الكتابات والنقوش في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الكتابات والنقوش في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية

الكتابات والنقوش في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية.

 

من النتائج العلمية المباشرة لبعثة كل من (هاري سنت جون فيلبي)، و (كونـزاك ريكمانـز)، و (فيليب لبينـز) عند زيارتهم الاستكشافية لجنوب غرب المملكة العربية السعودية، نهاية عام 1370هـ/1951م وبداية عام 1371هـ/1952م: حصر وتسجيل الآثار والكتابات القديمة والإسلامية المنتشرة في مواقع متفرقة من منطقة نجران، ويبدو أن أعضاء البعثة قد تمكنوا خلال ترحالهم في المنطقة من زيارة أغلب المواقع المهمة؛ وبالنسبة إلى النصوص العربية الإسلامية فقد قام (جروهمان) بدراستها ونشرها في عام 1382هـ/ 1962م  
 
وفي عام 1411هـ/1990م، قامت وكالة الآثار والمتاحف بمسوحات شاملة بقصد حصر الكتابات القديمة والإسلامية في منطقة نجران؛ وتمكنت فرق الوكالة الميدانية من حصر وتسجيل ما يقارب من 200 نقش إسلامي، أغلبها غير مؤرخ. ومن أبرز المواقع الأثرية المشتملة على نقوش وكتابات صخرية عربية إسلامية في المنطقة، هي:
 
 موقع فرع بلال: وفيه ما يربو على 50 نقشًا صخريًا.
 
 موقع الذرواء: وفيه ما يزيد على 20 نقشًا صخريًا.
 
 موقع شعب بران: وفيه نحو 20 نقشًا صخريًا.
 
 موقع الأخدود: وفيه نحو 20 نقشًا صخريًا  . 
 
وتنتشر النقوش والكتابات الصخرية العربية الإسلامية المبكرة في عدد من المواقع الأثرية الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمنطقة نجران؛ وقد اشتملت هذه النصوص عمومًا على الآيات القرآنية الكريمة والأدعية الدينية المستلهمة من السنة النبوية الشريفة؛ وتتمحور موضوعاتها في طلب المغفرة والرحمة من الله سبحانه وتعالى والتوكل عليه. وقد استخدم الخط العربي الكوفي (الحجازي) البسيط في كتابة هذه النصوص.
 
ووفقًا للمعلومات العلمية المتوافرة المتعلقة بحقل الكتابات والنقوش الإسلامية في منطقة نجران، يمكن تصنيفها مبدئيًا حسب الترتيب الآتي:
 

النقوش والكتابات الصخرية غير المؤرخة

 
تطغى نسبة هذه النوعية من الكتابات، مقارنة مع بقية الآثار الخطية المكتشفة في منطقة نجران. وقد نفذت على مساحات تتفاوت في أحجامها على واجهات الصخور الجبلية. وتُعد هذه الكتابات والنقوش الصخرية، وما وقع في حكمها من آثار خطية أخرى، وثائق تاريخية وحضارية تظهر أبعاد النشاط الإنساني في منطقة نجران، كما تُعد من الدلائل المادية الأثرية التي من خلالها يمكن تصور حقب المنطقة ومراحلها تاريخيًا وحضاريًا.
 
تختلف النسبة العددية لوجود الكتابات الصخرية وأحجام نصوصها من موقع إلى آخر، ومن ضمن المواقع الإسلامية في منطقة نجران التي اشتملت واجهات صخور جبالها على كتابات ونقوش إسلامية هي ما يأتي:
 
1 - بئر خضراء:
 
عُثر على نقش غير مؤرخ، يتكون من ثلاثة أسطر، نفذ على صخرة جرانيتية تقع على بعد نحو 200م من بئر خضراء   
 
2 - جبل عراير: 
 
يشتمل هذا الجبل على نحو ستة عشر نقشًا غير مؤرخ؛ ونصوصها قصيرة، وبعضها مبتور، وتتمحور موضوعاتها حول: تأكيد الإيمان بالله سبحانه وتعالى وطلب المغفرة منه، إلى جانب وجود عدد من أسماء الأعلام  
 
3 - جبل كروة (شعيب نهوقة):
 
وجد نقش ذو سطر واحد فقط بطلب الرحمة، على الجانب الشرقي من هذا الجبل.
 
4 - جبل بنت حامر (الحمراء):
 
يقع على ضفاف وادي نجران، إلى الجنوب من قابل، وقد عثر في صفحات صخوره على ثلاثة نقوش (مخربشات) تتمحور نصوصها حول الحمدلة، وتأكيد الشهادة، ووحدانية الله سبحانه وتعالى، والترحم على آل البيت  
 
5 - سد جلد (الجلد):
 
تشتمل الصخور الجرانيتية الواقعة بالقرب من هذا السد على نقش واحد غير مؤرخ، يتكون من خمسة أسطر، يتمركز موضوعه حول طلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى  
 
6 - جبل المسمّاة:
 
كشف عن نقشين على صخور جبل المسماة الواقع إلى الجنوب من منارة على حافة وادي نجران؛ يتكون نص النقش الأول من أربعة أسطر، والثاني من سطرين  
 
7 - سلسلة جبال القارة:
 
كشف في أنحاء متفرقة من سلسلة جبال القارة الواقعة إلى الشمال الشرقي من آبار حمى بنحو 9كم عن مجاميع عديدة من الكتابات والنقوش الصخرية الإسلامية؛ من أبرز هذه المجاميع ما يأتي:
 
أ) خشم عين الجمل (عان الجمل): 
 
يشتمل هذا الموقع على ثمانية نقوش غير مؤرخة، تتسم بصغر حجم نصوصها، وتتمحور موضوعاتها حول الترحم على أشخاص معينين، وطلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى  
 
ب) شعيب الصماء:
 
يقع شعيب الصماء في ثنايا سلسلة جبال القارة، وذلك بالقرب من نجد خرير؛ ويصل عدد النقوش المكتشفة في هذه المنطقة إلى تسعة نقوش غير مؤرخة، وتتسم نصوصها بالقصر وتتركز موضوعاتها حول طلب المغفرة والرحمة من الله سبحانه وتعالى  
 
ج) نجد خرير:
 
يقع نجد خرير إلى الشمال الشرقي من آبار حمى بمسافة تصل إلى نحو 20كم؛ وقد وجدت في هذا الموقع ثلاثة نقوش غير مؤرخة، تؤكد وحدانية الخالق  
 
د) برقاء السباع (جبل كوكب):
 
يقع إلى الشرق من سلسلة جبال القارة، حيث وجد نقش واحد غير مؤرخ في هذا الموقع يحمل اسم علم  
 
هـ) شعيب شسعاء (ششعاء):
 
تتخلل هذا الشعيب سلسلة جبال القارة، ويبعد نحو 25كم إلى الشمال الشرقي من آبار حمى؛ ويشتمل على نقش واحد يؤكد صاحبه الشهادة  
 
و) شعيب سهي:
 
يقع هذا الشعيب إلى الشمال الشرقي من آبار حمى بمسافة 35كم؛ ويشتمل الجانب الشمالي من الشعيب على ثلاثة عشر نقشًا صخريًا غير مؤرخة، وجُل نصوصها هي لطلب المغفرة والرحمة من الله سبحانه وتعالى  
 
ز) شعيب حقول:
 
يقع هذا الشعيب ضمن سلسلة جبال القارة، ويشتمل على نقش على الواجهة الشرقية للجبال المطلة على الشعيب. وينفرد موضوع هذا النقش من بين الكتابات الصخرية في منطقة نجران بتأكيد صاحبه أحقيته في منـزله السكني.
 
ونص هذا النقش:
 
 هذا حق منـزل سكن
 
 (دمرك) بعون سعيد سكن
 
 وكتب (دمرك) وهو يسئل
 
 الله الفرج برحمته
 
 رحم الله (دمرك)
 
 إن من عبادنا إن
 
 شاء الله صالحين  
 
8 - جبل سنح:
 
يقع إلى الشمال الشرقي من آبار حمى بنحو 70كم؛ وتشتمل الواجهات الصخرية للجبل على بعض النقوش الكتابية التي يمكن تصنيفها تحت (المخربشات) الكتابية بسبب القصر في نصوصها وعدم اكتمال بعضها  
 
9 - جبال المركب: 
 
تقع إلى الشرق من مدينة نجران، وتزخر صخورها على مجاميع من الكتابات والنقوش الصخرية غير المؤرخة، المتضمنة عبارات دينية، وطلب المغفرة.
 
ومن أسماء الأعلام المكرر ذكرها في نصوص هذه النقوش الكتابية، كل من: محمد بن جعفر، ومحمد بن عبدالله بن العباس، ومحمد بن عثمان، وسليمان بن داود.
 
10 - جبل الذرواء:
 
اشتمل هذا الجبل على عدد من الكتابات والنقوش الصخرية الإسلامية؛ وجميعها بالخط الحجازي المبكر (الكوفي). وهي جمل دعائية؛ ومن الملاحظ على هذه النصوص استئثار شخص اسمه داود بن سليمان بن يزيد  بنحو خمسة نصوص يدعو فيها الله أن يفرج عنه كربة ألمت به، أحدها يقرأ هكذا:
 
 اللهم سلم داود بن سليمن بن يز
 
 يد من كل مكروه وجنبه كل
 
 محذور ولفه بالسلامة في
 
 دينه والعافية في بدنه  
 
ومن النصوص الموجودة على جبل الذرواء نص لامرأة  ، وهو كما يأتي:
 
 غفر الله لأم جعفر بنت محمد بن سليع ما تقدم من ذنبها
 
 وما تأخر إنه على كل شيء قدير
 
 غفر الله لمحمد
 
إلى جانب وجود نقوش كتابية تذكارية قصيرة على صفحات صخور جبل الذرواء، تتضمن نصوصها أسماء لبعض الأعلام منها: الربيع بن عبدالوهاب، والهيثم بن بشر  . 
 
11 - آبار حمى:
 
يشتمل هذا الموقع على نصين إسلاميين غير مؤرخين كتبا بالخط الكوفي البسيط، وذلك بالقرب من نص الملك الحِمْيري يوسف أسأر يثأر، وهما كما يأتي:
 
 رحمة الله على
 
 عبدالملك
 
 بن محمد
 
والنص الثاني:
 
 رحمة الله على
 
 محمد بن مهدي  
 
12 - فرعة بلال: 
 
لم تتوقف الكتابات الصخرية بالمنطقة على الأدعية الدينية والتوكيدات الإيمانية فحسب، بل تعدت ذلك إلى قول الشعر، ومنها ما وجد في موقع فرعة بلال، ونصه كما يأتي:
 
 (...) فلا يطيل الله غيبته أن
 
 الحبيب إذا ما (غيب) مذكور
 
 صلى على محمد
 
13 - النصلة العليا:
 
وعثر فيها على أهم نقش كوفي في المنطقة، وهو غير مؤرخ؛ وأهميته تكمن في وجود نقش آخر إلى جانبه بالخط السبئي (المسند الجنوبي). وعند دراسة هذا النقش الكوفي تبين أنه يحمل اسم الشخص نفسه الذي دون اسمه بخط المسند (طوق بن الهيثم)، ونص النقش العربي الإسلامي كما يأتي:
 
 غفر الله
 
 لطوق بن
 
 الهيثم آمين  
 
إن العثور على هذا النقش الإسلامي الذي يقابله آخر بالخط المسند الجنوبي القديم يُعد من النصوص الأولى المعروفة حتى الآن، وكلا النصين يحملان المضمون والمعنى نفسيهما؛ وهذا من الدلائل المؤكدة أن الكتابة بالقلم المسند الجنوبي استمرت إلى فترة متأخرة بعد ظهور الإسلام، واستخدم كلا الخطين جنبًا إلى جنب حتى أخذ الخط الجنوبي بالتلاشي تدريجيًا.
 

النقوش والكتابات الصخرية المؤرخة

 
من الملاحظ عند الباحثين والدارسين في مجال الكتابات الإسلامية قلة العثور على النقوش الإسلامية المؤرخة في منطقة نجران؛ وفي هذا السياق، كشف عن نماذج قليلة من النصوص الإسلامية المؤرخة؛ أحدها مؤرخ بسنة 190 للهجرة، عُثر عليه في إحدى الواجهات الصخرية بالقرب من موقع الأخدود الأثري، ونصه كما يأتي:
 
 صلى الله على محمد النبي
 
 ورضي عنه وكَتَبَ محمد بن
 
 النضر الفارسي في سنة
 
 تسعين ومائة 
 
أما النموذج الثاني من النصوص الإسلامية المؤرخة فكشف عنه في جبل عراير، وهو مؤرخ بسنة 220 للهجرة، ونصه كما يأتي:
 
 اغفر لحـ (ـا) رث بن القيس
 
 محمد بن عمر بن (ماد)
 
 كُتِبَ في سنة
 
 عشرين ومئتين  
 
وإلى جانب هذين النقشين المؤرخين المبكرين، فقد كشف عن نصوص صخرية تشتمل على تواريخ متأخرة، ومنها نص مؤرخ بسنة 1171هـ/1758م وجد في موقع شعب بران؛ ونص آخر مؤرخ بسنة 1180هـ/1766م عُثر عليه بالموقع نفسه؛ أما في وادي حبونا فقد عثر على نقش يشتمل على تاريخ متأخر جدًا إذ يعود إلى سنة 1333هـ/1915م.
 

 الكتابات الشاهدية المؤرخة وغير المؤرخة

 
نتج من الأعمال والمسوحات الأثرية في مواقع متفرقة من منطقة نجران، العثور على مجموعة من الأحجار الشاهدية المشتملة على نصوص مؤرخة وغير مؤرخة؛ ومن أقدم النصوص المؤرخة من هذه المجموعة شاهد قبر أُرخ بشهر شعبان من سنة 516هـ/1122م  ، يعود إلى فاطمة بنت محمد بن حميد بن الهندي  ،  ويقرأ كما يأتي:
 
 بسم الله الرحمن الرحيم
 
 هذا قَبْر فاطمة ابنة محمد بن
 
 حميد بن أحمد بن الهندي رحمها
 
 الله رحمة الأبرار ونجاها
 
 برحمته من عذاب النار
 
 توفيت رحمها الله في
 
 شعبان سنة ست عشرة سنة
 
 وخمسمائة سنة
 
ويضم متحف نجران للآثار والتراث عددًا من شواهد القبور المنقوشة المجلوبة من مواقع إسلامية قريبة، مثل: مقبرة غابة سقام التي تبعد نحو 1كم شرق الأخدود، ومنها اثنان مؤرخان، ونص الشاهد الأول مؤرخ في شهر رجب من سنة 542 للهجرة، ويدعى صاحبه راشد بن سالم بن رفاعة الساعدي  ؛ وللشخص ذاته شاهد آخر غير مؤرخ وجد في مقبرة غابة سقام الإسلامية؛ في حين كان الشاهد الثاني المؤرخ في 20 شوال من سنة 592 للهجرة، يعود إلى شخص يدعى جميع بن علي 
 
كما يضم المتحف حجرًا لشاهد قبر غير مؤرخ يتكون من ستة أسطر، مجلوب من مقبرة غابة سقام ويعود إلى سيدة تدعى عتبة بنت الجعد بن محمود، ويوجد شاهد آخر بالمتحف نفسه غير مؤرخ، ويشتمل على ثمانية أسطر، يعود إلى شخص يدعى عبدالعزيز بن محمد بن عثمان. وقد جُلب هذا الشاهد من مقبرة بالقرب من موقع الحضن الواقع إلى الجنوب الغربي من مدينة نجران.
 
وتعد نصوص هذه الشواهد، المؤرخ منها وغير المؤرخ، دلائل علمية قوية على استمرارية الاستيطان البشري في منطقة نجران بعد بزوغ فجر الإسلام. وتتفق النصوص الشاهدية في عدة أمور، منها: الاقتباس المباشر وغير المباشر من آيات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، إضافة إلى وجود أدعية دينية لطلب المغفرة والرحمة من الله سبحانه وتعالى.
 
شارك المقالة:
88 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook