الصناعة بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الصناعة بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الصناعة بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
إلى جانب ما تميزت به المنطقة الشرقية من المملكة قديمًا فقد كانت فيها بعض الصناعات المزدهرة، وحتى عهد قريب توجد فيها أنوال النسيج التي تنتج الأقمشة الصوفية والعباءات والبسط والسجاد وأنوال الحصر والمداد وصناعة الأدوات النحاسية والفخار والجص وغيرها من الصناعات التي توفر لها الاكتفاء الذاتي، والشواهد التاريخية تدل على أنها كانت تتمتع برخاء اقتصادي ممتاز، وقد عرفت فيها أسواق تجارية يرتادها الناس من مختلف الأصقاع كسوق دارين وسوق الزارة، بعضها موسمي يتم انعقاده مرة في العام، وبعضها أسبوعي، ويرتادها الناس من جميع أنحاء المملكة وبلدان الخليج. وقد عرفت البلاد أنواعًا من الصناعات واشتهرت بها في الأيام الغابرة  ،  كالرماح الخطية، نسبة إلى مدينة الخط (القطيف) التي اشتهرت بإنتاج الرماح الموصوفة بجودتها، كما اشتهرت أيضًا بالدروع الحطمية، نسبة إلى الحطم بن محارب من قبيلة بني عبدالقيس، وكذلك اشتهرت بالثياب الظهرانية، حيث كانت تصدر إلى الأسواق، ويقبل الناس على شرائها لجودتها، واشتهرت القطيف أيضًا بصنع الثياب (المرزوي)؛ وهو الثوب الرقيق، و (اللاس)؛ وهو الثوب الناعم الموشى بالخيوط الحريرية. والصناعة هي من مظاهر الحياة الحضرية، فلا يخلو منها أي قطر متحضر، وتؤمن للبلاد الاكتفاء الذاتي، والصناعات التقليدية منها في المنطقة كانت حية إلى عهد متأخر؛ أي قبل أن تنتشر صناعة البترول، ومن تلك الصناعات التقليدية صناعة النسيج والمداد والخزف والخوص والسلال والأقفاص والجص، والتسجين؛ وهي صناعة عمل الجذوع وقطع الجسور التي تستخدم لتسقيف المنازل، والنجارة والحدادة والنحاس وصياغة الذهب، إذ لم يبق منها سوى القليل كالنجارة والحدادة اللتين سايرتا التطور ودخلت في أعمالهما أساليب التقنية الحديثة.
 
أما الأحساء فقد اشتهرت ببعض الصناعات اليدوية التقليدية التي انتشرت فيها، وكانت تغطي احتياجاتها والمناطق المجاورة بما في ذلك نجد وقطر، وقد لعب ميناء العقير قديمًا دورًا مهمًا في استيراد الأحساء للمواد الأولية الضرورية بوصفها مدخلات للصناعات التقليدية التي تميزت بها، ومنها فتل الحبال والخوص والحدادة والصفارة (صناعة الصفر والنحاس)، والفخار وصناعة المداد والخرازة وصناعة المشالح، حيث اشتهرت الأحساء ببروز مجموعة من الأسر تمتهن صناعة الأقمشة من خيوط الغزل المحلي المجلوب من صوف الغنم أو وبر الإبل، وقد تنامت هذه الصناعة مع مرور الوقت حتى أصبحت تجارة ضخمة بحجم 100 مليون ريال سنويًا، وهي تعتمد على مهارات يدوية عالية في حياكة النقوش المذهبة في المشالح التي تسمى (مكسرًا)، إذ تستورد الأقمشة والخيوط المذهبة لتصنيع أجمل المشالح وأرقاها في المملكة والخليج، وهناك توجه متزايد من بعض المستثمرين لتطوير هذه الصناعة بتوفير صناعات مساندة وأساسية لها، فحاليًا يوجد مصنع لنسيج أقمشة هذه المشالح ينتج عددًا من أنواعها الفاخرة.
 
وقد سعت المملكة من خلال خطط التنمية الخمسية إلى جعل تنويع مصادر الدخل هدفًا إستراتيجيًا، وتعد التنمية الصناعية من أهم الأدوات لتحقيق هذا الهدف، وقد وظَّفَت الدولة موارد مالية ضخمة وتبنت سياسات اقتصادية شكَّلت أسسًا للتنمية الصناعية، منها إقامة بنية أساسية متينة للقطاع الصناعي من خلال بناء عدد من المدن الصناعية المزودة بجميع المرافق والخدمات في مختلف مناطق المملكة، كما تم إنشاء المدينتين الصناعيتين في الجبيل وينبع لاستيعاب الصناعات الأساسية والبتروكيماوية، بالإضافة إلى قيام الدولة بتوفير وإقامة شبكة نقل أساسية، ومنها أيضًا توفير فرص استثمارية كبيرة تعتمد على استغلال الغاز، كما تم إنشاء شركة (سابك) التي بدورها استقطبت شركات بتروكيميائية عالمية، وأتاحت نوافذ تمويل متعددة من خلال صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الصناعي السعودي، ووضعت نظامًا للاستثمار الأجنبي مع تبني سياسات صناعية ملائمة تشمل عددًا من الحوافز وعدم التوسع في السياسات الحمائية.
 
لقد تطلبت هذه الأسس توظيف جزء رئيس من الإيرادات النفطية وتبني أنظمة وسياسات صناعية ملائمة ساعدت على انطلاق التنمية الصناعية لتحقق الإنجازات المرسومة لها، ونجحت هذه الحزمة من السياسات في تمرير التنمية الصناعية لمرحلة إحلال الواردات والانطلاق بسرعة جيدة إلى مرحلة التصدير، ويمكن وصف واقع القطاع الصناعي في المملكة حاليًا بأنه قطاع حديث حصته متواضعة في إجمالي الناتج المحلي إذ لا تمثل سوى 10%، إلاَّ أنه استفاد من المشروعات المشتركة التي تمثل نحو 57% من حجم استثماراته في استقطاب تقنيات حديثة ومهارات إدارية وتسويقية ونفاذ للأسواق العالمية، ولكن على الرغم من نجاح التنمية الصناعية في تحقيق معدلات نمو عالية إلاَّ أن تنويع القطاع الصناعي ظل محدودًا، ويلاحظ من (شكل 1) تركز التنمية الصناعية في قطاع الصناعات الكيميائية والبلاستيكية من خلال مقارنة لتمثيل الصناعات القطاعية بين عامي 1402 و 1423هـ /1982 و 2002م.
 
 
شارك المقالة:
39 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook