كما يأتي:[]
 
تعريف الحِكمة: الحِكمة هي معرفة أفضل الأشياء بأَفضل العلوم.
تعريف الحكيم: الحكيم هو من تصدر أعماله وأقواله عن رويّةٍ ورأيٍ سديدٍ.
 
 

وصايا لقمان لابنه

 
عُرف لقمان بالحِكمة والصّلاح، كما عُرف أيضاً بسدادة الرأي واستخدام الأسلوب الصحيح عند تقديم النّصيحة لِمَن يحتاجها، وفيما يأتي النّصائح التي قدّمها لقمان لابنه:[]
 
الوصيّة الأولى: إنّ الوصيّة الأولى والأهمّ على الإطلاق؛ هي عدم الشّرك بالله تعالى، حيث جاء في القرآن الكريم: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)،[ فأولى الأولويّات هي توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبادة والطّاعة، وهي غاية خَلْق الإنسان على الأرض، ثمّ إنّ الشّرك من أعظم الذّنوب والخطايا التي قد يقترفها الإنسان.
الوصيّة الثّانية: قرَنَ لقمان عبادة الله -تعالى- وتوحيده ببرّ الوالدين وصِلتهما والرّحمة بهما؛ حيث قال: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)،[] وقد خُصّت الأمّ بالوصيّة؛ بسبب ما تعانيه من تعبٍ في الحمَلْ والوضع، ثمّ في الإرضاع والسّهر وغير ذلك، وخاصةً في السنوات الأولى من عمر الطفل، فذكّر لقمان ابنه بفضل أمّه بشكلٍ خاصٍّ، حتى لا يفوته البرّ فيبقى يَصِلها ويبرّها، ويبرّ والده كذلك.
الوصيّة الثّالثة: أوصى لقمان ابنه في الوصيّة الثّالثة كما في ورد في الآية الكريمة: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)،[] فحثّ لقمان ابنه على دوام مراقبة الله -عزّ وجلّ- وذِكْره في سائر الأحوال والشؤون، فلا يحسب نفسه الإنسان أنّه مُختلياً ومبتعداً عن مراقبة الله تعالى.
الوصيّة الرّابعة: أوصى لقمان ابنه بإقامة الصّلاة؛ حيث جاء في القرآن الكريم: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ)،[٩] والصّلاة كناية عن عبادة الله -تعالى- والتزام أوامره وفرائضه على الوجه الذي أمر به الله تعالى، وفي إقامة الصّلاة أيضاَ توجيهاً لتزكية النّفس وتهذيب الأخلاق؛ فالمصلّي يخشع في صلاته، ويتأمل القرآن الكريم.
الوصيّة الخامسة: أرشد لقمان ابنه إلى ما يثبّت ويحقّق عنده المعروف، ويزيد من بغضه للمنكر وخشيته منه، بتوجيهه إلى الأمر بالمعروف والنّهي عن المنّكر؛ حيث قال الله تعالى: (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور)،[١٠] كما أنّ في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر تحمّل للمسؤوليّة في المجتمع، وإنشاء رغبة بأن يكون المجتمع مستقيماً وصالحاً يرضي الله تعالى، كما يوجه لقمان ابنه على الصّبر في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنّكر، وتحمّل تَبِعات هذا العمل، ويوضّح له أنّ هذا من أسمى الأعمال والعبادات عند الله تعالى.
الوصيّة السّادسة: أوصى لقمان ابنه وأرشده إلى آداب المعاملات مع النّاس، فقال الله تعالى: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)؛[] ففي هذه الوصيّة يؤكّد لقمان لابنه خطورة التكبّر على النّاس، وينفّره من ذلك حين شبّه التكبّر والالتفات عن النّاس بالصّعَر وهو داء يصيب الإبل فيلوي العنق، فالكِبر صفة ممقوتة تجلب الكراهيّة والبغضاء، وتسبّب الحقد والحسد بين الناس عِوضاً عن المحبّة والأُلفة والتّواصل بينهم، ومن التواضع وعدم التكبّر أن لا يمشي الإنسان مزهوّاً وفخوراً بنفسه، بل عليه أن يُلين جانبه ويتواضع للناس ويحبّهم.
الوصيّة السّابعة: أوصى لقمان ابنه إلى الاعتدال والتوسّط في جميع شؤون الحال؛ حيث قال الله تعالى: (واقْصِدْ فِي مَشْيِكَ).[
الوصيّة الثّامنة: ختم لقمان وصاياه لابنه بتعزيز ثقة الابن بنفسه وذلك بإخفاض صوته، وتحذيره من سوء الأدب مع من حوله برفع صوته؛ فالصّوت المرتفع دليل على فَقْد الحُجّة وضَعْف الدليل، فمن يرفع صوته يحاول أن يستعيض بالصوت والغلظة عن خطئه وجهله، قال الله تعالى: (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ).[
أسلوب لقمان في تقديم النصيحة
استخدم لقمان أسلوب الوعظ والإرشاد في تقديم التّوجيهات لابنه، حيث ركّز على ترغيبه بوجوه الخير والفضل إذا استفاد من الحِكَم والنّصائح، والتّرهيب من عاقبة الابتعاد عنها، كما حرِص على تلمّس مشاعر ابنه، وإشعاره بالشّفقة والرّحمة تجاهه، والرغبة في أن يكون من أفضل وأعقل النّاس، كما أنّ مَن يقرأ النّصائح يدرك بأنّ نصائح لقمان هي أيضاً توجيهات تربويّة تناسب عُمْر وعقل مَن قُدّمت له النّصائح.
 
 
 
شارك المقالة:
58 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook