العزاء بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
العزاء بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

العزاء بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
المجتمع المدني مجتمع إسلامي مترابط، يظهر فيه التكافل والتعاون والمودة في أيام الأحزان - كما تظهر فيه البهجة والسرور والتعاون في أيام الأفراح - فلا يشعر الفرد أو الأسرة التي تحل بها مصيبة أنهم لوحدهم، بل يرون الجميع معهم يشاركونهم ويواسونهم في مصابهم، ويقدمون لهم ما يمكن تقديمه من مساعدة مادية أو معنوية، كلٌّ حسب قدرته وخبرته ودرجة قرابته لهم، ففي حالة وفاة أي شخص - رجلاً كان أو امرأة - يقوم ذووه بإخبار أقاربه أو من يمتون إليه بصلة فيحضرون جميعهم ليشاركوا في إجراءات الغسل والصلاة والدفن والعزاء.
 
ويحرص أهل المدينة المنورة على أن يصلُّوا على ميتهم في المسجد النبوي الشريف، كما يحرصون على أن يصلَّى عليه في أقرب فرض لوفاته إذا أمكن، ثم يدفن بالبقيع، وبعد الدفن يقف أقارب المتوفى عند باب البقيع صفًا واحدًا يكثر أفراده ويقلون بحسب كثرة أقارب المتوفى والذين يمتون إليه بصلة أو قلتهم. وفي وقوفهم تكون بداية الصف - غالبًا - لأقرب الناس للمتوفى مثل الأبناء والإخوان وما إلى ذلك، وبعد اصطفافهم يبدأ من حضر الدفن ومن رغب في أن يعزي آل الميت بالعزاء، إذ يأتي المعزون بانتظام بعضهم خلف بعض، ويضع المعزي يده على صدر الشخص المراد تعزيته قائلاً له: (عظَّم الله أجركم وأحسن عزاءكم)، فيرد عليه: (آجركم الله وجزاكم خيرًا).
 
وهكذا يقبل آل الميت العزاء عند البقيع، وبعد ذلك يذهبون إلى بيت المتوفى، وهناك يتقبلون العزاء فمن لم يستطع حضور العزاء في البقيع، ويُعمل للجميع فطور أو غداء أو عشاء حسب الوقت، وفي أول ليلة تعقب الوفاة يكون العزاء لجميع الناس، فتوضع الكراسي عند باب دار المتوفى في الشارع الذي يضيئونه غالبًا للمناسبة، ويجلس على تلك الكراسي آل الميت الذين يتقبلون العزاء في صف بانتظام، وكلما أتى معزٍّ وقفوا جميعًا فيضع المعزي يده اليمنى على صدر كل واحد منهم قائلاً له - كما سبق -: (عظم الله أجركم) فيرد عليه كل واحد منهم: (آجركم الله وجزاكم خيرًا). وكانوا سابقًا يأتون بمقرئ للقرآن، وتوضع المصاحف وأجزاء القرآن على منضدة في الوسط، وكلما أتى شخص قرأ ما تيسر ثم انصرف وهكذا. أما الآن فإنهم يكتفون بإحضار مسجل لتلاوة القرآن، ويستمر استقبال التعزية من المغرب إلى العشاء ثم تنتهي إلى الليلة القادمة، وهكذا تنتهي الأيام الثلاثة التي تنتهي بانتهائها مراسم العزاء، وكانوا في السابق يقيمون بعد سبعة أيام من الوفاة يومًا يسمى (السابع) كما أنهم يقيمون بعد الأربعين يومًا يسمى (الأربعين)، إلا أنهم - حاليًا - تركوا كل هذا واكتفوا بالأيام الثلاثة لاستقبال العزاء.
 
أما القبائل التي تسكن المدينة المنورة وما حولها فإنهم لا يقفون غالبًا عند البقيع بعد الدفن بل يذهبون إلى بيت المتوفى، وهناك يتقبلون التعازي ثلاثة أيام متتالية ليلاً ونهارًا، وفي البيت تجد آل الميت وجميع الذين يمتون إليه بصلة، وهم لا يصطفون، بل يجلسون في مجلس كبير ويقفون لمن يأتي فيسلم عليهم ويقِّبل كل واحد منهم على طرفي وجهه واضعًا يده في يده قائلاً: (عظم الله أجركم) فيرد كل فرد فيهم: (آجركم الله وجزاكم خيرًا). وغالبًا يُعمل عشاء ليلة الوفاة يدعى إليه جميع معارف آل الميت وجيرانهم وأصدقائهم  
 
شارك المقالة:
100 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook