القطاع الصناعي في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
القطاع الصناعي في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

القطاع الصناعي في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية.

 
أولت خطط التنمية الخمسية المتعاقبة مزيدًا من الاهتمام والدعم لقطاع الصناعة بهدف توسيع القاعدة الإنتاجية وتنويعها وتنمية مصادر الدخل غير البترولي، ونقل التقنية الحديثة التي تساهم في رفع كفاءة الإنتاج وتوفير فرص عمل جديدة.
 
ويعد القطاع الصناعي بمنطقة حائل وليدًا لم يتجاوز تلبية بعض احتياجات السوق المحلية ومطالبها التي نتجت من التطورات التنموية الحديثة، ويمكن حصر الاستثمارات في هذا القطاع في إقامة عدد من مصانع المواد الغذائية ومواد البناء، كالبلاط والرخام والطوب والبلك والخرسانة الجاهزة  ، ومصانع الأثاث الخشبي والمعدني والبلاستيك للأغراض المنـزلية والزراعية وغيرها من الصناعات الخفيفة الأخرى حيث بلغ عدد المصانع في منطقة حائل 30 مصنعًا باستثمارات بلغت عام 1425هـ / 2004م 222،67 مليون ريال  .  ولا شك أن حجم القطاع الصناعي بمنطقة حائل متواضع جدًا لكنه بالنسبة إلى منطقة داخلية وليس لها خلفية صناعية يعد جيدًا جدًا خصوصًا أن جميع المصانع التي قامت حتى الآن نجحت؛ ما شجع على القيام بالمزيد من الدراسات والبحوث الجادة لإنشاء صناعات أخرى. خصوصًا أن المنطقة تمتلك إمكانات تطوير القاعدة الصناعية حيث تتوافر فيها عناصر الإنتاج. وتتجه المنطقة الآن إلى التركيز على الصناعات المرتبطة بالمنتجات الزراعية وبخاصة أن المنطقة أثبتت تفوقًا واضحًا في كفاءة الإنتاج الزراعي. وفي الجانب الآخر تم اكتشاف خامات وثروات تعدينية مثل خام الألمونيوم بكميات كبيرة ومادة السيليكا بتركيز مرتفع جدًا في المنطقة؛ ما يشير إلى مستقبل واعد للصناعة والتوسع في الاستثمارات في مجالها. كما توجد شبكات البنية الأساسية وبشكل خاص شبكات الطرق، كما يتوافر بالمنطقة عدد كبير من السكان في سن قوة العمل يمكن تدريبهم فنيًا والاستفادة منهم في توفير احتياجات الصناعة.
 
أ - لمحة تاريخية:  
 
يشير عدد من الدراسات التاريخية إلى أن الصناعة اليدوية والحرفية التقليدية قديمة الوجود بمنطقة حائل  ،  وتعد الصناعة الحرفية الأساس الذي قامت عليه الصناعة الحديثة حيث إنها مهن مارسها الإنسان منذ زمن بعيد، ومن خلال التطوير المستمر تحولت هذه الحرف من مجرد عمل يدوي بسيط يقوم بإنتاج سلع محددة إلى صناعة حديثة يتم استخدام الآلة فيها بشكل مكثف. وتعتمد المهن الحرفية في الأساس على المهارة اليدوية للصانع الذي يستعين في أداء عمله بِعَددٍ يدوية بسيطة كما أنه يستخدم الخامات الطبيعية المتوافرة في منطقته لإنتاج سلع ومنتجات تلبي احتياجات سكان المنطقة التي يعيش فيها. ومن هذا المنطلق ونتيجة لاختلاف أنواع المواد الخام الطبيعية المتوافرة بين منطقة وأخرى اختلفت أنواع المهن الحرفية بين منطقة وأخرى. وقد كانت الحرف المختلفة تنتشر في المنطقة عند بعض الأسر يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد. كما شهدت الحرف المهنية في المنطقة ركودًا وهجرها الناس حتى كادت تندثر خصوصًا بعد سنوات الازدهار الاقتصادي أو ما يطلق عليه الطفرة، ولكن الآن هناك وعي بأهمية هذه الحرف لقيمتها التاريخية والسياحية في المنطقة، وكذلك لإمكانية قيام صناعات حديثة عليها خصوصًا أنها تتلاءم مع المواد الخام الطبيعية المتوافرة بالمنطقة. وحاليًا يمكن القول إن أهم الحرف التقليدية التي توجد بالمنطقة وتتوافر لديها إمكانية التطور بشكل جيد هي المنتجات النحاسية، والمنتجات الخشبية، والجلدية، وندف القطن والصوف، والتنجيد. وسوف يتم استعراض كل حرفة من هذه الحرف بشيء من التفصيل كما يأتي:
 
1 - المنتجات النحاسية:
 
وتتمثل أهم المنتجات النحاسية التي يقوم بتصنيعها الحرفيون بالمنطقة في: دلال القهوة، وصحون النحاس، والنجر، والمحماسة.
 
2 - المنتجات الخشبية:
 
وهي سلع يتم تصنيعها يدويًا أو باستخدام أنواع بسيطة من العدد والمناشير. ويتم إنتاج هذه السلع في ورش صغيرة موجودة بمنازل طينية قديمة داخل بعض أحياء المدينة وأهم هذه السلع: صندوق القهوة، والمبخرة، والمبرادة، والمنفاخ.
 
3 - المنتجات الجلدية:
 
وترتبط هذه الحرفة بصناعة الأحذية وكذلك صيانتها وتجديدها، وتعد متطورة نسبيًا وفي مرحلة الانتقال إلى التصنيع فالحرفيون في هذه المهنة يستخدمون حاليًا آلات وقوالب حديثة حيث يوجد لديهم مكائن لقص الجلد وخياطته وقوالب لشد وجه الحذاء ومكائن لتثبيت النعال الخارجي. ويلاحظ على هذه الحرفة حاليًا أنها تلبي طلبات شريحة كبيرة إذ إن منتجاتها من الأحذية تعد منخفضة الثمن ومستوى جودتها مقبول. أما السلع التقليدية كالقرب وغيرها من منتجات الخرازة فإنه يوجد إنتاج ضعيف من هذا النوع يمارس من قبل النساء في البيوت، وتعد الجلود الصناعية الخامة الرئيسة التي يستخدمها الحرفيون وهناك بعض الجلود الطبيعية بكميات أقل ومصدرها المدابغ.
 
4 - ندف القطن والصوف:
 
هذه الحرفة من الحرف التي لها نشاط لا بأس به بمنطقة حائل حيث يقدر عدد المنادف في المنطقة بأكثر من عشرة منادف، وعملية الندف تتم عن طريق فرد القطن أو الصوف المتكتل نتيجة للاستعمال الطويل أو عن طريق الكبس في بالات وبالتالي يسهل استخدامه في التنجيد وصنع بعض المنتجات. وتستخدم في عملية الندف آلة بدائية وغالبًا توجد المنادف في أحد المنازل القديمة بداخل الأحياء، ومن أهم منتجات هذه الحرفة: المفارش، والشراشف (اللحف) والبُسُط والمخدات.
 
5 - المنتجات الخوصية: 
 
تتوافر بمنطقة حائل بعض المنتجات مثل: المنقلة (المنعشة) والمهفة والزنابيل، وهذه المنتجات تصنعها النساء في البيوت ويعد الطلب على هذه السلع في الوقت الحاضر منخفضًا.
 
6 - صناعة السيوف:
 
اشتهرت صناعة السيوف بمدينة حائل قديمًا فهم يرصعون السيوف بالذهب والأحجار الكريمة، والفضة وقد اشتهروا بذلك وكان يضرب بهم المثل في إجادة صناعة السيوف وكانت جملة من تلك الصناعات تتردد في أشعار المنطقة الشعبية الحماسية.
 
7 - صياغة الحلي:
 
صياغة الحلي والأساور الذهبية والفضية والحجول.
 
وتقلصت في العهود المتأخرة هذه الصناعات الحرفية إلى درجة كبيرة. وفي بداية العصر الحديث حيث نشطت فيه التجارة، فقد غطت السلع الواردة معظم احتياجات الناس ولم تتح الفرصة لإنشاء صناعات مهمة خصوصًا مع توجه المنطقة إلى النشاط الزراعي الذي يلقى دعمًا قويًا من الحكومة وكذلك للمزايا التي تتمتع بها المنطقة في جودة الإنتاج الزراعي، وربما أيضًا لسهولة الانتقال من الحرف التقليدية إلى الزراعة وصعوبة ذلك في التحول إلى الصناعة الحديثة التي تحتاج إلى مجموعة من المقومات التي لم تكن متوافرة بالمنطقة آنذاك.
 
ب - أبرز التطورات:  
 
على الرغم من الدعم والتشجيع اللذين تقدمهما الدولة للقطاع الصناعي إلا أنه ما زال دون مستوى الطموحات والتوقعات، خصوصًا إذا ما قورن بالقطاعات الإنتاجية الأخرى بالمنطقة أو حتى على مستوى القطاع الصناعي بالمملكة.
 
وباستعراض (جدول 13) الذي يوضح التطور التاريخي للصناعة بمنطقة حائل نجد أنه لم يطرأ أي تطور يستحق الإشارة إليه خلال الفترة من 1409هـ / 1989م حتى 1425هـ / 2004م سواء من حيث حجم الاستثمارات أو عدد المصانع، وبقي معدل الزيادة يراوح بين مصنع ومصنعين في السنة خلال السنوات العشر الماضية؛ ما أكد الحاجة الماسة إلى دعم القطاع الصناعي وتطويره بالمنطقة.
 
ج - الوضع الحالي ودوره في اقتصاد المنطقة:
 
لقد واجه اقتصاد المنطقة في البداية عددًا من العوامل التي عرقلت مسيرة التنمية الصناعية، ثم ما لبثت أن شهدت وبدعم من الحكومة مجموعة من المحفزات التي بدأ السكان يلمسون أثرها في تقدم اقتصاد المنطقة وتطوره مبشرًا بمستقبل يتنامى باطرّاد ومن أبرز تلك العوامل ما يأتي:
 
- عوامل التطوّر الصناعي:
 
بدأت المنطقة تلمس أهمية الصناعة في منظومة التنمية الشاملة، ولعل الأسباب الآتية سيكون لها أثر واضح في تطور القطاع الصناعي بمنطقة حائل وهي:
 
 معطيات التنمية الشاملة والطفرة الاقتصادية التي شملت جميع أرجاء المملكة، والتي وفرت المقومات الأساسية والدعم المادي لبناء الصناعات الأساسية والاستهلاكية المختلفة في المنطقة.
 
 إنشاء الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل التي تهدف إلى تطوير المنطقة وتحقيق تنمية شاملة مستديمة فيها في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، مع المحافظة على البيئة الاجتماعية والثقافية والمقومات الطبيعية، بما يحقق رفاهية المجتمع والحياة الكريمة للأفراد. وتتبنى الهيئة رؤية منهجية لتحقيق ذلك تتمثل في قيامها بدور لتحقيق هدفها في تنمية شاملة مستديمة بمنطقة حائل محورها الإنسان، وقيامها بدور الشريك الفاعل الذي يعتمد عليه في دعم المبادرات البناءة والإيجابية، وتشجيع أصحابها وتحفيزهم. حتى تصبح منطقة حائل مركز جذب اقتصادي واجتماعي تتوافر فيه مقومات الحياة الكريمة، وهذه الخطة مستقاة من أهداف الدولة في كافة خططها الخمسية منذ البداية. ويتوقع أنه سيكون للهيئة أثر كبير في استقطاب المستثمرين للمنطقة وإبراز المزايا النسبية التي تتمتع بها حائل. ولهذا فقد أعدت الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل قائمة بالفرص الاستثمارية الممكنة في المنطقة وأعدت لبعض منها دراسات جدوى مبدئية ولبعضها الآخر دراسات جدوى اقتصادية وهي فرص استثمارية واعدة.
 
 تطوير المدينة الصناعية: نظرًا للدور الذي تؤديه المدن الصناعية كأحد الحوافز الرئيسة لتشجيع التنمية الصناعية بشكل متوازن في مناطق المملكة فقد قامت وزارة الصناعة والكهرباء بإنشاء مدينة صناعية جديدة في مدينة حائل. وتتكون هذه المدينة من عدد من المراحل، تبلغ مساحتها الإجمالية 2.560 مليونين وخمسمئة وستين مترًا مربعًا تقع في الجزء الشرقي للمدينة على طريق حائل القصيم. وتطوير المدينة الصناعية سوف يساعد على قيام نهضة صناعية بالمنطقة.
 
 التطور الكبير في الإنتاج الزراعي في المنطقة يؤكد على أهمية تطوير الصناعات الغذائية، وهذا يشجع على التوسع الزراعي خصوصًا أن التسويق الموسمي للمنتجات الزراعية الخام لم يكن دائمًا في صالح مزارعي المنطقة، والتصنيع الغذائي لها سوف يعطيها قيمة مضافة أكبر وسيخفف من مشكلات التسويق للمنتجات الزراعية الطازجة التي تعاني منها منطقة حائل كغيرها من المناطق الزراعية في المملكة.
 
 التطوير المستمر للبنية الرئيسة وبخاصة شبكة الطرق السريعة في المنطقة ولعل من أهمها ربط المنطقة بطرق سريعة مع المناطق المجاورة، ومنها ربط منطقة حائل بمنطقتي المدينة المنورة والقصيم، وكذلك ربطها بمنطقة الجوف عبر رمال النفود الكبير سيجعل حائل أحد أهم مناطق المملكة المرشحة للنمو في قطاع الصناعات الغذائية.
 
 وجود ترسبات لمجموعة مهمة من الخامات الصناعية الفلزية واللافلزية.
 
 موقع جغرافي متميز للمنطقة حيث تتوسط منطقة حائل مناطق داخلية مشهورة مثل منطقة المدينة والقصيم وتبوك.
 
 التزايد السكاني السريع.
 
2 - المجالات الواعدة للاستثمار الصناعي:
 
في ظل المعلومات المتوافرة عن واقع الصناعة الحاضر بمنطقة حائل وعلى أساس المقومات الرئيسة المتاحة للاستثمار وخصوصيات المنطقة وآمالها وتطلعاتها يمكن القول إن التصنيع الغذائي يحتل أهمية خاصة لهذه المنطقة خصوصًا مع توافر المقومات الأساسية وفي مقدمتها الإنتاج الزراعي الذي حقق أرقامًا جيدة على مستوى المملكة. ويمكن حصر مجموعة من الفرص الاستثمارية الواعدة في المنطقة
 
شارك المقالة:
92 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook