الرقصات والأهازيج الشعبية في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الرقصات والأهازيج الشعبية في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الرقصات والأهازيج الشعبية في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
تعددت الرقصات والأهازيج في منطقة القصيم، وهي نمط من أنماط الثقافة الاجتماعية، يهدف بعضها إلى التسلية وبعضها الآخر إلى الفخر وإظهار القوة ومنها:
 
العرضة النجدية 
 
هي رقصة الحرب، وتُمارَس في زمن الحرب والسلم على حدٍّ سواء وإن كانت الرقصة نشأت في المعسكرات الحربية النجدية للظهور للعدو بمظهر القوة وعدم المبالاة، بالإضافة إلى التسلية والتغني بالانتصارات التي أحرزها الآباء سابقًا. أما الآن فأصبحت تُقام في عدد من المناسبات مثل الأعياد والأفراح المختلفة، وقد تُقام لمجرد الهواية، إذ يتعدد هواتها في المنطقة.
 
وتتطلب العرضة من ممارسيها مستلزمات شكلية مثل: الملابس المزركشة، والسيوف، والطبول ذات الألوان المتعددة. وتتمثل طريقة العرضة في وقوف صفين متقابلين بينهما مسافة لا تزيد على 15م، ويقف بينهما في الوسط أصحاب الطبول وأصحاب السيوف الذين يرقصون على الإيقاع، بالإضافة إلى حامل الراية الخضراء، وكذلك الملقِّن أو (الشاعر) الذي يتنقل بين الصفين مُسمعًا المشتركين أبيات القصيدة، فيتناوب الصفان في ترديد كل بيت منها وإسماعه، مع تمايل ينسجم مع الصوت والإيقاع، ويرفع أصحاب السيوف سواعدهم إلى أعلى حاملين السيوف اللامعة، ويوجد في الحلبة راقصون بين الصفين، وربما كانوا من علية القوم، كلٌّ ممتشق سيفه ويتمايل يمينًا وشمالاً. والأبيات الشعرية التي تُردَّد في العرضة تكون غالبًا من قصائد شعرية شعبية مما يُطلق عليه (الشعر النبطي). ولا تطول أبيات القصيدة كثيرًا؛ نظرًا إلى ترديد كل بيت منها ثلاث مرات من كل صف، ولكن كلماتها تكون مركزة، تُعنى بالموقف والمناسبة التي أُقيمت العرضة من أجلها، وغالبًا ما تكون قصائدها حربية، ومن أمثلتها قصيدة الشاعر علي الخياط (ت 1306هـ / 1889م) وهي مشهورة ومنها قوله:
 
يـا دارنـا لا تـرهبي يـومك سعيد     حِنَّا  حمـاة الـدار وشـبّ اشـعالها
هـذي  عنـيزة مـا نبيعـه بالزهيد     لـو  فـرَّعن البيـض نحـمي جالها
إلى أن قال:
 
لـي  بنـدقٍ  ترمي اللحم لو هو بعيد     مـا  وقَّفـت بالسـوق مـعْ دلاَّلهـا
خـمس  الرصاصـة ستة اشبارٍ تزيد     ..ملـح  الجـريف محـيّلٍ يعبى لها
ربعـي  هَلِ  الطولات والباس الشديد     خــطرٍ عزايمهــا تهـدّ اجيالهـا
أولاد  عمِّـي هـم عمى عين الضديد     عُقّالهـا  يــوم الــوغى جُهّالهـا  
 
السامري والحوطي
 
من الفنون الشعبية التي تُقام في ليالي السمر، وتكون في أيام السلم فقط، وتُعقد غالبًا بالليل في الميادين الفسيحة خارج البيوت، كما تُعقد في النهار تحت ظلال الأشجار. وهما مثل العرضة في اقتصار الشعر فيهما على الشعر النبطي، وصفة السامري أن يجلس صفان متقابلين متراصَّين جاثيين على الرُّكَب بطبولهم المزخرفة، وتُقرع الطبول مع ترديد أغانٍ شعبية، وتكون المسافة بين الصفين قصيرة لا تزيد على 3م، وبينهما الملقن أو (الشاعر) الذي له معرفة جيدة بالقصيدة، ويتناوب الصفان على تكرار شطر من كل بيت يقوله الملقن، وتصاحب إيقاعات اللحن حركات المشاركين وتمايلهم يمينًا وشمالاً وإلى الأمام والخلف، بتموجات بديعة رائعة مع تشابك بالأيدي والسواعد، ويوجد في الميدان بعض الراقصين الذين يتمايلون مع إيقاعات اللحن وأصوات المغنين. وبجانب العرضة والسامري والحوطي يوجد (المراد) أو المساجلات الشعرية، وهي من الفنون الشعبية في المنطقة.
 
 الهجيني
 
أبيات من الشعر تُنشد على ظهور الإبل عند السفر عليها بين المدن والقرى لطرد السأم والملل، وعدم الشعور بطول الطريق.
 
غناء السواني 
 
يردده الفلاح عند استخدام المنحاة وراء الإبل التي ترفع الماء من القليب (البئر)، وهذا اللون من الغناء يساعد على طرد الملل والتعب والنعاس، خصوصًا إذا صحب ذلك صوت موسيقي منبعث من المحالة.
 
وأغاني المنحاة ضرورية للساني (الكالف)؛ فهو يتناسى بها تعب أشواطه في المنحاة، كما أنها ضرورية للدواب التي تسني، ولا سيما الإبل التي تطرب للصوت فتنشط لسحب (الغروب). ويبدأ غناء المنحاة منذ اتجاه السانية إلى المصب، وقد أصبح الثقل على المحالة، وحينئذٍ يجاوبه صوت المحالة، فإذا أقبل الساني على المصب انقطع الصوت رويدًا رويدًا في الشطر الأول من البيت. وبعد انحراف السانية من المصب متجهة إلى اللزا أعلى المنحاة (المعدل) يُرفع الصوت بالشطر الثاني، ثم ينقطع الصوت رويدًا رويدًا في آخر هذا الشطر، وكثيرًا ما يكون حماس الغناء عند منتصف المنحاة ذهابًا وإيابًا.
 
أهازيج البناء
 
وهي أهازيج تُردَّد أثناء بناء البيوت والأسوار بالطين واللَّبِن، وتنشدها المجموعة العاملة على النحو الآتي:
 
المعلم (الستاد) يستعد فوق الجدار أو السور للعمل وهو يقول: هَيّا هَيّا. أما نقطة الوصل بين الستاد والعمال الذين يحضِّرون الطين فهو شخص يقف بعرض السُلَّم يستقبل مواد البناء ويناولها الستاد بالترتيب والتوافق مع قول الستاد: هلُمّا هلُمّا، ثم يقول عامل تحضير الطين أثناء مَدِّه لمن هو فوق السلم: هيا طينة، ويقول عامل اللَّبِن: هيا لبنة.
 
وتتوافق كلمات الأهزوجة مع تحركاتهم وتناولهم مواد البناء وسرعة حركة الستاد، فتُكوَّن أهزوجة منتظمة بإيقاع جميل على النحو الآتي:
 
هيَّا هيَّا... هلُمَّا هلُمَّا
هيَّا طينة... هيَّا لبنة
 
أهازيج الختام
 
للختام أهازيج جميلة منها:
 
 
يا  مفلـل بـريمك حـميرك غـدت     ..وانـت  يا نور عيني غنمك ارتعت
وتُنشَد هذه الأهزوجة مع توافق حركات (المساحي) بأيدي (الختامة) وهم صف واحد.
ومنها:
 
أول  مـــا  نبـــي نقـــول:     ..صلاة علــــى الرســــول
ومنها:
 
يـــا  غـــزلان جــن اورود     ..مــــع  ظلال النفـــــود  
 
مظاهر الثبات والتغير
 
لا تزال هذه الفنون الشعبية تُمارَس في منطقة القصيم حتى الوقت الحاضر، يتناقلها الأبناء عن الآباء، ولا يزال الناس محافظين على هذا التراث الثقافي؛ فعلى سبيل المثال تُمارَس العرضة النجدية من قِبَل الرجال في الأعياد والمناسبات المختلفة بوصفها أسلوبًا للتعبير عن الفرحة بالصفة والأسلوب اللذين ذكرناهما سابقًا.
 
وفي مناسبات الأفراح والأعياد نجد أيضًا أن السامري وشعر الرد يحتل جزءًا كبيرًا من نشاط الشباب والشيوخ أثناء السهرة التي تُقام للتسلية والمرح الجميل والمفيد. أما بالنسبة إلى الغناء المتزامن مع البناء والغناء مع الرحى وغيرهما من أنواع الغناء، فلم تعد تُمارَس من قِبَل الناس في الوقت الحاضر؛ إذ إن كثيرًا من هذه الأعمال لم يعد يقوم بها أبناء المنطقة، فقد أصبح البناء - على سبيل المثال - يُنفَّذ من قِبل أناس متخصصين فيه. وهكذا نرى أن التراث الشعبي لهذه المنطقة لا يزال يمثل نمطًا مهمًّا لدى سكانها، يتناقلونه ويتعلمون أساليبه وطرقه من الآباء والأجداد.
 
وعلى الرغم من أن الفنون الشعبية لاتزال جزءًا من التراث يحنُّ إليه ويمارسه كثيرون بين الوقت والآخر، إلا أن بعض الشباب عزف عن الأنماط التقليدية للغناء واتَّجه نحو الأنماط السريعة المتوافقة مع الإيقاع العصري المتسم بالسرعة والاستعارة من الثقافات الأخرى.
 
شارك المقالة:
36 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook