الصناعة في منطقة جازان في المملكة العربية السعودية.
نشأت الحرف اليدوية قديمًا بالمنطقة - مثل غيرها من مناطق المملكة - لتلبية احتياجات السكان من المنتجات المهمة والضرورية التي تستخدم في حياة السكان اليومية أو في أنشطتهم الاقتصادية المختلفة، كما ارتبطت بعض منتجات الحرف اليدوية بعادات السكان وتقاليدهم في المنطقة.
وكان لموقع المنطقة وطبيعة سكانها وأنشطتهم الأثر الكبير في نشأة عدد من الحرف اليدوية وتطورها، حيث تميزت بخصوبة أراضيها وكثرة الأودية؛ ما ساعد على نشأة النشاط الزراعي بها وبالتالي صارت هناك ضرورة لصناعة أعداد وافرة من الأدوات والعُدد التي يحتاجها المزارع في زراعته أو في نقل محصولاته الزراعية ومناولتها، إضافة إلى موقع المنطقة المتميز تجاريًا حيث نشأت الأسواق المتعددة، ما ساعد على تسويق عدد كبير من السلع والمنتجات لعدد من الحرف اليدوية المختلفة.
وقد اشتهرت جازان بالصناعات الفخارية ومنها الجرة والبرقة وغيرهما، والصناعات الحجرية المتمثلة في المنقاش والمطحنة، والصناعات الخشبية والنباتية وتمثلها الزنابيل والحصر والأبواب وغيرها، والصناعات الجلدية والمنسوجات التقليدية، بالإضافة إلى بعض الصناعات الحديدية ومنها: المساحي، والفؤوس، والسكاكين، والسيوف، كما اشتهرت منطقة جازان بصناعة القوارب.
ب - أبرز التطورات:
ظهرت تبدلات كثيرة في حياة الناس بعد التطور الصناعي والاقتصادي، ومنها: فرص العمل التي قد تكون أكثر في الكسب وأسهل وأيسر في العلم؛ ما شجع كثيرًا من الحرفيين، خصوصًا الأبناء، على عدم الرغبة في الاستمرار في العمل بهذه الحرف، بالإضافة إلى عدم توافر الدعم والتشجيع اللازمين للاستمرار في العمل، وظهور البدائل لهذه المنتجات من حيث الجودة والاستخدام مثل: الأواني الكهربائية والبلاستيكية والمعدنية. ومع التطور الاقتصادي والاجتماعي أصبحت الحاجة ملحة لاستخدام وسائل أكثر كفاءة من الناحية الإنتاجية خصوصًا الزراعية منها، ما جعل الطلب على هذه الحرف يتناقص.
ونظرًا إلى التطور التنموي المتسارع في المملكة بوجه عام، والمنطقة بوجه خاص، بدأت هذه الصناعات التقليدية في الانحسار، حيث أدت زيادة الدخول والانفتاح على الأسواق الخارجية والداخلية إلى استيراد الكثير من المنتجات الصناعية الحديثة، ولهذا بقيت الصناعات الحرفية - في إطار ضيق - جزءًا من المحافظة على الموروثات الشعبية .
ثم إن نمط الصناعة في المنطقة وهيكلها قد شهد تغيرًا ملحوظًا، وذلك بفعل التطور السريع في هياكل المؤسسات الصناعية والشركات، وبرزت مجموعة كبيرة من المنتجات والأنشطة الصناعية على نحو ما سيتم توضيحه فيما يأتي.
ج - الوضع الحالي ودوره في اقتصاد المنطقة:
1 - المنطقة الصناعية بجازان:
افتتح أمير منطقة جازان أواخر عام 1425هـ / 2004م أكبر منطقة صناعية على البحر الأحمر في المنطقة الجنوبية، والتي تم تنفيذها جنوب مدينة جيزان لتكون مقرًا للورش كلها ومنطقة للمستودعات والصناعات الحرفية وأعمال النجارة والحدادة والخدمات المساندة ومعارض للسيارات
إن نقل الورش والمستودعات إلى المنطقة الصناعية، جنوب جازان قبالة البحر الأحمر، هو إحدى النقلات الحضارية لمدينة جيزان التي ستشهد تطورًا مذهلاً، إذ إن هذه المنطقة ذات خصوصية وتفرد، فهي تتكون من 160 موقعًا مخصصًا للأنشطة الصناعية في مدينة جيزان.
2 - مدينة جازان الاقتصادية:
تقع مدينة جازان الاقتصادية على بعد 50كم شمال مدينة جازان بمساحة نحو 100 مليون متر مربع بطول 12كم، بمحاذاة الشريط الساحلي وعمق 8كم، ومن المتوقع أن تستقطب مدينة جازان الاقتصادية ما يزيد على 100 مليار ريال من الاستثمارات الصناعية والتجارية والسكنية عند اكتمال إنشاء البنية التحتية في المدينة التي تشتمل على مطار دولي وميناء بحري.
وقد جاء إنشاء مدينة جازان الاقتصادية تنفيذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عام 1427هـ / 2006م بإنشائها وتخصيص 375 مليون ريال أسهمًا مجانية من الشركة لأهالي المنطقة من ذوي الدخل المحدود.
وتركز مدينة جازان الاقتصادية على الصناعات الثقيلة ذات الاستخدام الكثيف للطاقة، التي تعد الميزة النسبية الأولى للمملكة، مستفيدة من موقعها الإستراتيجي قرب أهم خطوط الملاحة الدولية على البحر الأحمر وقرب المحيط الهندي، وتهيئ الفرصة لتلك الصناعات للحضور في قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، كما توفر المدينة - بتكامل مرافقها - جميع الاحتياجات اللازمة لإقامة الصناعات الثانوية المختلفة وبخاصة في مجال الصناعات المساندة الزراعية والسمكية، توافقًا مع الميزات النسبية لمنطقة جازان.
وتهدف مدينة جازان الاقتصادية إلى استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية عن طريق تحسين بيئة الاستثمار وإزالة أي عوائق تواجه المستثمر وتوفير البيئة الملائمة لأداء الأعمال، ولتحقيق ذلك أنشئ بها مركز للخدمة الشاملة.
ومن أوائل المشروعات بالمدينة قيام شركة (وسترن وي) للتنمية الصناعية المحدودة باستثمار 15 مليار ريال لتطوير مجمع متكامل للألومنيوم وتوقيعها اتفاقيات تشغيل المجمع مع عدد من الشركات الصينية
3 - فرص الاستثمار الصناعي بالمنطقة:
نظرًا إلى انخفاض الإسهام النسبي لقطاع الصناعة في منطقة جازان مقارنة بإجمالي الصناعة في المملكة في عام 1424هـ / 2003م، ونظرًا إلى توافر المقومات اللازمة للتطوير، فقد قامت الدار السعودية للخدمات الاستشارية بإعداد دراسة موسعة عن مناخ الاستثمار الصناعي وفرصه في منطقة جازان ، كما قامت وزارة التجارة والصناعة ومجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية والغرفة التجارية الصناعية بجازان وشركة جازان للتنمية الزراعية ومنظمة الخليج للاستشارات الصناعية بإعداد دراسات للفرص الاستثمارية التي يمكن تقديمها أمام رجال الأعمال والمستثمرين في منطقة جازان، وتشمل هذه الفرص صناعات متعددة مثل: السماد الحيوي والطوب الأحمر لمصانع الأسمنت، ومسبوكات لصناعة الأسمنت، وزبدة الفول السوداني، وأكياس مرشحات التقنية لصناعة الأسمنت، والكرتون المموج، والأكياس البلاستيكية، وتدوير خردة السيارات، وصناديق البوليسترين، والمبيدات الحيوية، وسوف تسهم هذه الصناعات في ازدهار المنطقة وتطويرها وإيجاد فرص وظيفية لأبنائها.
وتسعى وزارة التجارة والصناعة من خلال هذه الدراسات إلى تعظيم دور القطاع الصناعي في التنمية الاقتصادية الوطنية، وتفعيل دور التكامل الصناعي على أساس أنه وسيلة فعالة لتنظيم الإنتاج الصناعي وتحسين استخدام طاقات المؤسسات الصناعية، وزيادة الإنتاج والتشغيل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ورفع قدرتها الإنتاجية من خلال مشاركة أكبر عدد من وحدات الإنتاج المتخصصة، كما أن التكامل الصناعي يسهم في الحد من الواردات وذلك بتصنيع قطع الغيار والمكونات المختلفة وبعض المعدات التي تتطلب وقتًا طويلاً وأموالاً طائلة لاستيرادها.