السياحة البرية (الطبيعية) بالرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
السياحة البرية (الطبيعية) بالرياض في المملكة العربية السعودية

السياحة البرية (الطبيعية) بالرياض في المملكة العربية السعودية.

 
تتكون معظم مساحة المنطقة من البراري الطبيعية التي تتخللها مظاهر جغرافية متعددة؛ لذلك فإن من أهم ما يمارسه الناس فيها من سفر وترحال بغرض المتعة إنما يعتمد على مصادر طبيعية مع تفاوت بينهم فيما يركزون عليه خلال وجودهم فيها، ولعل أبرز سمات تجربتهم هو استكشاف المجهول ومتعة الوجود في أمكنة خالية من الناس ورؤية المشاهد الطبيعية المختلفة، ومن الأنشطة الشائعة لهم النـزهة البرية التي يستمتعون فيها بالصحبة والبقاء في مكان مفتوح يختارونه بأنفسهم، وقد يمارس أفراد المجموعة بعض الأنشطة مثل التصوير وجمع العينات والنباتات المستساغة، والمشي وصعود المرتفعات المجاورة، مثل هذا النشاط يكون أكثر ملاءمة للأسر، بينما ينخرط الشباب في أنشطة متنوعة قد يكون أحدها أساس الرحلة، وبعض الشباب يغريهم قطع المسافات الطويلة في الصحراء بسيارات الدفع الرباعي وقلما يستقرون في مكان محدد، وبعضهم تغريه رحلة صيد يتنقلون فيها طوال النهار ليستقروا في الليل، ويجوب بعضهم كثبان الرمال مسترشدين بأجهزة نظام تحديد الأمكنة (GPS)، ومن الأنماط الموسمية تتبع منابت الكمأة، وهو نوع من السياحة ذات الشعبية الكبيرة إلا أنها تتعلق بجودة الموسم الذي يحدث عند سقوط الأمطار في وقت مبكر (الوسمي)، وتتنقل المجموعات فيها بين أمكنة مختلفة يجوبونها على الأقدام لاكتشاف هذا الفطر المميز والثمين وجمعه.
 
ومن أهم الأمكنة التي يذهب إليها الناس الأجزاء الممتدة بين طريق الرياض - الشرقية حتى شمال المنطقة، حيث تكثر بها الرياض والأودية الجميلة ورمال الدهناء وبخاصة في الشتاء والربيع، كما يقصد الناس الأجزاء الواقعة إلى الغرب من جبال طويق في نصفها الشمالي، على أن لكل مدينة أو بلدة متنـزهاتها البرية التي يقصدها سكانها.
 
ويغرم بعض الناس بالأمكنة النائية التي يقل الذهاب إليها لتميزها بطبيعتها البكر مثل مجامع الهضب ووادي الغر ونفود الربع الخالي (العروق المعترضة) وهي نموذجية لمحبي الاستكشاف والمغامرة.
 
وقد يقوم بعض الأشخاص برحلة سياحية ذات غرض خاص كالذهاب إلى بعض المواضع التي ترددت في أشعار العرب أو سلوك بعض الطرق التاريخية القديمة أو تتبع ظاهرة جغرافية، ولبعض شخصيات المنطقة الأدبية ولع بمثل هذه الرحلات، وربما تكون بداية لنوع مميز من السياحة الثقافية الصحراوية، وبالمثل ظهر بعض الهواة الباحثين عن عينات من الصخور والنباتات؛ ففي الصحراء تكثر بقايا الحياة القديمة من الحفريات بأشكالها الغريبة والصخور ذات النوعيات المميزة، فقد تم جمع نوع نقي من صخور الكوارتز التي نقلتها الأنهار القديمة إلى بعض أجزاء المنطقة وهذبتها المياه، وعند صقلها تعطي ما يشبه الألماس بأحجام كبيرة، وقد سموه (الألماس السعودي)، ومنهم من يجمع النباتات المميزة وبقايا الأخشاب الملتفة وحتى الحشرات.
 
ويجدر القول هنا إن عددًا من سياح الطبيعة في المنطقة ينتمون إلى نمط مهم من السياحة وهو السياحة البيئية التي تتميز عن مجمل السياحة الطبيعية بكونها تهتم بالبيئة مصدرًا للمتعة وليس مصدرًا لنشاط ترويحي، وهؤلاء أكثر محافظة وعناية بالبيئة.
 
وتشمل السياحة البيئية أولئك الناس الذين يستمتعون باستكشاف البيئات المختلفة ودراستها ميدانيًا وصيانتها أحيانًا، مع الحرص الشديد على عدم الإساءة إليها مع احترام المجتمعات المحلية وتقديرها، وهي تكشف عن حس سليم وثقافة عالية، ونسبة سياح البيئة عادة ما تكون عالية لدى الشعوب المتقدمة إلا أنه تبعًا للقلق المتزايد الذي أحدثه تدهور بعض أجزاء بيئة المملكة فقد زاد المهتمون بالبيئة بصورة واضحة، سواء من المختصين أو الهواة، ويدل على ذلك عدد من الكتب التي أصدرها هؤلاء خدمة للبيئة، وتولي الهيئة العامة للسياحة والآثار هذا الجانب اهتمامًا خاصًا لتطويره ولزيادة نسبته؛ لأنه يعد من أكثر أنماط السياحة إيجابية وأقلها ضررًا.
 
ويستطيع السائح تنظيم رحلات برية تناسب ظروفه؛ فقد يلتزم الطرق المعبدة التي تنقله إلى أصعب المواقع مكتفيًا بالاستمتاع بالأراضي المجاورة للطريق، ومثل هذه الرحلات لا تحتاج إلى الكثير من التجهيزات، ويفضل الكثير دخول الصحراء بسيارات الدفع الرباعي القادرة على الوصول إلى أمكنة أفضل في عمق الصحراء، وفيما يأتي نماذج مقترحة لرحلات سياحية كاملة، غير أنها ليست الخيار الأوحد:
 
رحلة الرياض - رماح - الدهناء - الصمان:
 
رحلة ذهاب وعودة على الطريق ذاته والحد الأدنى للمدة ربما كان ثلاثة أيام، وفيها يتجه السائح نحو رماح عبر طريق الشرقية، وسيشاهد في هذا الطريق بعض المعالم التي تلفت الانتباه، ومن أهمها سوق الجمال الواقع على الطرف الشمالي الشرقي من مدينة الرياض، ثم حافة العرمة التي يعبرها الطريق في أراضٍ منخفضة ثم ينحرف الطريق شمالاً مارًا بظهر العرمة، إلى أن يقترب من الطرف الشمالي لروضة خريم الجميلة التي تمتد جنوبًا بمحاذاة رمال الدهناء، وقد يفضل السائح التخييم قرب هذه الروضة التي يمنع دخول السيارات إليها بل يدخلها الناس على الأقدام، ومن المفضل زيارة بعض الأودية التي تنحدر إلى رماح، ومن أهمها وادي الطوقي الجميل الذي تصل مجاريه العليا إلى حافة العرمة، كذلك زيارة الحفنة برياضها وواديها الجميل المعروف بـ (الطيري)  ، والطريق إليها معبّد انطلاقًا من رماح، وفي هذا المكان يمكن التقاط أحجار الكوارتز النقية المعروفة بالألماس السعودي، ويواصل السائح المسير شمالاً متوغلاً في الدهناء عبر طريق معبد يمر بالعروق الرملية المتعاقبة والشقائق المنخفضة التي يحلو المبيت بها للكثير من عشاق الدهناء، وبعبور الدهناء يصل إلى الصمان، حيث ينتهي الطريق ببلدة شوية، وفي الصمان يزور السائح الفياض الجميلة والكهوف التحتية التي تثير اهتمام بعضهم.
 
 رحلة الرياض - القويعية - الحفيّرة:
 
وعندما يتجه السائح غربًا عبر طريق مكة المكرمة سيمر بالكثير من المظاهر الطبيعية المختلفة التي أهمها جبال طويق التي سينحدر منها عبر طريق معبد، وينصح قبل ذلك بالوقوف فوق الحافة لرؤية المشهد الطبيعي الجميل الذي يكشف رمال قنيفذة والأراضي الزراعية والصحارى الممتدة، وكذلك تعاقب الأودية والتلال النازلة من الجبال، ثم يعبر الطريق نفود قنيفذة التي تجاور مدينة المزاحمية، وتحجز هذه الرمال بعض الأودية؛ الأمر الذي يكوّن بحيرات موسمية ورياضًا جميلة من أهمها الخرارة وروضة المحليّة.
 
وعند الوصول إلى القويعية يلاحظ تغيرًا في طبيعة الأرض ناتجًا عن انتهاء الرف الرسوبي وبداية الدرع العربي، وهي محافظة تثير الاهتمام، وقد يفضل الاستقرار في القويعية بعض الوقت وزيارة الأودية المجاورة والمناجم القديمة والأكمات الصخرية الغريبة، ونتيجة لقلة المياه في الدرع العربي فإن القرى تكون عادة صغيرة وتغلب حياة البادية خصوصًا باتجاه الجنوب، إلا أن هذه الأمكنة مثيرة للاهتمام بتكويناتها الصخرية الغريبة على وجه الخصوص. ويمكن للسائح أن يتوغل جنوبًا عبر طريق بري ينطلق من طريق مكة إلى الغرب من مدينة القويعية فينتهي في بلدة الحفيّرة بطول 120كم.
 
ومن أهم المعالم التي يمر بها جبل صبحا (يذبل قديمًا) وحصاة قحطان ذات التشكيلات الصخرية، ويلحظ زائر المنطقة أنها قليلة السكان، وهو ما ساعدها على أن تحافظ على طبيعتها إلى حد كبير، على أنها لا تخلو من قرى صغيرة يستفيد منها الزائر كونها محطات للتموين.
 
ج - رحلة الدرع العربي:
 
قد تتجاوز هذه الرحلة الأسبوعين، وهي لمحبي المغامرة والدخول في مناطق بكر قليلة السكان، ولعشاق التكوينات الطبيعية من رمال وتكوينات صخرية وأودية نظيفة، وينصح بأن تبدأ من نقطة شمالية عند البجادية على طريق الدوادمي - عفيف، أو من نقطة تبدأ من طريق مكة السريع فيما بعد القويعية بما يقارب 100كم عند بلدة الخاصرة لاختصارها، ويقترح أن تكون في وقت اعتدال المناخ وأن يتزود الفريق بالتجهيزات الضرورية التي من أهمها سيارة دفع رباعي ويفضل أن تتوفر سيارتان اثنتان وخزانات إضافية للوقود وخزانات للماء وخريطة وجهاز تحديد المواقع (GPS) مع اتخاذ وسائل السلامة المتعارف عليها في مثل هذه الرحلات.
 
وهذه الأجزاء تخلو من الطرق المعبدة عدا طريقي مكة المكرمة القديم والجديد اللذين يعبرانها من الشرق إلى الغرب، غير أنها تحوي شبكة كبيرة من الطرق الصحراوية غير المعبدة التي يستخدمها أبناء البادية وغيرهم.
 
تنطلق الرحلة بدءًا من البجادية على طريق الدوادمي - عفيف (طريق الحجاز القديم) باتجاه الجنوب مارة بجبل أبو شداد لزيارة رسّ ذريّع، ثم المرور ببلدة حميان الصغيرة والمسير نحو الجنوب بمحاذاة نفود رمحة من الشرق والمرور بسبخة لبيدة ثم عبور طريق الحجاز القديم الذي يمكن التزود منه بالوقود، ومن شرق الخاصرة التي قد تكون المحطة الأولى للرحلة يتجه الفريق نحو الجنوب بمحاذاة رمال نفود السرّة التي تمتد جنوبًا، ثم الانعطاف نحو الجنوب الغربي باتجاه جبال أذقان الرويان والعطشان التي تحفها أودية بالاسم نفسه ترفد وادي الركا الكبير، وقد يجد بعض الناس رغبة في استكشاف هاتين السلسلتين الجبليتين وما جاورهما. وبالاتجاه نحو الجنوب سيجد السائح الكثير من الجبال المستقلة والتكوينات الصخرية الغريبة التي قد يتوقف عندها، إلى أن يصل إلى مجامع الهضب في الشمال الشرقي من محافظة وادي الدواسر، وهذه الأجزاء ينبغي أن يخصص لها الفريق ما تستحقه من الوقت لاستكشافها لأنها تعد من أجمل الحدائق الجيولوجية ذات التشكيلات الصخرية المثيرة، ويمكن أن تنتهي الرحلة في بلدة رنية التي تبعد نحو 80كم غرب مجامع الهضب.
 
د - رحلة الربع الخالي:
 
يفضل أن تكون في المواسم المعتدلة مع أخذ الاحتياطات اللازمة التي أهمها سيارة دفع رباعي ويفضل أكثر من واحدة بالإضافة إلى الخرائط وجهاز تحديد المواقع.
 
تبدأ هذه الرحلة الصحراوية الدائرية من مدينة السليّل نحو الشرق مرورًا بوادي الغرّ الواسع الذي يحاذي رمال الربع الخالي، ويقترح الإقامة في هذا الوادي ليلة أو ليلتين لاستكشافه، ثم ينعطف المسار نحو الجنوب مخترقًا الجزء الشمالي من رمال الدهناء ثم غربًا مستفيدًا من وجود الشقائق الطولية حيث تكون الأرض مستوية وسهلة تحيط بها العروق الرملية من الشمال والجنوب، ويستمر المسير حتى جبال العارض التي تتم مسايرتها نحو الشمال وصولاً إلى فتحة الفاو التي تتيح الخروج نحو الغرب مرورًا بآثار الفاو الشهيرة ثم سلوك طريق الفاو - السليّل نحو الشمال.
 
شارك المقالة:
62 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook