المياه الجوفية العميقة في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 المياه الجوفية العميقة في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

 المياه الجوفية العميقة في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 
تصنف تكوينات الصخور الرسوبية   الخازنة للمياه في المملكة إلى خزانات رئيسة (الساق، وتبوك، والوجيد، والمنجور، والبياض، والوسيع، وأم رضمة، والدمام، والنيوجين)، وأخرى ثانوية (الجوف، أبو رواث، وخف، والجلة، وضرماء، وسكاكا، والعرمة). وتمتد منكشفات (Outcrops)   معظم تكوينات الصخور الرسوبية إلى مسافات طويلة قد تصل إلى أكثر من 1000كم، وقد يصل امتداد هذه الطبقات إلى أكثر من 150000كم  تحت السطح. ولذا فإن بعض هذه التكوينات الخازنة للمياه تمتد في أكثر من منطقة من مناطق المملكة الإدارية، كما أن بعضها قد يمتد داخل حدود الدول المجاورة.
 
وتحتوي هذه الخزانات التي تتعاقب من الأقدم في الغرب إلى الأحدث في الشرق على مياه جوفية قديمة (غير متجددة) تختلف كمياتها باختلاف نوع صخور التكوين، وسُمكها، وخواصها الهيدروليكية (النفاذية ومعامل التخزين). وفيما عدا الأجزاء المنكشفة من التكوينات الرسوبية، فإن خزانات المياه فيها من النوع المحصور الذي تكون المياه فيه تحت ضغط ارتوازي، وفي هذه الحالة تكون المياه الجوفية الموجودة بها تحت ضغط أعلى من الضغط الجوي. ولذا يرتفع الماء في الآبار المحفورة على الخزان المحصور إلى مستوى تساوي الضغط (السطح البيزومتري Piezometric Surface)   الذي قد يكون تحت سطح الأرض، وقد يكون في بعض الأمكنة فوق سطح الأرض. فإذا كان مستوى السطح البيزومتري في موقع معين أعلى من سطح الأرض فإن المياه في الآبار المحفورة على الخزان المحصور في هذا الموقع سترتفع إلى أعلى، وتتدفق ذاتيًا وتلقائيًا على سطح الأرض دون استخدام مضخات المياه كما كان يحدث في بعض مناطق المملكة.
 
وعلى الرغم من أن أجزاء كثيرة من منطقة تبوك تقع ضمن الدرع العربي إلا أن أجزاءها الشرقية والشمالية الشرقية تدخل ضمن الرف العربي، حيث توجد أجزاء من تكوين الساق وتكوين تبوك. ويعد تكوين الساق أقدم تكوينات الصخور الرسوبية في المملكة، ويتكون تكوين الساق بشكل رئيس من الصخور الرملية، أما تكوين تبوك فيتكون من ثلاث طبقات من الصخور الرملية (تبوك العلوي، تبوك الأوسط، وتبوك السفلي) تفصلها طبقات من الطَّفْل. كما أن منكشفات تكوين ساق، وتكوين تبوك تمتد متوازية تقريبًا بمحاذاة الدرع العربي من داخل الأردن إلى القرنة في محافظة الدوادمي بمنطقة الرياض وإلى العمار جنوب منطقة القصيم على التوالي  .  ويكون منسوب المياه في هذين الخزانين تحت سطح الأرض في أراضي المنكشفات، أما في الأمكنة الواقعة على الأجزاء المحصورة فإن المياه في بعضها كانت تتدفق على سطح الأرض بعد حفر الآبار في هذه الأجزاء المحصورة من الخزانات.
 
لا تتوافر بيانات حديثة عن خصائص خزان الساق وخزان تبوك في منطقة تبوك. وعلى الرغم من أن البيانات المتوافرة تعد قديمة نسبيًا، ولا تعكس خصائصهما في الوقت الحاضر إلا أنه يمكن استخدامها للحصول على فكرة عامة. فالجدول 15 يبين خصائص المياه الجوفية في ثلاث آبار محفورة على خزان الساق بمنطقة تبوك. ويتبين من الجدول اختلاف إنتاجية الآبار من المياه حيث كانت تراوح بين (250ج / د 16.7 لترات / ثانية) في بئر تبوك و (760ج / د 50.7 لترات / ثانية) في بئر العيينة. أما تركيز الأملاح في مياه الآبار فكان يراوح بين 580 ميكروموز / سم في بئر القليبة و 1000 ميكروموز / سم في بئر العيينة. وبناء على هذه البيانات يمكن القول: إن إنتاجية المياه في الآبار المحفورة في خزان الساق بمنطقة تبوك جيدة، وأن مياه خزان الساق في المنطقة ذات نوعية جيدة أيضًا.
 
ويتضح من (الجدول 15) أيضًا اختلاف مستوى الماء الثابت (مستوى الماء في البئر قبل الضخ) ومستوى الماء المتحرك (مستوى الماء في البئر أثناء الضخ) في هذه الآبار. فمستوى الماء الثابت كان على سطح الأرض وأعلى منه في بئر العيينة، وفي بئر تبوك على التوالي. في حين أنه كان يساوي نحو 134م تحت السطح في بئر القليبة، وهذا يعود إلى اختلاف العلاقة بين مستوى السطح البيزومتري في الخزان المحصور وبين سطح الأرض، فالسطح البيزومتري في المنطقة التي حفرت فيها بئر تبوك كان أعلى من سطح الأرض، في حين أنه كان على عمق يساوي 134م في المكان الذي حفرت فيها بئر القليبة.
 
ومن جهة أخرى، يختلف مستوى الماء المتحرك من بئر إلى أخرى حيث كان يراوح بين 52م في بئر تبوك ونحو 160م في بئر القليبة. ويرجع الاختلاف في مستوى الماء المتحرك بشكل رئيس إلى اختلاف الناقلية (Transmissivity) في الخزان واختلاف كميات المياه التي تضخ من البئر. كما أن الناقلية تحكم بدرجة كبيرة حجم المياه الجوفية المتحركة نحو البئر، في حين يعتمد حجم المياه الموجودة في الخزان على المخزونية (Storativity). ويوجد تفاوت بين قيم الناقلية والمخزونية في خزان الساق. ومعامل التخزين والقدرة الإنتاجية ليس لهما أبعاد، في حين أن الوحدات المستخدمة للتعبير عن الناقلية هي م  / يوم / م وتختصر في العادة لتصبح م  / يوم  .  فقد ذكرت وزارة الزراعة والمياه   أن الناقلية متوسطة إلى عالية في خزان الساق بمنطقة تبوك حيث تراوح بين 778م  / يوم و 3283م  / يوم. أما معامل التخزين للخزان في المنطقة فإنه يساوي 0.0012. كما أن الدراسات السابقة تشير إلى أن معامل التخزين في معظم الخزانات المحصورة يراوح بين (10 - 5) (0.00001) و (10 - 3) (0.001)  
 
شهدت منطقة تبوك في العقود الثلاثة الماضية توسعًا كبيرًا في الرقعة الزراعية؛ وبخاصة في زراعة القمح، والفاكهة، والزهور، والأعلاف  ،  فقد زادت المساحة المزروعة في المنطقة من 2445كم  عام 1394هـ / 1974م   إلى 55034كم  عام 1421هـ / 2000م  .  وحيث إنه يعتمد في ري المساحات الزراعية على ضخ كميات كبيرة من المياه الجوفية القديمة، فإنه من المتوقع أن ينتج من ذلك انخفاض مستمر لمستوى الماء في خزانات المنطقة. فعلى الرغم من أن هذه الخزانات تعد موردًا مهمًا للمياه في المنطقة إلا أنها في الحقيقة مورد مُعرّض للنضوب. فقد ذكر (Edgell)   أن تغذية خزانات المياه الجوفية العميقة محدودة جدًا في الوقت الحاضر. كما أكدت وزارة الزراعة والمياه ما مفاده " إن جميع مياه الطبقات الحاملة للمياه الجوفية تأتي من المياه المخزونة فيها على مدى عدة آلاف من السنين الماضية. ولذلك فإنه أينما يتم سحب المياه الجوفية بصورة كبيرة فإن منسوب المياه آخذ في الانخفاض وسوف يستمر في الانخفاض. وفي الطبقات غير السميكة الحاملة للمياه تصبح إمدادات المياه معرضة للخطر، أما في الطبقات السميكة فإن ضخ المياه منها يصبح غير اقتصادي بسبب بعد منسوب المياه "  
 
شارك المقالة:
645 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook