للموقع الجغرافي الذي تحتله منطقة جازان أهمية كبيرة  ،  لكونه معبرًا للطريق التجاري الذي يبدأ مساره من حواضر الممالك العربية القديمة وهي: شبوة ومأرب وقرناو، وتمنع وصنعاء، ولكونه إحدى حلقات الوصل بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها من جهة، ولسهولة طريقه - مقارنة بالطريق الجبلي الذي يخترق مرتفعات عسير (سلسلة جبال السروات) - من جهة أخرى. وقد أورد الهمداني عددًا من الطرق أطلق على كل طريق منها اسم " محجة " نسبة إلى الحجاج وهم أكثر مرتادي هذه الطرق في الفترات المتأخرة، ثم نسب كل محجة إلى الجهة التي تنطلق منها، علمًا بأن هذه الطرق - في مجملها - كانت مسار قوافل التجارة القديمة المتجهة إلى شمال الجزيرة العربية خلال فترات ما قبل الإسلام.

 

ويخترق منطقة جازان طريقان، أحدهما يسير بمحاذاة السواحل الشرقية للبحر الأحمر  ، انطلاقًا من صنعاء، ويمر بعدد من المراحل والمحطات للقوافل، ومنها إلى الشرجة وهي أولى مراحل طريق القوافل التجارية القديمة التي تقع في منطقة جازان، ومن الشرجة إلى المفجر، فإلى القنيدرة، ثم عثر، ثم بيض ثم الدويمة، ثم حمضة ومن هذه المحطة تواصل القوافل السفر شمالاً مخترقة محطات تدخل ضمن التقسيمات الإدارية لمنطقة مكة المكرمة.

 

ونظرًا إلى ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، وإضافة إلى تزايد الرطوبة النسبية فقد سلكت القوافل القديمة طريقًا آخر أُطلق عليه في الفترات المتأخرة الطريق التهامي أو الجادة السلطانية، ويبعد عن البحر مسيرة يوم - حسب التعبير القديم - وهي قرابة 40كم، ولـه من المراحل والمحطات في منطقة جازان: تعشر، وجازان، والهجر، وبيش، ثم إلى ضنكان، ومن ضنكان يسير الطريق إلى المقعد، فحلي العليا، ثم يَبَة، ثم قنونا، ثم عشم، ثم دوقة فإلى السرين حيث يلتقي بالطريق الأول باتجاه ما يعرف اليوم بـ " يلملم " ميقات الحاج اليمني. ويظهر أن هذا الطريق لم يكن طريقًا رئيسًا للقوافل قديمًا وللحجاج فيما بعد نظرًا إلى اضمحلال معظم محطاته الرئيسة، ولعل أهمها: ضنكان، وعشم، علاوة على صعوبة تحديد بعض المواقع التي كانت من المعالم الرئيسة ومنها: الكدراء، والمهجم، ومور الواديين