يعد ختان الذكور من السنن الإسلامية، ويمثل فرحة ومناسبة اجتماعية سعيدة للتعبير عن الاعتزاز بأفراد الأسرة، وبخاصة الذكور، ولم يكن الختان في المدينة المنورة وما جاورها يتم في الأشهر الأولى، بل كانوا يؤخرونه إلى ثلاث سنوات أو أكثر من عمر الصبي، وقد يصل الحال ببعضهم - كما في العلا - إلى تأخير الختان إلى سن العاشرة، إلا أن الناس كانوا في محافظة بدر يختنون الطفل في الأسابيع الأولى من عمره، وعلى أي حال فإن الجميع يحتفلون بهذه المناسبة وتُدق لها الطبول ويجتمع لها الرجال والنساء - كلٌّ على حدة - لتناول طعام الوليمة التي يقيمها أهل المختون، كما جرت العادة أن تقدم الهدايا للصبي مِن كل مَن حضر، كلٌّ حسب قدرته ووفق درجة قرابته لأهل الصبي، وكان الذي يتولى عملية الختان في الغالب هو المزين (الحلاق) أو بعض من تخصص في الطب العربي وتجبير الكسور.

 

وكان أهل المدينة المنورة يُلبسون الصبي ملابس خاصة وغالبًا ما تكون ثوبًا أصفر، ويزينونه بالعمامة والعقال المقصب ليلة الختان منذ العصر، ويدور به حصان قد تم تجميله وتهيئته ليركب عليه الصبي ويتجول به في شوارع المدينة المنورة والصبيان يجرون خلفه وهو في حالة من الفرح والسرور التي سوف يعقبها شيء من الألم صباح اليوم التالي.

 

يحضر المزين أو القائم بالختان في الصباح إلى المنـزل، ويكون والد الطفل وأعمامه قد استعدوا لاستقباله - وغالبًا ما يتم الختان لعدة أولاد في العائلة وفي الوقت نفسه - فإذا نـزل الطفل أخذه المزين وأمسك به اثنان من الرجال، فإذا تمت العملية وارتفع صراخ الطفل من الألم بادرت والدته ونساء العائلة إلى استقباله من أول السلالم، وقد أحضروا له الهدايا والحلوى والألعاب ليتلهى بها عما حلّ به في ذلك اليوم، ويفد الأهل والأصدقاء وهم يحملون إليه الهدايا ويتحفونه بالنقود، بينما يتولى الرجال إكرام المزين ومساعده، فيتناولون معه طعام الإفطار الذي يكون قد أُعد لهذه المناسبة، ثم يحضر المزين كل صباح للكشف على الجرح  ،  إلى أن يمنَّ الله على المختون بالشفاء والعافية.