المساكن وأدوات البناء في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 المساكن وأدوات البناء في المملكة العربية السعودية

المساكن وأدوات البناء في المملكة العربية السعودية.

 
 
كانت تنتشر في السابق أنماط سكنية متعددة في أرجاء المملكة، مثل: المساكن الطينية والحجرية  ... وغيرها من أنماط المساكن التي تتناسب مع البيئة الجغرافية والقدرات الاقتصادية للأهالي وقد شهد المجتمع السعودي خلال العقود الأربعة الماضية تغيرات كبيرة في الأنماط المعمارية السكنية، فقد واكب مرحلةَ التنمية التي بدأت عام 1390هـ / 1970م ارتفاعٌ في المستويات الاقتصادية، مما أدى إلى استثمار كثير من المواطنين لأموالهم في بناء العمارات السكنية ذات الشقق المتعددة، والتي كانت تُعد خروجًا - نوعًا ما - على النمط المعماري المألوف وهو البيوت الشعبية بكل أشكالها المعمارية في مختلف مناطق المملكة.
إن تلك العمارات السكنية في بداية ظهورها كانت تُبنى وتُصمَّم لاستخدامها من قِبَل الوافدين، فقد كان المواطن السعودي لا يفضِّل السكن في الشقق السكنية، ولذا كان المهندسون المعماريون - الذين كانوا من الوافدين العرب في غالبيتهم - يصممون تلك الشقق لكي تتناسب مع الساكن غير السعودي من حيث شكل الشقة وتصميمها الداخلي، مما جعل الأمر يبدو كأنه حقيقة مسلَّمٌ بها هي أن مثل هذا النوع من السكن لا يناسب السكان المحليين من المواطنين.كما أن تصميم تلك العمارات كان يخضع لذوق المصممين العرب الوافدين الذين غالبًا ما كانوا يصممونها وفقًا لما أَلِفوه في أوطانهم الأصلية دون مراعاة الثقافة المحلية أو حتى البيئة المحلية، فعلى سبيل المثال: في مدينة الرياض كان معظم العمارات القديمة يُصمَّم بشرفات واسعة تطل على الشوارع العامة، ولم يُراعِ المصمم أنه يصمم لسكن في مدينة صحراوية وأن مثل تلك الشرفات لا يمكن الجلوس فيها صيفًا أو شتاءً، وقد أصبحت فيما بعد مشكلة حقيقية تؤرق الساكنين؛ وذلك لكونها تفتح المجال لدخول الغبار والأتربة بكميات كبيرة.كما أن المصمم غير السعودي لم يفطن للخصوصية الثقافية للمجتمع، إذ إن مثل تلك الشرفات لا يمكن جلوس العائلات السعودية فيها؛ لتعارض ذلك مع الثقافة المحلية التي لم تعتد مثل ذلك العمل وتعده سلوكًا غير مقبول اجتماعيًا، ولذا يُلاحَظ في الوقت الحاضر - بعد أن أصبحت العمارات والشقق السكنية مألوفة لدى المواطن السعودي وسكنتها العائلات السعودية - أن معظم الشرفات الخارجية قد تم إغلاقها بالألمنيوم وإدخالها ضمن الغرف التي تتبع لها هذه الشرفات.إلا أنه مع مرور الوقت وتقبُّل السعوديين للسكن في الشقق السكنية أصبح المهندسون المعماريون في المجتمع السعودي يراعون الثقافة المحلية عند رسم مخططات الشقق السكنية، بحيث يكون قسم الرجال مستقلاً عن قسم النساء مهما كان حجم الشقة صغيرًا، كما اختفت الشرفات من العمارات الحديثة.وبعد ازدياد مستويات الدخل في بداية العِقد الأول من القرن الخامس عشر الهجري / بداية الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي في مرحلة ما يُعرف بـ (الطفرة الاقتصادية) ظهرت أنماط حديثة من المساكن في المدن السعودية الكبرى وهي (الفلل)، فقد ظهر هذا النمط المعماري في بعض أحياء الرياض وجدة والدمام آنذاك، وكانت صغيرة الحجم مقارنةً بـ (الفلل) في الوقت الحاضر، إلا أنها كانت تُعد نقلة كبيرة في نوعية المساكن.وقد تزامن ذلك مع ظهور البنك العقاري الذي أتاح للكثيرين من المواطنين بناء (فلل) سكنية خاصة بهم، مما وسع انتشار هذا النمط المعماري في كثير من المدن والقرى السعودية، وأصبح النمط الشائع لكثير من المواطنين إلى جانب الشقق السكنية لمن تضطره ظروف العمل إلى السكن خارج منطقته.ويمكن القول إن الأنماط السكنية في الوقت الحاضر أصبحت أكثر ارتباطًا بالوضع الاقتصادي للأسرة من الانتماء الثقافي، فالسكن يُعد مؤشرًا اقتصاديًا أكثر منه ثقافيًا كما كان عليه في الزمن السابق؛ إذ كانت كل منطقة تتميز بنمط معماري خاص بها. إلا أنه مع الانصهار الثقافي لجميع مناطق المملكة أصبحت الأنماط المعمارية السكنية أكثر تقاربًا، فقد هجر السكان في معظم مناطق المملكة المنازل التقليدية، وبنوا بدلاً منها - أو إلى جوارها - (فِلَلاً) حديثة ذات تصميمات مختلفة كليًا عن الأنماط المعمارية السائدة في المنطقة.وكما هي الحال في تغير الأنماط السكنية تغيرت أيضًا المواد المستخدمة في البناء؛ فقد أصبحت جميع المنازل تُشيَّد من الأسمنت المسلح و (البلُك) والحديد، وتلاشت مواد البناء التقليدية (الطين والحجارة) ولم تعد تُستخدم إلا في بعض القرى بوصفها نوعًا من الزينة، أو في أساسات الفِناء في بعض القرى الجبلية كما هي الحال في منطقتَي عسير والباحة. كما دخل الزجاج - بجميع أنواعه - والحديد بوصفهما مادتين رئيستين في البناء، بالإضافة إلى الجبس، والرخام، والسيراميك، وكلها مواد لم تكن مستعملة في العمارة التقليدية إلا بشكل محدود جدًا.كما أصبح الحمام الإفرنجي سائد الاستخدام في معظم المنازل السعودية، وانتشر في الآونة الأخيرة التوسع في استخدام السيراميك والرخام في أرضيات المنازل لدى شريحة كبيرة من المجتمع في المدن والقرى وفي جميع المناطق.
 
 

ماهي أنماط المساكن

 
 
أصبحت الأنماط السكنية في المجتمع السعودي مقصورة - إلى درجة كبيرة - على ستة أنماط سكنية هي:
 
1 - الشقق:
 
وهي النمط الأكثر شيوعًا؛ إذ إن الشباب حديثي الزواج والمهاجرين ومحدودي الدخل والوافدين غالبًا ما يسكنون في الشقق التي انتشرت بوصفها نمطًا سكنيًا في كل المدن السعودية، حتى أصبحت حاليًا تُباع بوصفها وحدات سكنية مستقلة وهو أمر جديد غير مألوف سابقًا في المجتمع السعودي. وتتكون الشقق السكنية غالبًا من قسم الرجال؛ ويحتوي على غرفة استقبال، ومقلط (غرفة تقديم الطعام للضيوف)، ودورة مياه؛ وقسم العائلة؛ ويشتمل - على أقل تقدير - على غرفة نوم رئيسة، وصالة جلوس، ومطبخ، ودورة مياه، ويراوح عدد الغرف في الشقق السكنية بين غرفتين وخمس غرف، في حين يكون بعض الشقق أكبر من ذلك ولكن بشكل محدود.
 
2 - الفِلَل: 
 
وهي النمط المفضَّل عند كثير من فئات المجتمع، وتُسمى بالعامية المحلية (فِلَّة). وقد أسهم البنك العقاري في تملُّك كثير من المواطنين (فِلَلاً) سكنية. وتنتشر الفلل في جميع المدن والقرى السعودية، وهي غالبًا تتألف من طابقين، وبعضها ذو طابق واحد كما هي الحال في بعض القرى. ويحتوي الطابق الأرضي غالبًا على: المجالس، والمطبخ، وصالة الجلوس لأفراد الأسرة، وغرفة المعيشة، في حين يشتمل الطابق الثاني على غرف النوم. ويتوسط الدرجُ (الفِلَّة) غالبًا من الداخل، في حين يجعله بعضهم خارجيًا إذا كان يرغب في تأجير أحد طابقيها.
 
وتشتمل بعض (الفلل) على مسابح، وملاحق خارجية، و (كراج) للسيارات كما هي الحال في القصور، في حين أن بعضها الآخر لا يوجد فيه ذلك، ويعتمد هذا على مساحة الأرض والمستوى الاقتصادي والاجتماعي لمالك (الفِلَّة) إذ يُعد شكلها الخارجي والداخلي أحد المؤشرات المهمة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمالك، فهي في الأحياء السكنية الراقية أكثر جمالاً وتنسيقًا وفخامةً من تلك التي تقع في الأحياء السكنية الشعبية أو القرى.
 
3 - الأدوار:
 
الدَّور هو أحد الطوابق السكنية في (الفِلَّة)، إذ يعمد بعض مالكي (الفلل) إلى تأجير أحد الأدوار في حين يسكن هو في أحدها، أو يقوم بتأجير كلا الدورين معًا أو كلٍّ منهما مستقلاً عن الآخر، ولذلك يقوم بعضهم بتصميم (الفِلَّة) من دورين مستقلَّين لكل منهما مدخل وباب مستقل، ويحتوي الدَّور على جميع المرافق تقريبًا من مطبخ وصالة جلوس، ومجالس للرجال وأخرى للعائلة. وغالبًا ما تفضل الأُسَر متوسطة الدخل أو الأُسَر كبيرة العدد - أو حتى متوسطة العدد - الأدوار على الشقق السكنية.
 
4 - القصور:
 
وتوجد في المدن الكبرى بصفة رئيسة مع وجود بعض القصور في القرى الكبرى، ويسكنها الأثرياء والوجهاء. وتتصف باتساع المساحة وكبر حجم المبنى، وهي شبيهة بـ (الفلل) إلا أنها أكبر حجمًا ومساحةً، وأكثر توسعًا في أعمال الزخرفة المعمارية أو التفنن في البناء والأشكال. وتنتشر القصور الموجودة في المدن السعودية في الأحياء الحديثة غالبًا، وتشتمل على مسابح وملاحق خارجية ومرآب (كراج) للسيارات.
 
5 - البيوت الشعبية:
 
وهي البيوت المبنية من الحجر أو (البلُك) والأسمنت، وهي أحد الأنماط السكنية المستحدثة التي ظهرت في المدن والقرى مع بداية العِقد الأول من القرن الخامس عشر الهجري تقريبًا / بداية الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي، فقد ظهرت في الأحياء الشعبية داخل المدن في تلك الفترة التي شهدت هجرة ريفية واسعة إليها. ثم انتقل هذا النمط السكني إلى القرى والهجر بعد ذلك بوصفه بديلاً عن بيوت الصفيح التي كانت تحيط بالمدن في ذلك الوقت؛ وذلك نتيجة سهولة بنائه وقلة تكلفته. ولم يعد هذا النمط السكني موجودًا إلا في بعض القرى النائية أو الهجر.
 
ويتكون البيت الشعبي من قسمين: أحدهما يُستخدم للضيافة ويوجد فيه مجلس للرجال ودورة مياه؛ وآخر للأسرة، ويفصل بينهما غالبًا جدار من (البلُك) بارتفاع 2م تقريبًا. وتُسقف البيوت الشعبية غالبًا بالأخشاب أو الحديد ثم يُصب الأسمنت لمنع تسرب المياه.
 
6 - الخيام:
 
وهي نمط سكني مقصور على أهل البادية وبشكل محدود جدًا فهو نادرًا ما يُشاهَد في الوقت الحاضر. وتتصف الخيام حاليًا بأنها خيام حديثة مصنوعة من القماش، ولم تعد خيام الشَّعر تُستخدم بشكل كبير.
 
 
 
شارك المقالة:
48 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook