الفترة الميلادية إلى ظهور الإسلام في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الفترة الميلادية إلى ظهور الإسلام في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الفترة الميلادية إلى ظهور الإسلام في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 
 تدهورًا واضحًا في الأوضاع الاقتصادية التي اعتمدت على سيطرة العرب على نقل تجارة المواد العطرية وغيرها من جنوبي الجزيرة العربية والهند وشرقي إفريقية إلى مصر وسوريا والعراق؛ وذلك بعد سيطرة الرومان على دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وتحول طرق التجارة من البر إلى البحر  ؛  ما أدى إلى تقلص الموارد المالية، بل وانقطاعها عن كثيرٍ من مدن الجزيرة العربية ومراكزها التجارية الواقعة على طرق القوافل البرية، ومن ضمنها بطبيعة الحال المدن والمراكز الحضارية في منطقة تبوك؛ الأمر الذي أدى إلى انكماش بعضها على خريطة الجزيرة العربية وتحول بعضها الآخر إلى خرائب  ،  ومنها - فيما يغلب على الظن - المدينة التي أصبحت أنقاضًا، ويُعرف موقعها الآن بقريّة، والتي تقع على بعد 75كم شمال غرب مدينة تبوك الحديثة، خصوصًا بعد زوال مملكة الأنباط التي أتت نهايتها على يد الإمبراطور الروماني تراجان، عندما بلغت الهيمنة الرومانية ذروتها، واجتاحت جيوشها العاصمة البتراء عام 105 أو 106م وأحال الرومان أراضي مملكة الأنباط إلى ولاية رومانية سمّوها: الولاية العربية، وجعلوا مدينة بصرى في سوريا مركزًا لها. وأصبحت منطقة البتراء وما يليها خارج دائرة اهتمامات الرومان تقريبًا، وبذلك دخلت منطقة تبوك - نوعًا ما - طيّ الإهمال، بل والنسيان لبعدها النسبي عن مركز الولاية، وتركت المنطقة - فيما يغلب على الظن - للحكام المحليين من شيوخ القبائل والعشائر، ولا يكاد يرُى أثر يشهد على حضور الرومان في المنطقة بشكلٍ ملحوظ، باستثناء الحاميات التي ربما استقرت في ميناء لوكي كومي (Leuke Kume) (عينونة) لمساعدة السفن التجارية وحمايتها، ويقال: إنهم أنشؤوا دائرة لجباية الضرائب من السفن والتجار، ويتقاضون ما مقداره 25%  ؛  الأمر الذي يشير إلى وجود نشاط تجاري في المنطقة، وربما يؤكد ذلك إقامة المعبد النبطي الموجود حاليًا في روافة، الذي يقع في الداخل وسط هضبة حسمى على حافة حرة الرحا على بعد 75كم شرق المويلح على البحر الأحمر، وعلى بعد مماثل لهذه المسافة في الجنوب الغربي من مدينة تبوك، وقد سجل على مدخل المعبد نقشٌ ثنائي اللغة: يوناني ونبطي،  يتضمن تاريخ إنشاء المعبد أثناء فترة حكم ماركوس أورليوس (Marcous Aurelius)، ولوسيوس ويروس (Lucius Verrus) في الفترة الواقعة بين منتصف عام 166م وبداية عام 169م، وينسب النقش بناء المعبد إلى القبائل الثمودية  
 
وفي الفترة البيزنطية يلاحظ أن الروم البيزنطيين يحرصون على بسط نفوذهم على الولاية العربية بما فيها منطقة تبوك، فأقاموا لهم مركزًا عسكريًا متقدمًا في تبوك، ولعل مقر هذا المركز في قصير تمرة على بعد بضعة كيلومترات جنوب مدينة تبوك. وكانت القبائل العربية قد أزعجت الرومان بغاراتها على الأراضي التي احتلها الرومان، فكون الرومان جيشًا مرتزقًا من سكان البلاد المحتلة، وضعوه تحت إمرة جماعة من الضباط الرومان وكلفوه بحماية الحدود، وأقاموا له مراكز على طول تلك الحدود، وقد وردت أسماء بعض هذه المراكز في النقوش الصفوية  ،  والمعروف أن غارات القبائل العربية كانت من الدوافع الرئيسة لموافقة الرومان على قيام إمارة الغساسنة جنوب بلاد الشام، لتكون لهم درعًا واقيًا ضد هذه الغارات، وقد حاولت إمارة الغساسنة الموالية للروم البيزنطيين بسط سيطرتها على منطقة تبوك، بل وعلى وادي القرى الواقع في محافظة العلا حاليًا، على بعد 250كم جنوب مدينة تبوك، كما يخبر بذلك النابغة الذبياني في شعره   الذي نصح فيه النعمان بن الحارث الغساني بعدم التورط في غزو وادي القرى بقوله:
 
لقد قلت للنعمان يوم لقيته
 
لقـد  قلـت للنعمان يوم لقيته     يريد  بنـي  حُنٍّ ببرقة صادرِ
تجـنب بنـي حُنٍّ فإن لقاءهم     كريهٌ,  وإن لم تلق إلا بصابرِ
هُمُ  قتلوا الطائي بالحِجْرِ عنوة     أبـا جابرٍ واستنكحوا أم جابرِ
أتطمعُ في وادي القرى وجنابه     وقد منعوا منه جميع المعاشرِ؟
غير أن السيادة ظلت فيما بين سكان المنطقة من أمثال شيوخ قبائل بني كلب وجذام ولخم وكبار رجال الواحات المستقرين.
 
شارك المقالة:
42 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook