المواسم السياحية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 المواسم السياحية في المملكة العربية السعودية

المواسم السياحية في المملكة العربية السعودية.

 
 
يتفق تقويم المواسم السياحية في المملكة عمومًا مع التقويم العالمي، في كون الصيف هو الموسم السياحي الرئيس، إذ تكون فيه العطلة السنوية للمدارس. وتدل على ذلك زيادة نِسَب الإشغال في الفنادق والشقق المفروشة صيفًا  ،  إلا أنه يختلف عنه باعتماد المناسبات الدينية التي تُحسب بالشهور القمرية التي تدير هذه المناسبات على فصول السنة كلها، وتتميز المملكة بإجازتين: الأولى في أواخر شهر رمضان وتشمل عيد الفطر، والثانية في فترة الحج وتشمل عيد الأضحى، ومدة كل منهما 14 يومًا تقريبًا. ويؤثر المناخ تأثيرًا واضحًا في تباين المواسم الجيدة لزيارة مختلف مناطق المملكة، إلا أن الحركة الفعلية تتأثر بمواسم الإجازات؛ لذا فإن حركة السياحة في المملكة ترتبط بموسم الإجازة الصيفي للقطاع التعليمي، في حين تشكل إجازتا العيدين مواسم ثانوية في الفصل الذي تأتيان فيه.
وتظهر موسمية الحركة السياحية بوضوح في بعض الأمكنة السياحية، مثل: الأجزاء الجبلية التي يتركز موسمها في فصل الصيف، في حين أنها أقل تأثيرًا في مناطق أخرى، مثل: مكة المكرمة، وجدة، والرياض، فهي تحظى بتدفق سياحي طول العام. أما الأجزاء الصحراوية فموسم زيارتها المعتاد يكون في الشتاء والربيع، وتحظى الأجزاء التي تشهد زيادة في كمية الأمطار بالنصيب الأوفر من سياح الصحراء، وهو أمر يتفاوت من سنة إلى أخرى.
المواسم المفضلة عمومًا لزيارة المناطق الجغرافية في المملكة، اعتمادًا على مناسبة المناخ وعلى الواقع الفعلي للحركة السياحية.
لمواسم المفضلة لكل نمط سياحي، حسب مناسبة المناخ، والظروف البيئية، والعوامل الخاصة بالنمط السياحي.
 
 

الآثار الاقتصادية والاجتماعية للسياحة

 
أ - الآثار الاقتصادية:
 
لم تكن السياحة غائبة بوصفها نشاطًا يمارسه سكان المملكة التي لم تكن مغلقة تمامًا في وجه السياح من الخارج، إلا أن تنظيم السياحة وتنميتها أخذا بُعدًا جديدًا في السنوات القليلة الماضية، كما أصبح يُنظر إليها بوصفها قطاعًا اقتصاديًا مهمًا يساعد على تنويع اقتصاد المملكة، ويسد جانبًا من حاجة السكان، مقللاً بذلك من توجه السياح إلى خارج المملكة، ويساعد في تدوير الأموال داخل الدولة، ويسهم في التنمية الإقليمية في مناطقها المختلفة.
وليس من العسير تلمُّس هذا الدور الذي يبرز بوضوح في بعض المناطق التي تعاني من قلة الموارد الاقتصادية، فتكون السياحة فيها هي البديل الاقتصادي الأنسب، ومن أهم هذه الأقاليم سلسلة المرتفعات الجنوبية التي تبدأ بالطائف شمالاً حتى الحدود الجنوبية مع اليمن، فقد أصبحت السياحة صفة لازمة لمدن جبلية مهمة، مثل: الطائف، والباحة، وبلجرشي، والنماص، وأبها... وغيرها، وبالإضافة إلى استثمار الأهالي فيها فقد استطاعت جذب رؤوس أموال من خارج مناطقها، وتبع ذلك إيجاد وظائف مباشرة في قطاع الخدمات السياحية وغير مباشرة في قطاع الخدمات والأنشطة الاقتصادية الأخرى التي عززها إيجاد السياحة، مثل: الزراعة، والرعي، والتجارة وغيرها؛ وذلك لوجود سوق موسمية لتصريف منتَجاتها.
وبالمثل فإن المدن الكبرى أصبحت تشهد تدفقًا سياحيًا كبيرًا يعتمد على التكامل بين الحياة الحضرية المزدحمة بمختلف ما تقدمه للسائح، وبين مواردها الطبيعية والتجارية، فجدة - على سبيل المثال - لا يكاد موسمها السياحي يتوقف مع زيادة أوقات الإجازات، واستفادتها من كونها بوابة للأمكنة المقدسة، ومدينة تجارية وترفيهية ساحلية، وسرعان ما يتحول كثير من الحجاج والمعتمرين من الداخل والخارج إلى سياح في جدة بعد أدائهم المناسك، ولا أَدَلَّ على ذلك من ضخامة قطاع الإسكان الفندقي، والشقق المفروشة، والقرى السياحية فيها. ومدن الساحل الشرقي تستقبل في جميع الإجازات سياحًا قادمين من داخل المملكة، تجذبهم البيئة البحرية، وقرب هذا الساحل من المناطق الحضرية الوسطى؛ لذا فإن مدنها تعج ببنايات الشقق المفروشة. وقد أصبحت جازان مشتىً طبيعيًا لسكان المرتفعات الجنوبية الغربية، وبدأت جزيرة فرسان في أخذ دورها الطبيعي بوصفها مشتىً ومقصدًا للسياحة البيئية والغوص. ومع زيادة الوعي بأهمية الدور الاقتصادي للسياحة، وتبنِّي الهيئة العامة للسياحة والآثار خطة تنمية سياحية شاملة؛ فإن مختلف مناطق المملكة الأخرى أصبحت تسعى جادة لتفعيل مواردها السياحية لجذب نصيبها من سياح الداخل والخارج.
وتتوقع الهيئة العامة للسياحة والآثار أن قطاع السياحة سيكون في المستقبل القريب أحد أهم القطاعات الاقتصادية في المملكة. وتوجد مؤشرات حالية تدل على أن الميزان السياحي - الذي يأخذ في الحسبان الفرق بين السياح المغادرين إلى الخارج والسياح الوافدين عددًا وإنفاقًا - يميل إلى صالح المملكة، فمن (جدول 5) الذي يمثل أرقامًا قدَّرتها الهيئة العامة للسياحة والآثار - حسب عدد من المؤشرات والإحصاءات والدراسات المسحية - نلاحظ أن عدد الرحلات القادمة يفوق عدد الرحلات المغادرة بما يقترب من الضعف، كما يزيد إنفاق القادمين إلى المملكة على إنفاق المغادرين، ومن ثَمَّ فإن الميزان السياحي يميل إلى صالح المملكة، مع توقع مزيد من التحسن؛ نتيجة الجهود المبذولة في تنشيط السياحة وتحسين خدماتها، وفق خطط الهيئة العامة للسياحة والآثار وبرامجها التي بدأ العمل بها لخدمة سياح الداخل واستقطاب نصيب أكبر من السياح من الخارج.
وتجذب المملكة حاليًا السياح من الدول العربية والإسلامية لوجود الأمكنة المقدسة فيها، ويأتي أقل من نصف السياح الوافدين إلى المملكة من دول الخليج العربية، وهم يأتون أيضًا للسياحة الصحراوية، وسياحة المدن الكبرى، وسياحة المصايف الجبلية، يليهم القادمون من دول جنوب شرق آسيا، وغالبيتهم من الحجاج والمعتمرين، في حين يشكل القادمون من أوروبا ما يقارب 8% من إجمالي القادمين  . 
والسياحة المحلية تفوق السياحة المغادرة بما يقارب ستة أضعاف، وذلك حسب تقديرات منظمة السياحة العالمية  ،  وفي المملكة تبلغ 6.86% متفوقةً على المعدل العالمي، (جدول 5) ؛ مما يؤكد أهمية السياحة في اقتصاد المملكة، وتوقُّع تنامي هذا الدور نتيجة الاهتمام المتزايد الذي أُعطي لهذا القطاع المهم.
وتسعى الهيئة العامة للسياحة والآثار إلى زيادة دور السياحة في المملكة اعتمادًا على رصيدها من الموارد السياحية التي سبق الحديث عنها، وقد حددت أربعين منطقة تنمية سياحية في مختلف مناطق المملكة، وجميعها قابل للتطوير لتكون مناطق سياحية في المستقبل، وتم اعتماد 903 مواقع قابلة للتطوير السياحي لوقف التصرف فيها  . 
ومن الآثار الاقتصادية الاجتماعية المهمة للسياحة في المملكة: إيجادها فرص عمل إضافية للسعوديين، ويبدو هذا واضحًا في المناطق والمدن السياحية الرئيسة، مثل: جدة، ومكة، والرياض، وعسير، والباحة، والخُبر، وقد تم إنشاء عدد من معاهد التدريب السياحي في هذه المناطق، مثل: كلية الأمير سلطان للسياحة والفندقة بأبها.
ولقد وفرت السياحة سوقًا نشطة للمنتَجات المحلية في عدد من الأقاليم، مثل: عسير والباحة اللتين يزيد الطلب فيهما على المنتجات الزراعية والرعوية - مثل الفواكه، والخضراوات، والعسل، والأغنام - بصورة واضحة خلال فصل الصيف. وهو أيضًا موسم جيد لتأجير المنازل الخاصة والمزارع للمصطافين. بالإضافة إلى زيادة ملحوظة في نشاط الخدمات بمختلف أنواعها، مثل: البنوك، والمطاعم، وتأجير السيارات، ولوازم الرحلات، والقطاع التجاري عمومً
 
 
اب - الآثار الاجتماعية:
 
تمثل حركة السياحة انتقال مجموعة من الناس من بلد إقامتهم أو إقليمهم الأصلي إلى المقصد السياحي، ولهذه الحركة آثار اجتماعية مباشرة وغير مباشرة؛ فالسياح ينتقلون بعاداتهم ولغاتهم وتفضيلاتهم إلى مجتمع قد يكون مغايرًا لما يحملونه من قيم، وبذلك فإن التأثير الاجتماعي للسياحة المحلية يكون عادة أقل من التأثير الاجتماعي للسياحة الوافدة؛ لأن الخصائص عادةً متقاربة بين الضيف والمضيف في حالة السياحة المحلية. وغالبية السياحة الدولية القادمة إلى المملكة هي من دول إسلامية أو تحوي أقليات إسلامية، وقد بلغت الرحلات الوافدة إلى المملكة من دول الخليج ودول المنطقة، ودول جنوب شرق آسيا ما مجموع نِسَبه 86% من إجمالي الرحلات السياحية الوافدة  ،  وهو أمر متوقَّع؛ لأن معظمها يدخل في نطاق السياحة الدينية، ويتمكن مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي من زيارة المملكة دون تأشيرات أو قيود على الإقامة، وبلغت نسبة ما يقوم به سكان دول مجلس التعاون من رحلات سياحية إلى المملكة 43.8% من الرحلات السياحية الوافدة  ،  ومن ثَمَّ فإن التقارب في القيم الاجتماعية يُوجِد ألفة بين المجتمع المحلي والسياح، ويقلل من الآثار الاجتماعية غير المرغوب بها التي تتسم بها السياحة العالمية. على أن للسياحة العالمية آثارًا إيجابية على الضيف والمضيف بزيادة التواصل بين شعوب العالم وسكان المملكة. ومن جهة أخرى فإن السياحة قد ساعدت على تطوير مجتمعات محلية؛ وذلك عن طريق زيادة الدخل المباشر وغير المباشر لسكان مناطق تعاني محدودية الموارد الاقتصادية، كما ساعدت على توفير الخدمات؛ لأن ما يتم توفيره للسياح يستخدمه المواطن المحلي أيضًا. وقد ساعدت أيضًا على تثبيت إقامة جزء من سكان هذه المناطق التي تعاني من هجرة شبانها إلى المدن الكبرى في المملكة.
ومع ذلك فإنه قد يكون للسياحة آثار اجتماعية سلبية، مثل: زيادة القيم الاستهلاكية، وتبنِّي عادات السياح التي قد تصادم قيم المجتمع، ومنافسة السياح للمجتمع المحلي في بعض الخدمات، وغلاء الأراضي فوق قدرات الأهالي، إلا أن المملكة تسعى إلى التخطيط المتأني للسياحة، ومحاولة زيادة الفائدة منها، مع السعي لتخفيف الآثار السلبية، وتبنِّي سياسة تحديد السياحة القادمة من الخارج، وهذا ما سعت إليه الهيئة العامة للسياحة والآثار، فقد ناقشت دراسات هذه المسألة؛ لتحقيق سياحة مستديمة تحافظ على البيئة والمجتمع.
 
 
شارك المقالة:
96 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook