المناسبات العامة بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المناسبات العامة بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

المناسبات العامة بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
 
أ: العيدان:
 
من المناسبات المهمة التي يُحتفل بها في جميع أنحاء المنطقة عيدا الفطر والأضحى. وقد كانت مراسم الاحتفال بالعيدين تتشابه إلى درجة كبيرة، إذ تبدأ مراسم الاحتفال بعيد الفطر في العاصمة المقدسة بتجمع كل أسرة في بيت أكبرها سنًا أو عميدها قبل شروق الشمس، وقد ارتدى كل منهم أجمل الملابس، فإذا حان وقت الصلاة خرجت الأسرة بكاملها للصلاة، ويكون بعض الخدم قد سبقهم إلى المسجد الحرام وفرش لهم السجاد اللازم. ويخرج الناس مهللين مكبرين مما يجعل حارات مكة المكرمة تضج بالأصوات، فإذا انتهت الصلاة عادت الأسرة بكاملها إلى بيت كبيرها، ويكون قد هيأ لهم مأدبة إفطار، فإذا تناولوها تفرقوا فيذهب كل منهم إلى حيث يريد. وقد كان الاحتفال بالعيد يوزع وفقًا للأحياء (الحارات)، فيكون لكل مجموعة من الأحياء يوم يستعدون فيه لتلقي التهنئة من أهل الحارات الأخرى. أما عن فعاليات العيد فقد كان اليوم الأول يخصص لزيارة الأهل والأقارب، والسلام على الأمير، وزيارة سكان الدور الملاصقة للمسجد الحرام التي يطلق عليها أهل مكة المكرمة (المدارس)، وفي اليوم الثاني يقومون بزيارة أهل أجياد والقشاشية وسوق الليل والقرارة. وفي اليوم الثالث يزورون الشامية، والنقا، والسليوانية، وشعب عامر. وفي اليوم الرابع يزورون الشبيكة وجرول والمعابدة وما يليهم من أطراف البلدة 
 
أما في مدينة جدة فقد كانت مراسم العيد مشابهة إلى درجة كبيرة لما يتم في العاصمة المقدسة، إذ تبدأ المراسم صبيحة العيد بذهاب الناس لأداء الصلاة في مصلى العيد ويسمونه (المشهد)  ؛  وهذه التسمية لا تقتصر على جدة فقط، وإنما هي تسمية عامة منتشرة في معظم مدن المنطقة. وكما هو الحال في العاصمة المقدسة تقوم الأسر التي لديها خدم باصطحاب خدمها إلى مصلى العيد أو إرسالهم قبلها لحجز مكان للأسرة وفرشه بالسجاد الخاص بالصلاة، وبعد انقضاء الصلاة يذهب بعضهم إلى زيارة قبور أقاربهم، ثم بعد ذلك تجتمع كل أسرة في بيت كبيرها بعد العودة من الصلاة، ويتناولون عنده طعام الإفطار الذي يكون معدًا، ويتكون غالبًا من الكعك، والمعمول، والأجبان، والزيتون، والديبازة. وبعد تناول الإفطار يذهبون لمعايدة بعض الأقارب والأهل، وتستمر المعايدة حتى وقت الظهر، ثم يعودون إلى منازلهم للراحة والقيلولة خصوصًا أن أغلبهم لم يكن قد نام ليلة العيد، ويسمى اليوم الأول يوم الحكومة والأهل؛ لأن المعايدة فيه تقتصر على الحاكم والأهل والأقارب
 
أما اليوم الثاني فيكون مخصصًا لتبادل التهاني مع أهل الحارة الواحدة، إذ يقوم كل شخص بفتح باب منـزله ويعد المقاعد والفرش لاستقبال المهنئين، كما يضع كل بيت في وسط المجلس أو حجرة الاستقبال صحنًا كبيرًا فيه أنواع الحلوى وإلى جانبها ماء الورد، أو زجاجات الكولونيا. ويجلس صاحب البيت أو أحد أبنائه لاستقبال المهنئين الذين يتبادلون التهاني ويأكلون من الحلوى ثم يتعطرون، ومن ثم ينطلقون إلى منـزل آخر. وكان الشخص الذي يقيم بمفرده يترك خادمًا يوكل إليه استقبال الناس ويترك ورقة وقلمًا ليكتب فيها المهنئون الذين حضروا في غيابه أسماءهم لكي يرد لهم الزيارة عند عودته. أما اليوم الثالث فيكون مخصصًا لزيارة الحارات الأخرى بالطريقة السابقة. في حين أن اليوم الرابع يكون لاستقبال المهنئين من الحارات الأخرى 
ومن المظاهر المشتركة في معظم مدن المنطقة ما يعرف بـ (العيدية)، فيتجمع الأطفال بعد صلاة العيد ويبدؤون بالطواف على منازل الحي منـزلاً بعد الآخر، ويقومون بإعطائهم (العيدية)؛ وهي غالبًا تكون بعض الحلوى، إلا أن بعضهم يضيف إلى ذلك بعض النقود، كما يقوم بعض الأهل بإعطاء أطفالهم العيدية؛ وهي بعض النقود التي ينفقها الأطفال على نـزهاتهم خلال الأيام الأربعة
وكذلك من العادات المرتبطة بالعيد في مدن المنطقة كسوة العيد، فكان الناس يحرصون على أن يهيئوها لأنفسهم وأولادهم وعائلاتهم، فيقومون بشرائها بالنسبة إلى عيد الفطر خلال شهر رمضان المبارك، بل إن بعضهم يقوم بشراء الكسوة ابتداء من شهر شعبان أو رجب ويرسلها للخياطين في وقت مبكر، وكان من أبرز ملبوسات العيد الجبة، والعمامة الحجازية
 
وتعد الملاهي من أبرز مظاهر العيد في مدن المنطقة، وكانت تقام الألعاب، ومنها (المداريه) جمع مدريهة، وهي الأرجوحة التي تُنصَب غالبًا في وسط البلد في بعض الساحات العامة التي يسمونها (البرحات). كذلك من الألعاب التي كانوا ينصبونها الصناديق؛ وهي عَجَل تدار بحيث تصعد ثم تهبط بشكل دائري، وكذلك ما يعرف بالألواح؛ وهي ألواح مشدودة بالحبال المتينة تصعد وتهبط براكبها، وهي خاصة بالفتيان اليافعين 
 
أما عيد الأضحى فلا يُحتَفل به كثيرًا في معظم مدن المنطقة؛ لأن نسبة كبيرة من الرجال يكونون مشاركين في موسم الحج إما طلبًا للرزق، أو مؤدين للفريضة، ويترتب على ذلك أن تخلو المدن من الرجال خلال أيام عيد الأضحى، مما يدفع بالنساء للتجمع في أحد البيوت ليلاً وغالبًا ما يكون ذلك في أوسع البيوت بحثًا عن الشعور بالأمان في غياب الرجال. وقد نشأ من خلال ذلك التجمع النسوي ظهور بعض العادات والمراسم التي من أبرزها ما يعرف بـ (القيس) الذي سبق الحديث عنه
 
أما في قرى المنطقة وباديتها فإن عيد الفطر يعد من أهم المناسبات التي يُحتفل بها كما هو الحال في مدن المنطقة، ويستعد له الناس في وقت مبكر بشراء الملابس، والأقمشة، والطيب، والبارود وإعداد السلاح، وتحسين المنازل وما شابه ذلك. وتبدأ مراسم الاحتفال بعيد الفطر في الصباح الباكر من صبيحة العيد، فتقوم كل أسرة بعمل ما يدعى (فطرة)؛ وهو طبق من الطعام يتم إعداده في الصباح الباكر، ويتكون غالبًا من البر والأرز والدخن مع السمن والسكر، إذ يحضر كل شخص فطرته فيجتمع القوم في مكان فسيح بين البيوت، ويقوم كل منهم بالأكل من معظم الصحون أو جميعها متذوقًا ومجاملاً لأصحابها، فإذا فرغوا من الأكل قام بعضهم بمعايدة بعض قائلين:
 
"من العايدين، عساكم من عواده ورواده، رحم الله من لا عاد عليه" 
 
فإذا انصرفوا جاءت النساء فعملن مثل عمل الرجال تمامًا، ثم يذهب الرجال يؤدون صلاة العيد في (المشهد)، وهو المكان الفسيح المعد لصلاة العيدين، وحينما يعودون يقوم كل منهم بذبح ذبيحته، ولا يتبقى أحد لا يقوم بالذبح حتى الأرامل والعجائز، ثم يُقسَم الحي إلى أربعة أقسام بحيث يتكفل كل قسم من الحي باستضافة كامل القرية، وفي اليوم التالي ينتقلون إلى القسم الثاني... وهكذا طيلة الأيام الأربعة. وتقام في ليالي العيد الملاعب والمبادع، والشعر. وفي بعض النواحي البدوية تُنصَب الخيام بشكل متجاور على صفَّين متقابلين بحيث يكون بينهما فناء واسع يجتمعون فيه ويقيمون فيه الألعاب والعرضات  
 
وفي بعض قرى المنطقة تبدأ مراسم العيد بذهاب الرجال صبيحة العيد إلى مصلى العيد، وبعد انتهاء الصلاة يتبادلون السلام والتهنئة داخل المصلى، ومن ثم يغادرون المصلى بشكل جماعي في عرضة بالسلاح إلى أحد المنازل لتناول طعام الإفطار الذي يتكون من التمر والقهوة، أما الغداء فيكون المعقل والعصيدة والمثرية، والملة مع السمن واللبن والحليب، وأما في العشاء فتقدم اللحوم من الذبائح التي يولم بها ويتم ذبحها لهذه المناسبة، وتقسم ولائم العيد على الحضور فيشترك كل اثنين أو ثلاثة في وليمة لأبناء القرية كافة إذ يكون عليهم غداء المجموعة أو عشاؤها.. وهكذا بالتناوب  
أما عيد الأضحى - كما هو الحال في المدن - فلا يهتمون به كثيرًا في القرى والبادية لذهاب معظم الرجال إلى مكة المكرمة، إلا أن المتخلفين من الرجال يؤدون الصلاة وإذا عادوا قاموا بذبح الأضاحي. ومن العادات الغريبة في بعض قرى المنطقة أن الذبح في عيد الأضحى غير ملزم في أعرافهم، فالفقراء والنساء لا يستطيعون الذبح في هذا العيد، كما أنهم لا يشترون له الثياب الجديدة ولا يقدمون فيه الحلوى، وبصفة عامة فإن عيد الأضحى في معظم قرى المنطقة وباديتها يعد عيدًا ثانويًا مقارنة بعيد الفطر، إلا أنه على الرغم من ذلك فإن بعض القرى تقيم بعض الاحتفالات التي تؤدى فيها بعض الفنون الشعبية مثل المجرور، والحدري، والمجالسي، والملعبة، والإنشاد، وحيوما وغيرها، بينما يزاول الصغار بعض الألعاب 
 
ب: التشقيق:
 
إحدى المناسبات التي يتم فيها الاحتفال بهدايا العروس، وهو من العادات التي تمارس في بعض القرى الجبلية في المنطقة، وصفته أن تجتمع النساء من أقارب العروس وجيرانها في منـزلها في الأسبوع الذي يسبق أسبوع الزواج. وقد اشتقت التسمية من تشقيق أقمشة العروس من أجل خياطتها وتفصيلها، ولهذا يسمى أيضًا (الخِياط، أو الدفوع)، والدفوع مشتق من كون العريس يدفع لعروسه (بقشة) وهي قطعة قماش مربعة مشغولة يوضع فيها ما غلى ثمنه من ملابس ومجوهرات وأشياء خاصة ثم تُصَر من أطرافها الأربعة. وغالبًا تكون بقشة العروس مملوءة بالأشياء الخاصة والحلي, وفي هذا اليوم يأتي العريس برفقة مجموعة من أقاربه من النساء ومعهم بقشة تضم ملابس وحذاء وأقمشة وأدوات الزينة من مكحلة وكحل ومرود وبخور طيب وعطر وذهب. وفي دار العريس يتم اللقاء والاحتفال بين النساء من أهل العريس والنساء من أهل العروس وذلك منذ الصباح، فيقدمون بعض المأكولات الشعبية من قرصان وعسل وسمن وملة وذبائح، وتقوم النساء بالغناء والرقص
وبعد الغداء يتم إحضار ما يخص العروس من بقش وأغراض من غرفة خاصة، وتزف تلك الأغراض حتى مكان الحفل، عندها تقوم إحدى قريبات العروس بفتح تلك البقش واحدة بعد الأخرى لعرض محتوياتها على النساء الحاضرات مبينة ما بداخل كل منها وذكر اسم من أحضرها للعروس، فتقول: هذه من أبيها، وهذه من أهلها، وتلك من أخيها، وهذه من عريسها... وهكذا، كما تعرض أيضًا ما قامت به العروس ذاتها من مشغولات العرس من ملابس حريرية وقصبية ونحوها 
 
ج: الزواج:
 
تختلف مراسم الاحتفال بالزواج في حواضر مكة المكرمة عن بواديها وقراها؛ ففي الحواضر عندما يفكر الوالدان بتزويج أبنائهما الذي يتم غالبًا في وقت مبكر من أعمارهم؛ تبدأ الأم بالبحث عن عروس مناسبة من خلال زياراتها المتعددة لكثير من الأسر، وحينما تجد البنت التي تروق لها تبدأ في التلميح لأسرتها بالهدف من زيارتها، فإذا شعرت بأنهم موافقون يجري بعدها كل من أهل العروس وأهل العريس تحرياتهم عن الطرف الآخر إن لزم الأمر
وحينما يأنسون من حسن الاختيار يأخذ والد العريس بعض أصدقائه وجاهته ويتوجه إلى منـزل والد العروس الذي يستقبلهم ويخبرهم برأيه، فإن كان بالإيجاب أجابهم على الفور بموافقته، وإن كان بالرفض فإنه يطلب منهم إمهاله متعللاً بإجراء الاستخارة (الخيرة) لزيادة التأكيد، فإذا عاودوه لأخذ الإجابة ولم تكن له رغبة أو ظهرت الخيرة غير مبشرة قال للوسيط: (الخيرة طلعت بطالة)، أما إذا كان الجواب القبول فإنهما يتواعدان على وقت محدد للزيارة تسمى تلك الزيارة (تقديم الدفع)، ويقدم فيها العريس هداياه للعروس. وصفة (الدفع) أن يقدم العريس مجموعة من الهدايا لعروسه تكون مقدارًا من سكر النبات المكلل بأوراق الذهب أو الفضة الخفيفة، ومعها كمية من العطور المتعارف عليها مثل عطر الورد وعطر العود مع كمية من الهيل، والقرنفل، وحبة أو حبتين من فاكهة الأترج
 
وتُحمل تلك الأغراض على كرسي مخصص أو كرسيين بحسب الكمية إذا كانت تستلزم ذلك، والكراسي التي يُحمل عليها الدفع أشبه ما تكون بـ (الطربيزات)، فهي مثمنة الأضلاع مزخرفة ومنقوشة ومغطاة بغطاء مطرز بالقصب من الفضة المموهة بالذهب، أو محلى بكواكب من الفضة أو المعدن. وتقرأ في هذه الزيارة الفاتحة، ولهذا يسميها بعضهم (قراية الفاتحة)، وفي هذه الزيارة يُجري الطرفان التفاوض على مقدار المهر ثم يحددان موعدًا للعقد
وفي يوم العقد يقدم العريس المهر المتفق عليه، فإذا كان من الذهب جعلوا فيه كمية من الريالات الفضية تفاؤلاً بالبياض، وغالبًا ما يختارون مساء الاثنين أو الجمعة للعقد. وفي ذلك اليوم يتهيأ أهل العروس لاستقبال أهل العريس ومدعويهم. ويتم انتقال العريس من منـزله إلى منـزل أهل العروس في موكب يضم عددًا من أهله وأقاربه وأصدقائه وجيرانه ومعارفه، إذ يجتمعون في بيت العريس حتى المساء وبعد الغروب يخرج الجميع في صفوف يتقدمهم أحد طلبة العلم الذي سيتولى العقد ويدعى (المملِّك)، كما يصحبهم أحد المغنين ممن يسمونهم (الجسيسة)، ويكون في مقدمة الصفوف ومعه العاقد (المملِّك)، وعن يمينه العريس
 
ويرتدي العريس في هذا اليوم لبسًا مميزًا يجعله معروفًا كأن يضع شالاً من الصوف السلمي الغالي الثمن، ويرتدي مشلحًا وعقالاً محلى بالقصب. ويتقدم الجميعَ - عن يمين الموكب وشماله - حملةُ (صواني) الحلوى التي تكون قد أعدت بكميات حسب عدد المدعوين، ويسميها المكيون (معاشر)، ويتقدم حملةَ (صواني) الحلوى حملةُ مصابيح الشمع التي يسمونها (أويزات)، وبعضهم يستخدم فوانيس مزينة ومزخرفة بالشموع. وحينما ظهرت الأتاريك شاع استخدامها بدل الفوانيس والأويزات. ويكون في وسط الجموع من يحمل مبخرة ينطلق منها رائحة العود، وفي بعض الأحيان يكون هناك شخصان أحدهما عن اليمين والآخر عن الشمال يحملان ما يسمى (فشاشات برم)، وهي أشبه ما تكون حاليًا بالألعاب النارية، فإذا أُشعلت تطاير منها شرر ينبعث إلى الجو، كما تشعل أيضًا أطباق صغيرة في حجم فنجان الشاي بها مواد فوسفورية إذا اشتعلت انبعث منها نور أبيض ويسمونها (قمرية)
ويستمر الموكب في المشي فهم لا يستخدمون أي وسيلة نقل بل يمشون على أقدامهم من منـزل العريس إلى منـزل العروس مهما طالت المسافة. وحينما يصل الموكب إلى بيت أهل العروس يتوقف الجميع ويزداد هناك إشعال الفشاشات والقمريات، ثم يبدأ المغني في الإنشاد بقصائد يمتدح فيها العريس وأسرته، والعروس وأسرتها، ثم يدخل الجميع إلى المكان المعد لهم ويتصدر المملِّك (وهو الشخص الذي يقوم بعقد النكاح) صدر المجلس، ويجلس عن يمينه العريس وعن يساره ولي أمر العروس، ثم تبدأ مراسم عقد النكاح بأن يقرأ المملك خطبة تشير إلى فضل النكاح وبعدها يتم عقد النكاح، ثم يبادر الجلوس بالمباركة، وتدار كاسات الشراب على الحضور، يتلوها توزيع قراطيس الحلوى المكونة من قطعتين من الحلوى يسمونها (شقافة)، وحبة ثالثة من نوع آخر يسمونها (أبنوتة)، وتكون هذه القطع الثلاث مرصعة بأوراق الذهب الخفيف، ويعطى غالبًا المملك كمية مضاعفة من الحلوى
 
كما كان هناك نمط آخر من أنماط الاحتفال بالزواج في مكة المكرمة؛ وهو أن يقام حفل عقد النكاح في المسجد الحرام، وذلك من باب التبرك والتخفيف من تكاليف الحفل، وغالبًا ما كانت تقام مثل تلك الاحتفالات في الحجرة التي خلف مقام الحنفي، إذ إن الحرم كان توجد به أربعة مقامات وفقًا للمذاهب الأربعة
 
أما عن حفل الزفاف فقد كان يتأخر بعض الشيء بعد عقد النكاح، وذلك لما تقتضيه الأمور من صنع (عفش) الزواج وتجهيزه. ويحرص المكيون على أن يتم الزفاف في شهري ربيع الأول والثاني، أو شهر رجب تبركًا بذلك، أما ليلة الزفاف فيفضلون ليلتي الاثنين والجمعة. ومن عادات المكيين عند نقل أثاث جهاز العروس أن يقوم بحمل الجهاز عدد كبير من الحمالين لإظهار أن الجهاز كثير جدًا، فالحمال الواحد قد يكتفي بحمل شيء خفيف مثل مسند أو مرتبة أو ما شابه ذلك. ويضع المكيون مع جهاز العروس مصحفًا له غلاف مطرز بالحرير والقصب تبركًا بالقرآن، ويُحمل بمفرده بوساطة حامل خاص يتقدم الحمالين الذين يقومون بحمل الجهاز، كما تُرسَل مع الجهاز مراكن مزروع فيها بعض أنواع الزهور المتعارف عليها للتفاؤل أيضًا  .
ويسبق ليلة الزفاف عادة يوم بليلته يسميه المكيون (يوم التصنيع)، وفي هذا اليوم يجتمع أهل العروس وبعض أصدقائهم للقيام بالخدمة اللازمة للتجهيز للعرس، كما يتلقى في هذا اليوم أهل العروس الرفد؛ وهي أكياس الأرز والسكر والخراف والسمن والشاي. كما أن بعض الناس قد تكون رفدته بعض الحاجيات الضرورية على أنها عارية وليست هبة، ومن ذلك الحلي؛ لأن بعض الأسر تحتاج إلى استعارة بعض الحلي من بعض معارفها لتتزين ابنتهم العروس ليلة زفافها، كما قد يعمد بعض الناس إلى تأجيرها، ويتلقى أهل العريس رفدًا مساعدة لهم على تكلفة الزواج
 
وفي أمسية يوم التصنيع تحضر الماشطة التي تسمى عند المكيين (المقينة)، وتكون العروس قد زينت كفيها وقدميها بالحناء وتزينت بالحلي، فتأخذ المقينة في تنسيق الحلي عليها، فتربط على رأس العروس لفة يسمونها (الكوكو) لغرس قطع الحلي، كما تعلق في الرقبة عقود اللؤلؤ 
 
أما عن صفة زفة العروس فتبدأ بأن تأخذ المقينة العروس من الغرفة التي تزينت فيها، وترافقها إلى النساء المدعوات للحفل على أصوات ضرب الطِّيران إلى أن تجلسها على الكرسي المعد لجلوسها، فإذا وصلت وكان العريس قد حضر من بيته مصحوبًا بقريباته من النساء تلقتهم (المقينة) بالأغاني والضرب على الدف وتزفه إلى مكان العروس، ويكون قد أعد له كرسي مقابلٌ لكرسي العروس، وتكون العروس قد أسبلت على رأسها ووجهها قطعة من الحرير الأبيض، فتقوم المقينة بكشف وجه العروس وعندها يقوم العريس بلصق بعض النقود الذهبية على جبينها في حين تقوم المقينة بأخذ تلك النقود، وفي نهاية المطاف تقوم المقينة بإرجاع تلك النقود إلى العريس مقابل مبلغ من المال يسترضيها به
 
بعد ذلك ينهض العريسان ويتم زفهما على إيقاعات الطِّيران، ويسمون ذلك زفة العروس، ثم يخرج العريس إلى مقر الرجال وتعود العروس إلى مجلسها، ويستمر الحفل إلى ساعة متأخرة من الليل يقدم خلالها بعض المأكولات التي يسمونها (تعتيمة)، وعند قرب الصبح يخرج العروسان، وتكون قد جهزت لهما عربة مزينة يجرها حصان تأخذهما إلى دار العريس
 
أما إذا كان العروسان من الوجهاء فإنه تستعار من الإمارة عربة من مراكب الأمير تركبها العروس وذووها إلى دار العريس. وفي منـزل العريس تكون أسرته قد استعدت لاستقبال العروس وأسرتها ومرافقيها وأعدت لهم طعام الإفطار الذي غالبًا ما يكون (الزلابية)، ويكون العروسان في تلك الأثناء في غرفتهما
 
وبعد أداء صلاة الفجر تقدم العروس لعريسها بدلة كاملة مما يعتاد لبسه، في حين يقدم لها قطعة من الحلي تسمى (تصبيحة)، وقد تمتد الهدايا لتشمل أم العروس، وفي نهار ذلك اليوم يقوم العريس بإعداد وليمة يدعو إليها أصدقاءه وأقاربه ومعارفه، وكذلك أقارب عروسه ومعارفها وأصدقائهم ويقدم في تلك الولائم الأرز، وغالبًا في مثل هذه الولائم تمتد الدعوة لتشمل طلبة العلم المجاورين في الحرم والفقراء ليشاركوا في الطعام، وقد لا يقتصر الطعام على المدعوين بل قد يُرسَل بعض منه إلى بيوت الأصدقاء والأقارب وخصوصًا من قدموا رفدة. وبعد ذلك تنتهي مراسم الزواج، وقد جرت العادة ألا تبرح العروس بيتها لزيارة أسرتها إلا بعد مضي بضعة أشهر
وفي بعض مدن المنطقة تبدأ مراسم الزواج بأن تذهب أخت الخاطب أو أمه لترى الفتاة ثم تنقل ما رأته إلى الخاطب. وبعدها تبدأ الخطبة الرسمية بأن يذهب والد العريس أو من ينوب عنه فيخطب الفتاة من ولي أمرها، فإذا حصل القبول تم الاتفاق على المهر، بعدها يذهب أهل العريس ويعينون منـزلاً ويسلمون مفاتيحه لأهل العروس لتأثيثه، وغالبًا ما ينفق أهل العروس على تأثيث المنـزل وتجهيزه أضعاف ما تسلموه من مهر. وفي ليلة العرس تجلس العروس على منصة خاصة تسمى (نصة)، ثم يأتي العريس فيجلس أمامها ويقرأ الفاتحة تيمنًا وتبركًا، ثم يقوم بلصق بعض الجنيهات الذهبية على جبين العروس، وبعد ذلك تبدأ الزفة، ويتخللها بعض المضايقات من النساء الموجودات للعريس بوخزه بالإبر بقصد التفكه واختبار جلد العريس، ولذا فإن العريس غالبًا ما يحضر معه بعض النقود التي يقوم بنثرها أثناء الزفة لتتلهى النساء بالتقاطها وينصرفن عن وخزه بالإبر، إلا أن ذلك غالبًا لا ينفع كثيرًا، وبعد انتهاء الحفل تزف العروس إلى منـزل الزوج في زفة خاصة مع قرع الطبول والزغاريد 
 
أما في بعض الأجزاء القروية من المنطقة (وخصوصًا القرى الجبلية) فإن مراسم الاحتفال بالزواج تختلف بعض الشيء عما هو الحال في المدن، إذ تبدأ بأن يذهب الخاطب ووالده إلى منـزل البنت التي يراد خطبتها، وإذا تمت الموافقة دُفع المهر وكُتب الكتاب وحُدد موعد الزفاف، وقد تعطى العروس إلى عريسها وأسرته لتعيش معهم إذا كانت صغيرة السن أي في عمر تسع سنوات أو عشر، ويسمونها (ربوية)؛ أي يربونها عندهم، ويشترط عليهم ألا يُبنى بها إلا بعد بلوغها وفي حفل علني كبير، ويسمون ذلك الحفل (القِرَى) بكسر القاف وفتح الراء
 
وتبدأ مراسم الحفل من بيت العروس إذ يحتفل أهلها بتوديعها، فيقام حفل نسوي كبير تجتمع فيه نساء القرية ويقدمون الهدايا للعروس، وفي ذلك اليوم تتحنى العروس، ثم يقام حفل راقص تضرب فيه الدفوف وترقص النسوة ويطلقن الزغاريد. أما الزفة فإن العروس تزف على ظهر جمل ولا يرافقها من أهلها أو أقاربها إلا أمها وجدتها، فمن العيب عند بعض الناس حضور الذكور من أهل العروس الحفل عند أهل عريسها
وفي الطريق إلى بيت العريس يقومون برقص العرضة والرمي بالبنادق، وحين وصولهم يقوم أهل العريس باستقبالهم ويذبحون الذبائح ويقام حفل كبير، ومن عاداتهم توزيع الضيوف على بيوت القرية من أهل العريس تعاونًا مع أسرة العريس، فتتم استضافتهم على شكل مجموعات كل مجموعة لدى أحد المنازل، وبعد العشاء يجتمع الجميع عند بيت العريس، فيقومون بالرقص والإنشاد (الإنشاد، والحيوما، ويله يله، والمراد) حتى الصباح، وفي اليوم التالي يكون حفل الصباحية وهو خاص بالنساء
وفي بعض القرى الصحراوية من المنطقة تبدأ المراسم بطلب العروس من ولي أمرها، ثم تتم المَلكة، وتبدأ بعد ذلك التجهيزات من ذهب وثياب وأطياب، وغالبًا ما يقام حفل الزواج في يومي الخميس والجمعة، فتنصب الخيام، وتقام الرقصات داخل الخيام، فتقوم النساء بنقض ضفائر شعورهن، ثم تأخذ إحداهن شيلتها (خمارها) وبرقعها وترمي بهما لإحدى صديقاتها وحينما يبدأ الدف والطبل ترقصان، وتستعين الراقصة أحيانًا بالعصي الصغيرة بين ذراعيها، وترقصان بضرب الرجلين مع ثني الركب ورفع اليدين والميل بالجسم إلى كل جهة وفقًا لصوت الطبل، وتستمر كل واحدة قرابة خمس دقائق، ثم تبدأ راقصات جديدات... وهكذا. وفي تلك الليلة يتم أمام النساء عرض المهر الذي يشمل المجوهرات والأقمشة والأطعمة ومبالغ مالية، وعادة لا تشارك العروس في هذه الاحتفالات بل تحجب عن الناس، إذ يتم تزيينها بالحناء والرشوش والورس. وفي ليلة الدخلة يجتمع العريس وجماعته عند كبير العائلة، ثم يتوجهون بعد العشاء في شكل مسيرة تنتهي عند منـزل أهل العروس، ويجلس الجميع في مكان معد خصيصًا للحضور والمدعوين يتناولون فيه طعام العشاء والقهوة، وبعد ذلك يدخل العريس على عروسه في الحجبة حيث يجد لديها امرأة من أقاربها تسمى (الشدادة) تخرج بعد حضوره. وفي الصباح يقدم العريس لعروسه الصباحية؛ وهي مبلغ مالي أو مجوهرات أو هدايا أخرى 
 
وفي أجزاء أخرى من المنطقة تبدأ مراسم الزواج بعد أن يتم الاتفاق بين أهل العروس وأهل العريس، فيقوم العريس بعقد اجتماع لقبيلته تقسم فيه الواجبات عليهم على شكل مجموعات أو أفراد، فهذا يكلف بجلب الحطب، وذلك بجلب الماء، وثالث بذبح الذبائح، ورابع بالطبخ. وبعد أن يتم توزيع المهام على أفراد القبيلة كافة يرسل ما يعرف بـ (الداعي) لدعوة كل فرد في القبيلة دون استثناء. ومما هو متعارف عليه أنه إذا حضر الداعي إلى منـزل أحدهم ولم يجد صاحبه فإنه ينقر له نقرًا في عمود خيمته، أو سارية عشته أو باب منـزله، فإذا حضر أخبره من في المنـزل أن هذا نقر فلان على عرس فلان في يوم كذا وكذا
 
فإذا أُبلغ كل المدعوين فإنه من الواجب على كل منهم أن يحضر مع مجموعة من أسرته ومعهم ما يسمى (القودة، أو القود) وهو غالبًا ما يكون خروفًا من الضأن لذبحه، ويقومون بتسليمه لأهل العريس الذين يقومون بالمحافظة عليه لكيلا تختلط بما أحضره الآخرون، إذ من الواجب عليهم أن يذبحوا ذلك الخروف بعينه ويقدمونه إلى من أحضروه مطبوخًا مع الرز أو ما يؤكل، ويجب أن تقدم الذبيحة كاملة غير منقوص منها أي جزء من أجزائها، ويسمون ذلك (مفقَّدة، منقَّدة) بتشديد القاف أي كاملة الأجزاء، ومن العيب والعار أن تقدم ذبيحة لغير من أحضرها، وإذا ما تم تقديم الذبيحة لمن أحضرها بعد طبخها يقوم كبيرهم بتقطيع نصف اللحم فيأكل المدعوون النصف بينما يرسل النصف الآخر لأهل المنـزل، وإذا حدث أن بدلت الذبيحة بأخرى خطأً فإن ذلك يعد عيبًا لا يغتفر، ولهذا كان أهل العريس يكلفون أشخاصًا لفرز الذبائح والتعرف عليها فيقومون بوسمها لكيلا تختلط فيقولون: هذه قود آل فلان، وهذه قود آل فلان وهكذا. ومما يؤكد مدى حرصهم على هذا الجانب أن أحد الشعراء قام بهجاء أهل العريس الذين بدلوا ذبيحة أناس فقال:  
 
"تدبروا في قود ما ثم حاشوها مع الضان
هذا السلف يا عنيت الله من أين مفنينه.
لعلها يوم تسرح في صدفها الذيب سرحان
وإلا أنكم لا جميل ولا حويش محوشينه"
 
وقبل العرس بيوم يتم نصب بيت من الشَّعر متطرف عن الحي ويسمى هذا البيت (المرزوز)، ولكي يعرف المرزوز توضع فوقه خرقة حمراء يسمونها الراية، ومن الواجب على المدعوين أن ينصبونه أولاً ثم يتوزعون على بقية البيوت إذا كانوا في قرية، أما إذا كانوا في بادية فيفرش لجميع المدعوين أمام البيت
 
وبعد نصب البيت تقوم النساء بخبز أقراص البر والدخن ومن ثم فتها بالسمن والسكر، ثم يقمن بنثر ذلك الطعام على ظهر البيت (المرزوز) فيتسابق الأطفال إلى التهام ذلك الفتات
أما ليلة العشاء فإن كل مجموعة يقدم لها ما أحضروه من ذبيحة، إذ تحضر الذبيحة مطهوة كما سبق أن أُشير، ثم ينادى: (فلان وأخوياه)، وعندما يجيب كبيرهم يقال لهم: مرحبًا بكم، وتقدم لهم ذبيحتهم. وحينما يفرغ الجميع من الأكل يطلب من كبيرهم أن ينادي أهل العريس المضيفين فينادي قائلاً: (عسى فالكم الولد - أو - الذرية الصالحة)، أو يقول: (حظك ياراع المقام)، ثم يتابع الآخرون بكلمات دعاء كقولهم: (أنعم الله عليكم) أو (الخلف). ثم تبدأ بعد ذلك سهرة الفرح ويسمونها اللعب، ومن الواجب على كل المدعوين أن يشاركوا في ذلك اللعب تفريحًا لأهل العريس، وإذا لم يفعلوا قالوا: (هبوا بمعزبهم) أي أنهم قلبوا فرحه إلى حزن
 
وبعد انتهاء العرس ومغادرة العروس إلى بيت زوجها كان عليها أن تزور بيت أهلها ويسمون ذلك (البدوة)، وتسمى العروس الزائرة (بداية)، فإذا كان منـزل العريس بعيدًا عن منـزل أسرة عروسه فإن العروس (البداية) تركب على جمل في حين يقود زوجها خروفًا ضيافةً لهما عند أهل العروس، ويجب على العريس أن يحلف على أهل العروس ألا يذبحوا لهم، أما إذا كان المنـزل قريبًا فإنها تسير على قدميها ماشية ببطء شديد كي تتم رؤيتها من أفراد الحي كافة ليعرفوا أنها بدت على أهلها؛ أي حضرت لزيارتهم، ويضربون في ذلك المثل فيقال: (مشية بداية)، دلالة على شدة البطء
 
د: الختان:
 
ومن المناسبات العامة في المجتمع المكي بمختلف بيئاته ختان الصبي الذي يسمونه (الطهار)، ويتم غالبًا فيما بين الثالثة والخامسة من العمر إلا أنه لا يختن قبل السنة الثانية. ومن عاداتهم في حواضر مكة المكرمة أنهم إذا أرادوا ختان الصبي قاموا بإلباسه ملابس زاهية، وعقالاً مقصبًا، وغترة مطرزة بالقصب يسمونها (صمادة)، ثم يُركبونه حصانًا مسرجًا مزينًا لجامه وسرجه بالقصب والإكليل والورد. ويمسك بالحصان أحد أقارب الصبي أو أحد الخدم، ثم يطوفون به بعض الشوارع في البلد (أي في المدينة)، وتتقدمه آلة الحلاقة التقليدية وحوله الأطفال
 
وفي صباح اليوم الثاني يحضر الخاتن ويعرف باسم (المطهر)، كما يحضر عدد من الأقارب، وعند انتهاء عملية الختان يخرج الطفل للرجال ويرقص بالسيف والدم ما زال يسيل منه إثباتًا لرجولته المبكرة، ثم تقدم الزائرات للطفل أكياسًا صغيرة مملوءة بسكر النبات، ويقام لهم حفل إفطار يتكون عادة من (العريكة) 
 
أما في بعض قرى المنطقة فيتم ختان الطفل في الثانية أو الثالثة من العمر، كما هو الحال في حواضرها، كما تتفق طريقة الختان أيضًا في عدة نواحٍ مع ما هو موجود في المدن، إذ يؤتى بالصبي المراد ختانه ويقوم المطهر بإجلاسه في صحن أو طشت ويضع عليه قماشًا، ثم يقوم الأب بإمساكه حتى لا يتحرك، ثم يقص الخاتن ثوب الصغير لئلا يلامس موضع العملية (الختان)، وعند انتهاء الختان يتم إعداد وجبة غداء يحضرها الخاتن وأقارب الطفل والجيران  
إلا أنه في بعض القرى الأخرى من المنطقة - خصوصًا الجبلية منها - فإن الوضع يختلف بعض الشيء، فلا يتم ختان الصبي حتى يقارب العاشرة من العمر. أما مراسم الختان فتبدأ من قبل إجراء العملية بيوم، إذ يدعو والد الطفل حشدًا كبيرًا من سكان القرى المجاورة، ويجلب الشعراء، ثم يقام احتفال كبير يتخلله الرقص والإنشاد، وفي الصباح من اليوم التالي يقدم إفطار من السمن والعسل والقرصان، ثم يخرج الجميع إلى الساحة، ويؤتى بالصبي الذي يراد ختانه وقد أُلبس ملابس جديدة، ثم يقف أمام الحضور بشجاعة مادًّا يديه إلى أعلى بينما الخاتن يقوم بعملية الختان في حين تنطلق أصوات الأعيرة النارية من بنادق الحاضرين في عرضة راقصة. وقد كان الصبي ينشد أمام الخاتن أثناء عملية الختان ويرتجز الشعر ليثبت رجولته وشجاعته وأنه لا يخاف، ومن الأشعار التي كانت تردد في مثل هذه المناسبة:
 
"اقطع يا قطاع ولاتهاب
ولا تحسب إن الصبي يرتاب"
 
ومنها:
 
"إن بغيت قمه وإن بغيت الأربع
وإن بغيت من كل قمه اقطع"
 
ويقول آخر:
 
"يا مطهرا هذي لحوم الصبح والسكين حدت
واللّي في باله ذل لا يمسِّي ولا يصِّبح قرانا"  
 
وفي أجزاء أخرى من قرى المنطقة، خصوصًا التهامية، لا يتم ختان الصبي حتى يبلغ الحلم، وقد يصل بعضهم العشرين من العمر، فإذا جاء وقت الختان أقيم لذلك حفل كبير شبيه بالزواج، وفي يوم الختان يحضر الشباب المراد ختنهم ويقفون في مكان واسع، ويتحلق حولهم الحضور، ثم يقوم الخاتن بختنهم واحدًا بعد الآخر. وعلى المختون أن يظهر الشجاعة فلا يتحرك ولا يرمش ولا يهتز منه أي عضو من أعضائه، وإذا حدث شيء من هذا عُدَّ (عيفة)؛ أي متروكًا (معيوفًا) من الفتيات اللاتي يرفضن الزواج منه لجبنه. كما أن المختون بغير هذه الطريقة يسمى (مرغلاً) ولا ترضى الفتيات الزواج به 
 
هـ: الاحتفال بهطلان المطر:
 
ومن المناسبات التي يحتفل بها المكيون في مدن المنطقة وقراها هطلان المطر، ففي بعض المدن إذا أمطرت السماء تسابقوا إلى وضع الطشوت (جمع طشت) على أسطح المنازل وأفنيتها لجمع ماء المطر في تلك الأواني لاستخدامه في طبخ الأرز بالعدس الذي يعد الوليمة الرئيسة في الأيام الماطرة، كما يقوم الصبيان بالإنشاد واللعب مرددين بعض الأهازيج التي منها:
 
"يا مطرة حطي حطي
على قرعة بنت أختي
بنت أختي جابت ولد
سمته عبدالصمد
والولد يبغى الحليب
والحليب في البقرة
البقرة تبغى الحشيش
والحشيش في الجبل
والجبل يبغى المطر
والمطر عند ربي
والرب يحميني
جيبوا لي معكم بقرة
تحلب وتسقيني
صيني على صيني"  
 
أما في بعض قرى المنطقة - خصوصًا الجبلية منها ذات الطبيعة الزراعية - فيحتفل بهطلان المطر أيضًا ولكن بطريقة مختلفة، فعند رؤيتهم السحاب في السماء يردد الناس:
 
"سقيا رحمة لا سقيا عذاب
يالله اليوم يامولانا
ياللي سير السحاب
جب لنا السيل في مبنانا
 
أما إذا هطل المطر وسالت الأودية فإن جميع سكان القرية يخرجون إلى حقولهم لتفقدها، ويتبادلون النداءات بوصول السيل، أما في أوقات الجدب واحتباس المطر فإنهم يرددون كل صباح دعوات على شكل أهازيج منها:
 
"يالله ارحمنا
يالله اسقنا الغيث
جل جلالك يامولانا
إحنا عبيدك لا تنسانا"
 
و: العزاء:
 
ومن المناسبات العامة العزاء؛ وتختلف مراسمه من حيث البساطة والتعقيد في القرى عنها في المدن؛ ففي مدن المنطقة تبدأ مراسم العزاء منذ لحظة الوفاة، فعند تحقق الوفاة تنوح إحدى النساء من قريبات المتوفى بصوت عالٍ، وكل من تسمع من نساء الجيران والأقارب النواح عليها أن تحضر وتشارك في العويل والنوح الذي يستمر ثلاثة أيام وتسمى (الفزعة). ثم يقوم أهل المتوفى بإحضار أحد القراء لقراءة القرآن الكريم عند الميت إلى أن يتم نقله إلى المقبرة، وقد يقوم بعض الناس بجعل المقرئ يستمر في القراءة ثلاثة أيام في المكان نفسه الذي توفي فيه الميت
 
أما عن المراسم المتبعة في نقل الميت إلى المقبرة وأسلوب دفنه فإنها تختلف باختلاف جنس المتوفى، فإن كان المتوفى ذكرًا كبيرًا في السن فإنه يغطى بغطاء من البفت الأبيض، أما إذا كان شابًا فإن النعش يغطى بغطاء من الصوف السليمي غالي الثمن أو ما يشبهه، وإذا كانت المتوفاة أنثى فإنه يوضع قفص من الجريد على موضع البطن ليدل على أنها أنثى، ثم يغطى النعش بقماش من الحرير غالي الثمن، وإذا كانت المتوفاة صبية شابة يضع بعضهم عليها قطعة من الحرير المقصب. أما النعش فيفرش عليه لحاف وفرش يسمى (طراحة)، ويوضع تحتها قطعة من السجاد، ويطلق على مجموع الفرش الذي يفرش به النعش (السلب)
 
وقد يجعل بعض أهل الخير مثل هذا النوع من الفرش وقفًا لاستعارته ممن لا تسمح أحوالهم المالية باتخاذه
 
أما عملية نقل المتوفى إلى المقبرة فإنها تمر بمجموعة من المراسم تبدأ منذ لحظة إخراجه من البيت، إذ تقوم النساء بالنوح بصوت واحد وبأصوات عالية ذاكرات محاسن الميت، ثم يبدأ نقله أولاً مسافة ثلاث خطوات، ثم يوضع فيطلب أحد المشيعين قراءة الفاتحة، ثم يحمل مرة أخرى ويتناوب على حمل النعش أربعة رجال إلى أن يؤتى به إلى المسجد الحرام للصلاة عليه، ويكون ذلك غالبًا قريبًا من الكعبة، وعند انتهاء الصلاة يقف ذوو المتوفى وأقاربه صفًا لتقبل العزاء من الحاضرين ممن يعتزمون المغادرة ولا ينوون الذهاب للمشاركة في الدفن، فإذا انتهوا بادر الجميع إلى المشاركة في حمل الجنازة على الأكتاف من قبل أربعة رجال، في حين يمشي أقارب المتوفى خلف الجنازة في صف مستطيل إلى أن يصلوا إلى المقبرة، ويكون قد سبقهم من قام بتهيئة القبر وذلك من قبل جماعة مخصصة لحفر القبور تقيم بجوار المقبرة، وتكون فيها أمكنة خاصة لحفظ النعوش وأدوات الغسل، ويطلق المكيون على المقبرة (الشرشورة)
 
فإذا انتهت عملية الدفن تجمَّع عدد من الفقراء ممن يحفظ سورة ياسين وقاموا بقراءتها عند القبر، فإذا انتهوا من القراءة يقوم أحدهم فيلقن الميت الشهادتين ويذكِّره ببعض أحوال البرزخ، ثم ينصرف الجميع عن القبر، ويقوم أهل الميت بتوزيع ما أعدوه من خبز وتمر على من يوجد من الفقراء بالمقبرة صدقة للمي
 
وقد يعمد بعض الناس إلى غرس نبات الصبار على القبر، ثم يقف أهل الميت وذووه وأقاربه صفًا يتقبلون العزاء ويقفون وفقًا للسن 
 
أما طريقة العزاء فصفتها أن يتقدم المعزي إلى قريب الميت فيلمس كتفه قائلاً: (عظم الله أجرك) فيجيبه: (جزاك الله خيرًا)، وهكذا إلى أن ينتهي من المعزين جميعًا، ثم يقوم أهل المتوفى بعضهم بتعزية بعض. ويكون في آخر الصف شخص يقوم بتذكير الحضور بموعد قراءة القرآن الكريم ومكانه، ثم ينفضُّ الجميع ويعود أقارب الميت إلى بيوتهم مصحوبين بالأخصاء من الأصدقاء، ويكون قد أُعِدَّ لهم طعام يسمونه (لقمة الجبر) أي جبر الخاطر، وتكون عادة من الأرز الأبيض والخبز وصحن من اللحم المعرق ويسمونها (طبخة حزايني)
 
وبعد صلاة المغرب يحضر المعزون ويوزع على كل منهم جزء من مصحف ويسمون هذا الاجتماع (ربعة) ويتلو كل شخص ما تيسر من القرآن الكريم. كذلك يحضر شخص من حفظة القرآن الكريم ويقوم بالتلاوة بصوت منخفض ويسمونه (الفقي)، وتستمر القراءة إلى قبيل العشاء، فإذا أذن العشاء جمعت الأجزاء وبدأ القارئ الحافظ يختم قراءته، ويدعو بصيغ مألوفة في مثل هذه المناسبات، ثم ينفضُّ الجميع. ويكون على باب الدار أقرباء الميت يقفون صفًا بحسب السن لتقبل العزاء، وتستمر هذه الحال ثلاث ليالٍ متوالية. وفي نهاية اليوم الثالث توزع على الحضور حلوى محلية الصنع تسمى (حلاوة فلاسي)؛ وهي قطعة من السكر المعقود على شكل أقراص صغيرة ملبسة بالسمسم ملفوفة في قطعة من الشاش، وبعضهم يقيم في اليوم الثالث وليمة للخواص والأقرباء
 
وإذا انقضى على يوم الوفاة عشرون يومًا تقام وليمة أخرى يسمونها (العشرية)، وغالبًا ما تكون صدقة لإطعام الفقراء والمساكين. وفي تمام الأربعين تقام صدقة ثانية يسمونها (الأربعين) مثل سابقتها. وبعد انقضاء السنة تقام وليمة يدعى إليها الفقراء والأقارب والأصدقاء وتسمى (الحول). وتتكرر صدقة الحول كل عام إذا كان أهل المتوفى من ذوي اليسر
 
ومن العادات المرتبطة بالمآتم في حواضر المنطقة، ارتداء النساء الملابس البيضاء الخالية من أي زخرفة أو زينة وتتكون من السروال، والصديري، وفوقهما فستان أبيض طويل يسمونه (الكرتة)، أما الرأس فيغطى بمحارم بيضاء، وفوقها ما يعرف بالمدورة ذات اللون الأبيض والمصنوعة من البشمك الخفيف
 
ومن غرائب العادات التي كانت سائدة أن النساء حين اجتماعهن للنوح كانت كل منهن تندب وتنوح أحد أقاربها أو عزيزًا عليها توفي، وليس الميت الذي حضرت للنوح عليه، مما يجعل كل واحدةٍ من النساء تندب شخصًا مختلفًا، وكأن الجمع ليس لندب الميت الحاضر وإنما لاستعادة الأحزان الماضية  
 
أما في بعض القرى والبادية فإن مراسم العزاء أكثر بساطة عما هو في حواضرها، فالمراسم تبدأ باجتماع أهل القرية والقرى المجاورة - بعد أن تشيع وفاة أحدهم - في منـزل المتوفى الذي يقوم أهله بغسله وإعداده، ومن ثم يحملونه على نعش من سلم ويسيرون به إلى المقبرة في خشوع، وبعد الانتهاء من الدفن والصلاة يعود الجميع إلى دار المتوفى، وتكون أسرته وأقاربه وجيرانه قد أعدوا وليمة للمشاركين في الدفن تتكون من الذبائح، وفي اليوم الثالث تعد وليمة كبيرة أخرى يحضرها أهل القرية والقرى المجاورة 
 
وفي بعض القرى يقوم سكان القرية كافة عند العلم بوفاة أحد أفراد القرية بالتجمع عند بيت الميت ومن ثم يوزعون الأدوار، فيقوم بعضهم بالذهاب لحفر القبر، في حين يقوم آخرون بالذهاب لعمل نعش لحمله، ويقوم البعض الآخر بتغسيل الميت وتكفينه، وعند الانتهاء من كل ذلك يتم دفن الميت، ويكون أهل الميت قد أعدوا طعامًا لأهل القرية يسمونه (غداء الدفانة). وفي اليوم التالي يبدأ العزاء الذي يستمر ثلاثة أيام، إذ يحضر المعزون ومع كل منهم غالبًا ذبيحة لتُعمَل وليمة للجميع، فيستمر أهل الميت بين ذبح وسلخ وطبخ طيلة أيام العزاء، كما أن عليهم أن يقدموا للمعزين الشاي والقهوة مما يجعل بعض مستوري الحال يستدينون لذلك  ،  وفي بعض الأحيان يقوم الأقرباء من الأرحام وأبناء العمومة أو عموم الجماعة بالوجبات حتى انتهاء مراسم العزاء
 
ز: الحقاق: 
 
الحقاق هو شبيه بما يسمى في بعض مناطق المجتمع السعودي والخليجي (القريقعان)؛ ويحتفل الناس في بعض قرى المنطقة بهذه المناسبة، وذلك قبل يوم العيد بيوم أو يومين، إذ يخرج الأطفال وقد ارتدوا ملابس زاهية، وفي يد كل منهم كيس يضع فيه ما يحصل عليه من الحلوى ويسمونه (الحقاق)، ثم يطوف الناس على منازل القرية فيوزعون عليهم الحلوى وبعض المأكولات، وأحيانًا يوزع بعض الناس من البيوت الثرية نقودًا، وينشد الأطفال بعض الأهازيج الخاصة بهذه المناسبة 
 
ح: المشاعيل (المناوير):
 
كانت المناوير تستخدم في القرى الجبلية من المنطقة إعلامًا رسميًا بدخول شهر رمضان وعيد الفطر المبارك، إذ يستقبل الناس هاتين المناسبتين بـ (المناوير)، وهي وضع أكوام كبيرة من الحطب على رؤوس الجبال يبذل فتيان القرية في تجميعها والصعود بها إلى أعلى الجبل مجهودًا كبيرًا، إلا أنهم كانوا يجدون متعة في صعودهم إلى رؤوس الجبال فكانوا يذهبون في مسيرة، وعند الوصول إلى قمة الجبل يتم إشعال المنور في غمرة فرحة وعرضة، وهم يرددون من حين إلى آخر:
 
"سرت مشاعيل السرى
ياطير وادي حايمة
يامعلم اللي مادرى
ياكل عين نايمة"
 
وحينما يشاهد أهل القرى الأخرى تلك المشاعل يقومون بدورهم فيشعلون النيران في أعلى قمم جبالهم ليراها من يراها فتتكرر هذه المشاعل، وسرعان ما تصل أخبار الرؤية من جهة إلى أخرى، وقد كانت أسرع وسيلة لتناقل خبر دخول شهر رمضان الكريم وكذلك نهايته، وقد استخدمت البنادق في مراحل متأخرة لهذا الغرض، ومن ثم استخدمت المدافع في المدن الرئيسة مثل مكة المكرمة وجدة والطائف
 
شارك المقالة:
49 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook