المدينة المنورة بعد غزوة الأحزاب في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المدينة المنورة بعد غزوة الأحزاب في المملكة العربية السعودية

المدينة المنورة بعد غزوة الأحزاب في المملكة العربية السعودية.

 
 
ابتداء من العـام 6هـ / 628م أخــذت سرايا المدينة المنورة تجوب منازل القبائل في الحجاز وعالية نجد ليس فقط لإشعار تلك القبائل بقوة أمة الإسلام ولكن لنشر الدعوة وتهذيب سلوكيات البادية وإيجاد حالة من الأمن والسلام في تلك المناطق.
 
جاءت رحلة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة في شهر ذي القعدة من العام السادس وإقامته بالحديبية ثم كتابة الصلح مع قريش لتهيئ المجال أمام المسلمين لفتح خيبر والمعاقل الأخرى مثل فدك ووادي القرى في أوائل عام 7هـ / 628م. وجــاء فتح مكة المكرمة في العام الثامن ليوحد المدينتين الرئيستين في الحجاز وليطهر المسجد الحرام من رجس الأوثان فيرتفع الأذان بين جنباته أسوة بالمسجد النبوي. كما جاء الفتح ليؤكد مكانة المدينة المنورة ودورها القيادي كحاضرة هيأها النبي صلى الله عليه وسلم لتكون مهد الإسلام ومنطلقه ونقلها من أتون الضلالة والصراعات إلى رحاب الإسلام لتبدو حاضرة للعرب ينجذبون إليها ويسارعون إلى التقرب منها، وأوجد فيها مجتمعًا واعيًا يحمل أهداف الإسلام بصدق ويقين ليكون النموذج والقدوة لجموع الأمة الأخرى بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فيتولى قيادتها الروحية والثقافية ويقف بصلابة ضد أي انتكاسة حضارية تتبناها الزعامات والقوى القبلية في الجزيرة العربية التي لم تستوعب بعد مفاهيم الإسلام وقيمه. وبعد فتح مكة المكرمة ساور الأنصار رضي الله عنهم شعور بأن النبي صلى الله عليه وسلم سوف يرجع إلى سكنى مكة المكرمة والإقامة الدائمة فيها، إلا أنه صلى الله عليه وسلم بدد هذا الوهم وقال لهم: (قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، كلا إني عبد الله ورسوله. هاجرت إلى الله وإليكم والمحيا محياكم والممات مماتكم)  
 
كما عبّر صلى الله عليه وسلم بعد حنين في شوال من العام 8هـ / 630م عن حبه للأنصار وارتباطه المعنوي والعاطفي بهم مشيرًا إلى أثرهم في الجهاد معه ومواساته بالنفس والمال  . 
 
وهكذا لم يؤد فتح مكة المكرمة إلى التأثير في البناء الاجتماعي في المدينة المنورة، فلم يكن واردًا أن يعود المكيون المهاجرون إلى بلدتهم الأولى فقد حازوا شرف الهجرة التي انقطعت بفتح مكة المكرمة وأصبح بقاء هؤلاء المهاجرين في مكة المكرمة بقصد الإقامة والاستيطان ما لا يـحل، وقد جاء في الحديث تحديد ثلاثة أيام مدة محدودة لسكن مكة المكرمة لمن قصدها بحج أو عمرة من المهاجرين  .  وقد عرف العام 9هـ / 630م بعام الوفود   وخلاله استقبلت المدينة المنورة عددًا من ممثلي القبائل العربية ووفودها بشكل أكبر من ذي قبل، وأغلب هؤلاء كان راغبًا في الإسلام ساعيًا إلى توثيق علاقاته مع هذه الحاضرة العربية الناهضة. لقد استقبلت دور الأنصار كدار رملة بنت الحارث   عددًا من الوافدين، واستضافت أسر أنصارية رجالاً وافدين على النبي صلى الله عليه وسلم. وعلى سبيل المثال أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار بوفد عبد القيس القادم من البحرين (المنطقة الشرقية الآن) وقال لهم: يا معشر الأنصار أكرموا إخوانكم فإنهم أشباهكم في الإسلام وأشبه شيء بكم شعارًا أو بشارًا، أسلموا طائعين غير مكرهين، ولما سأل عليه الصلاة والسلام وفد بني عبد القيس عن إكرام الأنصار لهم أثنوا عليهم وأشاروا إلى أنهم علموهم من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم قاموا بواجب ضيافتهم وأطابوا مطعمهم.
 
وفي شهر رجب من ذات العام كانت غزوة تبوك الموجهة نحو نصارى العرب والروم في زمن شدة وجدب وضيق اقتصادي لهذا سميت بغزوة العسرة.  وقد كشفت تلك الغزوة عن أن المدينة المنورة لا تزال تحتوي على فئات من المنافقين المخذولين، وقد بلغت بهم الجرأة أن بنوا بناء زعموه مسجدًا ودعوا الرسول للصلاة فيه وهو مسجد ضرار   للتآمر على المسلمين، كما اتضح من أحداث الغزوة أن جزءًا من المهاجرين رضي الله عنهم قد نموا أموالهم حتى أصبحوا من أثرياء المدينة المنورة من خلال السعي وبذل الجهد، فكانوا في مقدمة المنفقين على جيش المسلمين وفي مقدمة هؤلاء: عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما  
 
شارك المقالة:
38 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook