الرحى العدارية

الكاتب: رامي -
الرحى العدارية
"

الرحى العدارية.

الرحى العداريةhydatidiform moleهي تنشؤ يصيب الأرومة الغاذيةtrophoblastفي المشيمة حيث تتحول الزغابات المشيمية إلى حويصلات تمتلئ بسائل رائق يختلف حجمها من 1 ـ25ملم، يتصل بعضها ببعض بسويقات رفيعة، فتشكل كتلة تشبه عنقود العنب.

الوقوع

ترواح نسبة حدوث الرحى العدارية في المجتمعات الغربية وأمريكا بين حالة واحدة في كل 2000 إلى 2500 من الحمول، وهي أكثر حدوثاً في بلدان الشرق الأقصى حيث تبلغ النسبة 1/300 في سنغافورة والفيليبين و1/83 في تايوان، وليس هناك إحصائيات دقيقة في البلدان العربية ولكن يقدر حدوثها بنحو 1 في كل 600 حمل.

التشريح المرضي

تتصف الرحى العدارية نسيجياً باستحالة وذمية وانتفاخ في الزغابات المشيمية وتكاثر خلوي غير منتظم يشمل خلايا البشرة الزغابية بطبقتيها التي تصبح غنية بالكروماتين، وتكون ذات صيغة صبغية (46xx) أو (45x). هذا التحول قد يكون جزئياً يتناول قسماً من المشيمة أو تاماً يتناول كل المشيمة مع غياب الجنين والجوف السلويamniotic cavity، وفي حالات نادرة قد تحدث الرحى في مشيمة واحدة من حمل توءمي في حين يتابع التوءم الآخر نموه.

تستمر الرحى بالتكاثر والنمو، فتملأ الرحم حتى تبلغ حجماً كبيراً قد يعادل حملاً في تمامه، وتستمر الأرومة الغاذِّية بإفراز كميات كبيرة من موجهات الغدد التناسلية المشيمائية البشرية(HCG) human chorionic gonadotropinتؤثر في مبيض المرأة، وتحرض على تشكل كيسات لوتئينية فيه تكون متعددة، وغالباً ما تكون في المبيضين معاً.

يمكن تصنيف الرحى العدارية في ثلاثة أنواع:

1 ـ الرحى العدارية البسيطة أو السليمة:وتكون سليمة السير ولو أنها تميل إلى الاندخال السطحي في العضلة الرحمية بقدر أكثر من المشيمة الطبيعية، ولكنها لا تخترقها.

2 ـ الرحى العدارية الخبيثة أو الغازيةmalignant m. invasive m.: وتتصف بفرط النمو والتكاثر واندخال عناصر الطبقة الغاذِّية عميقاً في العضلة الرحمية حتى إنها تخترقها إلى الصفاق ومحيط الرحم والأعضاء المجاورة في الحوض.

3 ـ الرحى الانتقاليةmetastasizing m.:وفيها تنفصل بعض خلايا الطبقة الغاذية أو تنفصل زغابات كاملة، وتدخل في الدورة الدموية عبر الأوردة الرحمية؛ لتصل إلى الرئتين وتتوضع فيهما مثلما يحدث في السرطانة المشيمائيةchoriocarcinoma، ولكن ما يميزها من السرطانة نسجياً أنها تحوي دائماً زغابات مشيمية واضحة، وتختفي هذه النقائل بعد إفراغ الرحم من الرحى.

الأعراض والمظاهر السريرية

لا يختلف السير السريري للرحى في البداية عن الحمل العادي، ولكن الأعراض تبدو مجسّمة؛ إذ تشتد أعراض الوحام، وتصاب الحامل بقياء شديد وعنيد، وقد تتطور الحالة إلى الانسمام الحملي.

والنزف هو العرض الثاني، وهو عفوي متكرر وغير مترافق والألم، ويكون قليل المقدار يشبه طحل القهوة؛ وغزيراً جداً أحياناً، يستمر مدة طويلة مؤدياً إلى فاقة دموية شديدة، وقد تنطرح مع الدم النازف بعض الحويصلات الرحوية الوصفية.

ومن العلامات المميزة للرحى كبر حجم الرحم السريع؛ إذ يصبح أكبر من السن المقدرة للحمل، ويشاهد هذا في نحو 50 ـ70%، من الحالات وفي باقي الحالات يكون حجم الرحى معادلاً لسن الحمل، وفي حالات نادرة قد يكون أصغر من سن الحمل حين تفقد الرحى ترويتها الدموية، وتتموت (الرحى الضمورية).

وبجس البطن يكون قوام الرحم ليناً أو عجينياً لا يتقلص في أثناء الفحص، ولا يمكن الشعور بحركات جنينية أو بأجزاء الجنين.

وبالإصغاء لا يمكن سماع دقات قلب جنينية.

وبالمس المهبلي يمكن الشعور بالكيسات اللوتئينية التي قد تصادف بنسبة 25 ـ60% من الحالات في أحد جانبي الرحم أو في الجانبين .

وفي الرحى المنتقلة إلى الرئة تنمو النقائل؛ لتشكل ظلالاً رئوية تكشف بالفحص الشعاعي، ونادراً ما تحدث أعراض الصمة الرئوية الحادة.

وقد يرتفع مستوى مفرز الدرق التيروكسينthyroxine، وينجم ذلك عن إفراز الأرومة الغاذِّية للموجهة الدرقيةthyrotropin؛ ولكن من النادر أن تتطور الحالة إلى الانسمام الدرقي.

التشخيص

يعتمد على القصة المرضية والأعراض والعلامات والمظاهر السريرية، وقد يلتبس بحالة التهديد بالإجهاض أو بعض الحالات الأخرى لنزوف أشهر الحمل الأولى؛ لذلك يؤكدالتشخيص بالفحوص التالية:

1 ـ المخبرية:معايرة موجهات الغدد التناسلية المشيمائية البشرية ـ في بول الحامل أو دمها.

أ ـأبسط فحص مخبري هو اختبار الحمل الحيوي الكمي في بول الحامل بعد إجراء التمديد؛ إذ يكون إيجابياً بتمديد 1/300 أو أكثر.

ب ـوالفحص الأدق معايرة موجهات الغدد التناسلية المشيمائية البشرية؛ ولاسيما الوُحَيْدة بيتا،BHCGفي مصل دم الحامل حيث يكون مقدارها في الحمل الطبيعي بسن (12 ـ16) أسبوعاً من10.000 ـ30.000 وحدة في حين يرتفع مقدارها في الرحى العدارية في السن نفسه من الحمل إلى أكثر من (250.000 وحدة)، وقد تصل إلى 3 ملايين وحدة.

2 ـ الفحص الشعاعي:يمكن إجراء التصوير السلويamniographyبحقن مادة ظليلة مائية وغير مخرشة في جوف الرحم، فتظهر صورة وصفية تشابه قرص العسل، وبطل إجراء هذا الفحص بعد توفر الفحص بالأمواج فوق الصوتية.

3 ـ التصوير بالأمواج فوق الصوتيةultrasound:وهي طريقة ممتازة ودقيقة، وليس لها أخطار على الحامل أو الجنين إن وجد، وتعطي صورة وصفية للرحى تشبه منظر العاصفة الثلجية؛ مما يؤكد التشخيص.

مضاعفات الرحى العدارية ومخاطرها

1 ـالنزف الغزير الذي يرافق إجهاض الرحى أو يتلوه، وكذلك الخمج وانثقاب جدار الرحم أو تمزقه في الرحى الغازية أو الخبيثة، وتمزق الكيسات اللوتئينية أو انفتالها مؤدية إلى حالة بطن حادة.

2 ـلكن الخطر الأهم هو تحولها إلى سرطانة مشيمائية، وهو يحدث بنسبة 2ـ 8% من الحالات، وقد ترتفع النسبة إلى أكثر من 30% حين يتجاوز سن المريضة الأربعين سنة أو لدى كثيرات الولادة.

المعالجة

قد تُجهض الرحى إجهاضاً عفوياً؛ فإذا شوهدت المريضة بهذه الحالة يلجأ فوراً إلى إكمال إفراغ الرحم، كما سيذكر مع تحسين الحالة العامة.

إذا تأكد تشخيص الرحى قبل إجهاضها؛ فيجب اللجوء الفوري إلى تحسين الحالة العامة بنقل الدم أو معيضاته ومن ثم إفراغ الرحمباتباع إحدى الطرق التالية:

1 ـتحريض حصول الإجهاض بالتسريب الوريدي ضمن المصل السكري أو الملحي لخلاصة الفص الخلفي للنخامىoxytocinأو مركّبات البروستاغلاندينprostaglandinحتى إذا اتسع عنق الرحم، وانقذفت الرحى؛ أكمل إفراغ الرحم بإجراء تجريف الرحم الآلي.

2 ـإفراغ الرحم تحت التخدير العام بجهاز التجريف الماص (الرشَّافَة)aspiratorبعد توسيع عنق الرحم التدريجي بالشمعات الخاصة (شمعات هيغار)، وهي طريقة مثلى وقليلة الرض مع التسريب الوريدي لخلاصة الفص الخلفي للنخامى أو الإرغومترينergometrineضمن المصل السكري؛ ليحرض تقلص الرحم وانقباضه، ويتأكد من فراغ الرحم بتجريفه بالمجرفة الكليلة تجريفاً دقيقاً، وترسل كل المجروفات للفحص النسيجي للتأكد من طبيعتها السليمة.

3 ـإفراغ الرحم بعد فتح البطن وخزع الرحم، ويفضله بعضهم إذا كان عنق الرحم مغلقاً، ولا ينصح به غيرهم لمخاطره وازدياد نسبة التحول الخبيث فيمن أفرغت الرحى عندهن بهذه الطريقة.

4 ـاستئصال الرحم التام مع الرحى عن طريق البطن، وينصح بها بعض المؤلفين فيمن تجاوزن سن الأربعين، وكان عندهن العدد الكافي من الأولاد؛ وذلك وقاية من حدوث الاستحالة الخبيثة.

المتابعة والمراقبة

ينصح بعض الباحثين في أمراض الطبقة الغاذية بإعطاء المريضة بعد إفراغ الرحى دورة علاجية وقائية بالأدوية الكيميائية كالميتوتريكساتmethotrexate أو الأكتينوميسين د.actinomycin D.، لكن من الأفضل عدم اللجوء إلى أي معالجة وقائية وإبقاء هذه الأدوية لمعالجة الاستحالة الخبيثة إن حصلت.

إن متابعة المريضة ومراقبتها الفعالة بعد إفراغ الرحى أمر بالغ الأهمية بقصد الاكتشاف المبكر لحدوث الاستحالة الخبيثة (السرطانة المشيمائية) ومعالجتها.

1 ـتحري موجهات الغدد التناسلية المشيمائية البشرية في الدم ومعايرتها كل أسبوع حتى تختفي تماماً، ثم يكرر التحري كل شهر مدة 6ــــ 12 شهراً.

2 ـتصوير الصدر شعاعياً للتأكد من عدم وجود انتقالات صدرية وتكرارها للتأكد من زوالها إن وجدت.

3 ـفحص نسائي دوري للتأكد من انطمار الرحم وعودتها لحجمها الطبيعي وتوقف النزف الرحمي وتراجع الكيسات اللوتئينية.

وتنصح المريضة بتجنب حصول الحمل حتى مضي سنة على الشفاء.

إن استمرار النزف بعد إفراغ الرحى أو عودته بعد انقطاعه، وعدم انطمار الرحم، وعدم تراجع موجهات الغدد التناسلية المشيمائية البشرية أو ارتفاعها؛ كلها علامات تشير إلى حصول استحالة خبيثة تستدعي إجراء استقصاءات أخرى دقيقة للتأكد من التشخيص وإجراء المعالجة الفعالة بالأدوية الكيميائية الخاصة.

"
شارك المقالة:
166 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook