ضغط الدم المرتفع هو حالة طبية شائعة والتي تُصيب 20-30% من البالغين، وتُصيب 5-10% من النساء الحوامل. يُعتبر ضغط الدم المرتفع خلال الحمل من أهم الأسباب للمرض والوفاة خلال الحمل، حيث أن 15% من حالات وفاة الأم خلال الحمل هي بسبب ضغط الدم المرتفع. يؤدي ضغط الدم المرتفع خلال الحمل لمضاعفات عديدة اذا لم يُعالج، كفشل القلب، النوبة القلبية، وفشل الكلى. لضغط الدم المرتفع خلال الحمل توجد عدة أنواع وقد يكون بعضها بسبب الحمل نفسه. غالباً ما يتم علاج ضغط الدم المرتفع بالأدوية.
تعريف ضغط الدم المرتفع خلال الحمل: ضغط الدم المرتفع هو نتيجة قياس ضغط الدم أكثر من 140 بالضغط الانقباضي أو 90 بالضغط الانبساطي. شرط أن يكون القياس مرتين وبفرق 6 ساعات على الأقل بين القياس والاخر.
لضغط الدم المرتفع خلال الحمل توجد عدة أنواع، ويتعلق بعضها بالحمل والاخر قد يكون لأسباب أخرى غير الحمل. أسباب عديدة قد تؤدي لضغط الدم المرتفع، لكن تبقى مُعظم الحالات غير معروفة السبب. من المهم تصنيف أنواع ضغط الدم المرتفع خلال الحمل لاختلاف التوجه والعلاج فيما بين الأنواع.
· ضغط الدم المرتفع المزمن (Chronic Hypertension): ضغط الدم المرتفع المزمن هو احد الحالات التالية:
ضغط الدم المرتفع قبل الحمل.
ضغط الدم المرتفع الذي يظهر خلال الحمل قبل الأسبوع العشرين.
ضغط الدم المرتفع الذي يستمر بعد الحمل بستة أسابيع على الأقل.
في مُعظم الحالات يكون ضغط الدم المرتفع المزمن غير معروف السبب.
· ضغط الدم المرتفع الحملي (Gestational Hypertension): ضغط الدم المرتفع الذي يظهر في الحمل لأول مرة، وبعد الأسبوع العشرين. لا يكون مصحوباً بأعراض أو علامات أخرى.
· تسمم الحمل (Preeclampsia): حالة خاصة – وقد تكون خطرة- من ضغط الدم المرتفع الحملي. بالاضافة الى ضغط الدم المرتفع بعد الأسبوع العشرين، تظهر البيلة البروتينية في اختبار تحليل البول.
· الارتعاج (Eclampsia): حالة خطرة من تسمم الحمل والتي تؤدي للنوبات الدماغية (Seizures).
· تسمم الحمل المركبة أو الارتعاج المركبة (Superimposed Preeclampsia / Superimposed Eclampsia): هو تسمم الحمل أو الارتعاج الذي يظهر لدى النساء المصابات بضغط الدم المرتفع المزمن في السابق.
· ضغط الدم المرتفع العابر (Transient Hypertension): ضغط الدم المرتفع الظاهر والعابر حتى الأسبوع الثاني عشر من الحمل. لا حاجة لعلاج هذه الحالة كونها عابرة
يُصيب ضغط الدم المرتفع 5% من حالات الحمل. من المهم استبعاد أمراض عديدة قد تؤدي لضغط الدم المرتفع المزمن خلال الحمل كأمراض الكلى وأمراض الغدد الصماء وغيرها. على الطبيب القيام بالفحص الجسدي واجراء اختبارات عديدة لتشخيص ضغط الدم المرتفع واستبعاد أمراض عديدة قد تكون سبب ضغط الدم المرتفع المزمن خلال الحمل.
يؤدي ضغط الدم المرتفع المزمن الى العديد من المضاعفات سواءً لدى المرأة الحامل أو لدى الجنين. من أبرز المضاعفات لدى المرأة الحامل:
وأخرى غيرها. أما لدى الجنين فان ضغط الدم المرتفع يؤدي الى شذوذ جنينية (Fetal Anomalies)، بطئ نمو الجنين، الولادة المبكرة، أو انفصال المشيمة (Placental Abruption) وهي حالة خطرة تضر المشيمة وتؤدي لمضاعفات لدى المرأة الحامل ولدى الجنين.
علاج ضغط الدم المرتفع المزمن خلال الحمل يهدف الى خفض ضغط الدم المرتفع وتجنب المضاعفات التي قد يؤدي اليها. من المهم خفض ضغط الدم الى ما يُقارب 120/80. لا يُساعد العلاج على الوقاية من تسمم الحمل، كما أنه لم تُثبت الدراسات أن العلاج يقي من المضاعفات لدى الجنين. يتكون العلاج من الأمور التالية:
نظراً لأنه لم يُثبت أن علاج ضغط الدم المرتفع المزمن يقي من المضاعفات، لذا فان العلاج يبدأ بتغيير نمط الحياة، والعلاج بالأدوية له حاجة فقط في الحالات التالية:
الأدوية المستخدمة هي:
يُصيب تسمم الحمل ما يقارب 5-8% من حالات الحمل. يُعتبر تسمم الحمل حالة خطرة للمرأة الحامل والجنين، لذا من المهم تشخيص تسمم الحمل وعلاجه. كما ذُكر فان تسمم الحمل هو ضغط الدم المرتفع بعد الأسبوع العشرين، بالاضافة الى البيلة البروتينية (أي ظهور البروتين في البول) في اختبار تحليل البول. قد يظهر تسمم الحمل حتى خلال الأيام الأولى بعد الولادة، لكن غالباً ما تختفي الأعراض بعد ذلك. من الجدير بالذكر أن تسمم الحمل هو مرض يظهر فقط خلال الحمل.
عوامل خطورة تسمم الحمل
لا يُعرف سبب تسمم الحمل، ويعتقد بعض الأطباء أن اعتلال يصيب الأوعية الدموية في المشيمة هو السبب. للعديد من النساء الحوامل عوامل خطورة تسمم الحمل، وتشمل هذه العوامل التالي:
أعراض وعلامات تسمم الحمل
يؤدي تسمم الحمل الى ضغط الدم المرتفع والبيلة البروتينية، وغالباً ما تكون هذه الأمور عديمة الأعراض والعلامات. في السابق اعتبرت الوذمة (أي انتفاخ الأرجل) من أعراض تسمم الحمل، الا أن الأمر ليس صحيحاً الان. يُمكن تشخيص تسمم الحمل بواسطة الاختبارات حيث يجب اجراء الاختبارات التالية:
غالباً ما تظهر الأعراض والعلامات اذا ما كان تسمم الحمل وخيماً (Severe Preeclampsia)، وهذه الحالة من تسمم الحمل هي نتيجة لتفاقم تسمم الحمل الطفيف. قد تظهر الأعراض والعلامات لتسمم الحمل الوخيم خلال ساعات، أيام وحتى أسابيع، وتُعتبر هذه الحالة الأخطر للمرأة الحامل أو الجنين. أبرز أعراض وعلامات تسمم الحمل الوخيم هي:
اذا ما ظهرت احدى الأعراض والعلامات لتسمم الحمل الوخيم، على المرأة الحامل التوجه مباشرةً الى الطبيب النسائي.
مضاعفات تسمم الحمل
قد يؤدي تسمم الحمل الى مضاعفات عديدة، سواءً لمرأة الحامل أو الجنين. في كلا الحالتين فان المضاعفات قد تهدد حياة الجنين أو المرأة الحامل. أهم المضاعفات هي:
تشخيص تسمم الحمل
يعتمد تشخيص تسمم الحمل على الاختبارات والفحص الجسدي. سيسأل الطبيب عن أعراض تسمم الحمل الوخيم كضيق النفس، مشاكل الرؤية وأخرى. يهدف الفحص الجسدي لاكتشاف علامات تسمم الحمل كضغط الدم، علامات الوذمة الرؤية وغيرها.
تهدف الاختبارات الى تشخيص تسمم الحمل وتشخيص المضاعفات. عدة اختبارات تُستخدم لأجل ذلك تشمل:
تعداد الدم الكامل (CBC- Complete Blood Count)، يُجرى لاكتشاف قلة صفائح الدم وفقر الدم.
اختبار انزيمات الكبد في الدم لتشخيص الضرر الكبد، حيث ترتفع نسبة انزيمات الكبد.
تشخيص التخثر المنتثر داخل الأوعية.
علاج تسمم الحمل
ان العلاج الأفضل لتسمم الحمل هو ولادة الجنين واخراج المشيمة من الرحم. قد تكون ولادة الجنين الحل الأفضل للمرأة الحامل، الا أنها ليست الحل الأفضل للجنين في جميع الحالات. من هنا فان قرار الولادة يتعلق بأسبوع الحمل، نمو الجنين، وشدة تسمم الحمل.
الوليد الناضج: في حال الوليد الناضج (الأسبوع السابع والثلاثون وما بعده) فان الحل الأفضل هو الولادة، وهذا الحل الأفضل للأم والوليد. نادراً ما يُعاني الوليد الناضج من مشاكل التنفس أو يحتاج لعناية خاصة.
الولادة قل اتمام مدة الحمل: قبل اتمام مدة الحمل، فان العلاج يتعلق بشدة تسمم الحمل. لذا اذا ما كان تسمم الحمل طفيفاً، يُمكن مراقبة ومتابعة الأم والجنين بواسطة اجراء الاختبارات وخاصةً التخطيط فوق الصوتي. أما في حال تسمم الحمل الوخيم، فغالباً ما تكون هناك حاجة للولادة لتجنب المضاعفات للمرأة الحامل والجنين.
متى يجب الولادة قبل اتمام الحمل؟ في حالات مُعينة توجد حاجة للولادة قبل اتمام الحمل للحفاظ على المرأة الحامل وعلى الجنين. الحالات التي يتم فيها توليد الجنين على عجل هي عند وجود أعراض وعلامات تسمم الحمل الوخيم وكذلك عند ظهور المضاعفات لدى الجنين، أي بطئ نمو الجنين، وقلة السائل السلوي. تُستخدم أدوية عديدة لتحريض الولادة. في حالات قصوى قد تتطلب الولادة القيصرية.
الماغنيزيوم (Mg- Magnesium): نظراً لأن حالات تسمم الحمل قد تتفاقم للارتعاج، توجد حاجة للوقاية من النوبات الدماغية (Seizures) والتي تظهر في حال الارتعاج. ان الدواء الأفضل للوقاية من النوبات العصبية عند تسمم الحمل هو الماغنيزيوم الذي يتم تناوله عن طريق الوريد (IV).
الستيرويد: اذا ما وجدت الحاجة للولادة المبكرة قبل الأسبوع الرابع والثلاثون، فان الخدج قد يشكون من مشاكل في الرئتين نظراً لأن نمو الرئتين لا يكتمل قبل الأسبوع الرابع والثلاثين. يُمكن تعجيل نمو الرئتين بواسطة حقن المرأة الحامل بالستيرويد. يُعجل الستيرويد تطور ونمو الرئة وبذلك يُقلل من خطورة أمراض الرئة بعد الولادة لدى الوليد. كما أن الستيرويد يُقلل من خطورة النزيف الدماغي ومضاعفات أخرى لدى الخدج. يتم حقن المرأة الحامل مرتين، مرة كل 24 ساعة، ومن ثم الولادة بعد 48 ساعة من الحقنة الأولى. لهذا النظام أهمية لضمان نجاح العلاج.
مراقبة المرأة الحامل والجنين: عند وجود الحاجة لتأجيل الولادة، تكمن الحاجة لمراقبة المرأة الحامل والجنين وذلك لترصد تفاقم تسمم الحمل الى تسمم الحمل الوخيم. من الممكن أن تكون المرأة الحامل في البيت وتتوجه للعيادة لفترات متقاربة، أو أن تدخل المستشفى حتى الولادة. يتعلق مكان وجود المرأة الحامل بشدة تسمم الحامل وأسبوع الجنين. خلال مراقبة المرأة الحامل سيسأل الطبيب عن أعراض أو علامات جديدة لتسمم الحمل، كما يُجري الفحص الجسدي. بالاضافة الى ذلك فان الطبيب سيقوم باجراء اختبارات الدم، البول وقياس ضغط الدم. لمراقبة الجنين يجب اجراء اختبار التخطيط فوق الصوتي.
غالباً ما ينخفض ضغط الدم المرتفع بعد الولادة، وربما يحتاج الى العلاج بأدوية لخفض ضغط الدم المرتفع. اذا ما استمر ضغط الدم المرتفع لأكثر من 12 أسبوعاً بعد الولادة، يُعتبر ضغط الدم المرتفع المزمن ويتطلب العلاج المستمر.
الارتعاج هو حالة خاصة من تسمم الحمل والتي تؤدي للنوبات العصبية. يُصيب الارتعاج امرأة واحدة من بين 3000 امرأة حامل. عدة أعراض قد تظهر وتنبأ بالارتعاج كألم الرأس المستمر، عدم وضوح الرؤية وألم رأس المعدة. قد تظهر النوبات الدماغية قبل الولادة أو بعد الولادة أو حتى خلال الولادة.
مضاعفات الارتعاج:
يؤدي الارتعاج للوفاة في 1% من الحالات.
علاج الارتعاج: نظراً لأن الارتعاج هو حالة خطرة وصعبة، يتطلب الانعاش مباشرةً ومن ثم العلاج بالأدوية لايقاف النوبات الدماغية. بعد ايقاف النوبات الدماغية يُمكن الولادة. الأدوية المستخدمة لايقاف النوبات الدماغية هي:
النوبات الدماغية لا تمنع من الولادة الطبيعية، ولا حاجة للولادة القيصرية. رغم ذلك، اذا ما وجدت حاجة للولادة القيصرية يجب اجرائها.
متلازمة هيلب (HELLP) هي نوع خاص من تسمم الحمل والتي تتميز بالتالي:
متلازمة هيلب هي حالة خطرة تُصيب النساء الحوامل المصابات بتسمم الحمل أو الارتعاج، وقد تظهر خلال الحمل أو حتى يومين بعد الولادة.
أعراض متلازمة هيلب
مضاعفات وعلاج متلازمة هيلب مشابهة لمضاعفات وعلاج تسمم الحمل. ان الحل الوحيد لعلاج متلازمة هيلب هو الولادة واخراج المشيمة، لكن الأطباء أكثر حذراً في هذه الحالة حيث مُعظم حالات متلازمة هيلب تنتهي بالولادة المُستعجلة.
"