تنتشر المقابر في منطقة مكة المكرمة وقراها، إذ تعد بالمئات غير أن مجموعة منها اشتهرت عند المؤرخين، وذلك بفضل من دفن بها من الصحابة، وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، أو السلاطين، أو الأمراء، أو الوزراء، أو العلماء، أو الأثرياء، ومن هذه المقابر بمكة المكرمة مقبرة المعلاة، ومقبرة الشبيكة، ومقبرة أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، ومقبرة المهاجرين، ومقبرة الخرمانية، ومقبرة الشيخ محمود، وفي الطائف المقبرة العامة، ومقبرة الوهط، وفي جدة قبر أمنا حواء عليها السلام، فضلاً عن مقابر المستوطنات الأثرية المدفونة، وبخاصة في تهامة، مثل: مقبرة السرين، ومقبرة عشم، ومقبرة مسعودة، ومقبرة الأحسبة، ومقبرة النصايب، ومقبرة جزيرة جبل الصبايا، وغير ذلك

وإلى جانب أهمية هذه المقابر؛ لكون من دفن فيها شخصيات معروفة خلال القرون الإسلامية، علاوة على عامة الناس على النحو الذي أشرنا إليه آنفًا، فإنها أيضًا احتوت على كنوز أثرية لا يستهان بها، وأعني بذلك شواهد القبور، وفيما يأتي عرض موجز لأهم المقابر في منطقة مكة المكرمة

 

أ) قبر أم المؤمنين ميمونة: 

قبر أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في وادي سرف (النوارية)  ،  الذي يبعد إلى الشمال من مكة المكرمة بمسافة خمسة عشر كيلومترًا، على يمين السالك للطريق السريع الموصل بين مكة المكرمة والمدينة المنورة للقادم إلى مكة المكرمة

 

ب) قبر أمنا حواء عليها السلام:

يُزعم أنه في جدة، كان خارج سورها مما يلي باب مكة المكرمة، ولا يزال معروفًا عند الأهالي، وصف الأنصاري هذا القبر بأنه طويل كمجرى نهير تجاه الشمال طوله 150م، مبني من الجهة الجنوبية بثلاثة جدران، وكان به حجر من الصوان طوله 1م محفور من وسطه  ،  وقد بنيت على هذا القبر قبة أشار إليها ابن المجاور  .  وقد هدمت هذه القبة بعد دخول الملك عبدالعزيز - رحمه الله - إلى جدة  ،  لما في ذلك من البدع والخرافات، فضلاً عن نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور

 

ج) مقبرة حمدانة:

تقع هذه المقبرة غرب شواق في وادي جنوب الليث، وتبعد بنحو عشرة كيلومترات عنها، وهي تل صغير به قبور عليها شواهد معظمها بخط كوفي واضح

 

د) مقبرة الخرمانية:

تعرف أيضًا باسم: المقبرة العليا  ،  تقع هذه المقبرة في المعابدة أمام مدخل شعب آذاخر، على يمين الصاعد إلى منى من الشارع العام، وهي مقبرة مثلثة الشكل، تعود إلى ما قبل الإسلام، ويقال دفن فيها بعض الصحابة، منهم: عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما  ،  وهي حاليًا ملاصقة لمبنى أمانة العاصمة المقدسة من الناحية الغربية، ومحاطة بسور من الطوب والخرسانة المسلحة

 

هـ) مقبرة السرين:

تقع هذه المقبرة غرب الوسقة على طريق جدة - جازان، وهي تلان بهما قبور عليها شواهد، أحدها مؤرخ بالقرن الخامس الهجري

 

و) مقبرة الشبيكة:

تقع في حي الشبيكة بجوار المسجد الحرام من الناحية الغربية، أحاطها الشيخ علي الشحومي المغربي بسور عام 1274هـ / 1858م، كما بنى مكانًا لغسل الموتى، ورباطًا لفقراء نساء أهل مكة المكرمة، ولاتزال آثار أجزاء من هذا السور باقية إلى الوقت الحاضر  ،  كما تم تسوير هذه المقبرة مؤخرًا بسور مبني بالطوب

 

ز) مقبرة الشهداء: 

تقع هذه المقبرة أمام جدار القبلة بمسجد عبدالله بن عباس رضي الله عنهما مما يلي الركن الشمالي الغربي. وقد دُفن في هذه المقبرة التاريخية شهداء غزوة الطائف من الصحابة رضوان الله عليهم، وهم: سعيد بن سعيد بن العاص بن أمية، وعرفطة بن جناب، وعبدالله بن أبي بكر الصديق، وعبدالله بن أبي أمية بن المغيرة، وعبدالله بن عامر بن ربيعة، والسائب بن الحارث بن قيس بن عدي، وأخوه عبدالله، وجليحة بن عبدالله، وثابت بن الجذع، والحارث بن سهل بن أبي صعصعة، والمنذر بن عبدالله، ورقيم بن ثابت بن ثعلبة بن زيد  ،  وقد أحيطت هذه المقبرة بسور من الطوب والخرسانة المسلحة مؤخرًا

 

ح) مقبرة الشيخ محمود:

تقع هذه المقبرة في آخر ريع الرسام وبداية جرول للخارج من مكة المكرمة، دفن في هذه المقبرة العباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه حامل الراية يوم فتح مكة المكرمة، ودفن فيها العباس بن عبدالله بن عباس رضي الله عنه سنة ثمانين من الهجرة 699م، وقد بنى سور هذه المقبرة الشيخ علي الشحومي المغربي - رحمه الله - سنة 1275هـ / 1859م  ،  ولا تزال قائمة في موضعها، إذ تم تسويرها بالطوب

 

ط) المقبرة العامة:

تقع هذه المقبرة جنوب شرق مسجد عبدالله بن عباس رضي الله عنهما بالطائف، ويفصلها عن المسجد الشارع العام، وهي مقبرة قديمة ولاتزال مستخدمة حتى الوقت الحاضر، وهي مسورة بالطوب والخرسانة المسلحة، وبها مغسلة للموتى، ولها باب رئيس في الجدار الشمالي مما يقابل المسجد، وكانت هذه المقبرة مليئة بشواهد القبور، ومنها الشواهد المحفوظة في مكتبة عبدالله بن عباس، ولا يستبعد العثور على المزيد من شواهد القبور المدفونة بها في حال قيام أعمال تجديد بهذه المقبرة

 

ي) مقبرة المعلاة: 

هي مقبرة مكة المكرمة الشهيرة، تقع على يمين ويسار الصاعد إلى الحجون باتجاه العتيبية، دفن بها كثير من الصحابة، والمشايخ، والعلماء، والأخيار، والأمراء  .  وقد تم أثناء عمليات التوسعة التي أجريت في هذه المقبرة العثور على ما يزيد على ألف شاهد قبر يرجع تاريخها لفترات إسلامية متنوعة بدءًا من فجر الإسلام حتى نهاية الحكم العثماني، ولاتزال كثير من الشواهد مثبتة في جدران القبور في هذه المقبرة التاريخية

 

ك) مقبرة المهاجرين:

تقع بالحصحاص في الزاهر، في الموضع المعروف باسم المختلع، الذي يعرف قديمًا باسم أضاءة بني غفار  .  وفي هذا الموضع جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتاني جبريل وأنا بأضاءة بني غفار، وقال: يا محمد إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف، فقلت: أسأل الله المعافاة، قال: فإنه يأمرك أن تقرأه على حرفين. قلت: أسأل الله المعافاة. قال: فإنه يأمرك أن تقرأه على ثلاثة أحرف. فقال: أسأل الله المعافاة. قال: فإنه يأمرك أن تقرأه على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ"

وسميت بذلك لأن جندع بن أبي حمزة بن أبي العاص اشتكى وهو بمكة المكرمة فخاف على نفسه، فخرج مهاجرًا إلى المدينة المنورة، فأدركه الموت في هذا المكان فدفن فيه، كما وقع لغير جندع مثل هذا، ودفن بها أيضًا جماعة من العلويين قتلوا في هذا الموضع في معركة وقعت بينهم وبين جند الخليفة العباسي موسى الهادي عام 169هـ / 785م  ،  وهذه المقبرة تم تسويرها بسور من الطوب قليل الارتفاع، وقد أحاطت بها المباني من كل جانب

 

ل) مقبرة الوهط: 

تقع إلى الغرب من مستوطنة أثرية قديمة في الوهط غرب الطائف  ،  وتطل على مقدمة حوض سد عكرمة من الجهة الشرقية. وقد زارت هذه المقبرة البعثة الأثرية المكونة من فيلبي وريكمانـز وليبنـز، وقامت بتصوير مجموعة من شواهد القبور التي كانت فيها، ومعظم أسماء المتوفين في هذه المقبرة من أسرة عمرو بن العاص  ،  ومن المؤسف أن تلك الشواهد نـزعت من أمكنتها، إذ لا وجود لها في الوقت الحاضر، ولا يزال سورها المبني من الحجارة واللبن قائمًا إلى الوقت الحاضر