الحركة الأدبية في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الحركة الأدبية في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الحركة الأدبية في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 

 الشعر

 
بدأت تباشير الحركة الأدبية في منطقة تبوك في السنوات الأولى من القرن الخامس عشر الهجري؛ أي في أوائل الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي  ،  فنجد شعرًا ينشر لبعض الشعراء من أمثال: العميد سليمان المطلق  ،  ومسلم بن فريج العطوي  ،  وعبدالرحمن إسماعيل الشعبان  ،  وقصائد لبعض الشباب من هواة الأدب، مثل: فاطمة القرني  ،  ونايف الجهني  
 
وهذه البداية الأدبية متأخرة زمنيًا قياسًا على ما ظهر من نهضة أدبية وثقافية في مناطق المملكة العربية السعودية الأخرى التي كانت تعج بالحركة الثقافية.
 
وقد رجح بعض الباحثين أن يكون من أسباب ذلك تأخر الاستقرار الحضري في المنطقة  ،  وتناثر تجمعاتها السكانية، وهذا عامل مهم، بجانب عوامل تأخر انتشار التعليم، فمنطقة تبوك ما زالت في مهدها الثقافي.
 
أ - الشعراء الروَّاد:
 
ظهر في المنطقة عدد من الشعراء كانوا طليعة الحركة الأدبية فيها، وقد تميزوا باتباعهم الاتجاهات الأدبية المحافظة وتقليدهم إياها، والسير على نهج القدماء، ودارت موضوعات شعرهم حول المناسبات الدينية، والوطنية، والاجتماعية، وتناول بعضهم الغزل، وشعر الوجدان.. وغيرها من الأغراض.
 
1 - الشعراء التقليديون:
 
أول من يمكن أن نذكره من شعراء منطقة تبوك: الشاعر سليمان بن أحمد المطلق؛ فهو أقدمهم إنتاجًا للشعر، وأكبرهم سنًا  .  وبدأ مبكرًا بنشر قصائده في الصحف المحلية، وكان قد كتبها في مناسبات وطنية مختلفة. وتميز الشاعر سليمان المطلق بطول النَّفَس في قصائده، إذ تزيد قصائده على خمسين بيتًا  .  وشعره سلس، ويغلب عليه رسم الصورة الحسية. وتناول في شعره كثيرًا من الأغراض الشعرية، ولكن أغلبها من أشعار المناسبات وقصائد الوجدانيات. ولهذا كان شعره سجلاً لكثير من المناسبات الوطنية التي عاشتها منطقة تبوك. وتأثر بالأحداث الكبيرة التي عاشتها الأمة العربية الإسلامية وتفاعل معها، وأنشأ فيها قصائد.
 
وهذا نموذج من شعره:
 
لا تلمني  
 
لا تلمنــي إن تجــدني بحــبيبي     هــائم الوجـدان مـن عهـدٍ بعيـدِ
ذاكــرًا  حــبي  بقـربٍ ونـزوحٍ     فـــي حــديثٍ وســؤالٍ وردودِ
فـي  صبـاحي ومسـائي ومسـاري     ومنــامي ونحوســي وســعودي
أقصــر  اللـوم فـإن اللَّـوم قتـلٌ     ويهيـج الشــوق بــاللَّوم الشـديدِ
إننـي  فـي الحـبِّ وصلٌ واصطبارٌ     إننــي  أفنــى وفــاءً بعهـودي
إننــي  بــالحبِّ  عـزمٌ ومضـاءٌ     إننــي  بـالحبِّ قلـبٌ مـن جـديدِ
لا  تلمنــي إنهــا أقـدار عمـري     أســلمتني رغــم أنفــي للقيـودِ
كلمـا داويـتُ جرحًـا فـي فـؤادي     عـادني  الشـوق بجـرحٍ مـن جديد
فـدعِ اللـوم وذرنـي فـي شـجوني     فـي تبـاريحي وفـي حـلمي السعيدِ
ويأتي بعده الشاعر الأستاذ سالم بن محمد الحداد، فهو من الشعراء القدامى أيضًا في المنطقة  .  وهو شاعر مقلّ في إنتاجه الشعري، ويمتاز شعره بطول النَّفَس، وتغلب عليه النـزعة التقليدية، والاقتداء بتقاليد القصيدة العربية القديمة. ولم ينشر الأستاذ سالم الحداد إنتاجه الشعري بعد.
ونتقدم خطوة نحو الشعراء التقليديين من الشباب، فنجد الشاعر مسلم بن فريج العطوي الذي تميز بإنتاجه الشعري الوفير، وإن كان بعضه لا يزال مخطوطًا. وتغنى في قصائده بحب الوطن، وبجمال مدينة تبوك، وغنى لموسم الحصاد فيها. ولم تغب عنه المصائب والآلام التي حلّت بأمته العربية والإسلامية، فاستنهض همتها، كما تطرق في قصائده إلى جوانب اجتماعية، وله شعر وجداني جيد  
 
ومسلم العطوي يكتب القصيدة العمودية، ويمتاز شعره بالمباشرة وبالوضوح في المعاني، وهي معانٍ تقليدية، وتبدو عنده النـزعة التقريرية في شعر المناسبات. ونظرًا إلى تخصصه في اللغة العربية فنجده يهتم بالجانب اللغوي، واختيار الألفاظ وجزالتها، ورصانة الأسلوب.
 
وأما صوره وأخيلته فتمتاز بالعفوية، وعدم التكلف، وقرب المأخذ، وسهولة الإدراك  ،  وفي ذلك يقول العطوي: "أرى أن الشعر لا بد أن تكون له رسالة، وأحبذ أن تكون هذه الرسالة واضحة؛ ليسهل على المتلقي التفاعل معها، وتقبلها أو رفضها، بحيث لاتحتمل وجهًا ثالثًا؛ ومن هنا فإن محاولاتي الشعرية يظهر فيها وضوح الأبيات، وسهولة المفردات، لإبلاغ الرسالة التي أعبر عنها"  
 
وهذا نموذج من شعره:
 
جيل الحجارة  
 
لبيّـك يـا قـدسُ والأبطـال تبتـدرُ     نحـو  الجهـادِ وهـذا اليـوم منتظرُ
لبيّـك يـا أيهـا الأقصـى وصخرته     لبيّـك,  أبشـر أتـاك النصرُ والظفرُ
عاشـت  فلسـطين تحيـا بانتفاضتها     ضـد  الطغـاة ومـن أفعـالهم تكـرُ
حـيّوا  الشـباب, وحيّوا الأهل إخوتنا     جـاءت  لنـا الآن مـن أفعالهم صورُ
هَبُّـوا جميعًـا لدحـر الظلـم مأربهم     أبـدوا  السـواعد, بالكوفيـة اعتمروا
صالوا وجـالوا, و (بسم الله) صيحتهم     دوّت  رباهـا لرجع الصوت إذ زأروا
أبـدوا كفاحًـا وصـبرًا لا تزعزعـه     جحـافل  الكفـر مهمـا فوقها خسروا
وطغمـة  الحـقد بـالنيران ترشـقهم     بلا ارعـواءٍ, وقـد أعمـاهم البطـرُ
ومــن العتــاد لـديهم كـل آلتـه     للقتـلِ صـار علـى الأطفـالِ ينهمرُ
كـم مـن شـهيدٍ علـت للحق مهجته     كـم مـن جـريحٍ على الآلام يصطبرُ
جـيل  الحجـارة والتـاريخ أخـلدهم     مـن فعلهـم ظهـرت للعـالم العِـبَرُ
هلا رأيــت وذاك الشـبل يرجـمهم     سـلاحه  الزنـد والإيمـان والحجـرُ
مـالت عليـه جـنود الشـرِّ في شرهٍ     وقـد  عمـت  منهـم الأفكار والبصرُ
تلفـي  الجنود وراء الطفل إذ ركضوا     كــأنهم  والعتــاد فــوقهم حـمرُ
ألقـوه  أرضًـا بلا عطـفٍ لصرخته     سـاموه  ضربًا, ومن صيحاته سخروا
سـحبًا  علـى الأرض والأقدام تركله     في منظـرٍ كـاد منـه القلـب ينفطرُ
ومن شعره في الحب قوله في قصيدة بعنوان (معشوقتي):
 
تعلَّــق  قلبــي بهــا واقــترن     فبُحْـتُ بوجْــدٍ وعشــقٍ كــمَنْ
يقولــون أنــت المتيَّــم حبًــا     بــرغم  المشــيب وعمـرٍ طعـنْ
أجــبت  العــواذل: إيـه وربّـي     وإنـي  لفــي عشــقها مـرتهنْ  
ومن شعراء منطقة تبوك التقليديين نذكر أيضًا عبدالرحمن إسماعيل الشعبان الذي تمرس في الكتابة الصحفية، وهو يقرض الشعر العربي الفصيح العمودي، والشعر الشعبي (النبطي) أيضًا  ،  ونظم الأناشيد المدرسية لطلاب تبوك ولأشبال الكشافة، وأسهم بدراساته في زيادة الوعي الاجتماعي والتربوي. وهو شاعر مقلّ. وشعره الفصيح تنوعت موضوعاته بين الحب، والوجدان، والحياة الاجتماعية  ،  يقول الدكتور موسى العبيدان: "إن شعره يغلب عليه الجانب الوجداني والاجتماعي. ولقد شارك بقصائده في كثير من المناسبات الوطنية والعربية والإسلامية، وسلط الضوء على بعض الظواهر الاجتماعية التي جدَّت على حياة الناس. ويشغل الغزل مساحة كبيرة من شعره، يصف فيها محبوبته، ويعبر عن لوعة العاشق الواله. ويمتاز شعره بجمال الجرس الموسيقي، وذلك نابع من حسن اختياره للأوزان ذات الإيقاع الراقص مثل بحر الرمل والمديد. ومعانيه تخلو من التعقيد والغموض، ويجنح إلى النـزعة التقريرية"  . 
وقال الشعبان - يصف شعره - في مقدمة ديوانه (بدون ألوان): "يعتقد البعض في ساعات من الصفاء أنه قد أصبح شاعرًا يشار إليه بالبنان.. ثم ما يلبث أن يكتشف أن ما كتبه ما هو إلا كلمات متناثرة تفلت من سلاسل النثر، لتكون مجموعة أشبه بالقصيدة الشعرية، فيسارع إلى جمعها في كتيب أشبه ما يكون بالديوان"  
 
وهذا نموذج من شعره من ديوان (بدون ألوان):
 
هيام  
نسـج  الـربيعُ خيوطـه وتجـاوبت     ورق الخمــائل وفـق لحـن شـذاهُ
هبــت  نســائم وردةٍ فاستنشـقت     أرض  الكــرام عبــيرهُ وســناهُ
تــاه الفــراش بروضـه متنـاثرًا     يشــكو الزهــور مـرددًا شـكواهُ
جـلس  الحـبيب على الخميلة سارحًا     فــترتْ  لشــدة حســنه عينـاهُ
أبـدى  ممانعـةً  وكـاد يطيـح بـي     لـو لـم تكـن يسـراي فـي يمنـاهُ
قــالت  بـدلٍّ وانعطـاف مفـاصلٍ     أنـت  الـذي.. هـذا الـذي أخشـاهُ
قابلتهــا بعيــون عـارف طبعهـا     خجـلاً  حَـوَتْ وجـهَ الحـبيب يداهُ
ثـم  انـبرتْ تجـري بـدلٍّ سـاحرٍ     جــري  الغــزال يخونـه ظلفـاهُ
والأنس  أشـرق فـي ملامـح وجهها     فطفقـتُ أركـض خـلف مَـن أهواهُ
حـتى تـوارى جسـمه عـن ناظري     فبــدأتُ  أتبــع خــطوهُ وشـذاهُ
لمـا  غـدا شـبحي كـليلاً وارتمـى     جــاء  الصبــاح بريحـهِ وهـواهُ
وبـدتْ سـهام الشمس تخرق حجرتي     فــتركتُ  سـيرته وعِفـتُ عطـاهُ
ومن الشعراء الشباب الذين سلكوا طريق التقليد والتجديد في آن واحد: الشاعر محمد بن فرج العطوي  ، فهو يكتب الشعر العمودي وشعر التفعيلة، وتمتاز معانيه بالابتكار، وأسلوبه بالرقة. وتدور موضوعات شعره حول الوجدان، والحب، والإخوانيات، والتغني بالوطن، والشعور بالألم لما يصيب بلاد الإسلام من نكبات.
وهذا نموذج من شعره العمودي:
 
خذيني  
 
خـذي  صـرف الهـوى مني وهاتي     وعــودي  بالحيــاة إلـى حيـاتي
فقـد  نضـب الـرواء عـن المغاني     وبــات  الـروضُ يُـملأُ بالسـباتِ
جلســتُ  مســاءَ فُرْقتنـا وحـيدًا     أبـــثُّ  صبـــابتي للنــيِّراتِ
ألملــم  همَّتــي وأعــزُّ دمعـي     وأحــتمل  الهمــومَ الموجعــاتِ
وأفتعــل  الســعادة غــير أنـي     أتــوق  إلــى رؤاهـا الحالمـاتِ
أيســعدُ  مـن كـواهُ البيـنُ حـتى     تنصَّــلَ  مــن منــاهُ الباقيـاتِ
أنــا  يـا فتنتـي الأولـى غـريقٌ     وأبحـث  فـي بحـارِكِ عـن نجاتي
خـذيني حــيث تنثــالين عطـرًا     شـــذيًا  كانثيـــالِ الأغنيــاتِ
خــذيني والمسـاءُ يفيـضُ سـحرًا     علــى تلـك الـروابي السـاحراتِ
أذاب  لـي اخـضرارُ الـروضِ لونًا     غــريبٌ  وصفُـهُ فـي الأمسـياتِ
ومـن يـدري؟ لعـل غـروبَ شمسٍ     يعيــدُ  اليائســين إلــى الحيـاةِ
وهذا نموذج من شعر التفعيلة:
ضفاف البرد والظمأ  
 
ولي بين قوسيكِ
رحلةُ شوقْ
تفاصيلُها
تنتهي عند أول عيدٍ
على شفتيكِ
وتبدأ بي
عند آخر جرحٍ
عقابيلُها
ولي بين صوتي
وموتي
فضاءاتُ عشقْ
وخلف ضلوعي
غمامٌ ورعدٌ وبرقْ
ولا غيثَ يسقي
جفافَ الشغافِ
ولا دفءَ بيني
وبين لحافي
تعالَ نشيعُ سباتَ الجهاتِ
رويدًا رويدًا
فلا الريحُ ماءٌ
ولا الماءُ ماءٌ
ولا - يا ابنةَ الحيِّ - أجسادُنا
على جمرِها تعشقُ الانطواء
 
وهناك عدد من الشعراء المقلين في إنتاجهم الشعري، ويعزفون عن المشاركة الفعالة في النشاط الأدبي، فتظهر لهم قصائد بين الفينة والأخرى في الصحف وفي المجلات الدورية، ومنهم: مبارك بن سلامة العرد  ،  ومحمود بن دخيل الله الرفاعي  ،  وحمد القيسي  ،  وحماد بن سلمان العطوي  ،  وحسن بن محمد عسيري  ،  ومحمد بن علي القرني  ،  وحمدان بن عيد الحويطي  ،  وفوزية هندي الجهني  
 
شارك المقالة:
38 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook