المناسبات الاجتماعية بمنطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المناسبات الاجتماعية بمنطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

المناسبات الاجتماعية بمنطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية.

 
الأعياد
 
لا تختلف منطقة الحدود الشمالية كثيرًا في عاداتها عن المناطق الأخرى، ومن تلك العادات ما يخص شهر رمضان المبارك، إذ يبدأ الاستعداد لهذا الشهر الكريم منذ غرة شهر شعبان الذي يسمونه محليًا (شهر قصيِّر)، برفع الاستعداد الروحي، وشراء مستلزمات هذا الشهر من المأكولات التي ارتبطت بالإفطار وتحضيرها لتكون جاهزة قبل قدوم رمضان، وهم بهذه الاستعدادات يتجنبون ضياع أيام الشهر في التبضع استغلالاً لأوقات الشهر الكريم في التعبد من صلاة وتلاوة للقرآن. ومن أهم ما يقوم به سكان المنطقة: الإعداد الروحي وتحفيز الشباب والأطفال والنساء لاغتنام أيام رمضان ولياليه؛ لما لهذا الشهر من مكانة دينية متأصلة في نفوسهم تجاهه.
 
وفي نهاية شهر شعبان تجد معظم الناس يستقبلون الشهر فينظرون إلى جهة الغرب وبعضهم يصعد إلى مرتفعات الجبال أو أسطح المنازل لمشاهدة هلال رمضان. وعند تأكد رؤية الهلال ينتقل الخبر من بيت إلى آخر، ومن حي إلى حي، ويطلق الرصاص من فوهات البنادق في مشهد احتفالي؛ ابتهاجًا وإشعارًا برؤية الهلال، ويخرج الأولاد وهم يرددون أناشيدهم لهذه المناسبة، ويجوبون طرقات الأحياء فيبتهج الجميع بدخول شهر رمضان الكريم. ويكثر الكبار من الذكر، وكذلك الصغار ممن يدركونه، وكل جماعة يختارون مسجدًا يصلون فيه التراويح وإمامًا يؤمهم رجالاً ونساءً، ويعوِّدون صغارهم على الصلاة والصيام ما أمكنهم ذلك، فالذي تناول السحور من الأطفال يصوم حتى الظهر، أما الذين لا يتسحرون فيحفزونهم على الصيام بدءًا من صلاة الظهر حتى الغروب؛ ليتذوقوا لذة مائدة الإفطار، ويعتادوا الصيام، وكثيرًا ما تأتي وفود من البادية للاتفاق مع إمام معروف بإجادته وحذقه للقراءة يصلي بهم في شهر رمضان، وفي نهاية الشهر يقدمون له مكافأة.
 
وبعد صلاة التراويح ينصرف الناس إلى مساكنهم؛ للحصول على قسط من الراحة ريثما يحين وقت السحور.
 
والفطور في رمضان جماعي؛ يحضر كل واحد من جماعة المسجد ما يتسير له من الطعام، وتتناول الجماعة إفطارها في المسجد، والتمر واللبن أساسيان في إفطار رمضان، وفي الصيف يقدِّمون مريس التمر المصفى الممزوج مع البقل، ما يعطي لذة ونكهة خاصتين، أو يتناولون طعامًا مطبوخًا، وبعد الصلاة يعودون إلى منازلهم 
 
أ - صلاة العيد:
 
قلما يتخلف عنها أحد من أبناء الحدود الشمالية، فيذهب الناس إلى أداء الصلاة في مكان يُسمَّى (مصلى العيد) أو (مسجد العيد) الذي يراعى فيه أن يكون أرض فضاء واسعة أقيم فيها منبر ومحراب فقط، ويذهب الجميع: الرجال والنساء والشباب والصبيان، إلى الصلاة وهم يلبسون الثياب الجديدة مبتهجين؛ وبخاصة الصغار الذين يفوزون بالثوب والعيدية معًا ويقال لهم: مبروك العيد والثوب الجديد  
 
وخلف صفوف الرجال تمتد صفوف للنساء في مصلى العيد، وهن محجبات ولابسات العباءات، وبعد نهاية الصلاة يتصافح الناس ويهنئ بعضهم بعضًا يقولون: (عيدك مبارك) أو (مبروك العيد) أو (من العائدين) ويرد الآخر: (ومن الفائزين)، ويتعانقون، وتسعى كل جماعة إلى الصلح بين المتخاصمين منها.
 
ثم ينصرف الناس إلى أحيائهم حيث يُقدَّم طعام العيد للجميع في ساحات قريبة من المنازل. يحضر هذه المأدبة (عزيمة العيد) سكان الحي، والفقراء، وأبناء السبيل، وتجتهد النساء ليكون طبخ كلٍّ منهن هو الأشهى، ويحظى برضا الجميع واستحسانهم. وغالبًا ما يتفق أهل الحي والأحياء (الحواري) على أن يكون تقديم طعام العيد مشاركة بينهم، ويستمر تقديم الطعام على هذه الطريقة طوال أيام العيد، في مشهد احتفالي مميز.
 
ب - هدايا العيد:
 
تتنوع الهدايا التي يقدمها أبناء الحدود الشمالية في العيد، فمنها:
 
 الحلوى (القريض) أو الحب (حب القرع) وتُقَدم خصوصًا للأطفال، ويقدمها بعضهم في اليوم الذي يسبق يوم العيد؛ حتى يبدأ الأطفال يوم عيدهم بتناولها، ويُسمَّى عند بعضهم (عيد الورعان أو عيد الصبيان)، ففي هذا اليوم يدور الصبيان على الجيران، ويطرقون الأبواب وهم يرددون: (عطونا عيدنا، عاده عليكم، جعل الشر ما يجيكم).
 
 الطاقية المطرزة محلية الصنع.
 
 سروال السيقان الأبيض، المطرز تطريزًا ملونًا.
 
 كيس العملة المطرز ذو الألوان المتعددة، وعادة يكون الكيس أسود والتطريز بألوان مختلفة.
 
 المكحلة المطرزة المصبوغة من القماش.
 
 الخاتم، أو ما يقوم مقامه من أدوات التزين.
 
 المسابح المصنوعة من فصم التمر الأقرب إلى الشكل الكروي، ومنها أنواع مستوردة.
 
 الملابس، ويقدمها أبناء البادية لأولادهم، كل وسع طاقته  . 
 
 أما هدايا الإناث فتنحصر بين القماش، والعطر، وبعض أدوات الزينة.
 
ج - نار الحرب:
 
تبدو نوعًا من اللعب والتسلية، وهي في جوهرها تدريب حقيقي على الشجاعة والصبر، وتحمُّل الضرب من الخصم، والتصميم في التغلب على المعتدي، ومنعه من تحقيق هدفه، وهي من العادات التربوية الجميلة التي تقام بمناسبة الأعياد.
 
يأتي الشباب بجذوع النخيل اليابسة أو الحطب الجاف، ويجمعونها في ساحة في كل حي من الأحياء، وتتوزع الأحياء (الحارات) فرقًا، فتُكوِّن كل حارتين فريقين أحدهما منافس للآخر، حيث تركب جذوع النخيل بشكل هرمي قبل حلول العيدين المباركين: الفطر أو الأضحى بثلاثة أيام أو أربعة، مع الأخذ في الحسبان أن كمية الحطب المجموع ستكفي لإشعال النار ست ليالٍ: ثلاث قبل العيد، وثلاث أُخَر هي أيام العيد، وقبل العيد يشعلون النار في هذه الجذوع، ويطلق على هذه النار (نار الحرب)، ثم يجتمع عندها معظم الشباب والصبيان يرقصون مع الأهازيج الحماسية، ويتنادون للحرب، ويتجمع الذين تراوح أعمارهم بين 10 و 15 سنة، وقد تصل إلى عشرين وثلاثين سنة، ثم يتوزعون بعيدًا عن النار، بعدها يصيح أحد الشباب الكبار عند النار (صياح الشوباش)، فيقول: (اليوم من لا يجينا، والبلاد مخيفة، ما هو هلا به، والبلاد عوافي، اليوم يومك يا سامع الصوت)، ثم يهرع الصبيان والشبان يركضون نحو النار من أمكنة وجودهم، وهم يهتفون: (أبشر يا ما عندك)، وينتخي كل واحد بنخوة (أو عزوة) عائلته، أو أخته كأن يقول: أنا ابن فلان، أو: أنا أخو فلانة 
 
شارك المقالة:
174 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook