الختان في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الختان في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

الختان في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية.

 
الختان (أو الطهارة، أو التطهير) هو من المناسبات المهمة في منطقة عسير؛ وذلك لأنه في عدد من أجزاء المنطقة كان يُؤَخَّر ختان الصبيان حتى يبلغوا سنًا معينة تختلف من جزء إلى آخر، ففي بعض النواحي كان يتم ختان الصبيان بين العاشرة والخامسة عشرة من العمر، وفي نواحٍ أخرى لا يتم ختانهم إلا بعد بلوغهم، وقد تصل أعمار بعضهم إلى العشرين.
 
وقد كان من عاداتهم أن يتم جمع الذكور من أبناء العشيرة أو القرية الواحدة المتقاربين في العمر الذين يُراد تطهيرهم ويُسَمَّون (شيعًا) أي جيلاً واحدًا، ومن ثَمَّ يُحدَّد يوم ومكان معينان لتطهيرهم جميعًا في ذلك اليوم والمكان بحضور أفراد قبيلتهم، ويتم الإعلان من قِبَل أولياء أمورهم عن مكان الختان وزمانه، كما يتم شراء الأطعمة والأشربة التي ستُقَدَّم للضيوف.
 
وفي بعض أجزاء المنطقة تُقام الاحتفالات الراقصة التي يخرج فيها المراد تطهيرهم وفي أيديهم الخناجر، وبعد أن يصيروا أمام المشاهدين تُدق الطبول، وأحيانًا تُطلق الأعيرة النارية، وتُمارَس الرقصات الشعبية لمدة ثلاثة أيام وتُعرف باسم (أيام الهود)؛ والهود مصطلح شعبي يعني (الحفل، أو الاحتفال)، وهو يقوم على المنافسة بين الشباب المراد تطهيرهم، سواء بإظهار قوة التحمل والصبر والشجاعة، أو بالمدح والافتخار، ويكون أحيانًا - إضافة إلى ذلك - بالوسامة والمظهر. وفي اليوم الثالث - وهو المعروف باسم (يوم الشهرة) - يقوم الشباب بلبس لباس أحمر يُعرف باسم (الجوخة)، ثم يقومون بزيارة أهلهم وأقاربهم ليُعلِموهم بيوم الختان ويتلقون منهم التبريكات والهدايا، ومن هنا اشتُقَّ مصطلح (الشهرة) الذي يعني إشهار يوم الختان وتحديده وإعلانه 
 
وفي اليوم المحدد يحضر الناس إلى مكان الختان، بالإضافة إلى المراد ختانهم وقد تزينوا بملابس فاخرة، فيقفون في المكان المخصص لهم؛ وهو مكان بارز شبيه بالمسرح يمكن مشاهدته من المتفرجين كافة.
 
وفي الوقت المحدد يتقدم كلٌّ من المراد ختانهم - واحدًا بعد الآخر - إلى الخاتن أو (المطهِّر) ويقوم ببعض الاستعراضات الراقصة، وإنشاد بعض القصائد التي يفتخر فيها بنسبه وحسبه، وأخواله وأعمامه، وتُسمى (القاف) وربما جاء المصطلح مشتقًا من القافية في الشعر، ثم يتقدم بعد ذلك إلى الخاتن بكل ثبات. ومن العادات التي يجب مراعاتها أن يتحلى المختون بالصبر والتحمل، فلا يحق له الحركة، أو الرمش بالعين، أو إصدار أي صوت أو إبداء أي حركة يُستدل منها على أنه يتألم، ومن يصدر منه أي شيء من ذلك يعدُّونه قد (بار) أي فشل في التحمل، فيكون منبوذًا من أفراد قبيلته، ومكروهًا من الفتيات، فلا ترضى أي فتاة الزواج منه.
 
أما عملية الختان فهي عملية شاقة، على الرغم من اختلاف مقدار الجزء الذي يقوم الخاتن بقطعه والذي يراوح بين سلخ مكان الختان وما حوله حتى يصل إلى السرة علوًا والفخذين نـزولاً في بعض النواحي التهامية، أو سلخ كامل العضو المذكر فقط في نواحٍ أخرى. وفي كل الحالات لا يُستخدم التخدير، ولا أي نوع من المطهرات، وقد يترتب على ذلك موت بعض المختونين أثناء عملية الختان أو بعدها. وبعد انتهاء عملية الختان يذهب المختونون للتداوي، فيُرش على الجرح السمن البلدي المغلي، وأحيانًا يُضاف إليه الملح، أو بعض أوراق شجر العرعر، كما يقوم بعضهم بحرق روث الجمال أو البقر الجاف ثم تعريض الجرح للدخان لجعله جافًا ولطرد الرطوبة من الجرح. بينما يتداوى آخرون بأوراق شجر (السلع)؛ وهو من الأشجار التي تنبت في منطقة تهامة، وتستغرق عملية المداواة من أربعة أشهر إلى ستة، وقد يموت كثيرون جَرَّاء النـزف، وقد يتعرضون لتشوهات جلدية، إلا أن تلك النتائج لم تثنهم عن ممارسة تلك العادة بتلك الطرائق المستخدمة. وفي بعض النواحي من منطقة عسير يطوف المختونون على بيوت القرية بعد يوم الختان، فيأكلون ما يشاؤون دون أن يمنعهم أحد فلهم الحق في ذلك، ما يجعل بعضهم يستغل مثل تلك المناسبة في الحصول على ما يريد من الأكل.
 
شارك المقالة:
181 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook