العهد الراشدي في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
العهد الراشدي في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

العهد الراشدي في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 
إن المعلومات المتاحة في المصادر التاريخية عن منطقة تبوك في عصر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم 11 - 41هـ / 632 - 661م قليلة. غير أن هناك إشارات في تلك المصادر يمكن من خلالها إعطاء صورة ولو مبسطة عن أوضاع منطقة تبوك في تلك الفترة، ويبدو من الأخبار المتاحة أن منطقة تبوك كانت خاضعة إداريًا للمدينة في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وممرًا لحُجاج الشام.
 
ففي عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه 11 - 13هـ / 632 - 634م كان العامل على تبوك عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الذي استمر عاملاً عليها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم  .  وبعد مجابهة المرتدين في جزيرة العرب، قام الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه بتجهيز الجيوش لفتح الشام، فشرع في تولية الأمراء وعقد الألوية والرايات.
 
وقد أرسل الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه في السنة 13هـ / 634م يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة إلى الشام، وأمرهم أن يسلكوا الطريق المار بتبوك.
 
يروي الطبري أن الخليفة أبا بكر الصديق رضي الله عنه أمرهم أن: " يسلكوا التَّبُوكيّة على البلقاء من علياء الشآم"  .  ويقصد بالتبوكية هنا الطريق المار على تبوك. حيث يذكر ابن كثير أن سلوك يزيد بن أبي سفيان كان على تبوك  
 
ويُستنتج من اتخاذ الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه الطريق المار بتبوك إلى الشام أنه طريق آمن، يمر بعدد من القرى، تمد الجيوش الإسلامية بالدعم حتى وصولها إلى الشام، كما كانت هذه الطريق التي أُطلق عليها اسم التبوكية طريقًا عامرةً يمر بها حُجَّاج الشام  
 
وبعد وصول الجيوش الإسلامية إلى تبوك وتهيئهم لمغادرتها إلى الشام وقعت معركة بين المسلمين والروم. يروي الواقدي تفاصيل هذه المعركة، فيذكر أن المسلمين بقيادة يزيد بن أبي سفيان ومعه ألف فارس، وكذلك جيش آخر من ألف فارس بقيادة ربيعة بن عامر بن لؤي، كانوا أول من وصل إلى تبوك في طريقهم إلى الشام، فلما همُّوا بالرحيل من تبوك إلى الشام أقبل عليهم جيش الروم، فهزمهم المسلمون وقتلوا قائدهم، مع قلة عدد المسلمين؛ حيث قتلوا من الروم في تبوك ألفًا ومئتين، وقُتِلَ من المسلمين مئة وعشرون رجلاً  
 
ثم أراد الروم مصالحة المسلمين، فبعثوا يطلبون رجلاً من المسلمين، فسار إليهم ربيعة بن عامر، فطلبوا منه الصلح على أساس أن يدفعوا إلى كل مسلم دينارًا من ذهب وعشرة أوسق من الطعام، ويكتب بينهما كتاب بألا يغزو أحدهما الآخر، غير أن ربيعة بن عامر رفض تلك الشروط وقال لقائدهم: " لا سبيل إلى ذلك وما بيننا وبينكم إلا السيف أو أداء الجزية أو الإسلام "  .  فرفض قائدهم ذلك وهاجم المسلمين، وخلال المعركة وصل جيش آخر للمسلمين بقيادة شرحبيل بن حسنة، فهُزِم الروم، وقتل معظم جيشهم المكون من ثمانية آلاف رجل، وغنم المسلمون غنائم كثيرة أرسلت إلى المدينة  . 
 
وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه 13 - 23هـ / 634 - 644م، اهتم بتبوك، وتمثل اهتمامه بإصلاح عين تبوك التي أصبحت منهلاً دائم الماء لقبيلة بني عذرة الساكنة حولها منذ أن جاشت بالماء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم  .  يذكر ياقوت أن بئر تبوك كانت تنطمُّ؛ أي يَكثُر ويعلو ماؤها   في كل وقت.
 
فأمر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابن عريض اليهودي بطي بئر تبوك  ؛  أي تحويطها بالحجارة والآجرّ  .  ولا شك أن المقصود ببئر تبوك هنا هو عين تبوك التي تقع بجوار المسجد في وسط البلدة وتحيط بها الرمال من الناحية الشمالية الشرقية   
 
والمرجح أن اهتمام الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعين تبوك وإصلاحها كان خلال قدومه إلى الشام   ومروره بتبوك؛ حيث وقف على حال هذه العين وأمر بإصلاحها  ؛  ومما يُرجح إقامة الخليفة عمر بن الخطاب بتبوك وهو في طريقه إلى الشام مروره - في إحدى مرات خروجه إلى الشام - بقُرى تؤدي إلى تبوك؛ حيث يروي الطبري أنه في السنة السابعة عشرة للهجرة 638م خرج الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام غازيًا ووصل إلى سَرْغ المعروقة حاليًا باسم (المدورة)  ،  وهي قرية بوادي تبوك في أول الحجاز وآخر الشام ومنـزل لحُجاج الشام، لكنه أُخبر بوباء الطاعون بالشام، فعاد إلى المدينة.
 
وفي عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه 23 - 35هـ / 644 - 656م لا تشير المصادر المتاحة إلى تبوك، والمرجح أنها استمرت تابعة إداريًا للمدينة وممرًا لحُجاج الشام.
 
أما في عهد آخر الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فتشير المصادر إلى تبوك على أساس أنها الطريق التي سلكها سهل بن حنيف (ت 38هـ = 658م) عندما عينه الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة 36هـ / 656م على الشام وقابله وهو في طريقه إلى الشام جيش معاوية بن أبي سفيان  .  يروي الطبري، أنه لما دخلت سنة 36هـ / 656م بعث الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه عماله على الأمصار. فبعث سهل بن حنيف ليكون عامله على الشام، فخرج حتى إذا كان بتبوك لقيته خيل معاوية فقالوا له: "مَنْ أنت؟ قال: أمير، قالوا على أي شيء؟ قال: على الشام، قالوا: إن كان عثمان بعثك فحيّهلا بك، وإن كان بعثك غيره فارجع! قال: أوَما سمعتم بالذي كان؟ قالوا: بلى؛ فرجع إلى عليّ"  
 
شارك المقالة:
40 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook