الشعراء المجددون في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الشعراء المجددون في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الشعراء المجددون في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 
وإذا جاء الحديث عن الشعراء الشباب؛ فنجدهم قد اغتنموا الفرصة التي أتيحت لهم بالاطلاع على التيارات الأدبية الحديثة في العالم العربي، وتمكنوا من التواصل مع نظرائهم من أدباء المملكة الشباب، وجعلوا من بعضهم مثلاً يحتذى في الشعر، فسلكوا طريقهم في الأخذ بأساليب التجديد في كتابة الشعر، وتعلقوا بمناهج الحداثة، واصطبغ بها إنتاجهم الشعري، وأغرقوا في الرمز والغموض  ،  فمن الذين ساروا في طريق التجديد في الشعر، واتبعوا التيارات الأدبية الحديثة: الشاعر غرامة بن خلوفة العمري، وهو من الأدباء النشيطين والمتحمسين للحركة الأدبية في منطقة تبوك. وإلى جانب الشعر فقد جرّب غرامة العمري بعض المحاولات في كتابة القصة القصيرة.
 
وأصدر الشاعر على مدى عقد من الزمن ثلاثة دواوين شعرية هي: (زمن من حجر)، و (ثلاثون جرحًا)، و (تفاصيل ماحدث). وقصائده من الشعر الغنائي الذاتي الذي يتمحور حول ذات الشاعر أو همومه الوطنية، وليس بينها قصيدة ترتبط بالمناسبات  
 
وتجاذبت الشاعر في تلك الدواوين رغبتان: الأولى كتابة قصيدة حديثة تنتمي إلى التجديد، فتجده مثل كثير من الشعراء المجددين - يتعلق بالزمان ورموزه، وينعى واقعه ويغترب عنه، ويستعمل بعض الأدوات الفنية المشيرة إلى التجديد، ويحاول قطع الدلالة، وتغييب الموضوع.
 
والرغبة الثانية حرصه على إيصال رسالة محددة إلى القارئ، تعبر عن همّه وتجربته الحياتية ومعاناته  
 
وهذا نموذج من شعره:
 
أمواج تائهة  
 
لا شيء لي
سوى سكون الليل والحروف
ودمعي المديد
وزهرة تنبت في جبيني
بلا فصول
وليس لي
سوى خُطاي المتعبة
تسأل كل عابر
طالت بنا المسافة...؟
وبحرنا في موجه غريق
يعبر من بوابة المساء
ويحتضر في أول الطريق
هذا أنا...
تحت قشور الليل
أرسم السنين
أحزانها... دموعها
والعالم اليابس
في هامته... ثلج من الشرار
يستحيل غيمةً في أول الفصول
فمن أنا...؟
وليس لي...
عينان أو أذنان
وليس لي
قلبٌ ولا شطآن
وليس لي... وليس لي
مدامعي عجنتُها بالطين
فنبت الملح على أهدابها
وانتحرت أميرة الفصول
 
ويبرز الشاعر الدكتور نايف بن دخيل الله الجهني من بين شعراء التجديد في المنطقة، فهو متعدد المواهب، يكتب الشعر، والقصة، والشعر الشعبي، والكتابة الصحفية، وله نشاط ملموس على الساحة الأدبية والثقافية في المنطقة، وعلى مستوى المملكة العربية السعودية. وهو يكتب الشعر الحديث الذي يغلب عليه الرمز والغموض، وتدور رموزه - في الغالب - حول الحياة في القرية التي نشأ فيها، وصحراء شمال المملكة، والمجهول، والرحيل.
 
وعن رأيه في كتابة الشعر يقول: "إن أهم ما أحاول إنجازه في قصيدة أن أرقى بالصورة الشعرية والفكر الإبداعي، وأن أضع تجربتي في سياق تجربة الشعر الحديث، وأن تكون قصائدي بعيدة كل البعد عن التعبيرات المألوفة. وتظل كتابة الشعر بالنسبة لي محاولة لاستكشاف آفاق العالم، واستشراف مستقبله، بلغة الشعر الحقيقية وأساليبه التي تثير في الذات نوعًا من الرغبة في الاستكشاف" 
 
وقد أصدر ديوانين بالفصحى: الديوان الأول بعنوان: (سريعًا كمن لا يمر)، والديوان الثاني بعنوان: (نوافذ القيصوم).
 
وإلى جانب الشعر الفصيح فقد أصدر ديوانين بالعامية، وهو يقرض الشعر الشعبي (النبطي)، وهو مبدع فيه، ويحيي الأمسيات لعشاق الشعر الشعبي، ويجد الإقبال والحضور، وتنشغل بشعره المنتديات الشعبية  
 
وهذا نموذج من شعره:
 
غزل متأخِّر  
 
(1)
 
الذي يستطيع رؤية الأنوثة
ويلمسها بروحه
يرسمُ حدودها المتغيرة
بإمكانه أن يخوض كل الحروب بإتقان..
 
(2)
 
أريدكِ امرأةً بلا وصايا
أغنيةً بلا إيقاعٍ رتيب
غيمةً لا يعرف البدو من أين جاءت؟؟
 
(3)
 
بإمكانها أن تشرب كلَّ أنفاسي
ولكنني لم أتنفس بعد...
 
(4)
 
بإمكانها أن تأخذ من الروح شجرها الوحيد
ولكنها ستنبت في فضائي
من جديد
 
(5)
 
هل لي أن أدحرج لحظتي على صمتِكِ؟
أن أطلق عصافيرَ البوحِ
في فضاءِ هذا السكونِ المرتعدْ
هل لصورتي أن (تنولد)؟
 
(6)
 
اتركي خصلةً من شعْركِ على
غيمتي..
وانهضي في هذه الصحراء
قاومي نعاس الأودية...بالخُطا القوية
والمتاهاتِ التي لا يهدأ البحر
في فورانها...
 
(7)
 
ألتقط من حزنكِ الدهشة
وأرسمها على النهر من جديد
أعيدك إلى نفسكِ
مؤثثة بالوهج والابتهاج
ومسكونةً بالنشيد
 
والشاعر التجديدي منصور بن عوض الجهني - مثل رفيقه نايف الجهني - مارس كتابة الشعر بعد أن اطّلع على إنتاج شعراء العرب المجددين، مثل: محمد الماغوط، وصلاح عبدالصبور  .  وقد نشر قصائده في الصحف والمجلات العربية، مثل: مجلة (اللوتس) الصادرة عن اتحاد كُتَّاب آسيا وإفريقية، ومجلة (كلمات)، ومجلة (النص الجديد). وأُرخت قصائد ديوانه (قبل أنْ) في الفترة من 1409 - 1413هـ / 1989 - 1992م.
 
وهو يكتب زاوية أسبوعية في (الملحق الثقافي) بجريدة الجزيرة  ،  يتناول فيها بعض أوضاع النقد على الساحة المحلية، والحركة الأدبية بالمملكة.
 
وكتب عنه الناقد الأدبي سعيد بن مصلح السريحي فقال: "... ومنصور في حالة اشتباك مع اللغة، يثور بها، وفيها، وعليها، ومن أجلها تذبل وردة الصمت بين يديه، فيقرر أن يكتب، ويكتشف لحظتها أن الكتابة محو إذا ما استسلمت لليل القصيدة والسُّرى خلف نجوم القوافي.
 
الكتابة إذا كانت كذلك، إخراجًا للتجربة من صمت وولوجًا بها في صمت أشد ضجيجًا، ولكنه مع ذلك يكتب تاركًا تجربته هذه - على قصر عمرها الزمني - تكشف عن طفرات في الوعي بطبيعة التجربة الشعرية، فيتبدى فيها قلق المراوحة بين شعر التفعيلة وقصيدة النثر، كما يتجلى فيها قلق التحول من قصيدة الموضوع إلى قصيدة الحالة. ولعل بعض التواريخ الملحقة ببعض قصائد هذا الديوان تكشف عن أن شاعرها قد اختصر عمرًا طويلاً لينتهي إلى القصيدة التي تلج إلى عصر التجربة الإنسانية في تفردها وخصوصيتها، ورفضها للتكرار والقبول بالأطر والقوالب الجاهزة.
 
وربما كان لشعر منصور في هذه المرحلة بالذات - المرحلة الممتدة من 1409 - 1413هـ / 1989 - 1992م معنىً خاص، هو التأكيد على أن هذا الوعي الشعري الذي يتبلور في القصيدة المعاصرة لدى الشباب وعي غير قابل للمحو والانكسار.. "  
 
وكتب عن هذا الديوان كلٌّ من الناقد محيي الدين محسب  ،  والناقد أمجد ريان  
 
وهذا نموذج من قصائد عوض الجهني:
 
الغياب  
 
منذ كم
ترسم نافذة..
وتمحوها
ليلاً
وتخل في بهجة
الظل؟
منذ كم
تقيم أعراس الماء
هنا،
وتشتعل
وتُدخل في إيقاع
الطين
صخب الأسماء
وضجيج الفخار
المبتل؟
تمزج رمل
أصابعك...
بوجه امرأة..
وتنسى ملامحها
كلما قاربت
أن تكتمل
 
ومن شعراء التجديد نذكر الشاعر صالح بن سعد العمري الذي اتخذ لنفسه اسم (القانص)، وقد تعلق بالأدب منذ الصغر، فقرأ نصوص الشعر العربي القديم في عصوره الجاهلية والإسلامية. وبدأ يكتب الشعر خلال دراسته في المرحلة الثانوية، ونظم شعره في شكل القصيدة العمودية، ودفعته المشاركة في المناسبات الرسمية إلى الانطلاق في كتابة الشعر، وحفزت موهبته.
 
ويقول صالح العمري عن أشكال كتابة الشعر: "أجد الأقرب إلى نفسي كتابة القصيدة العمودية، وإن كنت أجد متعة في قصيدة التفعيلة؛ لما تمنحه من مساحة للتعبير والانطلاقة بحرية. ولا أحبذ قصيدة النثر؛ لاعتقادي بأنها تفتقر إلى الجمال. كما أن الرمزية المبهمة في الشعر ليست قريبة إلى نفسي، وإن كنت أفضل الرمزية المفيدة التي تدخل القصيدة بالقدر الذي يخدمها، ويبرز جماليتها، ويزيد من قوتها، ويساعد على ظهورها بصورة إبداعية"  . 
 
نشر قصائده في الصحف والمجلات، إضافة إلى ذلك فهو يكتب الشعر العامي.
 
وهذا نموذج من شعره العمودي:
 
سارقة الفجر  
 
لمــاذا  تــزرعين الليــلَ يأسًـا     مريعًــا  باغتيــال  الفجـر منّـي
ملاكــي يـا شـروقًا فـي ظلالـي     تعــالي,  رحــمتي ونقـاءَ ظنّـي
لِــوردكِ كُــلُّ أنغــام السـواقي     وهفهفــة  النســائمِ فــي تـأنِّي
لئــن بعُــدَ الــربيعُ فـإنَّ فينـا     أعـــاصير  يُحرِّكُهــا التمنِّــي
فَتَكتســـحُ  المســافات اقترابًــا     وتطمسُ  يــأس أوحــالِ التجـنِّي
أتيتُــكِ  والجـراحُ علـى ضِفـافي     نــزيفٌ  كــانَ يحــلمُ بـالتغنِّي
ســهرتُكِ  فـي مغـارة كـلِّ ليـلٍ     لعــلَّ  نجومَهــا تُنبيــكِ عنِّـي
عصـــافيرٌ ينازعُهـــا حــنينٌ     إلــى  أوكارِهــا لهفًــا تغنِّــي
تُغــرِّد  فــوقَ أغصـانٍ حَيَـارى     وتغتــالُ المســافةَ كــي تحِـنِّي
فينســكبُ  الحــنينُ علـى شـفاهٍ     يلوِّنُهــا  الغــرورُ بلفـظِ (إنّـي)
سأرســمُها  غروبًـا فـي شـروقي     ســأرحلُ,  يــا فتـاتي لا تُجَـنِّي
أتُبْحِــرُني الـزوارقُ فـي هـدوءٍ؟     أم  الأنهـــارُ يُطربهــا التثنِّــي
وهذا نموذج من شعر التفعيلة:
انتحار الماء  
 
ماءٌ
ثلاثة أحرفٍ
شفافةٍ
ما أرهقتْ حبر الدواهْ
الميمُ منقبضٌ خجولْ
يرنو إلى ألفٍ صقيلْ
والهمزُ
كالطفلِ الجميلْ
ماءٌ بلا طعمٍ
ولا لونٍ
يُثارُ على الشفاهْ
لكنَّهُ
نبض الوجود
من دونه
شرخ الصمود
الأرض واقفةٌ
على تلك الحروف
لو ضعضعت
سيخرُّ ما في الأرض
من ظل الزهور
ولسوف
تختنق الطيور
فلا غناء ولا سرور
ولسوف يبلعنا الهجير
وسؤال أحداق الهلع
أين الرواء؟
أين الفرار من المصير؟
الناس جهلاً أسرفوا
لم يعرفوا
قدر الحياهْ
لم يعرفوا
سرّ الحياهْ
لم يستفيقوا بعدُ
من إسرافهم
في علمهم أو جهلهمْ
 
ونعرج على ذكر الشاعر والقاص علي بن محمد آدم الهوساوي الذي يكتب الشعر متأثرًا فيه بشعر أبي القاسم الشابي  ،  وهو يكتبه برؤية تجمع بين استلهام التراث العربي، والتطلع نحو المستقبل، ومن خلال الشعر يحس بالكون وبالوجود من حوله - كما يقول - فيستجيب لمؤثرات الشعر عندما ينفجر فيه هذا الوعي بالأشياء  .  وينظم معظم شعره في الشكل الحر، وبعضه في شكل القصيدة العمودية.
 
وموضوعات شعره تدور حول الدين، والوجدان، وحب الوطن، والإخوانيات، والرثاء.
 
وبالإضافة إلى ذلك فهو كاتب للقصة القصيرة، وصدرت له مجموعة قصصية بعنوان (لغة الآخر) طُبعت في دمشق عام 1420هـ / 1999م.
 
وهذا نموذج من شعره العمودي:
 
لحن الهوى  
 
ماذا  جـنيتَ مـن الهـوى وفصوله؟     ومتـى  ســمعتَ بجنّـة العشـاقِ؟
ومتــى رأيــتَ متيّمًــا متهاديًـا     تبــدو  عليــه نضـارة الأشـواقِ
أشــواقنا مثــل الحـريق تمـاثلاً     فكلاهمــا  للمــوت حــبل تلاقِ
الحـــبُّ أول أمـــره ترنيمــةٌ     للســحر فـي الأسـماع والأحـداقِ
تسـمو  علـى مُتَـعِ الحيـاةِ فينتشي     قلــب المحــبِّ بلحنهـا الخـلاّقِ
وتَــدور  قافلــة  السـعادة حولـه     تدعـوه نحــوَ نعيمهــا الرقـراقِ
يهـوى الحـديث عـن الهوى ويسرُّه     وحــي الخيــالِ بلونــهِ الأفـاقِ
لا يســتبيح مـن الحـبيب وقربـه     غـير السـرور وسـرعة الإطـراقِ
فـي  وهمـه العـذب اللذيـذ تظنّـه     ملكًــا يســير بــرونق الحـذاقِ
فيــه السـماحة والـبراءة والنُهـى     وافـي الفضــائل كـامل الأخـلاقِ
حــتّى  إذا مــلَّ الزمـان روايـةً     كــتبتْ  بـأجمل صـورةٍ وسـياقِ
كــانت بطولــة مهجـتين تلاقتـا     فـي الحـب رغـم فسـاحة الآفـاقِ
ومضـى  ليعبـث  بـالقلوب ونبضها     ويســوم  بهجتهــا عنـاء فـراقِ
خَجِــلٌ يــرقِّق صوتـه وحديثـه     كالشــهد  يقطــر روعـة بنفـاقِ
غـرس  القطيعـة والجفـاء مكرّسًـا     وهــج  الســعادة حرقـة بشـقاقِ
وهذا نموذج من شعره الحر:
شيخوخة البحر  
 
(1)
 
لمن ترسم الصمت؟
إن المدينة شاختْ
وما يعتريها البكاء
على الصمت حين يمر
مرور الحقيقة
 
(2)
 
حلمٌ
يراود آفاق
شيخوخة البحر حتى الثمالة
سأسعى إلى ردمها
حين يعتنق الوقت أوراقه
راحلاً من جبين احتكاري
 
ومن شعراء تبوك المجددين علي بن عمر باراجي؛ وهو من الشعراء الذين سكنوا منطقة تبوك، فأحبّها، وسكنت أهدابه، وتغنى بها في شعره  ،  وشارك في بعض الأمسيات الشعرية التي يقيمها النادي الأدبي بتبوك  ،  وكتب بعض الخواطر الأدبية والمقالات في الصحف اليومية  . 
 
وفي مقدمة ديوانه (وتسكن أهدابي تبوك) - وهو التجربة الأولى للشاعر - يقول:
 
"تبوك...
 
ويصير للعشق فيك متسع كقبلة...
يصير للهوى فيك بوح العشب
عند انثيال المطر
تصيرين نقية كالشمس
تدخلين النفس من أبجديات الفصول...
وإذا ما تنامى اشتعال الوجد
تنفردين بالقلب..
وتسكنين أهدابي (تبوك) "  . 
 
ويقول:
 
"آخر العشق:
أحبك على قدر..
مدّ البصر
نحو القمر..
أحبكِ بامتداداتِ أبعاد البحر..
أحبكِ أكثر من الوردة سبع مرات ومن الشجر..
أحبك يا تبوك في كل الصور..
ليتني أمتلك مفتاح الحظ
وتأتي معي..
لو لحظة، فوق القمر".  
 
ولما أصدر الشاعر ديوانه الثاني (بعض الزمان أنت وكل الأمكنة) وصفه بأنه "نقوش على ضفاف الحب والحرب والوطن، ومسافات في الأسماء والمدن".
 
وفي هذا الديوان جاءت قصائد الشاعر نثرية تأخذ من الشعر شعريته، بعد أن تخلى تمامًا عن الوزن المقيِّد لبوح الصدر، وعن القافية الحادة لانطلاقة المشاعر  
 
وهذا نموذج من ديوانه (وتسكن أهدابي تبوك):
 
تعال.. نقبل الشمس  
في مهجتي الصغيرة
انسبتِ سرًّا في ثواني ؟  
انتفاضة عمر وأماني ؟  
من خوف وحيرة،
تهادت شموخًا وذكرى جميلة
أحسستُ فيها عنفوان قبيلة
عطرًا وشعرًا وخيولا
وعمرًا بي لو يطولا
فداها يا أميرة
طُفتُ في حسٍّ وحواسٍّ وشعور
عند ذاك الكوكب
صارت الأحلام لي جسور؟
تنتهي في عينيك وتبتدئ
وشَعرٌ من نسيج الليل
بنيتُ على شلاله مرقدي
قبّلتُ عيني إذ مررتِ بها
وعذرتُ حتى ارتعاشات يدي
يا بدويةً غرس الحزنُ فيها
موجات الجمالْ
في الخبايا.. التياعٌ وشوقٌ
وألفُ خيال
يعبث بي.. فصرتِ   في الخيال كمال
 
وأما الشاعر عبدالرحمن بن محمد العمري فقد تعلق بالشعر في وقت مبكر من عمره، وهو يجيد الشعر باللغة الفصيحة والعامية  .  ومارس الكتابة الصحفية في بعض الجرائد المحلية. ويقول عن الشعر:" لا زلت أتعامل مع القصيدة بحذر شديد، وحين تقودني اللحظة الشعرية لكتابتها أشعر بالرهبة.. لأنني لا أريد أن أكتب شعرًا باردًا لا يزلزل الأشياء التي تحيط بي.. أحاول دائمًا إيجاد علاقة بين الشعر والكون من خلال تصوير آفاقه ورسم أبعاده. ولعلي أجد نفسي دائمًا في القصائد العمودية التي تتجاوز البناء الشعري العادي، وتعبّر في الوقت نفسه عن أصالتها"  
 
وهذا نموذج من شعره:  
 
قسمًا بمن خلق التأمل بين عينيك
كما أنت خُلقتِ
لست أدري من أكون
إذا علمت كُنه (أنتِ)
حينما أوصدتِ مضاجعي
وعرفتُ منك ما جهلتِ
وحينما صورتِ في عيني
هذا القتل
ما كنتُ.. لأسأل أين كنتِ
كل ما في الموت تلوينٌ من الآهات
أعرفها
وتعرفني
وأما أنتِ موتي
 
وهذا مقطع من قصيدة عمودية له بعنوان (روعة الصمت):  
 
أي  ســؤلٍ يمـوت مـلء عيـوني     يصطفينــي  بلفحـةٍ مـن شـجونِ
أي ســـؤلٍ تذيبـــه راحتــاي     ويزيــد العــذاب فــي تكـويني
روعـة الصمـت أن أفيـق جريحًـا     كخيـــالٍ مكبـــلٍ بـــالجنونِ
كجــوابي  إذا  تمطيــت وجهًــا     كوقـــوفي  بلحظـــة التــأبينِ
كـل نجــمٍ يحــب أن يتهــادى     وهــداني  بنــوره فـي سـكوني
غــير نجــمٍ إذا تبــدّى لعينـي     جــعل  المــوت أنجمًـا تهـديني
لا  تُــذيقي تمـائم اليـأس شـجوي     إن لليـــأس رعشــةً تجــتبيني
لا تلــومي فــإن للَّــوم موتًــا     عبقريًــا  وصرخــةً تحــتويني
لا  تصــدِّي عـن الـملام ولُـومي     كـيف  شـئتِ فـأنتِ لـن تبلغينـي
كـم  سـقتني الحيـاة مـن راحتيهـا     صيحــة الليـل واسـتبدّت حـنيني
وســقتني مـن الـردى مـا تبـدَّى     وســقاني الشــقاء مــا يكـفيني
وأرانـــي  إذا رأيتــكِ حــولي     مذنبًــا نــام فـي ثيـاب الأميـنِ
لا تلــومي إذا تلفَّـــتُّ حــولي     وعــروقي تــدافع الفقـر دونـي
لا  تلـــومي إذا تــألمت دمعًــا     إن للـــدمع روعــةً كــالمزونِ
ونعرج على ذكر أحد الشعراء الحداثيين وهو الشاعر مهدي بن سعيد القرني الذي انصرف أكثر إلى الشعر العامي، فقد تعرف إليه الجمهور من خلال قصائده الشعبية، وتنشغل منتديات العامية بشعره  . 
وشعره بالفصحى قليل. ويقول عن التجربة الشعرية إنه يسعى من خلالها إلى الوصول إلى حالة شعرية تمكنه من ملامسة الهمّ الإنساني والقضايا الاجتماعية والثقافية.
 
وهذا نموذج من شعره الفصيح:
 
ليلة أخرى  
 
ليلة أخرى وزادَ البحرُ تشويقًا
وزرقةْ
جادَ ليلُ الحلمِ إذ جاء ببدرينِ
وشاعرْ
وأتى بالموجِ من جزر التمنّي
يشعل المدّ يغني
أوقد الرمل وأحيى العطر في أجسادنا
حتى نسينا
أننا يومًا بكينا
أننا يومًا سألنا الغيبَ أن يأتي
ليمحو كل ما في الكونِ
حاضرْ
قمرٌ أعلى.. يشيعُ النورَ للشط / المسافة
قمرٌ أدنى.. يمد النبضَ للحلم / الخرافة
زرقةٌ لا تنتهي، من قال إن الماءَ
لا لون لهُ
وأن الملحَ أبيضْ
كنتُ بين الحلمِ أحلمْ
أن هذا الشطَّ من حولي جزيرة
أن هذي الأرض ليست مستديرة
سيجيء الفجرُ محمولاً على نعشِ
النهاية
يجعلُ الموتَ البداية
كيف أدنيهِ إلى سعادةِ الحلمِ
الوثيرةْ
وأنا من صاغها قطنًا
وديباجًا
وقد كانت حصيرة
 
ومن الشعراء الشباب أيضًا نذكر الشاعر حسن عبده الشبيلي الذي يشارك في بعض الندوات الأدبية في النادي الأدبي بتبوك  ،  وله قصائد منشورة في بعض المجلات والدوريات  . 
 
ومنها هذه القصيدة:
 
الليل والأقنعة
 
(1)
 
ليل..
طفل تائه
يغفو على سفح المدينة
كالتماسيح الحزينة
يُدخل الآهة في النار
التي تقبع في الثلج
ويمتص السكينة
 
(2)
 
كان هذا الليل..
عصفورًا من الوهم
ما تبقى من أساطير دفينة
كان هذا الليل
عصفورًا يغني..
عن رحيل البدو
عن (ربيع) وبروج لن تجيء
 
(3)
 
إنها الأيام
ينبوع من الريش
من القطران
ريحًا صرصرًا
قبسًا.. مرايا
وخيولاً مسها الضرّ
وأخرى.. من ذهب
 
وأخيرًا يجب أن نشير إلى أنه توجد ثلة من الأقلام الواعدة التي تتلمس طريقها في كتابة الشعر وقصيدة النثر، والخاطرة والسوانح الأدبية، ومنهم: أيمن عرفة  ،  وسعود حامد مرزوق الصاعدي  ...  وغيرهما.
 
شارك المقالة:
50 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook