شهدت الحركة الثقافية في المملكة ظاهرة ذات أثر مهم في نمو العناية بالثقافة وتنشيطها، وهي المنتديات الأدبية (أو الصالونات)، وقد كثرت في السنوات العشرين الأخيرة، وبخاصة في المدن الكبرى: الرياض، وجدة، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، والأحساء، وعُدّت من أهم روافد الثقافة والأدب  . وتُعَدّ الديوانيات التي كانت تقام في الرياض منذ أوائل القرن الماضي صورة مبسّطة للمنتديات الثقافية الحديثة  ،  ومثلها بعض المجالس التي كانت تُعقد في بيوت بعض وجهاء مكة المكرمة والمدينة المنورة  ،  وبلغ من كثرتها أن كاد كل أديب يقيم ندوة في بيته  ،  ومن أبرزها في المدينة (أسرة الوادي المبارك) التي كانت أشبه بجمعية لبعض الأدباء، وقد أسست عام 1366هـ / 1947م  .ويُعَدّ منتدى عبدالحميد عباس في المدينة المنورة أقدم منتدى عرفته المملكة، ويشير بعض الدارسين إلى أنه بدأ في الستينيات من القرن الرابع عشر الهجري / الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي  . أما منتدى عبدالعزيز الرفاعي الذي كانت بدايته في مكة  ،  ثم عقد في جدة، ثم في الرياض، فهو أبرز منتدى يحمل ملامح المنتديات الأدبية ومقوماتها  ،  ويرجّح بعض الدارسين بدايته عام 1379هـ / 1959م  . ومن أبرز تلك المنتديات اليوم إثنينية عبدالمقصود خوجة في جدة، التي صدرت ندواتها في 24 مجلدًا، وصدر عنها كذلك 45 كتابًا، أكثرها أعمال شعرية  .  ومنها: خميسية حمد الجاسر، وأحدية راشد المبارك في الرياض  ،  ومنتدى علي أبو العلا في مكة المكرمة  ،  وأحدية أحمد المبارك في الأحساء  ،  والمعروف من هذه المنتديات الآن يربو على 40 منتدى، أكثرها في الرياض.ولم تقتصر هذه المنتديات على الرجال، بل كان للنساء منتديات في مناطق مختلفة  . ولقد أسهمت تلك المنتديات في نشر الثقافة والفكر، وإيجاد أجواء من الحوار الفكري والأدبي، ومهّدت السبيل لبعض الأدباء للظهور والمشاركة، وكان بعضها إرهاصًا لأندية رسمية ترعاها الدولة وتنفق عليها  . 

 

الأندية الأدبية

 

تقدم عام 1395هـ / 1975م محمد حسن عواد وعزيز ضياء بطلب تأسيس نادٍ أدبي في جدة على غرار الأندية الرياضية، فتمت الموافقة على إنشائه؛ ليسهم في إثراء الحركة الأدبية والثقافية، وليكون عونًا للأدباء والمثقفين على التواصل والنشر  . وقد بلغ عدد الأندية الأدبية 16 ناديًا موزعة في مدن ومحافظات المملكة، وكان لها أثر مهم في نشر النتاج الأدبي والفكري للسعوديين، وقد أنشئت بعد نادي جدة أوائل الأندية في المدن الكبرى مثل: مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والرياض، والطائف، وجيزان في العام نفسه 1395هـ / 1975م  ،  ثم أُنْشِئَ نادي أبها عام 1398هـ / 1978م، ثم نادي القصيم عام 1400هـ / 1980م، ثم نادي المنطقة الشرقية عام 1410هـ / 1989م، ثم أنشئت ثلاثة أندية في كل من: تبوك وحائل والباحة عام 1415هـ / 1994م  ،  وفي عام 1422هـ / 2001م أنشئ نادي الجوف، ثم صدر توجيه ملكي بإنشاء نادٍ في محافظة الأحساء، وآخر في نجران، عام 1427هـ / 2006م، وثالث في منطقة الحدود الشمالية عام 1428هـ / 2007م.ولم تقتصر الأندية على تشجيع الأدباء والمثقفين السعوديين فحسب، بل أسهمت كذلك في نشر نتاج ثلة من الأدباء والمفكرين العرب، وقد تجاوز ما نشرته الأندية الأدبية مجتمعة 1000 كتاب لكتّاب سعوديين وغير سعوديين. وكان لها من الأثر الكبير ما لا يُنكر، فقد عُقدت في رحابها ندوات ومؤتمرات، من أبرزها (ملتقى النص) الذي نظمه نادي جدة مِرارًا، وندوة (قراءة جديدة لتراثنا النقدي) في نادي جدة أيضًا  ،  و (ملتقى النقد الأدبي في المملكة العربية السعودية) الذي نظمه نادي الرياض، و (ملتقى السرد القصصي والروائي في المملكة العربية السعودية) في نادي الطائف  .  وفي هذه الأندية أيضًا نُظِّمت محاضرات وأمسيات شعرية وقصصية تفوق الحصر  ،  والأثر الكبير لهذه الأندية على الحركة الثقافية معروف مشهور، وإن اختلف قوة وضعفًا من نادٍ إلى آخر  . وبعد ضم الأندية الأدبية إلى وزارة الثقافة والإعلام أُعِيْدَ عام 1427هـ / 2006م تشكيل مجالس الإدارة فيها، مع مراعاة أن تضم أطيافًا مختلفة، وتيارات متعددة، رغبةً في تجديد أنشطتها، وإتاحة المجال لجميع شرائح المثقفين للإسهام فيها.ويضاف إلى الأندية الأدبية (الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون) التي أنشئت في مدينة الرياض متزامنة مع إنشاء الأندية الأدبية تقريبًا، ولها فروع في المناطق الأخرى، وهي جمعية ترعى الفنون التشكيلية والمسرح، وتُعنَى بالثقافة العامية في نمطها الشعري والفلكلوري، وقد صدر عنها عدد من الدوريات والكتب  ،  ومن أهم ما صدر عنها: مجلة (التوباد)، ودورية (أذرع الواحات المشمسة)  . وقد أعلن عام 1427هـ / 2006م عن إنشاء جمعية خاصة بالفنانين التشكيليين.