النقل بالرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
النقل بالرياض في المملكة العربية السعودية

النقل بالرياض في المملكة العربية السعودية.

 

لمحة تاريخية

 
كانت الطرق مجرد فراغات بين المساكن التي كانت متلاصقة ومتراصة بشكل كبير، كما كانت تتصف بالضيق والتعرج، ولعل مرد ذلك إلى طبيعة وسائل النقل المتوافرة آنذاك والمتمثلة في الدواب (الحمير، والجمال)
 
ولأهمية قطاع النقل بمختلف جوانبه، لجميع مناحي الحياة: اجتماعية واقتصادية وأمنية وسياسية.. إلخ، فقد كان من أول اهتمامات الملك عبدالعزيز - رحمه الله - أن وجه منذ بداية توحيد المملكة بإنشاء إدارة خاصة تُعنى بهذا القطاع، فتم إنشاء مصلحة الأشغال والمعادن عام 1355هـ / 1936م التي تولّت مسؤولية الأشغال العامة كلها بما في ذلك الطرق التي كانت ترابية، فتم تمهيدها وإزالة الأحجار والمعوقات الطبيعية منها كي يسهل على المارة والدواب والسيارات المحدودة العدد - آنذاك - السير والتنقل. ثم أُسِّست وزارة المواصلات عام 1373هـ / 1954م لتشرف على كل ما له علاقة بالمواصلات، وعند إنشاء الوزارة لم يتجاوز إجمالي أطوال الطرق المسفلتة على مستوى المملكة 239كم  .  أما على مستوى منطقة الرياض فلم تكن هناك طرق أسفلتية حتى عام 1365هـ / 1946م، وكان أول طريق مسفلت في مدينة الرياض هو طريق المطار الذي يربط مطار المدينة - آنذاك - بوسط المدينة (منطقة البطحاء)، وكان في حدود 7كم  
 
ولما كانت الرياض هي عاصمة المملكة، فقد كان ارتباطها ببقية مدن المملكة والعالم الخارجي مسألة مهمة وحيوية؛ ولذا فقد رُبِطَت بشبكة من الطرق البرية والزراعية، ابتدأت بطريق الدرعية ثم طريق الخرج ثم طريق شقراء والدوادمي؛ إذ أصبح إجمالي أطوال الطرق عام 1383هـ / 1963م نحو 850كم  ،  كما تم ربط مدينة الرياض بسكة حديد مع المنطقة الشرقية وذلك عام 1371هـ / 1951م 
 
وشهدت مرحلة الثمانينيات الهجرية / الستينيات الميلادية قفزة كبيرة في مجال النقل سواء على مستوى منطقة الرياض أو على مستوى المملكة ككل؛ فقد تم التوسع في شبكة الطرق الداخلية (أي داخل المدينة) وأسست شبكات من الطرق المحلية التي أقيمت عليها الأحياء الجديدة، واتسمت بنظامها الشبكي البسيط، كما امتدت محاور أخرى من الطرق المعبدة لربط الأحياء الجديدة مع وسط المدينة، وقد أدى هذا إلى اختراق النمط العمراني القديم، فتمت إزالة عدد من المباني القديمة ليصبح في الإمكان توسيع الشوارع المهمة وتطويرها  .  و يعرض (جدول 37) أطوال الطرق بمدينة الرياض.
 
وفي التسعينيات الهجرية دخلت البلاد في مرحلة جديدة من التخطيط بظهور الخطط الخمسية للدولة التي من خلالها بدأ تنفيذ عدد من المشروعات؛ مثل رصف الشوارع الفرعية ضمن النطاق العمراني في أحياء المدينة كلها، وتمَّ كذلك تحديث الشوارع وتوسعتها. ولاحتفاظ وسط المدينة بأهميته التجارية والإدارية ولانطلاق معظم الشوارع الرئيسة منه وإليه، فقد ظهرت مشكلة الاختناقات المرورية على محاور الحركة الأساسية آنذاك، فكان الحل في فصل مستويات التقاطعات وإزالة العوائق من وجه الحركة المرورية، ولذا تمت إقامة عدد من الجسور المعلقة الحديدية التي كان من أشهرها (شارع الكباري) الذي يربط شمال المدينة بجنوبها، وطور فيما بعد ليصبح الشريان الرئيس في المدينة تحت اسم طريق الملك فهد  ،  ثم حدثت قفزة أخرى تمثلت في إنشاء الطريق الدائري بأضلاعه الأربعة الذي أحاط المدينة بطريق سريع طوله يزيد على 93كم، وعرضه نحو 100م، وينقسم إلى أربعة مسارات ويربط أطرافها جميعًا ويسهل الانتقال والحركة  
 
كما تم أيضًا تحويل الطرق الخارجية كلها التي تربط مدينة الرياض ببقية المدن إلى طرق سريعة متعددة المسارات  ،  (جدول 38) ، وقد بلغ إجمالي الطرق الرئيسة والفرعية والثانوية بنهاية الخطة الخمسية الرابعة 5377.1كم  
 

السكك الحديدية

 
وردت فكرة إنشاء خط حديدي لنقل البضائع المستوردة عن طريق ميناء الدمام من أرصفة البواخر داخل البحر إلى الساحل بميناء الدمام ومنه إلى مدينة الظهران، ثم طلب الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مد هذا الخط إلى مدينة الرياض، وقد استغرق العمل في هذا الخط نحو أربع سنوات، إذ بدأ في 26 / 11 / 1366هـ الموافق 11 / 10 / 1947م وانتهى في 9 / 1 / 1371هـ الموافق 10 / 10 / 1951م، عبر مراحل زمنية، كما يوضح (جدول 39) . ويبلغ طوله من مدينة الرياض إلى ميناء الدمام 569كم كما يوضح (جدول 40) ، وقام الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بافتتاح الخط رسميًا في 19 / 1 / 1371هـ الموافق 20 / 10 / 1951م 
 
وبعد عشرين عامًا بدأت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية تطوير الخط الحديدي السابق  ،  فقد تم اختصار المسافة بين الرياض والمدن الرئيسة التي يمر عليها كما تم تقليل محطات التوقف، وتحديث القاطرات والعربات وإنشاء محطات جديدة ومركز حديث للصيانة.
ويوجد في مدينة الرياض نهايتان للخط الحديدي الجديد: الأولى محطة الركاب، والثانية الميناء الجاف.
ويبين (جدول 40) المسافة بين مدينة الرياض ومحطات السكة الحديد القديمة والجديدة.
 
أ) محطة الركاب:
 
أقيمت هذه المحطة لتحل محل المحطة القديمة على مساحة تصل إلى 12000م  ، وتتكون من أربعة أرصفة؛ طول الواحد منها 300م، ويتوافر بهذه المحطة الخدمات اللازمة كافة من صالات ومكاتب وقاعات ومرافق خدمية (مطعم، ومقهى، ومكتب بريد، وغرفة طوارئ، وإسعافات أولية....). ويبين (جدول 41) عدد الركاب المغادرين والقادمين إلى محطة الرياض والمملكة خلال الفترة 1421 - 1425هـ / 2000 - 2004م.
 
ب) الميناء البري الجاف: 
 
تبلغ المساحة الإجمالية للميناء 918639م  ، فضلاً عن نحو 10.000م  من الساحات المكشوفة التي يُسْتفاد منها في التخزين للبضائع الواردة من ميناء الدمام، كما أن الميناء يضم ستة مخازن لاستقبال الحاويات تبلغ مساحة الواحد منها 6480م  ، وكذلك ثلاجة كبيرة يبلغ حجمها 2700م  وتم افتتاح الميناء رسميًا عام 1401هـ / 1981م  .  وقد بلغت الكمية المشحونة إلى الميناء الجاف عام 1422هـ / 2001م 1037965 طنًا 
 

النقل الجوي

 
شهد عام 1364هـ / 1945م تسيير أول رحلة منتظمة من خلال ثلاث طائرات من نوع (الداكوتا) هي كل أسطول شركة الخطوط العربية السعودية التي أنشئت عام 1365هـ / 1946م تحت إشراف وزارة الدفاع والطيران، ولأهمية الاتصال مع العالم الخارجي تم تدشين أول رحلة للخارج في هذا العام أيضًا، إذ تم افتتاح مكتب للشركة في القاهرة، ثم افُتِتح مطار الرياض عام 1373هـ / 1954م، ولم يكن في بداياته سوى أرض فضاء واسعة، ولكنه سرعان ما تطور وانتظم عمله وبلغت مساحته نحو 3000 هكتار شمال المدينة بما يقرب من سبعة كيلو مترات عن وسطها (منطقة البطحاء)
 
استمر هذا المطار يقدم خدمات النقل المحلية والدولية والشحن حتى عام 1404هـ / 1984م، إذ حل محله مطار الملك خالد الدولي الذي افتتح رسميًا في ذلك العام  ، فشكل نقلة حضارية ونوعية للمدينة، إذ تبلغ المساحة الإجمالية للمطار 22000 هكتار، ويبعد بنحو 35كم عن وسط المدينة، ويشمل أربع صالات كبرى للمسافرين: دولية وداخلية للخطوط السعودية، وصالة للطيران الأجنبي، وصالة ملكية، بالإضافة إلى الخدمات والمرافق المساندة كلها، وقد تزايدت حركة النقل الجوي في السنوات الأخيرة  ،  كما تزايدت حركة الشحن الجوي بشكل كبير، ويبين (جدول 42) حركة النقل الجوي للطائرات السعودية والأجنبية في مطار الملك خالد في الرياض خلال الفترة 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م.
 

النقل البري

 
يتنقّل الركاب - في الغالب - بوساطة أربعة أنواع من السيارات: السيارات الخاصة، وسيارات الأجرة العامة، وسيارات التأجير الخاصة، والنقل العام.
 
أ) السيارات الخاصة:
 
وهي الوسيلة الأكثر انتشارًا واستخدامًا على مستوى المنطقة والمملكة كلها، وهي المنافس الرئيس للنقل العام على اختلاف أنماطه؛ سواء بالحافلات أو السكك الحديدية أو النقل الجوي، إذ إن غالبية الأفراد والأسر يفضلون الانتقال بسياراتهم الخاصة داخل المدن والمراكز العمرانية وبين المدن والقرى، ولعل الخصوصية والحرية وارتفاع الدخل عوامل ساعدت في انتشار ذلك، كما أن عدم وجود شبكات نقل عام ذات خطوط مجدولة بانتظام من الأسباب الرئيسة لذلك أيضًا.
 
ب) سيارات الأجرة العامة:
 
دخلت سيارات الأجرة العامة (الليموزين) الخدمة عام 1401هـ / 1981م لزيادة الطلب على النقل العام، وللحاجة إلى خدمات نقل أفضل مما هو متاح لدى حافلات النقل العام، علمًا أن خدمات الأجرة العامة (التاكسي الأصفر) كانت متاحة منذ مدة طويلة نظرًا لعدم قدرة الغالبية من المواطنين سابقًا على امتلاك سيارات خاصة، ثم صدرت في عام 1414هـ / 1993م لائحة جديدة لتنظيم أعمال هذه الخدمة وتوحيد الإشراف عليها، إذ تكون الجهة المعنية بتنظيم أعمالها وإصدار التراخيص لها هي وزارة المواصلات، مع تغيير الاسم إلى أجرة عامة ووضع شعار ولون خاص بها  ،  ثم في عام 1416هـ / 1995م أضيفت ضوابط أخرى إلى عملها، وقد تطورت أعدادها بشكل مُطَّرد من 1247 سيارة عام 1407هـ / 1987م إلى 7575 سيارة عام 1413هـ / 1992م، ثم إلى 11260 سيارة عام 1418هـ / 1997م في منطقة الرياض وحدها.
 
ج) سيارات التأجير الخاصة:
 
وهي خدمة متاحة لأغراض الانتقال الشخصي في الغالب، تتولاها مؤسسات وشركات خاصة مُرَخَّص لها من قبل وزارة المواصلات، وقد بلغ عدد المؤسسات المُرَخَّص لها في منطقة الرياض 132 مؤسسة تشكل نحو 34% من إجمالي التراخيص الممنوحة على مستوى المملكة في عام 1417هـ / 1996م  . 
 
د) النقل العام: 
 
يتوافر النقل العام من خلال الحافلات الخاصة بمختلف أنواعها وأحجامها منذ فترة طويلة داخل منطقة الرياض، وبلغ عددها عام 1418هـ / 1997م أكثر من 1200 حافلة، ثم في العام التالي 1419هـ / 1998م بلغت 1430 حافلة، تستحوذ على 80% من النقل المحلي داخل مدينة الرياض 
 
وفي عام 1399هـ / 1979م تأسست الشركة السعودية للنقل الجماعي بموجب عقد امتياز مدته خمسة عشر عامًا بينها وبين وزارة المواصلات، تقوم الشركة بموجبه بنقل الركاب داخل المدن وبين مدن المملكة، مع التزام الوزارة بعدم إعطاء تصاريح لأي شركة أخرى، وقد تم تجديده لفترة ثانية تنتهي في 30 / 6 / 1429هـ الموافق 5 / 7 / 2008م  
 
توسعت خدمات هذه الشركة فيما بعد لتشمل النقل الدولي وخدمات العقود والتأجير وكذلك خدمات النقل في مواسم الحج والعمرة، وللمنافسة الشديدة من قِبل حافلات الأفراد داخل مدينة الرياض فقد لجأت الشركة إلى تخفيض عدد خطوط النقل من 18 خطًا عام 1415هـ / 1994م إلى 13 خطًا عام 1416هـ / 1995م، كما خفَّضت عدد الحافلات أيضًا، وانعكس ذلك على عدد الركاب الذين تم نقلهم، إذ انخفض من قرابة 5 ملايين راكب عام 1415هـ / 1995م إلى مليوني راكب فقط عام 1416هـ / 1995م، وكذلك كان مليونين عام 1417هـ / 1996م.
 
ويمكن تعليل ذلك الانخفاض في عدد الركاب إلى عدد من الأسباب من أهمها:
 
 المنافسة الشديدة من الحافلات الصغيرة.
 
 دخول سيارات الأجرة العامة الخدمة.
 
 انخفاض أعداد العمالة الوافدة التي تشكل النسبة العظمى من مستخدمي هذا النوع من وسائل الانتقال.
 
 توجيه الشركة اهتمامها نحو خدمات جديدة أكثر ربحية مثل النقل المدرسي، والنقل الدولي.
 
وخلال العشرين سنة الأولى من تأسيس الشركة، تمكنت من نقل ما يزيد على مليار ومئتي مليون راكب، على خطوطها الداخلية المختلفة في المدن، وبين المدن، والرحلات الدولية، ويبلغ متوسط عدد الرحلات اليومية للشركة حاليًا خمسة آلاف رحلة  
 
وقد أقيم مركز للنقل العام على مساحة 200.000م  بتوجيهات من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ليكون أول مرفأ بري متكامل على مستوى المملكة والمنطقة، وتم تجميع منطقة الخدمات فيه كي تسهل عملية نقل المسافرين وإعطائهم حرية اختيار وسيلة النقل التي يرغبون في استخدامها، ويشتمل المركز على صالات مغادرة وقدوم محلية (داخل مدينة الرياض) وداخلية ودولية مجهزة بجميع الخدمات المساندة من مواقف للسيارات والحافلات والمطاعم ومُصَلّيات للرجال والنساء ودورات مياه ومستودع لحفظ الأمتعة ومقاعد للجلوس... إلخ  
شارك المقالة:
45 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook