الزراعة والثروة الحيوانية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الزراعة والثروة الحيوانية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الزراعة والثروة الحيوانية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
تعد أراضي المنطقة الشرقية من أقدم مواطن الاستيطان البشري منذ العصور السحيقة، وقد كان العمل في حراثة الأرض وزراعتها وتملك الحقول الزراعية فيها من أهم مقومات الحياة الاقتصادية لأهلها، وكان القسم الأكبر منهم يعمل في هذا القطاع، وقد كانت الزراعة تغطي فيما مضى أغلب أجزاء هذه المنطقة، وهو ما أكده المسح الأثري في أراضيها ومئات العيون التي ما فتئ عمال الحفر يعثرون عليها من وقت إلى آخر تحت كثبان الرمال. والمنطقة تتكون في مجملها من واحتين منفصلتين حاليًا هما: واحة الأحساء، وواحة القطيف اللتان تمثلان أغنى واحات المنطقة من حيث خصوبة التربة ووفرة المياه، ويتركز النشاط الزراعي في مجمله بينهما، بالإضافة إلى بعض الواحات الصغيرة الأخرى مثل: واحة يبرين، وواحة الخن في الجنوب، وواحة الجوف، وواحة عقلة في الشمال.
 
تتشكل واحة الأحساء الزراعية من أكثر من 10 آلاف هكتار من الأراضي، وتعود إلى أكثر من 30 ألف مزارع، فالأحساء واحة زراعية جسدتها طبيعة المكان ووفرة المياه التي يرمز إليها اسمها؛ ففي الأحساء أكثر من مليوني نخلة  تنتج أفضل أنواع التمور في العالم مثل: الخلاص، والرزيز، والشيشي، والغر، والخنيزي، والزاملي وغيرها، هذا بالإضافة إلى إنتاج الأرز الحساوي ذي الجودة المتميزة وكثير من الفواكه والخضراوات؛ لذلك توجهت الدولة إلى إنشاء مشروع الري والصرف بالأحساء  للعمل على تقنين توزيع المياه على المزارعين في الواحة وفق أسس علمية. وقد صدر قرار مجلس الوزراء عام 1392هـ /1972م بتنفيذ المشروع للاستفادة من العيون الطبيعية للمياه في الواحة، وإنشاء شبكات قنوات خرسانية بطول 500كم حسب الدراسات الهندسية التي أعدت وفق أرقى المواصفات العالمية، وكذلك شقت الطرق الزراعية بطول 200كم لخدمة المزارعين وصيانة قنوات الري والصرف بشكل دائم، وللهيئة اهتمامات لخدمة قطاع الزراعة بالأحساء، بالإضافة إلى الاهتمام بالإرشاد الزراعي وخدمة المزارعين، وهذا الجهد كلل أخيرًا بإنشاء مصنع تعبئة التمور في الأحساء دعمًا لمزارعيها؛ إذ صمم لإنتاج 21 ألف طن من التمور المعبأة التي يتم شراؤها من المزارعين من مختلف أنحاء المملكة بأسعار تشجيعية تصل إلى 3 ريالات للكيلوجرام الواحد، وتوزع ضمن إسهامات المملكة لبرنامج الغذاء العالمي، وإلى جانب ذلك هناك اهتمام كبير بالجانب البيطري والحيواني؛ إذ تشرف الهيئة على مركز التدريب البيطري والإنتاج الحيواني الذي يخرِّج فنيين مؤهلين في الطب البيطري المساعد لدعم هذا القطاع المهم في المملكة، ويعد هذا المركز الوحيد من نوعه في المملكة، بالإضافة إلى الخدمات التي تقدمها وزارة الزراعة والمياه لمساندة المزارعين، وتقديم الإرشادات والإعلانات، كما وزّع فرع الوزارة أراضي زراعية في الأحساء على عدد من المستثمرين، تشكل في مجملها سلسلة من الأرض الزراعية المنتجة.
 
أما واحة القطيف فقد كانت المساحة الزراعية فيها أكبر بكثير مما هي عليه الآن، وكانت المزروعات تغطي صحراء البياض خارج القطيف، كما أن السائبة كانت تنتقل من قرية إلى أخرى حتى تصل إلى مشارف الأحساء، وربما كان ذلك صحيحًا؛ فالعيون الجارية التي طمرتها الرمال ما زالت آثارها موجودة حتى الآن. وقد ورد في سجلات (أرامكو) أن فرق البحث عثرت على نحو مئة وخمسين عينًا في قلب الصحراء أثناء التنقيب عن البترول، ومد خط الأنابيب، وكلها مدفونة تحت الرمال، وحتى عهد قريب كانت هناك عيون برية في وسط الصحراء، حُوِّلت مياهها عبر صهاريج لري المناطق الغربية من الواحة، وقام الأهالي باستغلالها للري، بعد أن انعدمت المساحة الزراعية التي كانت تسقيها، فاستخرجوا الرمال منها، وأحاطوها بأسوار عالية، ووجهوا مياهها عبر صهاريج تحت الأرض، والمساحات الصحراوية المحيطة بها لم تكن كما هي عليه الآن، والرياح التي تتحول أحيانًا إلى أعاصير مدمرة كان لها اليد الطولى في خلق هذه المساحات الصحراوية وتدمير الزراعة والعمران.
 
تتكون أراضي الواحة من مواد طينية ورملية، لا يزيد سمكها على بضعة أمتار، وتليها الطبقة الجبلية، وعلى الرغم من قربها من ساحل البحر إلا أنها خصبة صالحة للزراعة، وقد أثبتت التجارب التي قامت بها محطة التجارب الزراعية نجاح كثير من الزراعات المستجدة، سواء تلك التي تنمو في المناطق الباردة أو الحارة، وكذلك أنواع شتلات الزهور وأشجار الزينة وغيرها من النباتات والأشجار التي لم تعرفها البلاد من قبل.
 
شارك المقالة:
33 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook