الجيولوجيا في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الجيولوجيا في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

الجيولوجيا في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية.

 
تنقسم منطقة حائل من الناحية الجيولوجية إلى قسمين رئيسين هما: الدرع العربي في الغرب، والرف العربي في الشرق، ويتألف الدرع العربي من الصخور النارية والمتحولة، كما يتألف الرف العربي من مجموعة مختلفة من الصخور الرسوبية، والتكوينات الجيولوجية المختلفة التي أرسبت على هيئة طبقات رسوبية مائلة ميلاً خفيفًا نحو الشرق والشمال الشرقي؛ ولهذا فإنَّ سماكة الرواسب تزداد تدريجيًا في الاتجاه نفسه.
 

 الدرع العربي

 
الدرع العربي هو الأساس الذي بنيت عليه الطبقات الرسوبية، ويتكون بصورة رئيسة من صخور جوفية (بلوتونية) قبل كمبرية، ونارية جوفية، ومتحولة، إلى جانب بعض هضاب البازلت من الزمن الثالث، وقد استقر منذ العصر الكمبري  ،  وبعد ذلك تكوَّن سهل تحاتي كبير ضم بعض الجبال المنفردة (Inselbergs)، وقد أصابت التعرية معظم الدرع منذ الزمن الباليوزوي الوسيط حتى الزمن الثالث الوسيط ليصير كتلة منخفضة التضاريس قريبة من مستوى سطح البحر، وقد تمخض عن تكوُّن البحر الأحمر في الزمن الثالث ارتفاع في الدرع لا يزال مستمرًا، وتأثر بهذه العملية نظام الصرف، فالمصارف العميقة الضيقة التي تتحكم فيها بنية الأرض تتدفق خلال هذه الجروف شديدة الانحدار  ،  فالأودية التي تنحدر من الدرع العربي وتجري غربًا قد لا يتعدى طولها 120كم إلى البحر الأحمر، في حين أن الأودية التي تجري إلى الشرق والشمال الشرقي قد يصل مدى مجراها إلى أكثر من 1200كم، مثل: وادي الرُّمَة ووَادِي الدَّوَاسِر  
 
ويشغل الدرع العربي القسم الغربي من منطقة حائل، وقد تعرض خلال العصور الجيولوجية المختلفة إلى حركات واضطرابات باطنية، وإلى عوامل التعرية المختلفة، فنتج عنه شكله الحالي، ويزداد ارتفاعه باتجاه الغرب، ويراوح ارتفاعه بين 1000 و 1450م تقريبًا فوق مستوى سطح البحر، (خريطة 3) ، ويتكون من مجموعة من السهول. كما تبرز نتوءات صخرية مثل: جبلي أجا وسلمى،  وتغطي الرمال الحافة الشرقية من الدرع العربي، كما يقطعه عدد من الأودية التي تنحدر نحو الأراضي المنخفضة في الشمال، والشرق، والجنوب، وقد تكونت هذه الأودية خلال الفترات المطيرة التي مرت بها الجزيرة العربية، ومنها روافد وادي الرمة  
 

الرفّ العربي

 
يقع الرف العربي إلى الشرق من الدرع العربي، حيث يشكل ثلثي شبه جزيرة العرب على وجه التقريب، فعلى هذه القاعدة شبه السهلية تقع سلسلة من الصخور الرسوبية القارية، ويميل الرف العربي كله ميلاً خفيفًا نحو الأحواض المجاورة  ،  وفي وسط شبه الجزيرة العربية نجد طبقات الزمن الأول، والزمن الثاني، والزمن الثالث المنخفضة، تظهر في شكل حزام منحنٍ عظيم، يتاخم الدرع العربي، وتسود الطبيعة هنا سلسلة من الحافات المواجهة للغرب تسمى كويستات (Cuestas)، بينما تميل الأحواض ميلاً خفيفًا ثابتًا نحو الخليج العربي  
 
ويشغل الرف العربي الجزء الشرقي من هضبة نجد، وقد كانت مياه بحر تثس العظيم فيما قبل الكمبري تغطي الجزء الشرقي من هضبة نجد، ويتألف الرف العربي الرسوبي من مجموعة مختلفة من التكوينات الجيولوجية ترسبت خلال العصور الجيولوجية المختلفة؛ نتيجة لانحسار مياه البحر، ويزداد سمك هذه التكوينات كلما اتجهنا شرقًا من الدرع العربي نحو الخليج العربي  
 

التكوينات الجيولوجية

 
تتعاقب التكوينات الجيولوجية في الرف العربي من المملكة من الغرب إلى الشرق، أي من الأقدم إلى الأحدث، بدءًا بتكوين سَاق وانتهاء بتكوين النيوجين، وتنكشف الصخور الرسوبية في الرف العربي في وسط المملكة بصورة جيدة ورائعة في حزام مقوس كبير على امتداد الحافة الشرقية للدرع العربي مكونة حافات (Cuestas)  وترجع نشأة ظاهرة الحافات في النطاق الأوسط من المملكة إلى وجود تتابع من طبقات صخرية رسوبية متفاوتة في مدى مقاومتها لعمليات التعرية المائية، وتميل نحو الشرق والشمال الشرقي بصفة عامة بزاوية صغيرة تزيد قليلاً على درجة واحدة في الوحدات القديمة قرب الدرع العربي، ونصف درجة في الوحدات الحديثة إلى الشرق، ولو رجعنا إلى التتابع الصخري من الأقدم إلى الأحدث للاحظنا أن تلك الطبقات تتكون من صخور رملية أو جيرية صلبة ترتبط مباشرة بالحافات. لهذا تعرف الحافة أحيانًا باسم التكوين الصخري الصلب الذي ترتبط به مثل: حافة خُفّ (تكوين خُفّ)، وحافة الجِلْه (تكوين الجِلْه)، وحافة المَنْجُور (تكوين المَنْجُور)، وحافة طُوَيْق (تكوين طُوَيْق)، وحافة هِيت (تكوين هِيت)، وحافة العَرَمَة (تكوين العَرَمَة)، وغيرها. أما الطبقات الصخرية الضعيفة واللينة فهي ترتبط بتكوينات جيولوجية تقع - عادة - بين التكوينات الجيولوجية الصلبة، وتفصل بينها، وتتكون - عادة - من صخور الطَّفْل أو الطين، وتظهر عند حضيض أو أسفل الحافات، مثل: طفل سُدَيْر، وطفل مَرَاة، وطفل ضُرُمَا  
 

إرسابات الزمن الثالث والزمن الرابع السطحية

 
هناك عدد من مظاهر الإرساب والتعرية السطحية المتنوعة التابعة للزمنين الثالث والرابع، ولا يمكن تصنيفها ضمن الطبقات الصخرية، ولكنها موجودة، وتغطي مساحات كبيرة في أنحاء منطقة حائل، مثل: السهول الحصوية  ، والقشرات الكلسية الصلبة، والإرسابات الفيضية، والحرات. وفيما يأتي شرح كل نوع منها:
 
أ - السهول الحصوية:
 
تعود السهول الحصوية إلى أواخر الزمن الثالث في التيسية، وجنوب نفود المظهور، وتتكون من حصى كوارتزي أبيض مستدير ذي قطر يبلغ نحو 10سم، وعادة ينتظمها نسيج بين تربي ورملي ضعيف الفرز  . 
 
ب - القشرات الكلسية المتصلبة:
 
تعد القشرات الكلسية المتصلبة أحد أنماط التجوية، وتتشكل بتراكم المعادن القابلة للذوبان عندما تسحب مياه التربة الحاملة للمعادن إلى أعلى، ثم تتبخر في ظل مناخات شبه جافة وشبه مدارية، وهذه العملية تجري - عادة - في ظل ظروف مناخية تتناوب فيها فصول الرطوبة والجفاف، حيث يحدث الارتشاح والذوبان خلال الفصل الرطب، تتبعه عملية تبخر وإرساب خلال الفصل الجاف، وتوجد جميع القشرات المتصلبة في المملكة على الغطاء الصخري  ،  وتتطور القشرة المتصلبة بأفضل صورها على الوحدات الصخرية التابعة للزمن الأول والزمن الثاني، ابتداء من مدينة بُرَيْدَة باتجاه الشمال الغربي حتى هضبة الوِدْيَان، وفي جنوب الجَوْف، وحول مدينة سَكَاكَا، وفي الهُوْج شمال تَيْمَاء، وشرق وادي فَجْر، وعلى الطبقات الصخرية التابعة للزمن الثالث جنوب حفر البَاطِن وغربها إلى مدينة رَفْحَاء غربًا والدَّهْنَاء جنوبًا، وتتكون من غطاء غير متصل، ومن أحجار جيرية رملية مقاومة حمراء، وبنية ورمادية وسمراء مشوبة بصفرة، وصفراء، وتحتوي على أجزاء من الصخور التي تقع تحتها، وفي جنوب غرب الرُّبْع الخَالِي تكون البقع القليلة الصغيرة المعروفة من القشرات المتصلبة رمادية اللون إلى سمراء مائلة إلى الصفرة، وهي تحتوي على جبس في هذا الموضع، وحجر جيري رملي يتدرج في أمكنة معينة إلى حجر رملي ذي أسمنت كلسي
 
ج - الإرسابات الفيضية وضمور الأودية:
 
تعكس طبيعة الإرسابات الفيضية وتوزيعها في المملكة تأثير عدد من الفترات المطيرة خلال الزمن الرابع، وأغلب هذه الإرسابات قد أصابها نحت شديد أو تبدلت خلال الفترات الجافة والمطيرة المتتابعة، وكانت أغلب إرسابات الطمي على الدرع العربي أثناء الفترات المطيرة في الزمن الرابع، ومن اليسير تمييز الطمي الحديث في الطبيعة، إذ تعوزه الصبغة الداكنة لطلاء الصحراء، وعلى العموم نجد أن معظم المساحة السطحية على المراوح الفيضية والبدمنتات تغطيها الصبغات شديدة الدكنة  ،  وهناك مساحات كبيرة من السهول الحصوية المندمجة شبيهة الدلتاوات تنبثق من أنظمة صرف الأودية الرئيسة في المملكة، مثل: وادي السَّهْبَاء، ووَادِي الدَّوَاسِر، ووادي نَجْرَان. ويظهر التوزيع الحالي للمنكشفات أنه قبل تكوُّن رمال الرُّبْع الخَالِي ونفود الجَافُورَة كان جزء كبير من الأراضي الموجودة عمومًا غرب خط طول 00 َ 51 ْ شرقًا مغطىً بحطام صخري خشن حملته تلك الأودية  
 
وفي الواقع فإن الأودية في المملكة في مرحلة من الضمور، فقد لاحظ الجيمورفولوجيون أن بعض مجاري الأنهار لا تتناسب مع حجم الأودية التي تشغلها، ولقد اصطلح على تسميتها بالأنهار الضامرة، وقد يكون تعرج النهر صغيرًا جدًا قياسًا على حجم الوادي، فيسمى بالنهر العاجز أو الضامر، وبما أن الأنهار تحاول جاهدة الوصول إلى حالة من الاتزان بين حجم التصريف والإرسابات المنقولة وبين شكل المجرى، فإن أي تغير في هذه العلاقة يحدث تغيرات في شكل المجرى  ،  وتوجد أمثلة كثيرة في منطقة حائل للأودية الضامرة ومنها الأودية الكبيرة مثل روافد وادي الرمة ووادي الأديرع، وغيرها.
 
د - غطاءات اللابة (الحرَّات) وأمكنتها:
 
الحرات   هي سطوح لابية نتجت من التدفقات البركانية التي حدثت في شبه الجزيرة العربية على مدى تاريخها الطويل.
وقد اتسمت الأنشطة البركانية الحديثة بأنها محلية؛ أي أنها نشطت في مواقع معينة ولم تتخذ صفة الشمولية. وهناك عدد من منكشفات الصخور البركانية نتيجة للأنشطة البركانية التي زادت حدَّتُها خلال الزمنين الثالث والرابع، وفي وسط الدرع العربي هناك أجزاء شاسعة من غطاءات اللابة البركانية المنتمية إلى الزمنين الثالث والرابع. وقد شكلت الثورانات البركانية غطاءات ذات مساحات مختلفة تتدرج من مجرد تدفق صغير إلى هضبة بازلتية، وتنتشر حقول اللابة بطول ساحل البحر الأحمر، وعلى المرتفعات الغربية لشبه الجزيرة العربية بصورة متقطعة ناحية الشمال، ابتداء من براكين اليَمَن إلى جبل الدُّرُوز في سوريا، وتمتد حقول اللابة عبر شرق الأردن إلى داخل المملكة العربية السعودية، حيث تعرف بحرَّة الحرَّة أو حرة الشَّام، وفي المملكة عدد كبير من الحرات كبيرة الحجم نسبيًا، بالإضافة إلى عدد كبير من مخاريط بركانية  
 
وفيما يأتي تعريف بحرة خيبر وحرة الهتيمة اللتين تقعان في منطقة حائل:
 
1 - حرة خَيْبَر وحرة بني رَشيد (الاثنين):
 
تتكون أكبر مساحة من الهضاب البازلتية في المملكة من حرة خَيْبَر  وحرة بني رَشيد  المجاورة في الشمال الشرقي، وكذا الامتداد الجنوبي الغربي المعروف محليًا بحرَّة الكُورة. وتمتد حرة خَيْبَر من درجة عرض 39 َ 24 ْ شمالاً قرب المَدينَة المنَوَّرة إلى درجة عرض 11 َ 26 ْ شمالاً، ومـن خط طول 30 َ 38 ْ شرقًا إلى خط 46 َ 40 ْ شرقًا، ويمتد القسم الخاص بحرة الاثنين 75كم إضافية إلى الشمال، و 85كم أخرى إلى الشرق، ويراوح ارتفاع هذه الهضبة البازلتية بين 475م عند القاعدة المتبلورة على طول وادي الحَمْض، و 2092م في جبل الأبيَض وسط الهضبة، وقد أثبتت ثقوب الحفر سمكًا بازلتيًا يزيد على 500م، وتغطي التدفقات الأقدم عهدًا الجزء الغربي ممتدة حتى طريق المَدِينَة - خَيْبَر إذ تراوح أعمارها بين 11.5 و 7.5 مليون سنة، كما أن عمر إحدى قواعد التدفق عند الحافة الجنوبية لواحة خَيْبَر هو 9.3 ملايين سنة، وهكذا نجد تشابهًا بين الفترة الزمنية لتدفقات حرَّة الكُورة والتدفقات الدنيا لحرة عُوَيْرِض، حيث تتشابه درجة الحت، كما أن هناك دليلاً على أن اللابة قد تدفقت نحو الغرب قبل أن يحدث ارتفاع جانب البحر الأحمر وميله، والبازلت المنعزل على الجانب الخارجي غرب كوع أسر وادي الجِزْل عند التقائه بوادي الحَمْض يوحي بأن اللابة قد جرت هابطة في وادي الجِزْل القديم إلى الشمال الغربي، ثم تدفقت كل التدفقات الأحدث مكونة النصف الشرقي لخَيْبَر، وحرة بني رَشيد (الاثنين)، وفي هاتين الحرتين تنتشر المخروطات البركانية التي يتكون بعضها من الرماد البركاني مثل جبل الأَبْيَض، وهو ما أوحى للرحالة داوتي (Doughty) 1881م بفكرة النشاط البركاني الحديث من خلال ما ورد على لسان سكان البادية في سنة 1883م من وصف لبخار دخاني دافئ حول القمة بعد مطر شتوي غزير  
 
2 - حرة الهُتَيْمَة: 
 
تتناثر الفوهات البركانية المماثلة لفوهة الوَعْبَة بحرة (كُشُب) في حرة الهُتَيْمَة فوق الصخور المتبلورة شرق جبل سَلْمَى في أقصى الشمال الشرقي للدرع العربي، وتظهر بها صخور متبلورة قاعدية في الفوهات التي تحف بها المقذوفات البركانية، والرماد البركاني، وتبلغ سعة إحداها عند جبل حُمَيَّان 1.25كم، وعمقها 110م  
 
 
شارك المقالة:
1753 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook